قطر.. امارة الانتهاكات العالمية
عبد الامير رويح
2016-05-31 12:20
الانتقادات الدوليّة الموجّهة لقطر، بخصوص بعض الملفات والقضايا المهمة ومنها وملفات الفساد المرتبطة باستضافة مونديال 2022 والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يضاف اليها الاتهامات المتواصلة بدعم الجماعات الارهابية المتطرفة، ما تزال محط اهتمام واسع خصوصا وان قطر قد سعت في السنوات الاخيرة وبتحديد بعد ما بات يعرف بثورات الربيع العربي، استغلال تلك الاحداث من أجل توسيع نفوذها وتأثيرها والبروز كقوة جديدة في المنطقة والعالم، من خلال الاعتماد على قوتها المالية و ثروتها الضخمة، لكن التحركات القطرية واجهت العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، التي اجبرتها على اعادة ترتيب اوراقها والعمل على بناء تحالفات جديدة لتعزيز موقفها في مواجهة هذه التحديات، وفيما يخص اخر التطورات والاخبار الخاصة بقطر فقد قالت صحيفة فايننشال تايمز، أنه تم توقيع معاهدة أمنية بين بريطانيا وقطر في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية والحرب الإلكترونية لمواجهة التهديدات الدولية المتنامية.
وقالت الصحيفة أن بريطانيا وقعت معاهدة أمنية مع قطر لتبادل المعلومات الاستخباراتية السرية وتعميق العلاقات بين الأجهزة الأمنية في البلدين في مواجهة التهديد الدولي المتنامي من التكفيريين والحرب الإلكترونية ووفق الصحيفة فإن توقيع مذكرة الأمن بين البلدين يعد واحداً من الإنجازات الرئيسية للمحادثات التي جمعت بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون في لندن، مضيفة أن من شأن هذه الاتفاقية أن تعزز التعاون بين قطر وبريطانيا في مجال الأمن الرقمي الذي ينطوي على عمل وثيق بين قطر مع وكالة وكالة التنصت الالكترونية في المملكة المتحدة(GCHQ).
ولفت معد التقرير إلى أن صلة قطر الوثيقة بالجماعات التي تقاتل في سوريا، وموقعها وسط الخليج، جعلها حليفاً رئيسياً للاستخبارات الغربية رغم مخاوف العامة من علاقة قطر الغامضة مع الجماعات التكفيرية.. فقطر تعرضت لكثير من الانتقادات من جيرانها في دول الخليج ومن الولايات المتحدة حول علاقاتها مع حركة الاخوان المسلمين، وخلصت الصحيفة إلى أن تبادل خبرات الأمن الالكتروني بين البلدين أضحى ورقة مساومة ذات قيمة بالنسبة للقوى الغربية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة اللتين تأملان في العودة إلى توسيع عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية الإلكترونية الخاصة بهما.
تركيا وقطر
الى جانب ذلك نشرت تركيا جنودا في قاعدة عسكرية جديدة في قطر في إطار اتفاق أمني سيساعد وبحسب المسؤولين في التصدي للتهديدات التي تواجه البلدين. وتشكل الخطوة تعزيزا للتعاون بين البلدين اللذين دعما الإخوان المسلمين في مصر وجماعات المعارضة المسلحة التي تحارب للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وقال داود أوغلو في وقت سابق للطلبة في جامعة قطر إن القاعدة وهي الأولى لتركيا في الشرق الأوسط لا تهدف لعملية محددة بعينها لكنها "وجود يستهدف تحقيق الاستقرار". وأضاف "أتيت إلى هنا والتقيت بضباطنا. قلت لهم قطر وطنكم الثاني انتم لستم في دولة أجنبية." وقال أوغلو "استطيع أن أقول الآن إن أمن واستقرار قطر مثل أمن واستقرار تركيا. نريد منطقة خليج مستقرة وآمنة. تركيا وقطر مصير واحد... وتواجهان نفس التهديدات." بحسب رويترز.
وأضاف أن عدد الجنود سيحدد لاحقا ولم يعط تفاصيل عن حجم أو موقع القاعدة العسكرية. وقال السفير التركي أحمد ديميروك في ديسمبر كانون الأول إن نحو ثلاثة آلاف جندي من القوات البرية سيتمركزون في القاعدة إلى جانب وحدات جوية وبحرية ومدربين عسكريين وقوات للعمليات الخاصة. ويوثق إنشاء القاعدة العسكرية -وهو جزء من اتفاق وقع في 2014 وصدق عليه البرلمان التركي في يونيو حزيران - الشراكة مع قطر في وقت تتزايد في الاضطرابات وينحسر بشكل ملحوظ الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط. وقطر واحدة من أغنى دول العالم وتضم أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة العديد الجوية ويتمركز فيها نحو 10 آلاف جندي.
قطع العلاقات
في السياق ذاته قالت زعيمة حزب "الجبهة الوطنية"، الممثل لليمين المتطرف في فرنسا، إنها مع "قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، معتبرة أن لدى قطر "سلوكا أكثر غموضا حيال الأصولية الإسلامية". كما أشارت إلى أن هيلاري كلينتون تشكل "أكبر خطر على صفاء العالم" في حال انتخابها رئيسة للولايات المتحدة. وأملت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بـ"توضيح" تحالفات فرنسا مع دول الخليج، مع "المطالبة بقطع تام لتمويل الأصوليين الإسلاميين"، وهذا برأيها شرط للعلاقات الدبلوماسية مع السعودية.
وفي ما يتعلق بقطر، قالت لوبان إنها "مع قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة أقل ما يقال فيها إن لديها سلوكا أكثر غموضا حيال الأصولية الإسلامية واعتبرت زعيمة الحزب اليميني الفرنسي المتطرف مارين لوبان أن هيلاري كلينتون، الأكثر ترجيحا للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، ستكون "أسوأ خيار متوافر" بالنسبة إلى "المصالح" الفرنسية. وأعلنت رئيسة الجبهة الوطنية في مقابلة مع "أر تي فرانس" أن "هيلاري كلينتون تبدو لي المرشح الأكثر خطورة بالنسبة إلى فرنسا، بأوضح طريقة ممكنة".
وأضافت "أنا لست أمريكية، ولا أملك خيارا"، قبل أن تشير إلى أنه "بالنسبة إلى المصالح الفرنسية، فهيلاري كلينتون هي على الأرجح أسوأ خيار متوافر". ووصفت لوبان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بأنها "امرأة كانت شريكة في كافة الخيارات الأمريكية التي أغرقت العالم في حالة من الفوضى". وتابعت "أعتقد أنها إذا انتخبت، ستواصل هذه السياسة المدمرة، وسياسة النزاعات، وتقييد أوروبا ضمن توجه أطلسي أعمى، لذا أعتقد أنها خطر على صفاء العالم". بحسب فرانس برس.
وردا على سؤال حول القضايا الدولية، قالت لوبان إنه في حال فوزها في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام 2017 في بلادها، "يمكن لفرنسا أن تعترف بشبه جزيرة القرم" كجزء من روسيا. وجددت انتقادها للعقوبات "الغبية تماما" المفروضة من الغرب ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية.
ظروف مروعة
على صعيد متصل ندد الاتحاد العالمي للاعبي كرة القدم المحترفين الذي يضم لاعبين دوليين دنماركيين ونروجيين في شريط فيديو بـ"ظروف عمل مروعة" في ورش مونديال كرة القدم 2022 في قطر. وقال الدولي النروجي توم هوغلي الذي كان يتحدث امام الكاميرا في شريط فيديو اسود وابيض مدته نحو دقيقتين نشر على الانترنت ان "ظروف العمل في قطر قاسية (...) انهم (العمال الاجانب) يعملون كالعبيد. ان لعبة كرة القدم لا يمكن ان تقبل ذلك".
وسأل لاعب خط الوسط الدولي الدنماركي وليام كفيست "هل يجب ان يموت الاف العمال من اجل لعبة كرة قدم تمتد على اربعة اسابيع؟". وقال مدير جمعية لاعبي كرة القدم الدنماركيين وعضو مجلس ادارة "فيفبرو" مادس اولاند في الفيديو "يمكننا تجنب مثل هذا الوضع في قطر، لو ان الفيفا تفرض احترام الشروط الاجتماعية (...) من اجل ان يتم بناء الملاعب والمواقع الاخرى التابعة للمونديال في ظروف تحترم حقوق الموظفين". بحسب فرانس برس.
واثارت اوضاع العمال في ورش المونديال انتقادات لاذعة من منظمات حقوق الانسان، آخرها منظمة العفو الدولية التي اكدت اواخر آذار/مارس الماضي ان اكثر من مئة عامل اجنبي يساعدون في بناء ملعب خليفة الدولي عانوا من تجاوزات فاضحة ومنهجية. وتتحدث المنظمات في تقارير عن وفاة 1200 عامل حتى الان، وهو ما ينفيه الجانب القطري بشدة. وكان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفانتينو جزم في 22 نيسان/ابريل الماضي بأن كأس العالم 2022 ستقام في قطر، معلنا في الوقت ذاته انشاء لجنة مستقلة لمراقبة ظروف العمال في الملاعب القطرية التي تستضيف المباريات. وتستخدم قطر راهنا 5100 عامل في ورش المونديال، ومن المتوقع ان يرتفع العدد الى 36 الف عامل عام 2018.
من جانب اخر رفضت محكمة المانية الدعوى القضائية التي رفعها الاتحاد القطري لكرة القدم ضد الرئيس السابق للاتحاد الالماني ثيو تسفانتسيغر الذي وصف الدولة الخليجية بـ"سرطان كرة القدم" على خلفية الجدل المترافق مع حصولها على حق استضافة مونديال 2022. وسبق للمحكمة الاقليمية في دوسلدورف ان اعتبرت في شباط/فبراير الماضي ان ما ادلى به تسفانتسيغر ينضوي تحت حرية تعبير.
وقال حينها قاضي المحكمة الاقليمية في دوسلدورف "نعتبر قول قطر سرطان كرة القدم مبررا من حيث حرية التعبير"، ثم خرج القاضي جواكيم ماتس بقرار مطابق لما صدر في شباط/فبراير الماضي، رافضا بذلك الدعوى التي تقدم بها الاتحاد القطري لكرة القدم رغم اعتباره ان ما قاله رئيس الاتحاد الالماني السابق يعتبر "تقييما مهينا". ولم يكن تسفانتسيغر، المحامي المتمرس الذي استقال من منصبه كرئيس للاتحاد الالماني في 2012، حاضرا في قاعة المحكمة عندما اصدر القاضي قراره لكنه اعرب عن سعادته برفض الدعوى القطرية، قائلا في تصريح لوكالة "سيد" الرياضية الالمانية "كان انتقادا واضحا (للقطريين) لكنه كان مسموحا في ظل فضيحة من هذا الحجم".
وتسلط هذه القضية الضوء مجددا على الحساسية المحيطة بالقرار الذي اتخذ في كانون الاول/ديسمبر 2010 من قبل اللجنة التنفيذية للفيفا بمنح هذا البلد الصغير المساحة حق استضافة نهائيات كأس العالم. وتقدم الاتحاد القطري بدعوى ضد الالماني البالغ من العمر 70 عاما بسبب المقابلة التي اجراها وقال فيها: "لطالما قلت ان قطر تشكل ورما سرطانيا في كرة القدم العالمية. وكل شيء بدأ مع هذا القرار" بمنحها حق استضافة مونديال 2022.
وتحقق السلطات القضائية السويسرية بظروف منح روسيا وقطر حق استضافة مونديالي 2018 و2022 وسط ادعاءات بوجود عمليات رشوة. ويسعى القطريون بالدعوى التي تقدموا بها الى منع تسفانتسيغر، الذي كان عضوا في اللجنة التنفيذية لفيفا من 2011 حتى 2015 ورئيسا للاتحاد الالماني من 2006 حتى 2012، من تكرار ما قاله سابقا بحق قطر خصوصا انه كان من اشد المنتقدين لحصولها على مونديال 2022 وهو اعرب عن امله بأن تسحب الادارة الجديدة لفيفا تنظيم مونديال 2022 منها.
تقليل الإنفاق
من جانب اخر قال مسؤول قطري إن بلاده قلصت الإنفاق المرصود لبناء منشآت للرعاية الصحية بنحو الثلثين هذا العام بعد التراجع الكبير في أسعار الطاقة لكنه أوضح أن الإنفاق على المشروعات المرتبطة باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 لن يتغير. وتواجه قطر وهي أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم وإحدى أغنى البلاد بالنسبة لدخل الفرد عجزا بالميزانية هذا العام قدره 46.5 مليار ريال (12.8 مليار دولار) بسبب استمرار تراجع أسعار النفط والغاز. ومن المتوقع أن تقوم قطر بتسعير أول إصدار لها من السندات السيادية منذ أربع سنوات.
وقال أحمد الأنصاري الاستشاري بإدارة العقود في هيئة الأشغال العامة القطرية (أشغال) "بسبب التراجع الأخير في أسعار النفط والغاز اضطرت الحكومة لإعادة هيكلة وإعادة تخطيط لأولوياتها." وأضاف قائلا "نحن (أشغال) لم نلغ أيا من برامجنا. كل ما قمنا به هو تمديدها. قللنا بعض الشيء من عدد المشروعات التي أطلقت هذا العام." وتتولى أشغال مسؤولية تخطيط ورسم وتنفيذ وتسليم كل مشروعات البنية التحتية والمباني العامة في قطر وفقا لما يذكره موقعها على الانترنت.
وتهدف الهيئة لبناء ما بين 60 و70 مركزا جديدا للرعاية الصحية الأساسية خلال الأعوام العشرة المقبلة. وقال الأنصاري إنه كان من المفترض أن تمنح عقودا لبناء سبع منشآت لكن العدد تقلص إلى ثلاث. وأوضح للصحفيين على هامش مؤتمر في دبي "نأمل أن نلتزم بخطتنا الأصلية خلال العام المقبل وهي منح (عقود لبناء) ثماني مراكز رعاية صحية على الأقل كل عام." وقال المسؤول القطري إن أشغال ستنفق 2.5 مليار ريال على بناء منشآت للرعاية الصحية هذا العام بدلا من سبعة مليارات وفقا للخطة السابقة. ولم يشرح الأنصاري متى تقرر التقليص. بحسب رويترز.
وخفضت الهيئة ميزانيتها للعام الحالي 2016 للمباني العامة وتشمل المدارس والمراكز الصحية والمتنزهات العامة بما يتراوح من 50 إلى 60 في المئة مقارنة بالخطط الأصلية. وتبلغ الميزانية الإجمالية لأشغال في العام الجاري ما بين 15 إلى 17 مليار ريال منخفضة عن التقديرات السابقة عند 25 مليار ريال. وتضع أشغال في أولوياتها مد الطرق ولم تطرأ تغييرات كبيرة في خططها بهذا القطاع وكذا الخطط المرتبطة باستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2022. وقال الأنصاري "أعتقد أن أي شيء مرتبط بكأس العالم سيظل دون تغيير. لن تتأثر خطط المشروعات التي نقوم بها لاستضافة كأس العالم."
فولكسفاجن تعارض
الى جانب ذلك قال مصدران مطلعان إن قطر المساهمة في فولكسفاجن والتي تشعر بخيبة الأمل من وتيرة الإصلاح في الشركة طلبت من مجموعة صناعة السيارات الألمانية الحصول على مقعد في لجنتها التنفيذية لكن طلبها لقي معارضة كبيرة. وقطر هي ثالث أكبر مساهم في فولكسفاجن بحصة نسبتها 17 بالمئة وتريد الانضمام إلى اللجنة التي تتألف حاليا من ستة أعضاء من بينهم رئيس مجلس الإدارة ورئيس مجلس أعمال الشركة ورئيس وزراء ولاية ساكسونيا السفلى ورئيس نقابة آي.جي ميتال.
وتشغل قطر مقعدين في المجلس الإشرافي الأوسع الذي يضم 20 عضوا من بينهم الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر. وسيستلزم إنشاء مقعد جديد لقطر في اللجنة التنفيذية تأسيس مقعد ثامن لممثل للعمال من أجل الحفاظ على التوازن بين ممثلي العمال والمساهمين. وقال أحد المصدرين "توجد بعض التحفظات بين أعضاء اللجنة التنفيذية لأن قبول ممثلين جديدين سيضعف قدرة اللجنة على اتخاذ القرارات." وأضاف أن أغلبية الأعضاء الحاليين يعارضون هذه الخطوة. بحسب رويترز.
وأشار المصدر إلى أن المجلس الإشرافي لا يزال يبحث المسألة ولم يتم اتخاذ قرارات حتى الآن. وذكر المصدران أن فولسكفاجن طلبت من قطر أيضا ترشيح امرأة لعضوية المجلس الإشرافي حيث أنها ملزمة بملء المقاعد الشاغرة بالنساء لحين الوصول للحصة المخصصة لهم البالغة 30 بالمئة لكن الشركة تريد إضفاء الصبغة الرسمية على عضوية رئيس مجلس الإدارة الجديد هانز ديتر بوتش في المجلس خلال الاجتماع السنوي للمساهمين في يونيو حزيران. وأحجمت فولكسفاجن ومجلس أعمال الشركة وقطر وولاية ساكسونيا السفلى عن التعقيب.