ايهما اقرب الى المكتب البيضاوي.. الجمهوري المتشدد أم الديمقراطية البراغماتية؟

عبد الامير رويح

2016-02-22 01:37

الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2016، لاتزال تحظى باهتمام كبير داخل وخارج الولايات المتحدة، خصوصا وان الفترة الحالية التي اعقبت انطلاق الانتخابات التمهيدية تشهد تنافس حاد بين مرشحي كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وبحسب مراقبين ومحللين أمريكيين فإن انتخابات 2016 التي تعد أشرس سباق رئاسي، هي الأكبر غموضا لصعوبة توقع نتائجها خصوصا وان هذه الانتخابات شهدت وتشهد تطورات ومتغيرات كثيرة ، لكن الكثير من التوقعات تشير الى ان المنافسة ستنحصر بين اثنين من المرشحين الحالمين بدخول البيت الأبيض، أولهم كلينتون التي تطمح لتكون أول رئيسة أمريكية والجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب الذي استطاع تحقيق نتائج مهمة في بعض الولايات، ويرى بعض الخبراء ان المعركة الانتخابية للفوز بالبيت الأبيض ربما ستحمل الكثير من المفاجآت لكلا المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، خصوصا وان التغيرات السياسية على الساحة العالمية والوعود الانتخابية تلعب دورا رئيسيا وفوريا في النتائج، التي ستتبدل من ولاية لأخرى، وهو ما يؤكد صعوبة التنبؤ بالفائز المحتمل بهذا السباق المهم.

وفيما يخص اخر المستجدات فقد عزز دونالد ترامب موقعه كمرشح للحزب الجمهوري بفوزه في الانتخابات التمهيدية لحزبه في كارولاينا الجنوبية، في حين فازت هيلاري كلينتون في انتخابات الديمقراطيين في نيفادا منعشة حملتها الانتخابية قبل المحطة المهمة في مطلع آذار/مارس. وأكد الملياردير ترامب هيمنته على الانتخابات داخل حزبه، ولم تمض أكثر من نصف ساعة بعد غلق مكاتب التصويت حتى أعلنت وسائل الإعلام فوزه بلا منازع بالانتخابات التمهيدية في كارولينا الجنوبية. وهذا ثاني فوز له بعد محطة ولاية نيو هامشير في بداية الشهر.

وحصد ترامب بالخصوص أصوات الجمهوريين المعتدلين والمحافظين، وفق استطلاعات أجريت عند الخروج من الاقتراع. في حين فضل "المحافظون جدا" سيناتور تكساس تيد كروز الذي كان فاز في ولاية إيوا في الأول من شباط/فبراير.

وبعد فوز ضئيل في إيوا وهزيمة كبيرة في نيو هامشير، فازت هيلاري كلينتون بالانتخابات التمهيدية في نيفادا بعد أن نالت نحو 52,5 بالمئة من الأصوات مقابل 47,5 بالمئة لساندرز وذلك بعد فرز 85 بالمئة من مكاتب التصويت. وقالت كلينتون "البعض شكك ربما فينا لكننا لم نشك أبدا في أنفسنا". وتبنت كلينتون خطابا هجوميا أقرب لليسار ومنتقدا استغلال أصحاب العمل وركز على الأقليات التي تعول عليها في المحطات التالية في الجنوب حيث يمثل السود أكثر من نصف الناخبين الديمقراطيين. واعترف ساندرز بهزيمته في اتصال هاتفي بكلينتون، لكنه أشار إلى أن فوزها نسبي. وكان بدأ السباق متخلفا بـ 30 نقطة عن كلينتون في استطلاعات صيف 2015.

بوش ينسحب

على صعيد متصل أعلن جيب بوش، انسحابه من سباق الرئاسة الأمريكية، بعد نتائج التصويت التجريبي في ولاية كارولاينا الجنوبية حيث وضح المرشح كامل ثقله في حملته الانتخابية التي شارك فيها شقيقه الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش. حاول بوش على مدى شهور العودة إلى الطريق ضد منافسه في الحزب الجمهوري، دونالد ترامب الذي انتقده بشدة واصفا إياه بأن "طاقته قليلة،" وأنفق عشرات الملايين من الدولارات على حملته الانتخابية.

ويذكر أن بوش البالغ من العمر 63 عاما أعلن ترشيحه في السباق للبيت الأبيض في يونيو/ حزيران الماضي حيث دخل السباق بقوة وسط منافسيه الجمهوريين قبل أن يدخل دونالد ترامب وينتزع بتصريحاته المثيرة للجدل عن الهجرة والمسلمين وروسيا صدارة المرشحين عن الحزب.

وكان المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، قد سخر من منافسيه على الفوز بدعم الحزب، جيف بوش وتيد كروز على حد سواء، واصفا الأول بـ"الفاشل" والثاني بألفاظ نابية، ففي لقاء له على قناة CBC الكندية ، زعم ترامب أن منافسه في الحزب الجمهوري، وابن الرئيس السابق جورج بوش الأب ، "فاشل" حيث أنه مهتم فقط بانتقاده ليظهر قوته بينما "يذوب بوش كقطعة الزبدة في كل مرة". على الجانب الآخر، رد بوش واصفا ترامب بأنه "ليس فاشلا فحسب، إنما كاذب ومتذمر أيضا" ثم أضاف أن "ماكين بطل" حسب تعبيره، في إشارة إلى القيادي الجمهوري، جون ماكين. وكان قد نشب خلاف بين الرجلين بعد اختلافهما على ما إذا كان السيناتور ماكين بطل حرب أم لا. حيث أكد بوش أن ماكين بطل حرب بينما زعم ترامب أن الأول أظهر وجهة نظره بطريقة خاطئة.

هيلاري وبيرني ساندرز

من جانب اخر وبعد هزيمتها في ولاية نيوهامشير، وصفت هيلاري كلينتون مقترحات خصمها بيرني ساندرز بغير الواقعية في محاولة للتقدم على السناتور في المناظرة السادسة للمرشحين للانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي الاميركي. وبدت كلينتون اكثر حدة من المناظرات السابقة في مواجهة خصمها المناصر "لثورة سياسية"، وقامت كعادتها في تعداد كل جوانب برنامجها لاقناع الديموقراطيين بانها اكثر كفاءة لتولي الرئاسة خلفا لباراك اوباما في كانون الثاني/يناير 2017.

وتوجه المرشحان مباشرة الى السود الذي يشكلون ناخبين اساسيين للديموقراطيين. لكن المواجهات الاكثر حدة جرت حول السياسة الخارجية حيث ركزت كلينتون على تجربتها على رأس الدبلوماسية الاميركية بينما انتقدها ساندرز لتصويتها لمصلحة حرب العراق في 2003، معتبرا انه خطأ في التقدير. وقالت كلينتون في المناظرة التي بثتها قناة بي بي اس من جامعة ويسكونسين في ميلووكي "علينا الا نقطع وعودا لا يمكننا تحقيقها".

وبعد ذلك تصاعد النقاش حول القطاع الصحي حيث انتقدت كلينتون الكلفة الكبيرة لاقتراح ساندرز حول تأمين صحي عام وشامل. وقالت ان "كل اقتصاديي اليسار الذين حللوا الاقتراح رأوا انه مكلف". واقترحت بدلا من ذلك نظاما تدريجيا. وقالت "نحن لسنا فرنسا". لكن هذه الرسالة لم تجد في تعبئة الحشود في المرحلتين الاولى والثاني من الانتخابات في ايوا حيث تقدمت على ساندرز ب0,3 نقطة مئوية بينما لم تحصل في نيوهامشير سوى على 38 بالمئة من الاصوات مقابل 60 بالمئة لساندرز الذي اصبح بطل الشباب الديموقراطي بادانته "اقتصاد مزيف". بحسب فرانس برس.

وشددت كلينتون على تجربتها في الخارجية الاميركية وروت مجددا المناقشات التي جرت حول عملية تصفية اسامة بن لادن، لتذكر المشاهدين بان ساندرز لا يملك تجربة في هذا المجال. لكنه رد بانتقاد كلينتون لانها دعمت سياسة تغيير النظام في ليبيا التي فتحت الطريق لظهور تنظيم داعش ولانها قريبة من هنري كيسينجر مستشار الامن القومي الاسبق ووزير الخارجية في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون خلال حرب فيتنام. وقال ساندرز "انني فخور لان هنري كيسينجر ليس صديقي".

ويوصف المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز بـ"الاشتراكي" في بلد رأسمالي، وتأثر ساندرز كثيرا بسياسات الأحزاب الديمقراطية الاشتراكية في أوروبا. ودعا في حملته إلى إدانة تصريحات الجمهوري دونالد ترمب المعادية للمسلمين. وألحق ساندرز هزيمة مدوية بهيلاري كلينتون في ولاية نيوهامشير. ولد بيرني ساندرز في بروكلين من أبوين يهوديين بولنديين. وينتمي إلى عائلة متواضعة. وسرعان ما أبدى الشاب بيرني اهتماما بالسياسة. وعندما كان طالبا في جامعة شيكاغو، انضم إلى "رابطة الشبان الاشتراكيين" وناضل ضد الحرب في فيتنام، وانخرط في صفوف الحركة المطالبة بالحقوق المدنية، وانتسب إلى الحركات التي ترفض الحروب والعنف.

شغل بيرني ساندرز عمدة بورلينغتون (1981-1989) أكبر مدينة في فرمونت (42 ألف نسمة). وانتخب في 1990 عضوا في مجلس النواب، وأعيد انتخابه باستمرار حتى 2007، عندما أصبح سيناتورا. وكان مستقلا طوال حياته السياسية، حتى العام الماضي عندما أصبح ديمقراطيا من أجل الحملة. ويوصف من قبل أنصار بالرجل "النزيه" في عالم سياسي أمريكي له عيوبه. وقد تزوج مرتين وله ولد. وهو حاليا مع زوجته الثانية وهي أم لثلاثة أولاد من زواج سابق. وإذا ما انتخب رئيسا فسيكون أكبر رئيس سنا يدخل البيت الابيض.

كلينتون وجذب النساء

في السياق ذاته يبدو ان هيلاري كلينتون التي تطرح نفسها بانها مدافعة عن حقوق النساء وتريد ان تكون اول امرأة تصل الى البيت الابيض، غير قادرة على جذب هذه الفئة المهمة من الناخبين للاقتراع الرئاسي كما اثبتت الانتخابات التمهيدية. وفي الانتخابات التمهيدية الاخيرة للحزب الديموقراطي في نيوهمبشر فان الناخبات من مختلف الفئات العمرية يفضلن برني ساندرز (74 عاما) عليها. والنساء غير مقتنعات بان امرأة تستطيع الدفاع عن حقوقهن خلافا لما اقترح مؤيديون لكلينتون.

وصوت 55% من النساء في نيوهمبشر في شمال شرق البلاد لساندرز مقابل 44% لكلينتون وفقا لاستطلاعات الرأي لدى الخروج من مكاتب الاقتراع. وتبين ان 82% من اللواتي اخترن سناتور فيرمونت دون الثلاثين من العمر و69% دون ال45 من العمر. ويشكل ذلك منعطفا لكلينتون التي كانت تقدمت على ساندرز ب11 نقطة بين الناخبات في ايوا وكانت فازت في نيوهمبشر في اقتراع 2008 بفضل اصوات النساء.

وقال جيفري سكيلي من مركز السياسات في جامعة فيرجينيا "لقد حققت نجاحا افضل لدى الناخبات لانها خسرت القاعدة النسائية في نيوهمبشر بفارق 11 نقطة لكنها خسرت الناخبين بفارق 35 نقطة". واضاف "لكنها ما زالت قادرة على الحصول على دعم كبير من النساء في السباق" الى البيت الابيض. وعلى المستوى الوطني ستصوت 48% من النساء لكلينتون و38% لساندرز وفقا لاستطلاع للرأي اجرته جامعة كوينيبياك، رغم ان 12% من الناخبات مترددات.

وقالت ديبي وولش مديرة مركز النساء الاميركيات والسياسات ان اداء كلينتون السيء في نيوهمبشر يعكس خصوصا جاذبية ساندرز الكبرى بين الشبان ورسالة "مثالية" في حين ان كلينتون تعتمد خطابا "اكثر براغماتية". لكن انصار كلينتون اكدوا ان وحدها امرأة قادرة على تمثيل النساء. واكدت غلوريا ستاينم المدافعة عن حقوق المراة ان "الشابات غير جديات في السياسة" ويصوتن لساندرز "لان الشباب مع برني".

واثارت وزيرة الخارجية الديموقراطية السابقة مادلين اولبرايت، اول امرأة تتولى هذا المنصب في 1997، ردود فعل غاضبة بعد ان قالت ان "النساء اللواتي لا يساعدن النساء الاخريات مصيرهن جهنم". وتساءل فرانك بروني كاتب الافتتاحيات في صحيفة "نيويورك تايمز" الذي كشف انه مثلي، ما اذا كان هناك "مكانا له في جهنم" اذا لم يدعم مرشحا مثليا. وقال "هناك ضغوط غريبة يمارسها فريق حملة كلينتون (للقول) انه علينا التصويت لها لانها امرأة". وباتت كلينتون المرأة الوحيدة التي تخوض الانتخابات الرئاسية منذ انسحاب المرشحة الجمهورية كارلي فيورينا.

وقال سكيلي "يرفض الناخبون ان يتم استغباؤهم وان يطلب منهم التصويت لمرشح لانه من العرق او الجنس نفسه". واضاف "اذا هناك ما يدفع الى الاعتقاد بان النساء سيدعمون كلينتون لانها امراة فهذا امر غير كاف لجذب الناخبات". وحاولت هيلاري الدفاع عن اولبرايت على قناة "ان بي سي" موضحة انه يجب "تذكير الشابات ان (...) هذا النضال الذي شاركت فيه كثيرات منا لم ينته". وقالت وولش انه بالنسبة الى الشباب، فان وصول امرأة الى البيت الابيض "ليس عاملا تاريخيا" كما تراه الاجيال السابقة. بحسب فرانس برس.

وما زال الطريق حتى تنصيب مرشح في تموز/يوليو طويلا ويجب الان التحقق مما اذا كانت الشكوك التي برزت في نيوهمبشر ستحمل الديموقراطيات في نيفادا والولايات الجنوبية حيث الانتخابات التمهيدية المقبلة، على تغيير ارائهن. والاقليات من السود كثيرة في هذه الولايات وتفضل تقليديا كلينتون على ساندرز.

رسائل سرية

الى جانب ذلك أعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان حوالى 15% من اصل 551 رسالة تلقتها هيلاري كلينتون او ارسلتها من بريد الكتروني خاص حين كانت على رأس الوزارة وكان مقررا ان تنشر لن يتم نشرها بأكملها لاحتوائها على معلومات "ذات طابع سري" او "سرية". وكان القضاء الاميركي امر وزارة الخارجية بأن تنشر كل المراسلات الالكترونية التي اجرتها كلينتون من حساب بريدي خاص بدلا من ذلك الذي وضعته الوزارة في تصرفها حين تولت حقيبتها بين 2009 و2013، ولكن الوزارة التي تراجع هذه المراسلات وتصنفها بمفعول رجعي تمتنع عن نشر اي رسالة تعتبر انها تحتوي معلومات سرية او ذات طابع سري او تمس بالخصوصية.

ونشرت الوزارة على موقعها الالكتروني 551 رسالة الكترونية لكلينتون تقع مجتمعة في 1012 صفحة. ومنذ صيف 2015 بلغ مجموع ما نشرته الوزارة من هذه الرسائل حوالى 46 الف صفحة من اصل 55 الف صفحة يتعين الانتهاء من نشرها بحلول نهاية شباط/فبراير الجاري. وقال مسؤول في الوزارة ان 84 من الرسائل ال551 التي نشرت لم تنشر كاملة بل اقتطعت "اجزاء منها لاحتوائها على معلومات اعيد تصنيفها بمفعول رجعي، بينها 81 باتت تصنف ذات طابع سري وهي ادنى درجة على سلم التصنيف، وثلاثة صنفت سرية". واضاف ان ايا من محتوى هذه الرسائل لم يتم تصنيفه "سري للغاية"، الدرجة الاعلى على سلم التصنيف والتي تتعلق بالاسرار الدفاعية.

وكانت الوزارة رفضت في نهاية كانون الثاني/يناير نشر محتوى 22 من رسائل كلينتون بسبب احتوائها على معلومات تم تصنيفها "سرية للغاية". وفي كل مرة تنشر فيها الوزارة دفعة من مراسلاتها الالكترونية تجدد السيدة الاولى السابقة، الطامحة للعودة الى البيت الابيض لكي تتولى هذه المرة سدة الرئاسة، تأكيدها على ان المعلومات الواردة في المراسلات لم تكن مصنفة سرية وقت اجرائها. بحسب فرانس برس.

بالمقابل، في كل مرة تنشر فيها دفعة جديدة من هذه المراسلات يجدد خصوم كلينتون الجمهوريون هجومهم على الوزيرة السابقة، معتبرين ان استخدامها بريدا خاصا لاجراء مراسلات سرية ينم عن عدم اهلية بتبوؤ سدة الرئاسة. وفي مطلع شباط/فبراير اكد مكتب التحقيقات الفدرالي انه يجري تحقيقا بشأن البريد الالكتروني الخاص بكلينتون، في اعلان رأى فيه الجمهوريون اثباتا لما يقولون من ان المرشحة الجمهورية ليست اهلا بالمنصب الطامحة لتوليه.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا