ايران وأتون الصراع الداخلي.. من سيدفع الثمن الأغلى؟
عبد الامير رويح
2016-01-30 08:55
النجاح المهم الذي حققه الرئيس الايراني حسن روحاني المحسوب على التيار المعتدل، بخصوص تحسن العلاقات مع العالم الخارجي ورفع العقوبات الدولية عن ايران، اسهمت وبحسب بعض الخبراء باحتدام الصراع السياسي بين المحافظين والإصلاحيين، خصوصا وان مثل هكذا انجازات قد اثارت قلق ومخاوف التيار المتشدد الذي اصبح يخشى من تنامي نفوذ روحاني وشعبيته وبتالي صعود التيار الإصلاحي، فهم يخشون كما تنقل بعض المصادر، من أن يكافئ الناخبون الذين يأملون في تحسن مستويات المعيشة بعد رفع العقوبات المرشحين الموالين لروحاني في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء القادمة، الامر الذي سيهم بتعقيد المشهد السياسي في ايران، لذا فقد عمد اصحاب القرار الفصل في ايران (التيار المتشدد) الى اتخاذ مواقف وقرارات أكثر تشددا ضد خصومهم، من خلال ايجاد أسباب مناسبة وقانونية لاستبعاد اكبر عدد من المرشحين الموالين لروحاني، هذه الصراعات الداخلية وكما يرى بعض المراقبين ربما ستهم بخلق ازمة داخلية خطيرة فالانقسامات الداخلية قد تعيد ايران الى نقطة الصفر من جديد، خصوصا وانها تعاني من ازمات ومشكلات مزمنة، يضاف اليها التحديات الخارجية التي تفاقمت بشكل كبير في الفترة الاخيرة بسبب اتساع رقعة الصراعات والخلافات الاقليمية الامر الذي قد يسهم بتراجع او اضعاف قوة ونفوذ ايران المتنامي.
حرب انتخابية
فيما يخص الصراع الداخلي في ايران فقد انسحب أربعة أخماس المرشحين لانتخابات مجلس الخبراء في إيران أو تم إعلان أنهم غير مستوفين لشروط الترشح للمجلس الذي سيختار الزعيم الأعلى القادم في إيران ومن بينهم حفيد آية الله روح الله الخميني القريب من الساسة الإصلاحيين فيما يمثل انتكاسة للرئيس حسن روحاني. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) عن المتحدث باسم اللجنة المشرفة على الانتخابات سيامك ره بيك قوله إن مجلس صيانة الدستور المكون من 12 عضوا والذي يشرف على الانتخابات والتشريعات أقر ترشح 166 مرشحا فقط من أصل 801 مرشح لانتخابات مجلس الخبراء.
ويمثل استبعاد المرشحين لمجلس الخبراء بعد أسبوع من استبعاد أعداد كبيرة من المرشحين للبرلمان ضربة لروحاني الذي يوقع اتفاقات تجارية في أوروبا بعد بدء تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية. وفي طهران يسعى المتشددون الذين رفضوا انفتاحه الدبلوماسي على الغرب لاستبعاد حلفائه من الانتخابات القادمة وكبح طموحاته لإجراء إصلاحات داخلية. ومن بين المستبعدين حسن الخميني وهو حفيد أول زعيم أعلى للجمهورية الإسلامية وذلك وفقا لما أعلنه ابنه أحمد بحسابه على إنستجرام. وكان حسن الخميني أول فرد من عائلته يترشح في انتخابات وهو يعتبر من المعتدلين سياسيا وله شعبية وسط الإصلاحيين.
ومن المقرر عقد انتخابات مجلس الخبراء المكون من 88 عضوا في 26 فبراير شباط. ويتابع المجلس أنشطة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي وسيختار خلال مدة ولايته التي تبلغ ثماني سنوات من يخلفه. ومن المقرر أيضا إجراء انتخابات برلمانية في نفس اليوم لاختيار نواب البرلمان البالغ عددهم 290 نائبا. وقد استبعد مجلس صيانة الدستور أكثر من 7000 مرشح من بين 12 ألفا حاولوا الترشح للبرلمان من بينهم أغلب المعتدلين والإصلاحيين.
ويأمل الرئيس حسن روحاني أن ينتزع حلفاؤه من المعتدلين السيطرة على المجلسين وقد انتقد استبعاد مرشحي البرلمان وربما يعترض أيضا على استبعاد هذا العدد الكبير من مرشحي مجلس الخبراء. لكن خامنئي كان قد دعا إلى فحص سجلات المرشحين بدقة وطمأنه رئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي إلى أن مجلسه "لن يتأثر بأي ضغوط." وقال أحمد الخميني إن والده (43 عاما) وهو رجل دين من الصف الثاني استبعد على أساس مسوغاته الدينية على الرغم من شهادة عشرات من كبار رجال الدين. وقال حسن الخميني إنه سيرد في الأيام القادمة. بحسب رويترز.
وكان خامنئي وافق على ترشح حسن الخميني لكنه نبهه إلى ألا يسئ لاسم عائلته. وقاد جده آية الله الخميني الثورة الإيرانية عام 1979 وأسس الجمهورية الإسلامية وتوفي عام 1989 وخلفه خامنئي. ويمثل استبعاد حسن الخميني ضربة للحركة المعتدلة. وفي ظل الموافقة على عدد قليل من المرشحين فإن من المرجح أن يستمر المحافظون في السيطرة على البرلمان ومجلس الخبراء. وأجهض المتشددون محاولات روحاني لإجراء إصلاحات داخلية منذ انتخابه رئيسا عام 2013.
خامنئي وروحاني
الى جانب ذلك قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إنه لا يجب السماح للمعارضين لقيم السلطة الدينية الشيعية في إيران بالترشح لعضوية البرلمان في مؤشر على وجود شقاق بينه وبين الرئيس المعتدل حسن روحاني قبل الانتخابات المقرر. واشارت تقارير إعلامية إيرانية إلى أن مجلس صيانة الدستور الذي يتكون من رجال دين وقضاة رفض معظم المرشحين المقربين من روحاني والإصلاحيين الساعين لزيادة حرية التعبير في إيران.
وقال روحاني في مؤتمر صحفي "التقارير الأولية التي وصلتني لم تسعدني على الإطلاق... سأستخدم كل سلطاتي لحماية حقوق المرشحين." لكن خامنئي الذي يملك القول الفصل في جميع المسائل الكبرى في إيران أوضح خلال اجتماع مع مسؤولين مشاركين في تنظيم الانتخابات أنه لا يتفق مع روحاني بشان من ينبغي السماح له بالترشح على مقاعد البرلمان. وأضاف "سبق وقلت إنه حتى أولئك الذين يعارضون الجمهورية الإسلامية يجب أن يشاركوا في الانتخابات" مؤكدا رغبته في إقبال واسع يعكس دعما شعبيا للنظام. بحسب رويترز.
وتابع "(لكن) هذا لا يعني انتخاب المعارضين للجمهورية الإسلامية لعضوية البرلمان.. فقط من يؤمنون بالجمهورية الإسلامية وبقيمها ينبغي السماح لهم بدخول البرلمان. "حتى في أمريكا التي تزعم أنها أرض الحرية ويقبل بعض السذج بذلك.. كان يتم خلال فترة الحرب الباردة تهميش أولئك الذين لديهم أقل ميل نحو الاشتراكية." وقال السياسي الإصلاحي حسين مرعشي لوكالة أنباء العمال إن ثلاثة آلاف إصلاحي تقدموا بأوراق ترشحهم للانتخابات لكن تمت الموافقة على ترشح 30 شخصا فقط. واضاف "على هذا الأساس تمت الموافقة على واحد في المئة فقط من الإصلاحيين."
انتقادات كبيرة
في السياق ذاته قال موقع (كلمه) الالكتروني المعارض إن بضعة رجال دين وساسة إيرانيين انتقدوا بشدة الاستبعاد الجماعي لمعتدلين من الترشح في الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير شباط. ومن المتوقع أن يعمق منع مجلس صيانة الدستور المرشحين المؤيدين للاصلاح من المنافسة في الانتخابات التطاحن السياسي في ايران بين المتشددين وحلفاء الرئيس حسن روحاني.
ويعتقد ساسة معتدلون أن الاستبعاد الجماعي الذي تم من خلال عملية تدقيق يهدف لمساعدة المرشحين المتشددين في الاحتفاظ بسيطرتهم على البرلمان المؤلف من 290 مقعدا والذي قد يعرقل اصلاحات سياسية واجتماعية تعهد بها روحاني اثناء حملته الانتخابية في 2013. وعزز رفع العقوبات الدولية عن ايران شعبية روحاني.
ويمكن لمجلس صيانة الدستور -وهو هيئة غير منتخبة تضم 12 من فقهاء إسلاميين ورجال دين متشددين- استبعاد المرشحين لاسباب منها نقص الالتزام بالاسلام والدستور. ونقل موقع (كلمه) عن آية الله كاظم نورمفيدي قوله "إستبعاد اولئك الذين يؤمنون بالجمهورية الاسلامية والاسلام ودعائم نظامنا.. سيخلق إنقساما عميقا بين المؤمنين الحقيقيين بنظامنا وبين المؤسسة الدينية." وقال الزعيم الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي "اولئك الذين لا يؤمنون بالمؤسسة الدينية يجب ألا يسمح لهم باداء واجبات."
وتقدم 12 ألف شخص للترشح للانتخابات البرلمانية لكن مجلس صيانة الدستور إستبعد أكثر من سبعة آلاف منهم. وينظر المجلس حاليا شكاوى تقدم بها المستبعدون وبعضهم محافظون. ونقلت وكالة العمال الايرانية شبه الرسمية عن السياسي المعتدل حسين مراشي قوله "هذا أكبر عدد من الاستبعادات في تاريخ الجمهورية الاسلامية." وأصدرت تسعة أحزاب سياسية مؤيدة للاصلاح بيانا قالت فيه إن المجلس وافق على 30 فقط من بين ثلاثة آلاف مرشح معتدل وحثت كبار القادة على اجراء مراجعة شاملة للاستبعادات. وقال رئيس المجلس آية الله أحمد جناتي "الضغوط لن يكون لها تأثير" في اشارة إلى ان مراجعة الاستبعادات ستكون محدودة. ومنع المجلس 2000 إصلاحي من خوض الانتخابات البرلمانية في 2004 عندما حقق المتشددون إنتصارا كاسحا.
من جانبه أبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني استياءه حيال استبعاد آلاف المرشحين للانتخابات التشريعية، موجها انتقادات قاسية للجنة المكلفة بتحديد أهلية المرشحين للبرلمان. ويأتي تدخل روحاني بعد أيام من موافقة اللجنة المركزية للاشراف على الانتخابات التابعة لمجلس صيانة الدستور، على أهلية واحد في المئة فقط من الإصلاحيين الساعين للدخول إلى البرلمان لخوض الانتخابات في 26 شباط/فبراير.
وتعرض الإصلاحيون في إيران للتهميش منذ إعادة انتخاب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009، حين نددوا بعمليات تزوير شابتها على نطاق واسع. وللدلالة على سخطهم، ترشح عدد قليل جدا من سياسيي المعسكر الإصلاحي للانتخابات البرلمانية الأخيرة في العام 2012. لكن الحركة أعادت تنظيم صفوفها منذ وصول روحاني، رجل الدين المعتدل، إلى الرئاسة في العام 2013، ما عزز الآمال بالعودة مجددا إلى الساحة السياسية.
وأدى هذا الرفض لعدد كبير من المرشحين الإصلاحيين، إلى اعتبار أن عملية التصويت لن تكون ذات صدقية. ووجه روحاني، الذي كان يتحدث إلى المحافظين ومدراء الأقضية في طهران، انتقادا إلى مجلس صيانة الدستور الذي رفض نحو 60 في المئة من طلبات المرشحين المسجلين للانتخابات التشريعية. وقال الرئيس الإيراني إن "هذا يسمى برلمان الأمة، وليس برلمان فصيل واحد"، معتبرا أن خوض الانتخابات ليس حكرا على المحافظين.
وأضاف "علينا خلق الأمل والحماسة والمنافسة. إذا كان هناك فصيل واحد والآخر ليس موجودا، فلا يحتاجون إلى انتخابات 26 شباط/فبراير، سيذهبون إلى البرلمان". واعتبر أن "أي مسؤول لن يكتسب الشرعية من دون تصويت الشعب". وكانت عملية تحديد الأهلية محط جدل لأشهر عدة، إذ أن هذه الانتخابات تعد فرصة للإصلاحيين والمعتدلين لتحقيق مكاسب في وجه المعسكر المحافظ المهيمن على البرلمان. بحسب فرانس برس.
وبامكان المرشحين الذين رفضت طلباتهم تقديم الطعون على ان ينشر المجلس اللائحة النهائية للمرشحين في الرابع من شباط/فبراير. وقال روحاني إنه "يجب على المنفذين والمراقبين التنبه إلى احترام الاطار القانوني"، لافتا إلى التباين بين تمثيل بعض الاقليات وإقصاء مجموعات أكبر. وأضاف "كم من الناس، وكم من الالاف يتبعون دين موسى في هذا البلد؟"، في إشارة الى مقعد واحد مخصص لليهود في البرلمان الايراني. كما يتم أيضا تخصيص مقاعد للمسيحيين والأرمن والزرادشتيين. وتابع الرئيس الإيراني "هم عشرة آلاف، عشرون ألفا. ومع ذلك، هناك فصيل في هذا البلد يعد سبعة أو عشرة ملايين".