"صراع العائلة"..!
السعودية ومؤشرات الهشاشة من الداخل
عبد الامير رويح
2016-05-12 07:00
التغيرات والقرارات المهمة التي اصدرها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد، لاتزال محط اهتمام واسع خصوصا وانه سعى وبشكل عاجل الى اجراء سلسلة من التغييرات في المناصب المهمة، حيث لم يشهد تاريخ المملكة الذي يمتد لأكثر من ثمانين عاما حركة تغييرات مثل هذه الحركة وخصوصاً في الوزارات والمؤسسات الامنية، التي اصبحت تدار اليوم من قبل وزيرا الدفاع ولي ولي العهد السعودي الأمير الشاب محمد بن سلمان، الامر الذي عده البعض مقدمة لتغير نظام الحكم السعودي بشكل رسمي، حيث سعى هذا الشاب الى اعتماد خطط واجراءات وسياسات جديدة ومختلفة ربما ستسهم بتصعيد الصراعات والخلافات بين أجنحة الأسرة الحاكمة، هذا بالاضافة الى التحديات الداخلية الاخرى، ويرى بعض المراقبين أن الأمير محمد وهو الإبن البكر للزوجة الثالثة للأمير سلمان والذي تدرّج سريعاً في دوائر الحكم السعودي، بالنظر إلى الثقة اللذين يحظى بهما لدى والده، مقارنة بباقي أشقائه، اصبح له دورفاعل في صناعة قرارات الحكم، وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرالديفيد كيركباترك، حول الصعود المفاجئ للأمير محمد بن سلمان، والذي كان قبل فترة قصيرة مجرد أمير يعمل في الأسهم والعقارات.
ويذكر الكاتب أن ما اجتمع للأمير محمد من السلطة في وقت قصير لم يتحقق لغيره من الأمراء، بعد قلب نظام توزيع المناصب في العائلة المالكة، في محاولة للحفاظ على وحدتها، وقد استغل دوره الريادي الجديد في موقف أكثر حزما للسعودية، وخاصة التدخل العسكري في اليمن. وتوضح الصحيفة أنه خلال الأشهر الأربعة التي حكم فيها الملك سلمان سلم الأمير محمد وزارة النفط وشركة الاستثمارات العامة والسياسة الاقتصادية ووزارة الدفاع. وهو أكثر القيادات السعودية ظهورا في الحرب الجوية في اليمن، كما جعله أبوه نائبا لولي العهد، متجاوزا عددا كبيرا من الأمراء الأكبر منه سنا، ليجعله الرقم (2) في التسلسل للعرش.
وتنقل الصحيفة عن السفير السابق للمملكة فورد فراكر قوله: "لقد وضع الملك ابنه في منعطف تعليمي حاد، وواضح أن الملك يعتقد أن ابنه قادر على هذا التحدي". ويستدرك التقرير بأن بعض الدبلوماسيين الغربيين، الذين رغبوا بعدم ذكر أسمائهم؛ خشية إغضاب الأمير، قالوا إنهم قلقون من النفوذ المتنامي للأمير، الذي وصفه أحدهم بأنه مندفع ومتسرع. ويفيد التقرير، بأن العلماء يعتقدون أن تراكم النفوذ والمسؤولية على فرع واحد من فروع العائلة، إن لم نقل في يد أمير شاب، يكسر النظام التقليدي في مشاركة النفوذ والسلطة في العائلة، الذي تم وضعه قبل ثمانية عقود عندما قامت المملكة الحديثة، وأنهى هذا النظام عقودا من الحروب الداخلية الدامية أحيانا، وحافظ على وحدة العائلة منذ ذلك الحين.
تحدي التقاليد
وفيما يخص بعض تطورات هذا الملف فقد وقف الحاضرون يصفقون طويلا للأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي عندما حضر لقاء مع الشباب السعودي في وقت سابق. وبعد الاستماع للخطط الاقتصادية التي طرحها وفي لقاء مع قيادات دينية نشر أحد كبار الدعاة المحافظين في المملكة صورة ذاتية له وهو يبتسم مع الأمير. ويدور نقاش حام على وسائل التواصل الاجتماعي وفي أماكن العمل وفي المقاهي بالمملكة عما إذا كان الأمير محمد البالغ من العمر 31 عاما ابن الملك السعودي سلمان سيتمكن من تحقيق أهدافه في تحديث الاقتصاد.
وتهدف الخطط التي كشف عنها الأمير إلى إنهاء اعتماد البلاد على النفط بحلول عام 2030 وتتطلب تغييرات جذرية لجهاز بيروقراطي أحبط إصلاحات سابقة كما تتطلب استعدادا لتحدي التيار الديني المحافظ الذي يتمتع بنفوذ قوي. وتتطلب تلك الخطط كذلك تعزيز دور القطاع الخاص الذي يعتمد في الوقت الحالي على الإنفاق الحكومي. ويقول دبلوماسيون واقتصاديون إن تنفيذ البرنامج - الذي يعتمد على دفع القطاع الخاص للنمو وتوفير مصادر جديدة من الايرادات للدولة من خلال فرض ضرائب ورسوم جديدة - سيكون في غاية الصعوبة.
وقال ستيفن هرتوج الاقتصادي في كلية الاقتصاد بلندن وله دراسات في المملكة "السعودية بعيدة جدا" عن أهدافها الاقتصادية. ويسلم مساعدو الأمير الشاب المقربون بالصعوبات. ويقول محللون سعوديون إن بعض أفراد الأسرة الحاكمة يخشون أن تؤدي التغيرات الاقتصادية السريعة إلى اضطرابات اجتماعية أو توترات بين أفراد أسرة آل سعود. ومع ذلك فإن صعود نجم الأمير محمد في السعودية - التي يعيش فيها 20 مليون سعودي وعشرة ملايين وافد - يؤكد تحولا كبيرا نحو قيادة تتماشى مع احتياجات بلد 70 في المئة من سكانه دون سن الثلاثين.
وبصعوده المفاجئ يصبح الأمير الثاني في ترتيب ولاية العرش بعد الأمير محمد بن نايف ابن عمه الذي يشغل منصبي ولي العهد ووزير الداخلية المسؤول عن الأمن الداخلي. وهذه هي المرة الأولى التي تنتقل فيها السلطة الحقيقية من أفراد الأسرة الحاكمة من كبار السن إلى الجيل الثالث. والأمير محمد ليس صاحب الأمر والنهي فيما يخص الاقتصاد فحسب. بل إنه يوجه الاستراتيجية النفطية كما يتولى منصب وزير الدفاع وهو أيضا مهندس سياسة الرياض الخارجية الأكثر تأكيدا للدور السعودي ومن أبرز معالمها الصراع مع إيران من اليمن إلى سوريا. ومازالت الكلمة الأخيرة للملك سلمان لكنه منح الأمير صلاحيات غير مسبوقة.
وأدى ذلك إلى تغييرات في أسلوب العمل ومضمونه. وعلى نقيض من سبقوه يعمل الأمير محمد 16 ساعة يوميا وقد عين في المناصب الكبرى خبراء اقتصاديين وذوي الخبرة من قطاع الأعمال بدلا من تعيين أفراد الأسرة الحاكمة. ويرى كثير من السعوديين في مقتبل العمر أن صعود نجم الأمير دليل على أن جيلهم بدأ أخيرا يلعب دورا في بلد جرى العرف فيه أن تكون السلطة في أيدي كبار السن. وقالت فتاة سعودية اسمها نجلاء (20 عاما) طلبت عدم الكشف عن اسم أسرتها "أنا في غاية الحماس. أريده أن يكون ملكا الآن. أقصد أنه منفتح الفكر ولديه خطة عظيمة ووسيم بعض الشيء."
وهذا التأييد وكذلك المخاوف واسعة الانتشار من تداعيات انخفاض أسعار النفط وفر للأمير أساسا مهما للسعي لتنفيذ خططه. وقال مستشارون إن الأمير محمد وفريقه فوجئوا عندما رفعوا أسعار البنزين في ديسمبر كانون الأول - وهي خطوة ترددت حكومات سابقة في اتخاذها خوفا من رد الفعل الشعبي - أن أغلب الناس تقبلوا التغيير دون اعتراض. وطمأنهم ذلك أن انخفاض أسعار النفط أقنع السعوديين بضرورة التغيير الجذري.
وقال جهاد النجار طالب الطب البالغ من العمر 22 عاما وهو يقف في طابور خارج محطة بنزين في تلك الليلة لملء خزان السيارة قبل سريان الأسعار الجديدة إنه يدرك أنه لم يعد من الممكن أن يستمر دعم الحكومة للأسعار. وأضاف "هذا ليس هو السعر الحقيقي". وقال عبد العزيز الصقر رئيس مركز دراسات الخليج في جدة وجنيف "لا يمكن إجراء التغيير الاقتصادي والتحول دون نوع من التغيير السياسي." وأضاف "يثير هذا تساؤلا عن نوع العقد الاجتماعي الجديد الذي سيصبح لدينا."
ولم يكن كثيرون خارج حدود السعودية يعرفون شيئا عن الأمير محمد الذي اكتسب الآن شهرة عالمية قبل أن يصبح الملك سلمان بن عبد العزيز (80 عاما) ابن مؤسس السعودية الحديثة العاهل السابع في يناير كانون الثاني 2015. فلم يسبق أن أمسك أمير شاب من المجددين غير المحنكين بأعنة السلطة في بلد جرى العرف أن يكون حكامه عادة في السبعينيات والثمانينيات ومن حولهم طائفة من رجال الدين الوهابيين.
وعلى النقيض من كثيرين غيره من أفراد الأسرة الحاكمة لم يدرس الأمير محمد في الخارج لكنه تخرج في جامعة الملك سعود ويحمل شهادة في القانون. ويعتقد أنه الابن المفضل لدى الملك سلمان الذي جعل منه مستشاره الخاص في سن صغيرة جدا. وفي المرات القليلة التي ظهر فيها في لقاءات صحفية بدا الأمير واثقا من نفسه متقد الحماس ذا شخصية أخاذة. يستمع إلى الأسئلة باللغة الإنجليزية لكنه يتحدث من خلال مترجم الديوان الملكي وفي بعض الأحيان يصحح له عباراته.
ولم يعين الأمير محمد بن سلمان أفرادا من الأسرة الحاكمة في المناصب الوزارية الرئيسية كما كان يحدث فيما مضى لكنه أحاط نفسه بفريق من التكنوقراط الأكفاء. وكشف الأمير محمد عن "رؤية المملكة 2030" خطته الجريئة لمعالجة الاقتصاد السعودي الذي تهيمن عليه الدولة مما سماه "إدمان النفط" وتوجيهه نحو القطاع الخاص وتحقيق إيرادات غير نفطية من خلال الاستثمارات الخاصة والخصخصة وإنشاء أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم. ويجري بالفعل الإلغاء التدريجي للدعم السخي الذي توفره الحكومة للوقود والمياه والكهرباء في إطار الخدمات التي تغدق بها الدولة على السعوديين الذين يعمل أربعة من كل خمسة منهم في وظيفة بالقطاع الحكومي المتضخم.
وتشمل الخطط بيع حصة تقل عن خمسة في المئة في عملاق النفط السعودي أرامكو ووضع الإيرادات والشركة في صندوق الاستثمارات العامة إلى جانب أصول أخرى يمكن في نهاية المطاف أن تصنع استثمارات قيمتها ثلاثة تريليونات دولار. والفكرة هي فتح الاقتصاد للقطاع الخاص وتمويل الدولة بدخل من خارج القطاع النفطي وتوفير ملايين من فرص العمل وزيادة مشاركة النساء في القوة العاملة من 22 في المئة إلى 30 في المئة.
ومن الأهداف الطموحة الأخرى تصنيع 50 في المئة من المشتريات العسكرية السعودية محليا بدلا من اثنين في المئة فقط حاليا. والميزانية الدفاعية السعودية هي ثالث أكبر ميزانية على مستوى العالم. ويرى كثير من الدبلوماسيين والمحللين والاقتصاديين أن ضخامة الأهداف بما في ذلك إنهاء الاعتماد على النفط بحلول 2020 يمثل تحديا للمصداقية. ويقول الاقتصادي هرتوج الذي ألف كتابا عن أسلوب عمل الحكومة السعودية "لتحقيق هذه الأهداف ستحتاج المملكة قطاعا خاصا مزدهرا لا يقوم على النفط يهتم بالطلب الخاص ويعرض وظائف منتجة كافية للمواطنين وينتج صادرات كبيرة غير نفطية من السلع والخدمات."
وثمة تحديات اجتماعية لأن بعض طموحات الأمير محمد ومنها منح المرأة دورا اقتصاديا أكبر سيغضب المحافظين في المؤسسة الدينية الذين يمثلون أخطر التهديدات على حكم آل سعود منذ تأسيس المملكة. على سبيل المثال تبددت التوقعات بأن وثيقة رؤية 2030 ستعلن خطوات لرفع الحظر على قيادة النساء للسيارات.
الأمير والمؤسسة الدينية
في السياق ذاته يسعى الأمير الشاب محمد بن سلمان إلى منح المرأة السعودية دورا اقتصاديا أكبر، ما قد يغضب المحافضين في المؤسسة الدينية ذات التأثير القوي فيما يخص القرارات الاجتماعية في المملكة السعودية. إلا أنه يبدو أن الأمير قد آثر تأجيل المواجهة مع المؤسسة الدينية في الوقت الحالي على الأقل، فعلى سبيل المثال تبددت التوقعات بأن وثيقة رؤية 2030 ستعلن خطوات لرفع الحظر على قيادة النساء للسيارات. وردا على سؤال عن هذه المسألة قال ولي ولي العهد إن هذه مسألة اجتماعية وليست دينية وبالتالي فإن القرار للمجتمع.
غير أن أية إصلاحات اجتماعية ستتطلب إدخال تغييرات كبيرة على نظام التعليم بالبلاد والذي يعتبر حاليا تحت سيطرة الأصوليين الدينيين الذين يصرون على عزل النساء والفصل بينهن وبين الرجال ويخشى بعض السعوديين الأكبر سنا وأعضاء في الأسرة الحاكمة ورجال أعمال سعوديون أن تؤدي خطط الأمير محمد إلى مشاكل اجتماعية إذا لم يتم الحفاظ على مستويات المعيشة المريحة أو رضا المحافظين.
ونتيحة لصعوده الفلكي سرت شائعات عن وجود خلاف مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف (56 عاما) المسؤول الأمني المخضرم وأحد الشخصيات المفضلة لدى الولايات المتحدة أكبر حلفاء السعودية، ويقول دبلوماسيون إن الاثنين يبدوان حريصين على تفادي خروج أي توترات إلى العلن إذ يظهر الأمير الأصغر إجلالا واحتراما لابن عمه في العلن. ويبدو أن الأمير محمد ومستشاريه المقربين يدركون تمام الإدراك المقاومة الشديدة التي سيواجهونها ويعملون على التغلب عليها.
فعلى سبيل المثال كرس الأمير محمد شأنه شأن والده ومن سبقوه من حكام السعودية جانبا كبيرا من جهده لاستمالة رجال الدين الذين يتمتعون بنفوذ كبير في النظام القضائي. وقال مستشار إن الأمير يلتقي بأربعة أو خمسة من القيادات الدينية كل أسبوع. وبعد أن أعلن رؤية 2030 للصحافيين التقى مجموعة من القيادات الدينية والفكرية في الغرفة المجاورة وأكد للمحافظين بشكل مباشر أنه لن يغالي في الأمر.
وعندما سئل عن مسألة قيادة النساء للسيارات اتجه ببصره نحو القيادات الدينية وقال إن ذلك لن يحدث في الوقت الحالي. ويقول شبان سعوديون إنهم معجبون بأسلوب الأمير محمد العملي في إعلان خططه بدلا من الحديث في العموميات مثل كثيرين ممن سبقوه. لكنهم يضيفون أن الطريق ما زال طويلا خاصة فيما يتعلق بالتغير الاجتماعي. وتعليقا على الإصلاح الاجتماعي داخل المملكة، تقول إحدى الشابات: "أنا في انتظار اللحظة التي يمكنني أن أسافر فيها دون محرم. وأن أقود السيارة. أنا أعرف السيارة التي أريدها" وأرسلت عبر الهاتف صورة لسيارة رياضية حمراء براقة.
من جانب اخر اعلنت وزارة الداخلية السعودية توقيف اعضاء في "هيئة الامر بالمعروف" بعد الاعتداء بالضرب على فتاة قرب مركز تجاري في الرياض، في حادث اثار جدلا واسعا بعد انتشار اشرطة مصورة له. ونقلت صحيفتا "الشرق الاوسط" و"عكاظ" عن مصدر مسؤول في الوزارة "إشارة إلى ما تم تداوله في بعض وسائل التواصل الاجتماعي، وتناقلته بعض وسائل الإعلام، عن حادثة ملاحقة فتاتين في الشارع المحيط بأحد الأسواق بمدينة الرياض، من قبل أعضاء من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما نسب إلى بعض أعضاء الهيئة من اعتداء على إحداهما (...) فقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، وفقا لما يقضي به النظام، وإيقاف المتورطين في قضية الاعتداء عليها، للتحقيق معهم في ما نسب إليهم من مخالفة نظامية".
واوضحت وسائل الاعلام ان ذلك يأتي بعد ايام من استبدال مسؤول الهيئة في الرياض، في خطوة يرجح انها على خلفية القضية نفسها. وسرت روايات عدة حول اسباب الاعتداء، من دون ان تعلن الهيئة موقفا رسميا. ونقلت وسائل اعلام عن شهود ان افراد الهيئة اتهموا الفتاة بالسرقة، ونسبت وسائل اخرى لمصادر امنية قولها ان الفتاة صعدت الى سيارة شاب لا يمت لها بصلة قرابة، ما دفع عناصر الهيئة لملاحقتهما. وبحسب الصحف المحلية، افلتت الفتاة من قبضة الهيئة بمساعدة احد العناصر الموكلين بحراسة المركز التجاري الواقع في العاصمة السعودية. واثار الحادث جدلا واسعا بعد انتشار اشرطة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر قيام عنصر من الهيئة بملاحقة الفتاة المرتدية عباءة سوداء بداية، ولاحقا ضربها وسحلها وهي ممدة على الارض.
واظهر احد الاشرطة محاولة بعض المارة ثني العنصر عن ضرب الفتاة لان ذلك قد "يقتلها"، الا انه رد عليهم "والله انا احرص منها عليها". واثار الحادث تعليقات واسعة على موقع "تويتر" من خلال وسم "#فتاة_النخيل_مول" الذي ارفق بتعليقات منتقدة للهيئة. وغرد مستخدم قائلا "بصفته من يسحبها هكذا؟ واذا فكرت البنت تشتكي او تدافع عن حقها طبعا رح تطلع هي الغلطانة (المخطئة)"، في حين قال آخر "ما تعرضت له #فتاة_النخيل_مول لا يقره لا شرع ولا دين". بحسب فرانس برس.
وفي حين طالب مستخدمون بفرض "عقوبة شديدة"، دافع آخرون عن الهيئة، معتبرين ان الامر يعود الى سوء "فهم" من بعض افرادها للاسلوب الواجب تطبيقه. واثار العديد من السعوديين في الماضي شكاوى بحق الممارسات المتشددة للهيئة التي تعد بمثابة شرطة دينية تسهر على تطبيق مبادئ الشريعة الاسلامية في المملكة التي تفرض قيودا اجتماعية صارمة لا سيما على النساء اللواتي لا يزال محظرا عليهن قيادة السيارات.
تغييرات وزارية كبرى
على صعيد متصل أعفى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وزير البترول المخضرم علي النعيمي وأعاد هيكلة بعض الوزارات الهامة ضمن تغييرات كبرى تهدف على الأرجح لدعم رؤية المملكة 2030 التي تضم إصلاحات واسعة لتحويل البلاد إلى قوة استثمارية عالمية وإنهاء الاعتماد على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد. وكان أبرز التعديلات وأكثرها أهمية إنشاء وزارة جديدة هي وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية تحت رئاسة خالد الفالح رئيس مجلس إدارة عملاق النفط السعودي أرامكو.
وحل الفالح محل وزير البترول علي النعيمي البالغ من العمر 80 عاما والذي كان مسؤولا عن السياسة النفطية للمملكة منذ عام 1991. وجرى تغيير اسم وزارة البترول والثروة المعدنية ليصبح وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية. وشملت التعديلات تغييرات كبرى في قيادات المجموعة الاقتصادية بالمملكة بتعيين ماجد بن عبدالله القصبي وزيرا للتجارة والاستثمار وتعيين أحمد الخليفي محافظا لمؤسسة النقد السعودية (البنك المركزي).
ويرى محللون أن التغييرات التي أعلنت ضمن سلسلة من القرارات الملكية تحمل بصمة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صاحب برنامج الإصلاح الذي يعرف باسم "رؤية المملكة 2030." يقول الاقتصادي البارز فضل البوعينين "هذا التغيير الاستراتيجي يهدف من خلاله إلى بناء قاعدة متينة لتحقيق رؤية 2030 التي تسعى لتحقيق تنوع اقتصادي وزيادة الصادرات غير النفطية التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الصناعة."
وتحمل رؤية المملكة 2030 بين طياتها تغييرا شاملا لطريقة تفكير الحكومة السعودية وللسياسة الاقتصادية من أجل مستقبل يقل فيه اعتماد أكبر مصدر للخام في العالم على النفط. وتسعى رؤية 2030 إلى تحقيق إصلاحات من بينها إنشاء صندوق سيادي كبير وخصخصة أرامكو عبر طرح حصة منها في اكتتاب عام وخفض دعم الطاقة وتعزيز الاستثمارات وتقوية دور القطاع الخاص في التنمية وزيادة كفاءة الحكومة.
يقول مازن السديري رئيس الأبحاث لدى شركة الاستثمار كابيتال "الدولة تفكيرها تغير فيما يتعلق بالنفط إذ أصبحت تنظر إليه كمصدر للطاقة وليس فقط مصدر للدخل كما أنها تسعى لتعزيز مواردها عبر طرح أرامكو." ويضيف "الإصلاحات في الداخل تركز بشكل كبير على الاستثمارات وجميعها تأتي في سبيل تحقيق أهداف رؤية 2030." وتهدف رؤية 2030 إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية عبر زيادة أعداد المعتمرين وتشجيع السعوديين على إنفاق أموالهم داخل البلاد من خلال استثمارات قوية في قطاعات السياحة والترفيه.
وعين الملك السعودي سلمان في مرسوم ملكي وزراء جدد لتولي وزارات المياه والنقل والتجارة والشؤون الاجتماعية والصحة والحج وأعاد هيكلة بعض الوزارات في تغييرات ركزت على المجالات التي وعدت الحكومة بتطويرها. وشملت التعديلات الوزارية تعيين أحمد الخليفي محافظا لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). وكان الخليفي يشغل من قبل منصب وكيل المحافظ للأبحاث والشؤون الدولية. ويحل الخليفي محل فهد المبارك الذي شغل المنصب منذ ديسمبر 2011. والخليفي مسؤول مخضرم تخرج من جامعة الملك سعود وجامعة كولورادو. وشغل خلال الفترة بين 2011 و2013 منصب المدير التنفيذي لمكتب المملكة لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن.
وسيتولى الخليفي مسؤولية رسم السياسة النقدية للمملكة. ولن يضطلع البنك المركزي خلال الفترة المقبلة بدور صندوق الثروة السيادي في المملكة إذ تسعى رؤية 2030 إلى تأسيس صندوق سيادي ضخم عبر زيادة رأسمال صندوق الاستثمارات العامة إلى سبعة تريلونات ريال (تريليوني دولار) من 600 مليار ريال (160 مليار دولار). ولم تشمل التعديلات تغيير وزير المالية إبراهيم العساف الذي يتولى منصبه منذ 1996. وشملت التعديلات إلغاء وزارة المياه والكهرباء وتم إضافة المياه لوزارة جديدة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة بينما نقلت الكهرباء لوزارة الطاقة.
ويقول جون سفاكياناكيس مدير الأبحاث الاقتصادية لدى مركز الخليج للأبحاث "دمج الوزارات يفتح الباب لتعزيز الكفاءة وهو الأمر الذي تحرص الحكومة على تحقيقه." وتم تعيين توفيق الربيعة - وزير التجارة الأسبق - وزيرا للصحة وسليمان بن عبدالله الحمدان وزيرا للنقل وأعيدت تسمية وزارة الحج باسم وزارة الحج والعمرة. وتضمن المرسوم الملكي أيضا دمج وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية تحت إدارة جديدة هي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتشكيل هيئتين جديدتين إحداهما للترفيه والأخرى للثقافة. بحسب رويترز.
وجرى تعيين اثنين من القيادات الاقتصادية هما ياسر الرميان المستشار بالديوان الملكي ومحمد الجاسر المحافظ الأسبق للمركزي السعودي مستشارين برئاسة مجلس الوزراء. ويقول سفاكياناكيس إن هذه التغييرات "ترسل رسالة مفادها أن الأشخاص الذين تم اختيارهم سيتولون تجديد القدرات المؤسسية للدولة." ويضيف "هذه التغييرات مستقبلية وستحدث تأثيرا كبيرا في طريقة إدارة الأمور".