يورو 2016.. بطولة بنكهة العنف!
عبد الامير رويح
2016-06-15 02:53
أعمال الشغب التي وقعت بين مشجعي المنتخب الإنكليزي والمنتخب الروسي، ضمن منافسات بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم في مرسيليا، لاتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان البعض يرى ان اسباب ودوافع هذه الاحداث، ربما يكون مخطط لها بهدف نشر الفوضى وافشال هذا الحدث المهم، فقد أعلن كبير المدعين العاميين في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا وبحسب بعض المصادر، أن مجموعة من الروس تدربوا على الاشتباكات وشاركوا في أسوء موجة من أعمال العنف الجماهيري التي شهدتها المدينة الفرنسية على هامش افتتاح بطولة أوروبا لكرة القدم 2016. وأصيب اكثر 35 شخصا اغلبهم من الانجليز خلال ثلاثة أيام من الاشتباكات التي شارك فيها مجموعة من المشجعين الروس والانجليز والفرنسيين في مواجهة قوات مكافحة الشغب في منطقة الميناء القديم في مرسيليا.
وأضاف بريس روبان مدعي مرسيليا خلال مؤتمر صحفي "هناك 150 مشجعا روسيا هم في حقيقتهم من المشاغبين. تم تجهيز هؤلاء الأشخاص من أجل القيام بأعمال شديدة السرعة والعنف". وأشار روبان إلى أن المحاكمات بدأت بحق 10 أشخاص تم احتجازهم من قبل الشرطة وهم عبارة عن ستة بريطانيين واسترالي وثلاثة من الفرنسيين. وتم توجيه الاتهام لهم جميعا باللجوء إلى العنف المنطوي على حمل سلاح.
وبسؤاله عن عدم مواجهة أي روسي لجلسة محاكمة قال مدعي مرسيليا إن المشجعين الروس كانوا يحملون صواعق جعلت من الصعب إلقاء القبض عليهم وانه يتم حاليا فحص الدوائر التلفزيونية المغلقة بالمكان. وتابع "هناك مجموعة من الأشخاص الذين تم تدريبهم بشكل جيد للغاية". وتابع روبان أن بعض المشجعين الروس أعيدوا لبلادهم بمجرد وصولهم إلى مطار مرسيليا الدولي في حين وصل البعض الآخر برا.
وحصلت مواجهات عدة اعنفها بين مجموعتين الأولى من 300 شخص والثانية من مئتين في شارع عمودي للمرفأ القديم. وادان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف اللوك المتعمد وغير المسؤول للمشجعين الزائفين. فيما حمل البعض الجهات الفرنسية مسؤولية هذه الاحداث خصوصا في اعتماد توقيت المباراة الذي كان في الساعة التاسعة ليلا، فأغلب الجماهير في هذا الوقت تكون مخمورة ويصعب السيطرة على تصرفاتهم.
استبعاد إنجلترا وروسيا
وفي هذا الشأن اعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم استبعاد منتخب روسيا من بطولة أوروبا 2016 مع إيقاف التنفيذ وتغريمه 150 ألف يورو بعد اشتراك مشجعيه في اشتباكات عنيفة في مرسيليا. كما عوقب الاتحاد الروسي بغرامة قدرها 150 ألف يورو بسبب "اضطرابات" في المدرجات و"تصرفات عنصرية" واستخدام "قنابل دخانية". وهذا القرار يعني بأن الخطأ ممنوع بالنسبة لروسيا، لأن أقل انحراف من جمهورها في الملاعب الفرنسية سيؤدي إلى طردها من البطولة القارية، وقد اتخذته السلطة الكروية القارية بسبب ما حصل.
وسبق للاتحاد الأوروبي أن هدد باستبعاد إنجلترا وروسيا من البطولة القارية المقامة في فرنسا في حال قيام جمهورهما بأعمال شغب جديدة، قائلا في بيان إنه "لن نتردد في فرض عقوبات إضافية على الاتحادين الإنجليزي والروسي لكرة القدم، منها احتمال استبعاد منتخبيهما من البطولة، في حال حصلت أعمال العنف مرة أخرى". واشتبك المئات من مثيري الشغب الروس والإنجليز في مدينة مرسيليا الساحلية على مدى يومين، ووصلت الأمور إلى حرب شوارع قبيل مباراة المنتخبين على ملعب "فيلودروم"، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات. وتعادل المنتخبان 1-1 ضمن منافسات المجموعة الثانية.
وطالب الاتحاد الأوروبي "الاتحادين الإنجليزي الروسي بدعوة جماهيرهما للتصرف بطريقة مسئولة ومحترمة"، معربا عن "دعمه للجهود التي تقوم بها السلطات الفرنسية وقوات حفظ النظام لضمان حسن سير وسلامة البطولة في ظل المناخ الحالي (في إشارة إلى التهديد الإرهابي)". وأدت المواجهات إلى جرح 35 شخصا بينهم ثلاثة إصابتهم "خطيرة" إلى جانب مشجع إنجليزي بين الحياة والموت بعدما ضرب بقضيب من حديد. وقامت السلطات الفرنسية بحملة اعتقالات طالت 10 مشجعين، لكن ليس بينهم روس إذ أن مثيري الشغب من هؤلاء تمكنوا من الإفلات من السلطات الفرنسية. ومثل هؤلاء أمام القضاء وصدر بحقهم عقوبة السجن باستثناء واحد مع وقف التنفيذ، وهم ستة بريطانيين وثلاثة فرنسيين ونمساوي.
وأكد وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو الذي يشغل أيضا منصب رئيس الاتحاد المحلي للعبة، أن بلاده "تحترم" عقوبات الاتحاد الأوروبي، وذلك بعدما دان "التصرف السيئ" للمشجعين الروس، قائلا: "بصفتنا الدولة المضيفة لكأس العالم المقبلة، علينا أن نحافظ على صورتنا وعلى الناس عدم تشويهها".
ونشرت فرنسا أكثر من 90 ألفاً من رجال الشرطة والجنود والأمن الخاص في أنحاء البلاد لتأمين البطولة، في ظل تحذيرات من أجهزة مخابرات من هجمات محتملة على استادات ومناطق المشجعين أو على أهداف أخرى. وندد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بما اعتبره "مشاهد مخجلة وغير مقبولة" بعد العنف الذي رافق مباراة انكلترا وروسيا . بحسب فرانس برس.
من جانبه، أكد الاتحاد الأوروبي للعبة أنه فتح إجراءً تأديبيا ضد الاتحاد الروسي بعد أحداث الشغب التي رافقت المباراة. ويأخذ الاتحاد الأوروبي على المشجعين الروس قيامهم بـ"اضطرابات" في المدرجات و"التصرف العنصري" ورمي القنابل الدخانية، مشيرا إلى أن لجنة الانضباط التابعة له ستدرس هذا الملف.
اهتمام اعلامي
الى جانب ذلك عبرت الصحف الفرنسية والبريطانية في عناوينها الرئيسية عن استيائها وقلقها غداة اعمال العنف التي وقعت على هامش المباراة بين انكلترا وروسيا في اطار كأس اوروبا لكرة القدم. وعنونت صحيفة "ليكيب" الرياضية "العار"، وتحدثت عن "حرب شوارع" في المدينة التي ادت فيها المواجهات الى سقوط 35 جريحا بين مشجع انكليزي في حالة حرجة حاليا. واضافت الصحيفة الرياضية الفرنسية الرئيسية ان "الخوف بات يهيمن على كأس اوروبا لكرة القدم".
اما صحيفة "لوباريزيان/اوجوردوي" ان فرانس فعنونت "فرنسا في مواجهة مثيري الشغب" بعد "اعمال العنف الغريبة" التي عرضت على شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي. القلق نفسه عبرت عنه صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" التي قالت "مثيرو الشغب يفرضون انفسهم في كأس اوروبا لكرة القدم".
وعادت الذكريات السيئة المرتبطة بمثيري الشغب الى الصحف البريطانية ايضا. فقد عنونت صحيفة "ميل اون صنداي" على صفحتها الاولى "عودة الى السنوات السوداء". وعبرت صحيفة "صنداي تلغراف" ايضا عن شعورها "بالعار" وحملت بعنف على "المشجعين الذين يثيرون اعمال الشغب". وفي اوج الاحتفالات بعيد الميلاد التسعين لملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، عدلت صحيفة "صنداي ميرور" عبارة "بالفرح والمجد" التي ترد في النشيد الوطني البريطاني لتعنون "بالفرح.. والعار"، مدينة بذلك الموقف "المشين" لمشجعي الفريق الانكليزي.
من جانب اخر ذكرت رابطة المشجعين الروس أن الشرطة الفرنسية تسعى لترحيل خمسين مشجعا روسيا، وذلك بعد أحداث العنف التي اندلعت بين المشجعين الروس والانجليز على هامش المباراة التي جمعت منتخبي البلدين بإطار بطولة أوروبا لكرة القدم. وقال ألكسندر شبريغين رئيس رابطة المشجعين الروس إن الشرطة تريد ترحيل خمسن شخصا منهم امرأة لم تشترك في أي شيء". وتابع "نحن داخل الحافلة في (مدينة) كان وأوقفتنا شرطة مكافحة الشغب. نحن لن نذهب إلى أي مكان في الوقت الحالي وننتظر القنصل".
من جهتها أكدت السلطات الفرنسية أن مشجعين روس تم ضبطهم في جنوب فرنسا سيتم إبعادهم للاشتباه بأنهم يشكلون تهديدا للنظام العام بعد أعمال الشغب التي وقعت. وتجري حاليا عمليات تدقيق في هويات 29 من المشجعين الروس في فندق في ماندوليو-لا-نابول حيث يقيمون قرب مرسيليا. ولم تنته عملية التدقيق بعد لكن السلطات قالت إنها قررت نقل بعضهم إلى مركز للاحتجاز تمهيدا لطردهم من فرنسا.
ترامب وكأس أوروبا
في السياق ذاته أعلن سفير فرنسا لدى واشنطن جيرار آرو أن بلاده لا تعتزم إلغاء كأس أوروبا في كرة القدم التي انطلقت في باريس رغم التهديدات الإرهابية والإضرابات، وذلك ردا على تصريحات معاكسة أدلى بها المرشح الجمهوري إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب. وقال السفير الفرنسي في تغريدة على تويتر "خلافا لما صرح به لتوه أحد المرشحين، فإن فرنسا لا تعتزم إلغاء بطولة أوروبا. يا له من بلد سعيد!". وأضاف "حتى في الحملة الانتخابية ترتدي الحقائق بعض الأهمية.
وشكلت تغريدة السفير الفرنسي ردا مباشرا على تصريح أدلى به قبيل ساعات من ذلك الملياردير الجمهوري، وأعلن خلاله أن باريس تفكر بإرجاء لا بل حتى بإلغاء البطولة الأوروبية التي تعتبر ثالث أهم حدث رياضي في العالم. وخلال مهرجان انتخابي في العاصمة واشنطن قال ترامب "رأيت لتوي أن في فرنسا لديهم بطولة ضخمة في كرة القدم، حدث بالغ الأهمية والضخامة، وهم يفكرون ربما بإرجائه أو إلغائه بسبب التهديدات وكل المشاكل التي يواجهونها (...) والمتصلة بالإرهاب". وأضاف "إنه بالفعل أمر محزن للغاية ومكان تعيس". بحسب فرانس برس.
وكان ترامب قال إثر اعتداءات باريس أن العاصمة الفرنسية فيها مناطق "متشددة" خارجة عن القانون. وقال يومها "لدي أصدقاء في باريس هم يريدون المغادرة. إنهم مرتاعون". وغالبا ما يوجه ترامب انتقادات عنيفة إلى أوروبا عموما وفرنسا خصوصا بسبب ما يعتبره تلكؤا من جانب الحكومات الأوروبية في التصدي للتهديدات الإرهابية. وفي منتصف أيار/مايو الماضي، قال ترامب إن حادث سقوط الطائرة المصرية في البحر المتوسط أثناء رحلة بين باريس والقاهرة سببه على الأرجح هجوم إرهابي، لا سيما وأن الطائرة أقلعت من فرنسا.