مستقبل الحكم في السعودية.. بين استفحال الفساد وصراع اثبات الوجود
عبد الامير رويح
2015-11-07 03:48
تعاني المملكة العربية السعودية من استفحال ظاهرة الظلم والفساد التي تفاقمت بشكل كبير بعد تولى الملك سلمان بن عبد العزيز السلطة في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث اكد بعض الخبراء ان ما حصل من تغير ادخل المملكة في مرحلة جديدة من مراحل الصراع على السلطة والنفوذ بين افراد الاسرة الحاكمة، خصوصا بعد ان اقدم الملك على اجراء اصلاحات جذرية واستحداث مناصب جديدة اسهمت بإقصاء بعض اعمدة الحكم، وهو ما اثار حالة من السخط والتوترات والقلق بين افراد العائلة المالكة، يضاف الى ذلك السياسات والقرارات الاخرى التي اتبعتها الحكومة بشأن حرب اليمن وانخفاض أسعار النفط وغيرها من الامور الاخرى، لعل اهمها الفضائح الاخلاقية والمالية الكبيرة التي طالت بعض الشخصيات والامراء في داخل وخارج المملكة.
ويقول خبراء ودبلوماسيون ان هناك خلافات وصراعات على السلطة تدور بين بعض المسؤولين في وقت تواجه المملكة تحديات خطيرة في الداخل او الخارج على حد سواء. ويقول الخبير في الشؤون السعودية فريديريك ويري من مركز كارنيغي للسلام الدولي ان هذه الخلافات وان لم يكن واضحا للعلن في المملكة التي لا تجاهر بشؤونها الداخلية، "يؤدي الى قرارات سياسية مقلقة جدا للخارج والداخل". ويرى ان من جملة هذه القرارات التدخل العسكري في اليمن وسياسة "الحزم" التي تمارس على الصعيد الوطني بعيدا عن الاصلاحات المطلوبة في هذا البلد، بحسب قوله.
إفرازات العلاقة بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان
في هذا الشأن بات مستقبل السعودية وفقا لمراقبين مرهونا بإفرازات العلاقة بين الأميرين محمد بن نايف وهو ولي العهد، والأمير محمد بن سلمان وهو ولي ولي العهد. هذا في وقت تواجه فيه المملكة اضطرابات إقليمية خصوصا في اليمن، وتراجعا قياسيا في أسعار النفط. ينبئ صغر السن نسبيا للأميرين اللذين سيخلفان الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية، والنفوذ غير المسبوق الذي يتمتعان به، أنهما سيهيمنان على الأرجح على المشهد السياسي في المملكة لعشرات السنين، الأمر الذي يضع العلاقة المحورية بين الأميرين تحت المجهر على نحو متزايد.
وسيخلف الملك سلمان (79 عاما) كل من ولي العهد الأمير محمد بن نايف (56 عاما)، يليه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (30 عاما)، في حكم أكبر مصدر للنفط بالعالم، في وقت تواجه فيه المملكة اضطرابات إقليمية وتراجعا حادا في أسعار النفط.
ويقول من حضر اجتماعات بين الأميرين إن تعاملاتهما العلنية يسودها الوئام والاحترام، لكن مثل هذه الروايات أخفقت في تهدئة شكوك تساور بعض السعوديين، عن أن هذا المظهر الودي فيما يبدو يخفي علاقة "شائكة". والأمير محمد بن نايف -الأكبر سنا- شخصية لها باع طويل في الحياة السياسية بالسعودية ويحظى باحترام واسع، أما الأمير الأصغر فخبرته قليلة نسبيا، لكنه الابن المفضل للملك سلمان.
وبالرغم من اعتياد السعوديين على بعض التحزب بين أمراء الأسرة الحاكمة الذين يعدون بالمئات، يقول كثير من السعوديين المطلعين على بواطن الأمور إن العلاقة بين الرجلين ببساطة "حساسة" بدرجة لا تسمح بمناقشتها في العلن. في نفس الوقت أقر البعض بأنه سمع عن خلافات مستترة، لكنه رفض أن يكون أكثر تحديدا. وعزل الملك سلمان سعد الجبري، أحد معاوني ولي العهد من منصبه كوزير للدولة، في خطوة لم يصدر تفسير رسمي لها، وأدت إلى تكهنات بين السعوديين ودبلوماسيين في منطقة الخليج بأنها تعكس توترا أوسع نطاقا بين النخبة الحاكمة. ولم يصدر أي تعليق رسمي لشرح سبب عزل الجبري.
ومنذ تولى السلطة في كانون الثاني/يناير، قلب الملك سلمان التوقعات عن الكيفية التي ستدير بها السعودية شؤونها رأسا على عقب، فغير ولي العهد وولي ولي العهد، وبدأ عملية عسكرية في اليمن وأقر استراتيجية نفطية دفعت الأسعار للانخفاض. ويعزى هذا النهج الجديد فيما يبدو للأميرين اللذين يسيطران فيما بينهما على معظم أدوات السلطة، عن طريق لجنتين حكوميتين تختصان بالأمن والاقتصاد، في الوقت الذي تم فيه تحييد معظم أعضاء أسرة آل سعود الآخرين. وكان مراقبون قد بشروا بانتهاء العقد السابق وإطلاق سياسات جديدة أكثر فاعلية بعد سنوات من الجمود، واستندوا في ذلك إلى الصلاحيات التي يتمتع بها الأميران.
ويعني تصدر الأميرين للمشهد السياسي السعودي أن أي تغييرات في المستويات العليا من الحكومة، خاصة تلك التي تتعلق بأفراد من عائلة آل سعود أو مساعدين مقربين من الأميرين، ستحظى بمتابعة لصيقة. ومن بين هذه الأحداث عزل الجبري الذي وصفه دبلوماسيون أمريكيون في برقية من السفارة في الرياض في 2006، نشرت فيما بعد ضمن برقيات "ويكيليكس"، إنه مستشار للأمير محمد بن نايف في عدد من القضايا وواحد من أبرز مساعديه.
وإذا ما أطيح على سبيل المثال بخالد الحميدان -المساعد البارز الآخر لولي العهد- الذي عين رئيسا للمخابرات في كانون الثاني/يناير، فربما تنمو التكهنات عن وجود خلافات في القيادة، وتكثر الشائعات عن تغييرات جديدة في ولاية العهد. وأدت خلافات أسرية إلى إسقاط دولة سعودية في ثمانينات القرن التاسع عشر، وساهمت جهود الملك سعود لقصر خلافته على العرش على أبنائه واستبعاد أشقائه وأبنائهم في إجباره على ترك الحكم في 1962، ولذلك فإن مثل هذه الأمور تحظى بمتابعة حثيثة.
والتوترات بين الأجنحة المختلفة داخل أسرة آل سعود أمور تلفها السرية التامة في العادة، ويجري تناولها في الأحاديث الخاصة وتنفى في العلن، فيما يحرص آل سعود على إظهار الوحدة، وهو نهج تكون له أثار سلبية أحيانا لأنه يتيح الفرصة لإذكاء التكهنات. وهناك أحاديث مطمئنة عن الهيكل الجديد للسلطة، حيث يقول خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة "سعودي جازيت" اليومية التي تصدر بالإنكليزية "أعتقد أنها علاقة عمل جيدة. فالضرورة تحتمها. ومحمد بن نايف شخص يحظى باحترام كبير، وفي هذا المجتمع قدر كبير من المراعاة للسن."
وولي العهد الأمير محمد بن نايف الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية منذ 2013 تربطه صلات وثيقة بواشنطن، وقد سحق نشاط تنظيم "القاعدة" أثناء إدارة الأمن الداخلي قبل نحو عشر سنوات، ونجا بأعجوبة من محاولة اغتيال نفذها انتحاري في 2010. وبوصفه رئيسا للجنة الأمنية، فهو يشرف على أغلب القضايا السياسية، بما في ذلك كل ما له علاقة بالاستقرار الداخلي للمملكة، أو وضعها الإقليمي ودعمها للمعارضة السورية. وعندما عينه الملك سلمان وليا لولي العهد عندما تولى الحكم، ثم رفعه درجة أخرى في نيسان/أبريل ليصبح وليا للعهد، لم يكن في ذلك مفاجأة حقيقية نظرا للمكانة الرفيعة لوزير الداخلية وما سبق ذلك من تعيينات على مستوى القيادات العليا.
أما الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد فقد كان صعوده على النقيض من ذلك "صاروخيا" منذ أصبح والده ملكا على البلاد، حيث رقاه من رئيس للديوان إلى وزير للدفاع ثم إلى ولي ولي العهد متجاوزا عشرات من الأعمام وأبناء العمومة. وهو يتولى رئاسة مجلس مكلف بالتعامل مع تحديات التنمية الاقتصادية في الأجل الطويل، مثل انخفاض عائدات النفط، كما يشرف من الناحية النظرية على السياسات المالية والنقدية والتعليمية وسياسات الطاقة. بحسب فرانس برس.
وهذا التقسيم الواضح للمسؤوليات، وفارق السن بين الاثنين، وعدم وجود أولاد للأمير محمد بن نايف، كل ذلك يعني أنه لن يكون هناك بالضرورة تنافس مباشر على السلطة بين الاثنين، إذ أن محمد بن سلمان يمكن أن يحكم طويلا بعد ابن عمه. وقال مصدر سعودي رفض نشر اسمه "الأغلبية العظمى من الأسرة مستقرة. والأمراء أصحاب النفوذ يشعرون بالرضا.
المتاجرة بالمخدرات
على صعيد متصل أفادت وسائل إعلام لبنانية أن قوى الأمن أوقفت أميرا سعوديا في مطار بيروت، بعد أن ضبطت على متن طائرته الخاصة نحو طنين من المخدرات موزعة على 32 صندوقا و8 حقائب، وهي عبارة عن حبوب الكبتاغون المخدرة وكمية ضخمة من الكوكايين. وأحيل الأمير، وفق ما أعلنه موقع قناة "الجديد"، إلى النيابة العامة بجبل لبنان، وهو يخضع لاستجواب برفقة أربعة من مرافقيه.
وكانت طائرة الأمير تستعد للتحليق نحو السعودية قبل أن يتم توقيف الأمير ومن معه. وأفاد موقع قناة "المنار"، أن الصناديق التي كانت محملة بالمخدرات حملت ملصقا يظهر أنها "خاصة بالأمير"، ونشرت صورا لها على موقعها. وأكد مصدر أمني أن "عملية التهريب هذه هي الأكبر التي يتم إحباطها حتى الآن عبر مطار بيروت الدولي" بعد إحباط عملية تهريب 15 مليون حبة كبتاغون في نيسان/أبريل 2014 كانت موضوعة داخل مستوعبات محملة بالذرة.
وليست هي المرة الأولى التي تنفجر فيها قضية يتورط فيها أحد أمراء الخليج، إلا أنه لا تطالهم في الكثير منها الملاحقة القضائية لاحتمائهم بالحصانة الدبلوماسية. وكانت الشرطة الأمريكية ألقت القبض على الأمير ماجد بن عبد العزيز آل سعود، البالغ من العمر 28 عاما، للاشتباه في أنه أجبر عاملة على ممارسة الجنس الفموي معه، في مقر إقامته في بيفرلي هيلز في الولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.
لكنه تم وقف متابعته أمام القضاء، وقال المحققون بشأن ذلك إنهم لا يتوفرون على أدلة كافية ضد الأمير السعودي. وكانت الشرطة في بيفرلي هيلز استجوبت أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، الشيخ خالد بن حمد آل ثاني، بعد بث شريط فيديو يظهر سيارة فيراري صفراء تتجاوز بسرعة كبيرة إشارة "قف" وتكاد أن تصدم المارة.
قضايا اخلاقية وفساد
من جانب اخر رفعت ثلاث اميركيات دعوى في لوس انجليس ضد امير سعودي بتهمة الاعتداء جنسيا عليهن واحتجازهن لثلاثة ايام في منزله في بيفرلي هيلز. ورفعت النساء الثلاث اللواتي لم تكشف هوياتهن شكوى مدنية على ماجد عبد العزيز آل سعود (29 عاما) الذي وظفهن كخادمات في نهاية ايلول/سبتمبر. وروين انه اعتدى عليهن جنسيا بعدما حاول التحرش بهن.
واضافت النساء انه امر ايضا كل العاملين في الفيلا بمن فيهم الحراس بخلع ملابسهم قرب المسبح ليشاهد اعضاءهم التناسلية. وبحسب هذه الاتهامات وعندما توسلت اليه احدى النساء الثلاث طالبة منه التوقف صاح في وجهها "لست امرأة! انك نكرة! انني امير وسافعل كل ما يحلو لي ولن يتمكن احد من فعل اي شيء ضدي". وقالت النساء انهن شاهدن الامير يقوم باعمال جنسية مع رجل اخر ويشم بودرة بيضاء. بحسب فرانس برس.
وقال فان فريش محامي الاميركيات "هدد آل سعود بقوة موظفيه واعتدى عليهم جنسيا واهان علنا نساء بريئات". ولم يصدر اي رد فعل عن محامي الامير، واضاف فان فريش ان معاناة موكلاته انتهت عندما اتصل شخص بالشرطة بعد ان سمع امرأة تستغيث محاولة تسلق الجدران المحيطة بالفيلا. وعلى الاثر، اوقف الامير واتهم بارغام هذه المراة على ممارسة عمل جنسي. وقالت السلطات انه لن تتم مقاضاة الامير جنائيا لعدم توافر الادلة وانه قد يلاحق بتهمة ارتكاب جنحة.
وفي عام 2013، اتهمت أميرة سعودية في لوس أنجلس، تدعى مشاعل العيبان، بأنها تعامل موظفة كينية كالعبيد. لكن الاتهامات أسقطت في نهاية الأمر.
الى جانب ذلك أفادت تقارير بأن أميرا سعوديا أنفق نحو 15 مليون يورو (19.5 مليون دولار) خلال زيارة خاصة لحديقة ديزني لاند قرب العاصمة الفرنسية باريس. وقيل إن الأمير فهد آل سعود حجز مناطق الحديقة كاملة احتفالا بانتهاء دراسته الجامعية. وأكدت شركة يورو ديزني التي تدير الحديقة قضاء أحد الأمراء ثلاثة أيام فيها مع عدد من ضيوفه.
وتقول الشركة إنها تنظم من وقت لآخر فعاليات خاصة للشركات أو الأشخاص. وتضمنت الاحتفالات خلال الفترة التي قضاها الأمير أحداثا خاصة، من بينها ظهور بعض شخصيات ديزني النادرة، بحسب ما أفادت به شركة يورو ديزني لوكالة الأنباء الفرنسية. ووفرت الشركة أمنا خاصا في المكان لزيارة الأمير، وهو أحد زبائن الحديقة الرفيعي المستوى، بحسب ما قالت الشركة.
واجتذبت حديقة ديزني لاند خلال العام الماضي 16 مليون زائر، لكن شركة يورو ديزني تقول إنها لم تحقق أي أرباح منذ إنشائها في عام 1992. وكانت الشركة قد خسرت في العام الماضي ما يقرب من 121 مليون يورو في النصف الأول من العام المالي الماضي، مقارنة بخسارتها التي بلغت نحو 100 مليون يورو في الفترة نفسها من العام الذي سبقه.