حرب الرئاسة الامريكية.. من يحسمها..؟ نفوذ كلينتون أم مفاجئات ترامب

عبد الامير رويح

2016-04-30 03:24

مع اشتداد المنافسة في الانتخابات التمهيدية بين مرشحي الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الامريكية من اجل الوصول الى البيت الابيض، تباينت اراء وتوقعات الخبراء في هذا الشأن خصوصا مع اتساع رقعة الحرب الانتخابية. ففي الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن فوز هيلاري كلينتون التي تملك خبرة واسعة في مجال السياسة الخارجية بحكم عملها السابق وتحظى بدعم قويّ، لايزال الملياردير الجمهوري دونالد ترامب هو المرشح الابرز في سباق البيت الأبيض حيث يحظى هذا المرشح بتأييد واسع من المحافظين وأصحاب النفوذ غير أن عددا من المراقبين للشأن السياسي في امريكا وكما تنقل بعض المصادر، يرون أنه لن يتمكن من منافسة السيدة الأولى السابقة ذات الخبرة الطويلة في دوائر الحكم، هذا بالإضافة الى ان ترامب وبسبب تصريحاته المثيرة يواجه حرب داخلية من قبل بعض اعضاء الحزب الجمهوري وهو ما قد يسهم بتغير الكثير من التوقعات.

وفيما يخص اخر التطورات فقد قرر المرشحان الجمهوريان تيد كروز وجون كاسيك توحيد جهودها في محاولة لمنع منافسهما دونالد ترامب من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية، وفق ما اعلن مسؤولو حملتهما. وترامب هو الوحيد بين المرشحين الجمهوريين الثلاثة القادر على تأمين العدد المطلوب من المندوبين ليصبح مرشح الجمهوريين في تشرين الثاني/نوفمبر. وقال جيف رو مدير حملة السناتور المحافظ تيد كروز ان الحملة ستركز على ولاية انديانا في مقابل "اطلاق يد" المرشح جون كاسيك حاكم اوهايو في ولايتي اوريغون ونيو مكسيكو. واصدرت حملة كاسيك بيانا مماثلا.

واورد موقع بوليتيكو ان "الاثنين يعلمان بان السبيل الافضل لمنع ترامب من الفوز بالترشيح هو تشكيل فريق لقطع الطريق عليه (...) ولكن قد يكون الاوان قد فات". ورد ترامب على موقع تويتر ساخرا "اعلن للتو ان تيد الكاذب وكاسيك سيتحدان في محاولة لمنعي من نيل ترشيح الحزب الجمهوري. يا لليأس!". وانضمت شخصيات نافذة في الحزب الجمهوري مثل ميت رومني الى التحرك ضد ترامب، ما قد يصب في مصلحة سناتور تكساس تيد كروز. واعتبر كروز ان ترامب "كذب علينا" ويدعي انه محافظ بهدف "خداع الناخبين السذج".

نتائج وتوقعات

في السياق ذاته خطت هيلاري كلينتون المرشحة لتمثيل الحزب الديموقراطي الاميركي في الانتخابات الرئاسية خطوة عملاقة بعد سلسلة من الانتصارات الجديدة في الانتخابات التمهيدية، فيما زاد دونالد ترامب تقدمه على خصميه الجمهوريين المتحالفين ضده. وباتت الطريق لكسب ترشيح الحزب الديموقراطي مفتوحة امام هيلاري كلينتون ومن المرجح ما لم تحصل مفاجأة ان تمثل حزبها في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر لتصبح اول امرأة تصل الى مثل هذه المرحلة المتقدمة من المسار الانتخابي.

وفازت هيلاري كلينتون في اربع من الولايات الخمس التي جرت فيها الانتخابات التمهيدية، هي ماريلاند وبنسيلفانيا وكونيتيكت وديلاوير، ولم تترك لسناتور فيرمونت بيرني ساندرز سوى ولاية رود آيلاند الصغيرة. وبذلك تكون هيلاري كلينتون جمعت حتى الان اكثر من 2168 مندوبا بينهم حوالى 500 "مندوب غير ملتزم" من اعضاء الكونغرس والمسؤولين الديموقراطيين، مقابل حوالى 1401 لبيرني ساندرز. والغالبية المطلقة لنيل الترشيح الجمهوري هي 2383 مندوبا. وما زال هناك الف مندوب ديموقراطي سيتم توزيعهم في 14 عملية انتخابات تمهيدية تمتد حتى 14 حزيران/يونيو.

واعلنت كلينتون في فيلادلفيا "سنوحد حزبنا للفوز في هذه الانتخابات وبناء اميركا يمكن لكل واحد فيها الارتقاء، اميركا نساعد فيها بعضنا بعضا عوض ان نتصارع". وبعدما باتت واثقة من الفوز بترشيح حزبها، هاجمت دونالد ترامب والحزب الجمهوري، مادة يدها في المقابل لانصار خصمها الجمهوري. وقالت "سواء كنتم تؤيدون السناتور ساندرز او تؤيدونني، فما يجمعنا اهم بكثير مما يقسمنا".

وكانت هيلاري كلينتون في انتخابات 2008 انتظرت انتهاء مساء الانتخابات التمهيدية في حزيران/يونيو للاقرار بهزيمتها ودعوة ناخبيها الى التصويت لباراك اوباما. وذكرت "لم اطرح اي شرط". وهو الخيار ذاته الذي يواجهه بيرني ساندرز اليوم، غير انه المح الى انه لن ينسحب من السباق قبل انتخابات فيلادلفيا، سعيا على الارجح لكسب صوت وازن في وضع البرنامج الرسمي للحزب . واعلن في بيان "ان سكان كل من ولايات هذا البلد لهم الحق في تحديد الرئيس الذي يريدونه والبرنامج الذي يتحتم على الحزب الديموقراطي تبنيه. لذلك سنبقى في السباق حتى الصوت الاخير". وتابع "لذلك نحن ذاهبون الى مؤتمر الحزب الديموقراطي في فيلادلفيا باكبر عدد ممكن من المندوبين، حتى نكافح من اجل برنامج تقدمي"، معددا اقتراحاته وفي طليعتها رفع الحد الادنى للاجور الى 15 دولارا في الساعة، وتامين تغطية صحية شاملة، وجامعات عامة مجانية، وفرض ضريبة كربون، وغيرها.

اما من الجانب الجمهوري، حقق الملياردير دونالد ترامب انتصارا كاسحا في الولايات الخمس التي نظم فيها حزبه انتخابات تمهيديا، طبقا لتوقعات استطلاعات الراي، وبالرغم من الجبهة الموحدة التي شكلها خصماه الاخيران المتبقيان تيد كروز وجون كاسيك. واعلن دونالد ترامب متحدثا من برج ترامب في نيويورك "اعتبر نفسي المرشح الطبيعي" للحزب الجمهوري مضيفا في تعليق على هزيمة خصميه "انا الرابح. المسألة حسمت في ما يتعلق بي. لا يمكنهما الفوز". بحسب فرانس برس.

ويصور انتصاره في الولايات الخمس وفاء مناصريه له. وفاز باكثر من 50% من الاصوات، متخطيا حتى نسبة 60% في ولايتين. وقال الخبير السياسي في جامعة براون جيمس مونرو "ان النتائج تظهر بصورة جلية ان الحركة المعارضة لترامب لا تاتي بنتيجة" مؤكدا ان "ترامب لم يكن يوما بالقوة التي هو عليها اليوم". فهو حصل حتى الان على حوالى 988 مندوبا، ولا يمكنه بالتالي الاستكانة والاكتفاء بمكاسبه. فهو لن يفوز بالترشيح الا بحصوله على نصف المندوبين الذين ما زال يتعين توزيعهم لبلوغ الغالبية المطلقة وقدرها 1237 مندوبا. وفي حال تمكن تيد كروز وجون كاسيك من منع ترامب من الحصول على الغالبية المطلوبة، فان الترشيح قد يحسم من خلال منح المندوبين حرية التصويت خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في كليفلاند في تموز/يوليو، وفق سيناريو نادر مشرع على كل الاحتمالات، يمكن ان يفضي الى تعيين مرشح غير الاوفر حظا.

عامل مشترك

الى جانب ذلك تظهر استطلاعات الرأي أن الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب المرشحين الأوفر حظا لخوض السباق القادم على البيت الأبيض الأمريكي غير محبوبين على مستوى البلاد بشكل غير عادي رغم النجاحات التي يحققها كل منهما على المستوى الحزبي. فكلينتون تكافح حتى تخلق حالة من الحماس بين الناخبين لترشحها لخوض الانتخابات الرئاسية التي تجري في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني وتحاول تهدئة قلقهم من استحقاقها لمقعد الرئاسة بينما لا يلقى ترامب شعبية بين النساء والأقليات.

ويزيد هذا المأزق من اعتماد كل منهما على الشخص المرشح لشغل منصب نائب الرئيس في البطاقة الانتخابية الديمقراطية وتلك الجمهورية. وزاد هذا الضعف من أهمية اختيارهما للنائب إذا حصل كل منهما على ترشيح حزبه لخوض الانتخابات فهذا النائب قد يساعدهما على حشد التأييد في الولايات الكبيرة الهامة التي بها عدد كبير من السكان.

وتضغط الجماعات التي تمثل الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية على كلينتون حتى تختار نائبها من بينهم والشخص المرشح أكثر لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات القادمة هو جوليان كاسترو وزير الإسكان والتنمية الحضرية الذي يعد من النجوم الصاعدة في الحزب الديمقراطي لكن الناشطين الليبراليين يعارضونه ويتهمونه بمحاباة شركات وول ستريت في صفقات بيع الرهن العقاري المتعثر.

ويقول الخبير الإستراتيجي الديمقراطي جو فيلاسكويز وهو من مؤيدي كلينتون إن اختيارها نائبا لها في السباق من الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية سيحدث فرقا في الولايات المتأرجحة مثل فلوريدا وكولورادو ونيفادا وفرجينيا إذ يشكلون قطاعا كبيرا من سكانها. وتظهر استطلاعات الرأي أن عددا كبيرا جدا من الناخبين من هذا القطاع من الأمريكيين لا يحبون ترامب بسبب تصريحاته التي شبه فيها المهاجرين غير الشرعيين بالمجرمين.

كما تردد أيضا اسم توم بيريز وزير العمل كمرشح لنائب كلينتون. لكن قرار وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة لم يتضح بعد. ونظرا لعدم شعبية ترامب بين بعض الجمهوريين المعتدلين فقد تحتاج كلينتون مرشحا لنائب الرئيس قادرا على كسب أصوات هذا القطاع من الجمهوريين شخص مثل تيم كين وهو سناتور من فرجينيا يعارض الإجهاض أو كوري بوكر وهو سناتور من نيوجيرزي لديه علاقات وثيقة مع قطاع المال.

أما في الحملة الجمهورية فقد تجعل حالة الاستقطاب الشديد التي أحدثها ترامب مهمة اختيار نائب له يشاركه السباق أكثر صعوبة. فطوال الجزء الأكبر من الحملة الانتخابية ظل عدد كبير من زعماء المؤسسة الجمهورية إلى جانب عدد من اللجان السياسية ذات الموارد يبذلون كل الجهد لمنع ترامب من الفوز بترشيح الحزب لخوض سباق الرئاسة. بحسب رزيترز.

وأعلن ترامب صراحة تفضيله لنائب شغل منصبا رسميا لا أن يكون مثله حديث عهد بالمشهد السياسي وذكر تحديدا اسم سكوت ووكر حاكم ويسكونسون والسناتور ماركو روبيو من فلوريدا وجون كيسيك حاكم ولاية أوهايو. ورفضت حملتا كلينتون وترامب التعليق على المرشحين لمنصب نائب الرئيس وقالتا إن التركيز منصب الآن على الفوز بترشيح الحزب.

نظام مزور

من جانب اخر أظهر استطلاع خاص أن أكثر من نصف الناخبين يعتقدون أن النظام الذي تستخدمه الأحزاب السياسية الأمريكية في اختيار مرشحيها لدخول البيت الأبيض يجري تزويره وأكثر من الثلثين يريدون تغييره. وتعيد النتائج أصداء شكاوى دونالد ترامب المتقدم في استطلاعات الرأي للفوز بترشيح الجمهوريين وبيرني ساندرز المرشح عن الحزب الديمقراطي من أن النظام يجري التلاعب فيه ضدهما ولصالح مرشحين لهم علاقات وثيقة داخل حزبيهما - وهو الانتقاد الذي أثار نقاشا على مستوى البلاد بشأن ما إذا كانت العملية تتم بنزاهة.

والولايات المتحدة واحدة من قلة من الدول التي تعطي الناخب العادي حق التصويت على من يمكنه الترشح في انتخابات الرئاسة. لكن نظام المؤتمرات الحزبية في كل ولاية على حدة معقد. وكان التنافس تاريخيا حدثا يتعلق بالأحزاب لكن مع تزايد نفوذ التصويت الشعبي منذ منتصف القرن العشرين ظل للأحزاب نفوذ كبير. ومن خواص هذا النظام الغريب- والذي يتيح للحزب استعراض قوته- هو استخدام المندوبين وهم أعضاء الحزب المكلفون بدعم المرشحين في مؤتمراتهم استنادا عادة إلى نتائج التصويت. فكل حزب يقوم بتوزيع المندوبين على المرشحين في كل ولاية وتختلف الإجراءات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ويمكن أن يكون لرأي المندوبين وزن في مؤتمرات الحزب إذا كانت النتائج متقاربة- وهو الأمر الذي أصبح مثار جدل في هذا الموسم الانتخابي. ومن التعقيدات الأخرى أن حكومات الولايات لديها قواعد مختلفة بشأن ما إذا كان يتعين على الناخب أن يكون مسجلا كعضو في الحزب ليتمكن من المشاركة. في بعض الولايات تقصر الأحزاب اختيار المندوبين على لجنة صغيرة من صفوة أعضاء الحزب مثلما فعل الحزب الجمهوري في كولورادو هذا العام.

وقال رويس لونج (76 عاما) وهو من سكان سوسيتي هيل في ساوث كارولينا والذي يؤيد الديمقراطية هيلاري كلينتون "أفضل تطبيق نظام صوت واحد لرجل واحد... هذا النظام معيب للغاية." وكثيرا ما وجه ترامب انتقادات لهذا النظام ووصفه في بعض الأحيان بأنه غير ديمقراطي. وبعد أن خصص الحزب الجمهوري في كولورادو كل مندوبيه للمرشح تيد كروز على سبيل المثال ثار غضب ترامب الذي عبر عنه في مقال رأي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال وجه فيه الاتهامات قائلا "النظام يجري تزويره عن طريق العاملين بالحزب ومندوبين يعملون كعملاء مزدوجين ويرفضون قرار الناخبين."

ورفض رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رينس برياس شكاوى ترامب باعتبارها مجرد "خطابة" وقال إن القواعد لن تتغير قبل المؤتمر الجمهوري في يوليو تموز. وعلى الجانب الديمقراطي اعترض ساندرز وهو عضو مجلس الشيوخ عن فيرمونت على استخدام الحزب لمندوبين مميزين وهم مئات من صفوة أعضاء الحزب الذين يمكنهم دعم من يرغبون فيه في المؤتمر والذين ألقوا بثقلهم هذا العام وراء هيلاري كلينتون. وأكدت كلينتون مرارا انها ستهزم ساندرز سواء بإجمالي الأصوات أو بنظام المندوبين المرتبطين بنتائج التصويت- مما يكاد يبطل شكاوى ساندرز من المندوبين المميزين. وانتقد ساندرز كذلك زعماء الحزب لعدم تقديمهم ما يكفي من المناظرات على الهواء في أوقات ذروة المشاهدة وقال "المستقلون فقدوا حقهم في التصويت" مشيرا إلى عائق على تصويت كان يمكن أن يأتي لصالحه.

وقال لاري ساباتو مدير مركز سياسات جامعة فرجينيا إن نظام الترشيح الأمريكي يمكن تحسينه على الأرجح في عدة مجالات لكنه أشار إلى أن قدرة قيادات الحزب على التحكم لا تظهر عادة سوى عندما يكون الفارق ضئيلا بين المتنافسين. وأضاف "عادة ما يطغى التصويت الشعبي على القواعد لكن في هذه الانتخابات التي تتقارب فيها النتائج ينتبه الجميع لهذه القواعد الغامضة." بحسب رويترز.

وقال 51 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أن نظام المندوبين "زور" لصالح بعض المرشحين. وقال نحو 71 بالمئة من المشاركين إنهم يفضلون اختيار مرشح حزبهم بالتصويت المباشر وإنهاء دور الوسيط الذي يقوم به المندوبون. وأظهر الاستطلاع كذلك أن 27 بالمئة من الناخبين المحتملين لا يفهمون كيف يعمل النظام وأن 44 بالمئة لا يفهمون سبب وجود المندوبين. وكانت الردود متوازنة بين الجمهوريين والديمقراطيين. وشمل الاستطلاع 1582 أمريكيا وبهامش خطأ 2.9 نقطة مئوية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي