مصر في عهد السيسي.. سجن كبير تحت سطوة الدولة العميقة
عبد الامير رويح
2016-03-16 07:12
معاناة الشعب المصري ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، في تفاقم مستمر بسبب تواصل الازمات والمشكلات الامنية والاقتصادية والسياسية في البلد وهو ما يؤكد فشل وخطط الحكومة المصرية التي عجزت ولاسباب كثيرة عن معالجة المشاكل المهمة وخصوصا تلك التي تتعلق بحياة الناس، كالخدمات العامة وتحسين المستوى المعيشي والقضاء على البطالة وتوفير الأمن ومكافحة الجريمة كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ربما فشل ايضا في ادارة بعض الملفات المهمة ومنها الملف الاقتصادي، الذي يعد من اهم التحديات بسبب ضعف الاجراءات المتبعة وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة وهو ما قد تكون له تأثيرات سلبية على مستقبل الرئيس السياسي، الذي وصل لهذا المنصب بعد الإطاحة بجماعة الإخوان لفشلهم في تحقيق النهضة الاقتصادية.
ويرى بعض الخبراء ان الفترة الاخيرة قد شهدت تطورات ومتغيرات كبيرة، حيث تعرض الرئيس المصري لانتقادات حادة حتى من مؤيدي السيسي، الامر الذي قد تستغلة بعض قبل الاطراف المعارضة ومنها جماعة الاخوان المسلمين، التي سعت الى اثارة الازمات الداخلية وعرقلة خطط الحكومة من اجل تحقيق مكاسب سياسية، هذه التحديات وبحسب بعض المصادراكدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيث قال: إن بلاده تواجه تحديات كبيرة تثير القلق، لكنه أكد في المقابل أنها استطاعت "كسر شوكة الإرهاب" وتحقيق إنجازات غير مسبوقة. واضاف إن "ما يواجه هذا الوطن من تحديات يجعل القلق والتخوف أمرا مشروعا، ولكن حجم الإنجاز غير المسبوق يجعل من الأمل أمرا حتميا وفرضا وطنيا." وحاول السيسي بعث رسائل طمأنة فيما يتعلق بالجانب الأمني، مؤكدا أن مصر استطاعت "كسر شوكة تنظيمات الإرهاب في الوادي وسيناء وعلى الحدود الغربية ولازلنا نواصل هذه المعركة بلا تراخ".
وفي الشق الاقتصادي، تحدث السيسي عن "مشروعات كبرى" أطلقها منذ توليه الحكم، لكنه قال إن نتائجها تحتاج إلى وقت لكي تتحقق. وتواجه مصر تراجعا في الاقتصاد وعجزا ضخما في الميزانية، في ظل شكوى الكثيرين من معدل بطالة مرتفع. وتضاف إلى التحديات الاقتصادية، تحديات أمنية بسبب نشاط متشددين في محافظة شمال سيناء كانوا وراء مقتل المئات من أفراد الجيش والشرطة.
ايام عجاف
في هذا الشأن فقد كان هذا تعليق مذيعة التلفزيون عزة الحناوي وهي تنظر إلى الكاميرا موجهة حديثها للرئيس المصري.. "مفيش ملف واحد اتحل من يوم ما جيت". وبعد سنوات تكاد لم تردد وسائل الإعلام فيها سوى الإشادة الحماسية بالرئيس عبد الفتاح السيسي والانتقاص من خصومه وجد عشرات الملايين من المصريين من متابعي البرامج الحوارية أنفسهم فجأة يستمعون لشكاوى من أداء الرئيس.
بات قائد الجيش السابق الذي أبعد الإخوان المسلمين عن السلطة عام 2013 يواجه انتقادا عاما واحدا تلو الآخر على حكمه. وفتح تلفزيون الدولة المعروف بولائه الشديد للسيسي تحقيقا داخليا مع عزة الحناوي بسبب تعليقها. لكن هذا التعليق لم يكن منفردا. فبعد سنوات من تبجيل السيسي كمنقذ للأمة خرج عدد من أكثر الشخصيات المؤثرة في البلاد ليلقي باللائمة عليه في أزمة الاقتصاد واستمرار تمرد الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء وعنف الشرطة المفرط.
وفي وقت سابق كتب الصحفي والإعلامي البارز إبراهيم عيسى على الصفحة الأولى لجريدة (المقال) التي يرأس تحريرها "دولة السيسي الدينية تحبس الأدباء" وذلك بعد الحكم بسجن روائي شاب بسبب رواية تضمنت عبارات جنسية. وكتب عيسى مخاطبا الرئيس "بعد ثلاثين يونيو دولتك تسجن الناس من أجل أفكارهم ورواياتهم.. ما الذى جرى بالضبط جعل وطنا يستدير معك إلى عصر تفتيش الضمائر ومحاكمة العقل وسجن الكتاب والأدباء؟ "دولتك وأجهزتك كما دولة سلفك وأجهزة سلفك تكره المثقفين وتكره الفكر وتكره الإبداع وتهوى فقط المنافقين والمتزلّفين وناظمي قصائد المديح والمبايعة".
لم يكن إبراهيم عيسى من عتاة المنتقدين بل إنه أشاد في البداية بصعود السيسي وقال "هذا يوم الفرحة. هذا يوم النصرة. هذا يوم الفوز. هذا يوم الكرامة. هذا يوم الكبرياء. هذا يوم العزة. يوم انتصرت مصر.. انتصر الشعب المصري." وحتى قبل ثلاثة أشهر فقط وصف السيسي بأنه "أكثر رئيس في العالم يحظى بتأييد شعبي". ومن مكتبه الواقع على مشارف القاهرة قال إن وسائل الإعلام لم تتغير وإن ما تغير هو أداء الحكومة. قال "هو الانتقاد مازادش. الأخطاء هي اللي زادت."
وأنهى صعود السيسي على الساحة السياسية بمصر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات تجربة شهدت انقساما شديدا لحكم الإخوان المسلمين واضطرابات على مدى عامين بعد سقوط حسني مبارك. وامتلأت قلوب قطاع عريض من الشعب بالإعجاب لذلك القائد العسكري بنظارته الشمسية الداكنة الذي وعدهم بإعادة الاستقرار لبلد يئن من الفوضى. لم تكن محلات الحلوى لتلاحق الطلب على منتجاتها التي تحمل صورته. وبعد عام واحد انتخبه ما يقرب من 97 في المئة رئيسا وحصل على عدد من الأصوات تجاوز ما ناله سلفه محمد مرسي -الذي عزله السيسي عن الحكم- بعشرة ملايين صوت.
وقال هشام هيليار الباحث غير المقيم بالمجلس الأطلسي في واشنطن "جاء السيسي للسلطة بمستويات شعبية هائلة... لم يكن هذا ليستمر. تلك الهالة الوضاءة لا يمكن أن تصمد." وخلال كلمة ألقاها في وقت سابق بدا السيسي غاضبا وشكا من أن المصريين يركزون على الأخطاء لا الإنجازات. وبعد الكلمة أغرق طوفان غير مسبوق من تعليقات المصريين الساخرة مواقع الإنترنت حتى أن بعض التعليقات شبهته بالزعيم الليبي المخلوع غريب الأطوار معمر القذافي.
وكتب محمد أبو الغار العلماني البارز ومؤيد السيسي السابق في مقال "أيقنت الآن أن الفرص ضئيلة. وفي وسط ذلك كله أرى وطنا تفتتت أوصاله.. من شرطة لا تحميه بل تضربه وتعذبه ووزراء وجودهم شرفي.. واقتصاد منهار أصبح فيه الدولار يقارب العشرة جنيهات." وفي مؤتمر صحفي قال عمرو موسى الذي تولى وزارة الخارجية في عهد مبارك ورأس لجنة صاغت دستورا جديدا بعد أن تولى السيسي السلطة إن قوانين أجازها السيسي تتعارض مع الدستور.
وأطلق حمدين صباحي -السياسي اليساري الذي أيد في البداية حملة السيسي على الإسلاميين ثم رشح نفسه أمامه في انتخابات 2014- مبادرة لجمع أحزاب المعارضة وتقديم بديل يعول عليه للحكومة الحالية وهو أمر لم يكن متصورا قبل عام واحد. وقال "مصر تعبر بحصار مقيد على الرأي.. موت للسياسة.. شيطنة البدائل.. اصطفاف بطريقة عمياء." ومن المسائل التي كانت محل تجاهل يوما مسألة حقوق الإنسان. مئات الإسلاميين قتلوا في يوم واحد على أيدي قوات الأمن بعد أسابيع من عزل مرسي. وتم إلقاء القبض على آلاف واتسعت دائرة الاعتقالات لتشمل نشطاء علمانيين. لكن قلة هي التي كانت تشكو حسبما قال عيسى.
وقال "كان حاصل رضا وقد يكون توافق عام بين المصريين على تجاهل انتهاك حقوق الإنسان متى كان موجها للإرهابيين.. ياكش يولعوا (دعهم يحترقون). ومساحة كبيرة من المصريين ماكنش (لم يكن) عندهم مشكلة مع التنكيل بالنشطاء. "لكن فجأة اكتشفوا: لا ده احنا!" مشيرا إلى أن الناس شعروا أنهم أيضا يتعرضون لنفس الشئ فبدأوا يخرجون في احتجاجات. وفي الشهر الماضي شارك أكثر من عشرة آلاف طبيب في احتجاج على عنف الشرطة بعدما ضربت أفراد من الشرطة طبيبين في مستشفى عام. وكانت أكبر مظاهرة منذ فرضت السلطات قيودا على حق التظاهر في أواخر 2013.
وشبه بعض الأطباء الواقعة بما حدث عام 2010 لخالد سعيد الذي كانت وفاته من بين أسباب الانتفاضة التي أسقطت مبارك. وقال مؤمن عبد العظيم وهو أحد الطبيبين اللذين تعرضا للضرب "مفيش حد متعلم مهم في البلد دي. أنا بافكر جديا في الهجرة.. على الأقل عشان بنتي اللي عندها سنة." وبعد أسبوع من احتجاج الأطباء قتل شرطي سائقا بالرصاص في شارع مزدحم من شوارع القاهرة بعد خلاف على الأجرة. لكن ربما كان الأكثر إضرارا بصورة السيسي هو فشل الاقتصاد رغم وعوده بحياة أفضل الآن بعد أن تمكن من إنهاء الاضطرابات. ويشيد السيسي بشق تفريعة جديدة لقناة السويس خلال عام واحد فقط ويصف ذلك بأنه إنجاز رئيسي. لكن المشروع الذي تكلف ثمانية مليارات دولار اقترضتها الدولة من خلال طرح سندات عامة في أوج شعبية السيسي فشل حتى الآن في تعزيز دخل البلاد.
وفي الوقت ذاته نقصت سلع مستوردة مثل زيت الطعام من المنافذ التي تبيع بأسعار مدعمة لمحدودي الدخل وذلك بسبب أزمة العملة الأجنبية التي صعبت على الشركات الحكومية المستوردة ضمان إمدادات منتظمة. وأخفقت الحكومة في إعادة ملء صوامع الأرز المتاح الآن بأسعار السوق في أغلب الأحوال وهي أسعار أعلى كثيرا مما اعتاد عليه المصريون. وتشكو المؤسسات التجارية من ارتفاع الأسعار وانخفاض الأرباح والشكوك المحيطة بمصير الجنيه المصري. بحسب رويترز.
واضطرت شركات تصنيع منها شركة جنرال موتورز للتوقف عن الإنتاج في فترات بسبب ما تجده من عناء في الحصول على المكونات المستوردة من الخارج والتي تكدست في الموانئ. أما صغار المستوردين فيقولون إنه يجري إخراجهم من السوق من خلال اللوائح التي تهدف للحد من العجز التجاري. وسرى الغضب بين عاملي القطاع العام في نوفمبر تشرين الثاني عندما أصدر السيسي قانونا جديدا للخدمة المدنية كان من شأنه أن يحد من الوظائف. وحاول آلاف الموظفين -وهي فئة تتردد عادة في معارضة الحكومة- القيام باحتجاج لكن الشرطة منعتهم. وألغى البرلمان المنتخب حديثا القانون في تعبير نادر عن الرفض من جانب كيان يهيمن عليه موالون للسيسي. وقال إبراهيم عيسى "قانون الخدمة المدنية أصاب الطبقة المتوسطة الحكومية في مصر بذعر.. إنه هذا الذي اخترناه وبنحبه بيعمل قانون ضدنا."
وزير العدل المصري
الى جانب ذلك اثار تعليق لوزير العدل المصري قال فيه ان اي احد معرض للحبس حتى ولو كان "نبيا"، غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بين النشطاء الذين طالبوا بمحاكمته حتى بعد ان اعتذر عما اسماه "زلة لسان". وسُئل وزير العدل احمد الزند في حوار على قناة صدى البلد الفضائية الخاصة اذا ما كان سيحبس صحافيين يحاكمون بنشر اخبار كاذبة عنه، فرد انه سيحبس اي حد طالما اخطأ.
وقال الزند "ان شاء الله يكون نبيا عليه الصلاة والسلام"، مستخدما التصلية على النبي التي تستخدم حصرا للرسول محمد، قبل ان يتبعها مباشرة ب"استغفر الله العظيم". واضاف "المخطئ ايا كانت صفته يحبسه القضاة". واثارت تصريحات الزند جدلا وغضبا على فيسبوك وتويتر لا يزال مستمرا، كما اصدر الازهر الشريف بيانا حذر فيه من التعرض للنبي. وطالب نشطاء على تويتر بمحاكمة الوزير تحت "هاشتاغ #حاكموا_الزند"، ليتفاعل معه عدد كبير من المعلقين المصريين والعرب. وقال معلق على تويتر "أقل حاجه يقال (الزند) من منصبه و بعد كده يتحاكم الموضوع مش (ليس) هزار"، فيما كتب معلق اخر بحدة اكبر "ننتظر رب البشر ان ينتقم منه".
الا ان الزند عاد وقال في مداخلة هاتفية مع قناة "سي بي سي" الفضائية الخاصة ان الامر "زلة لسان". وقال الزند "لا احد معصوم من ان يطبق عليه القانون. استخدمت تعبيرا افتراضيا فقلت لو نبي اخطا، يطبق عليه القانون. واستغفرت فورا". واضاف "اقر واعترف بان الجملة لم يكن ينبغي ان تقال (...) هذه زلة لسان عادية". واتهم الزند "الاخوان المسلمين" باستغلال زلة اللسان ضده.
واعتذر الزند بعد موجة الغضب ضده. وقال في تصريحات تلفزيونية "استغفرت أمس. والنهاردة باختم هذه المداخلة بأني أستغفر الله العظيم مرات ومرات ومرات. ويا سيدي يا رسول الله جئتك معتذرا." وأضاف "أعرف أن اعتذاري مقبول لأنك قد قبلت اعتذار الكفار... ولست منهم." ومضى يقول إنه لا يستبعد أن يكون صحفيون مناوئون له وراء ما قال إنها "مسألة تم تضخيمها لأغراض سياسية".
وعين الزند وزيرا للعدل ضمن تعديل وزاري في مايو أيار العام الماضي بعدما ترك سلفه محفوظ صابر المنصب وسط موجة غضب ضده لقوله في مقابلة تلفزيونية إن ابن جامع القمامة لا يصلح أن يكون قاضيا. وفي عدة مناسبات أدلى الزند بتصريحات أثارت جدلا قال في أحدثها إنه يريد سن قانون يعاقب والدي الإرهابي على أنهما لم يحسنا تربيته فصار إرهابيا. وعبر حسابه على تويتر طالب المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية الإسلامي التوجه عبد المنعم أبو الفتوح بعزل الزند ومحاكمته. وطالب مستخدمون آخرون بذلك. وقال مستخدم في فيسبوك "عندما أخطأ وزير العدل السابق في الزبالين (جامعي القمامة) استقال فماذا يفعل من أخطأ في مقام الرسول صلى الله عليه وسلم؟"
بدوره، حذر الازهر في بيان القائمين على الحديث العام في وسائل الاعلام "مِن التعريض بمقام النبوة الكريم في الأحاديث الإعلامية العامة (...) صونا للمقام النبوي الشريف من أن تلحق به إساءة حتى لو كانت غير مقصودة". وفي كانون الثاني/يناير الفائت، اثار الزند غضب منظمات حقوقية دولية بعد ان دعا بحسب هذه المنظمات الى "قتل جماعي" للاخوان المسلمين. وكان الزند قال في مقابلة مع قناة صدى البلد الفضائية المصرية الخاصة في 28 كانون الثاني/يناير الماضي انه "لن تنطفئ نار قلبه الا اذا قتل عشرة الاف من الاخوان" مقابل "كل شهيد" سقط من الجيش او الشرطة في الاعتداءات التي تشهدها مصر منذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013. بحسب رويترز.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان في بيان انها اكدت في رسالة بعثت بها الى السيسي انه "يتعين عليه ادانة تصريحات وزير العدل في حكومته التي بدا انها تدافع عن القتل الجماعي لانصار الاخوان المسلمين". ومنذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، تشن السلطات المصرية حملة قمع واسعة ضد جماعة الاخوان المسلمين قتل فيها اكثر من 1400 من انصارها كما اوقف اكثر من 40 الف اخرين بحسب منظمات حقوقية. واصدر القضاء احكاما بالاعدام على مئات بينهم مرسي وبعض قيادات الاخوان في محاكمات جماعية سريعة دانتها الامم المتحدة بشدة.
تغيير وزاري
من جهة اخرى أعلنت مصادر حكومية وكما تنقل بعض المصادر،عن تعديل وزاري سيجري قبل إلقاء الحكومة بيانها أمام البرلمان، والمقرر في 27 مارس/آذار الجاري، وذلك في محاولة لعلاج الكثير من الأزمات، التي يعانيها المواطن المصري في حياته اليومية، بما فيها أزمة الدولار، الذي ارتفع سعر صرفه بشكل غير مسبوق؛ فضلا عن إشكاليات قطاع الاستثمار، وعدم جدوى محاولات الدفع الرئاسي بعقد صفقات واتفاقيات في مختلف الاتجاهات شرقا وغربا.
وقد تلقت الأجهزة الرقابية ملفات 21 شخصية لفحصها، واختيار 13 وزيرا من بينها، وخاصة أن التغيير الوزاري يشمل حتى اللحظة وزراء في المجموعة الاقتصادية والخدمية، من أبرزهم: وزراء الصحة، التربية والتعليم، النقل، الاستثمار، التجارة والصناعة، السياحة، الموارد المائية والري، الآثار، البيئة، المالية، التنمية المحلية، الأوقاف، والعدل. ومن وزراء حكومة شريف، التي تضم 33 وزيرا، أصبح مؤكدا بقاء نحو 20 وزيرا، منهم وزراء الحقائب السيادية، وعلى رأسها: وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والإنتاج الحربي والتعاون الدولي.
ويعزو مراقبون السبب في التعجل بالتغيير الوزاري إلى المادة 147 من الدستور، والتي تنص على إعفاء الحكومة من أداء عملها عقب موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو إجراء تعديل وزاري بموافقتهم، وهو ما يتطلب تشكيلاً حكومياً جديداً. بيد أن علاقة ملتبسة تربط البرلمان بالحكومة حتى الآن؛ فالبرلمان غير راض عن أداء الحكومة. ويتكهن بعض العارفين ببواطن الأمور بعودة وزارة الإعلام، لأهداف كثيرة منها: العمل على إعادة هيكلة "ماسبيرو"، ووضع خطة للإعلام سواء الحكومي أو الخاص؛ وذلك بسبب انفلات المعايير في الخاص تحديداً.
ومن بين الأسماء، التي طرحت لهذه الحقيبة الوزير الأسبق سامي الشريف، ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار ياسر رزق؛ إلى جانب الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتليفزيون أحمد أنيس، ونقيب الصحافيين السابق ضياء رشوان. وقد بدا أن وزارة السياحة، التي يتولاها هشام زعزوع لفترتين، غير قادرة على إعادة السياحة إلى سابق عهدها، خاصة أنها تعثرت بسبب تكرار الأزمات، وفقدتها الدولة بشكل شبه كامل مصدرا من مصادر الدخل القومي.
أما وزارة الري، فشهدت عجزا من الوزير عن حسم ملف سد النهضة، ولذا يتوقع أن يغير الوزير حسام المغازي هو الآخر مكان عمله. بدوره، دخل وزير الصحة أحمد عماد في مشكلات عديدة مع نقابة الأطباء؛ إضافة إلى تدهور أحوال المستشفيات الحكومية، وتفاقم مشكلات قانون التأمين الصحي وغيرها من الأزمات، التي لا تزال مستمرة. أما وزير الاستثمار، أشرف سالمان، فسيطاح بسبب تعثر خطوات تهيئة المناخ العام في مصر للاستثمار؛ فضلا عن تعثر الاقتصاد بشكل عام. ورغم تعرضه سابقا لمحاولة إطاحة في بداية تشكيل حكومة شريف إسماعيل، فإن الرئيس السيسي أبقى عليه في اللحظات الأخيرة.
وبالنسبة إلى وزير المالية هانى قدرى دميان، فيبدو أنه أيضا على قائمة التغيير الوزاري؛ حيث إنه تسبب، بحسب خبراء، بآرائه المتضاربة، في مشكلات مرتبطة بالسياسات النقدية، وإثارة اضطرابات مالية واسعة ومتزايدة، وخوضه معارك لا داعي لها، وفرضه ضرائب على تعاملات البورصة، أدت إلى خسائر قُدرت بنحو 100 مليار جنيه. من جهته، رأى الدكتور يسري العزباوي، الباحث بمركز "الجمهورية" للدراسات، أن التغيير الوزاري الجاري الإعداد له مهم وجوهري للغاية، ولا سيما أنه يسعى لإعادة تقييم عمل الحكومة الحالية، وتخفيف حدة المواجهة المرتقبة بينها وبين البرلمان. وأشار العزباوي إلى أن محاولات رئيس الحكومة بتقديم مسكنات إلى نواب المحافظات خلال لقاءاته معهم، كل حدة، هي مسكنات موضعية مؤقتة. في حين أن هناك عددا من الملفات الاقتصادية والخدمية، ستمثل نقطة ارتكاز رئيسة في المرحلة المقبلة، خاصة أن البرلمان انتهى من إعداد لائحته الداخلية، وسيمارس مهماته كاملة خلال الفترة المقبلة.
البرلمان المصري
في السياق ذاته أسقط مجلس الشعب المصري عضوية النائب توفيق عكاشة على خلفية تناوله مسائل حساسة خلال استقباله السفير الإسرائيلي في القاهرة في منزله، بحسب ما أفاد البرلمان على موقعه الإلكتروني. وكان عكاشة، وهو نائب ومذيع تلفزيوني مثير للجدل معروف بتبنيه لنظريات المؤامرة، استقبل في منزله سفير اسرائيل في القاهرة حاييم كورين ما اثار استياء زملائه في مجلس النواب، من بينهم النائب المصري كمال احمد الذي ضرب عكاشة بالحذاء فور دخوله قاعة البرلمان.
وأكد عكاشة في تصريحات نشرتها صحيفة المصري اليوم الخاصة غداة لقائه السفير الإسرائيلي "اتفقنا على ان تقوم اسرائيل بدور حاسم في مسألة سد النهضة" الذي تبنيه اثيوبيا على نهر النيل والذي تخشى مصر ان يؤدي الى تقليل حصتها من مياه النهر. وأفاد موقع البرلمان الإلكتروني بأن المجلس وافق "على إسقاط عضوية النائب توفيق يحيي إبراهيم عكاشة، وقد تم التصويت على إسقاط العضوية نداء بالإسم وفقاً للمادة (305) من اللائحة الداخلية، وقد أسفر أخذ الرأي نداء بالاسم عن موافقة 465 عضوا (أكثر من ثلثي النواب) على إسقاط عضوية النائب وبذلك قد توفرت الأغلبية المطلوبة في هذا الشأن كما تقضي المادة (110) من الدستور". بحسب فرانس برس.
وأعلن رئيس مجلس الشعب الدكتور علي عبد العال خلو مكان النائب توفيق عكاشة في الدائرة الرابعة ومقرها مركزي طلخا ونبرو محافظة الدقهلية. وأكد أن "العقوبة ليست بسبب واقعة اللقاء مع سفير دولة أجنبية، بل بسبب ما أثير من قضايا أثناء اللقاء لها علاقة بالأمن القومي المصري". بدوره، قال النائب خالد يوسف إن عكاشة "أخل بواجبات عضويته عندما دعا دولة اجنبية إلى التدخل لحل مشكلة سد النهضة". وبدأت اثيوبيا ببناء السد عام 2012 على ان يكتمل في العام 2017. وتعترض مصر على سعة بحيرة السد والسنوات المقررة لملئها. وكانت سفارة إسرائيل أعلنت في بيان نشرته على صفحتها غداة المقابلة أن اللقاء كان "ناجحا جدا" واستمر "اكثر من ثلاث ساعات" موضحة ان "الجانبين اتفقا على مواصلة اللقاءات واستمرار التعاون المشترك".