هل ستنجح التحالفات الجديدة في اخراج داعش من العراق؟

عبد الامير رويح

2015-09-29 07:31

الحرب التي يخوضها العراق ضد عصابات داعش الارهابية، التي استطاعت الاستيلاء على مساحات ومناطق واسعة في هذا البلد الغني بالثروات الطبيعية والموارد البشرية، تشهد وبحسب بعض الخبراء في الشأن الامني والسياسي تطورات جديدة يمكن ان تسهم بتغير الكثير من النتائج والتوقعات السابقة، خصوصا وان التقارير الاخيرة تشير الى وجود تحالفات وتحركات وتنسيق جديد بين اطراف ودول تسعى الى محاربة الإرهاب وتحجيم خطر تنظيم داعش في المنطقة، فقد قررت روسيا بحسب بعض التسريبات الدخول كشريك فاعل ومؤثر في الساحة العراقية، من خلال إنشاء مركز معلوماتي في بغداد يضم ممثلي هيئات أركان جيوش روسيا وسوريا والعراق وايران، قد تتطور فيما بعد الى نشر قوات برية وانشاء قواعد عسكرية مشتركة لمحاربة تنظيم داعش، خصوصا بعد ان ادركت الحكومة العراقية ضعف الدور الامريكي في هذه الحرب، التي كلفت العراق الكثير من الخسائر والاضرار واثرت سلباً على اداء المؤسسة العسكرية والامنية، التي تعاني اليوم من مشكلات كبيرة بسبب تفشي الفساد ونقص التجهيزات والمعدات العسكرية.

هذه التطورات وبحسب بعض المراقبين، بدأت بعد التحركات المثيرة التي قامت بها روسيا مؤخرا حين ارسلت تعزيزات عسكرية ضخمة الى سوريا يضاف الى ذلك دعواتها المستمرة الى ايجاد تحالف عسكري جديد يضم الدول المؤثرة في المنطقة، وهو ما اثار العديد من التوقعات حول دور روسيا الجديد في الساحة الدولية حضورها في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا وانها عانت عزلة طويلة ومشكلات كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية.

قد عبرت العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة الامريكية عن قلقها المتزايد من الحشد العسكري ولتحالف الجديد بين ايران وروسيا، كون مثل هكذا تحركات يمكن ان تسهم بتعقيد الامور، خصوصا مع وجود اطراف واحزاب عراقية وحكومات خليجية تخشى من تفاقم الدور الايراني في المنطقة التي تعيش حالة من عدم الاستقرار الامني.

تتعاون مشترك

في هذا الشأن قال العراق إن مسؤوليه العسكريين يشاركون في تعاون استخباراتي وأمني في بغداد مع روسيا وإيران وسوريا لمواجهة التهديد الذي يمثله تنظيم داعش ضمن اتفاق قد يثير مخاوف واشنطن. وقال بيان من قيادة العمليات المشتركة للقوات المسلحة العراقية إن الاتفاق جاء "مع تزايد قلق روسيا من وجود آلاف الإرهابيين من روسيا والذين يقومون بأعمال إجرامية مع داعش."

وقد يزيد هذا التحرك نفوذ موسكو في الشرق الأوسط. وعززت روسيا تدخلها العسكري في سوريا في الأسابيع الأخيرة في الوقت الذي تضغط فيه من أجل ضم دمشق إلى الجهود الدولية لمحاربة تنظيم وهو طلب ترفضه واشنطن. وقد يعني التدخل الروسي في العراق تزايد المنافسة مع واشنطن خصمها السابق في زمن الحرب الباردة فيما تعزز إيران نفوذها عن طريق الفصائل الشيعية بعد أربعة أعوام فحسب من انسحاب القوات الأمريكية.

ونسبت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء إلى مصدر عسكري دبلوماسي قوله في موسكو إن قيادة مركز التنسيق في بغداد ستكون دورية وسيتولاها ضباط من الدول الأربع بداية من العراق. وأضاف المصدر أن من المحتمل تشكيل لجنة في بغداد لتخطيط العمليات العسكرية والتنسيق بين وحدات القوات المسلحة في المعركة ضد تنظيم داعش. ورفضت وزارة الدفاع الروسية التعقيب على التقارير.

وقد أرغمت موسكو واشنطن على توسيع قنوات التواصل الدبلوماسي معها بما اتخذته من مواقف مؤيدة للأسد في الحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات. وقال مسؤولون غربيون إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يريد تدشين مساع جديدة خلال اجتماع العامة للأمم المتحدة في مسعى لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وأصبحت المساعي الدبلوماسية أكثر الحاحا في ضوء الحشد العسكري الروسي دعما للرئيس السوري وأزمة اللاجئين التي امتدت لأوروبا. وحث منتقدون الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أن يصبح أكثر حسما في الشرق الأوسط ولاسيما تجاه الصراع السوري ويقولون إن عدم وجود سياسة أمريكية واضحة منح تنظيم داعش فرصا للتوسع.

وأبلغ مسؤول بوزارة الخارجية الروسية وكالة انترفاكس أن موسكو يمكن "بشكل نظري" أن تنضم للتحالف الذي تقوده واشنطن ضد داعش إذا ما تم إشراك دمشق في المساعي الدولية لمحاربة التنظيم وإذا كان لأي عملية عسكرية دولية في سوريا تفويض من الأمم المتحدة. ونفى مسؤولون عراقيون تقارير عن وجود خلية تنسيق في بغداد أنشأها القادة العسكريون الروس والسوريون والإيرانيون بهدف العمل مع فصائل شيعية تدعمها إيران وتمثل سلاحا حاسما في معركة العراق ضد تنظيم داعش. بحسب رويترز.

وكان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قد قال في نيويورك إن العراق لم يستقبل أي مستشارين عسكريين روس لمساعدة قواته ولكنه دعا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى زيادة قصف أهداف التنظيم في العراق. وقال الجعفري إن الجيش العراقي حقق بعض الانتصارات المهمة وانه صد الارهابيين وأجبرهم على التقهقر شمالا نحو الموصل. وأضاف ان الجيش العراقي يحقق مكاسب. ونفى أي تلميح الى انه ستكون هناك حاجة لقوات أجنبية لكنه قال إن الولايات المتحدة وحلفائها الذين ينفذون ضربات جوية منذ أكثر من عام لا يفعلون ما يكفي. وقال إن بلاده تحتاج الى معدات وتدريب ومعلومات مخابرات وليس قوات برية أو قواعد من هذا البلد أو ذاك. وعندما سئل بشأن التدخل العسكري الروسي المتزايد لدعم الرئيس السوري بشار الاسد قال الجعفري إنه يرحب بذلك وأضاف انه فيما يتعلق بقيام روسيا بدور في تخفيف الازمة في سوريا فإنه يؤيد جميع الجهود التي تبذل في هذا الاتجاه.

من جانب اخر وكما تنقل بعض المصادر الاعلامية، كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن المسؤولين الأمريكيون كانوا على علم بأن ضباط الجيش الروسي زاروا بغداد، لكنهم تفاجأوا بإعلان قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي على اتفاق تبادل المعلومات الاستخبارية. ورغم أن الولايات المتحدة وبعض حلفائها ركزوا على توسيع الحملة الجوية ضد مقاتلي تنظيم داعش في سوريا والعراق، فإن التحركات الروسية الأخيرة أثارت التساؤلات حول العلاقة الأميركية مع حليف مهم آخر ضد "داعش": الحكومة العراقية.

ومع انتشار حوالي 3500 من المستشارين والمدربين والموظفين العسكريين الأمريكيين في بلاده، يعتبر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، نفسه بأنه عضو حيوي في قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة داعش. ومع ذلك، فإن الحكومة العراقية، والتي أعربت عن قلقلها منذ فترة طويلة من أن الإطاحة بالأسد قد تعزز سيطرة تنظيم داعش، قد ساعدت في التمكين للحشد العسكري الروسي في سوريا، بالسماح للطيران الروسي بالعبور عبر مجالها الجوي.

استعادة الرمادي

من جانب اخر قال متحدث عسكري أمريكي إن الولايات المتحدة تشجع القوات العراقية على استعادة الرمادي من تنظيم داعش "بأسرع ما يمكن" لحرمان التنظيم من فرصة تجميع صفوفه. وسيطر المتشددون على الرمادي عاصمة محافظة الأنباء في مايو أيار ليوسع التنظيم سيطرته على وادي الفرات غرب بغداد ويلحق بالجيش العراقي أسوأ هزيمة منذ يونيو حزيران 2014 عندما اكتسحه التنظيم في طريقه للسيطرة على شمال العراق.

وجددت الانتكاسة العسكرية تساؤلات عن قدرة الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة على تجاوز الانقسام الطائفي الذي سمح للمتشددين بالتوسع في قلب المناطق السنية بالعراق. ويحقق الجيش العراقي والشرطة مدعومين من فصائل الحشد الشعبي ومقاتلين من عشائر سنية وغارات جوية لتحالف تقوده الولايات المتحدة تقدما بطيئا في محاولة استعادة الرمادي- التي تبعد مئة كيلومتر غرب بغداد. بحسب رويترز.

وقال الكولونيل بات رايدر المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي "ندرك أن العراقيين لم يحققوا أي تحرك مهم للأمام في الفترة الأخيرة. "نواصل تشجيع قادة قوات الأمن العراقية على التحرك بأسرع ما يمكن لحرمان داعش من الوقت والمساحة لتجميع صفوفها وإعادة التزود بالامدادات." وقال رايدر إن الجيش الأمريكي يعتقد ان لدى العراقيين ما يكفي من قوات قرب الرمادي للتحرك. وأضاف "هناك بلا شك عقبات دفاعية مهمة في طريقهم. هذه عملية يقودها العراق. سيتحركون بسرعتهم ونحن ندعم خطتهم لكننا بالتأكيد نناقش هذا الأمر معهم." وبعد قليل من الاستيلاء على الرمادي حذر مقاتلو داعش السكان من ترك المدينة لأنهم- حسبما أعلنوا- قد زرعوا شبكة من المتفجرات لمنع تقدم القوات الحكومية.

بيجي والموصل

على صعيد متصل يثير فشل الجيش العراقي في استرداد أكبر مصفاة نفطية في البلاد من مقاتلي داعش بعد 15 شهرا من المعارك شكوكا في خطط الحكومة لاستعادة مدينة الموصل بشمال البلاد من المتشددين. ويحاول الجيش العراقي بناء زخم في مصفاة بيجي وفي محافظة الأنبار في الغرب قبل محاولة استعادة السيطرة على الموصل الجائزة الكبرى في الحرب على التنظيم المتشدد.

ويقول مسؤولون إن الجيش يجب أن يحقق مكاسب في تلك المناطق قبل أن يتطلع إلى الموصل أكبر مدن الشمال. وإذا استطاع الجيش استرداد المصفاة وبلدة بيجي القريبة فسوف يعزز ذلك معنويات الجيش الذي يصارع أشد خطر أمني منذ سقوط صدام حسين في عام 2003. وكان الجيش الذي يعصف به الفساد قد قارب على الانهيار مرتين على الرغم مما تلقاه من تدريب أمريكي بلغت تكلفته أكثر من 20 مليار دولار.

وتقع بيجي على مسافة 190 كيلومترا إلى الشمال من بغداد وقد تداولت القوى السيطرة عليها مرارا منذ سيطر عليها المتشددون في زحف خاطف في المحافظات السنية العام الماضي. وقال جوست هلترمان مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "تحرير الموصل سيتعين ان يقوم به الجيش العراقي والعشائر المحلية... سيأتي الجيش العراقي من الجنوب وبيجي هي أول عقبة شديدة في الطريق مادامت داعش متحصنة هناك." وقال أحد قادة العشائر إن‭‭‭ التنظيم يقوم بسحب مقاتليه المنهكين من بيجي وينشر مكانهم قوات جديدة قادمة من الشمال عبر مدينتي الحويجة والشرقاط.

قال مسؤول أمريكي طالبا ألا ينشر اسمه إن تنظيم داعش الذي أعلن قيام دولة خلافة العام الماضي ما زال يرسل تعزيزات على الرغم من خسارته نحو 500 مقاتل بين منتصف يوليو تموز وأوائل سبتمبر أيلول. ويقول محمود الجبوري قائمقام قضاء بيجي ومصدر في مركز قيادة الجيش العراقي في محافظة صلاح الدين التي تقع فيها البلدة إن التقديرات تذهب إلى أن عدد مقاتلي التنظيم يتراوح بين العشرات وبضع مئات.

ويزرع مقاتلو التنظيم المتشدد عبوات ناسفة بدائية الصنع في المنازل وعلى الطرق وهو ما يعرقل تحركات أعدائهم. وقال الجبوري إنهم نصبوا متاريس في الشوارع ونشروا قناصة ومسلحين ببنادق آلية في المنازل والمباني العالية الأخرى في بعض أحياء وسط البلدة التي يسيطرون عليها.

ويفجر المتشددون السيارات الملغومة ويشتبكون مع القوات الحكومية دون تحقيق مكاسب مهمة على الأرض. وقال المصدر العسكري إن قوات الأمن قطعت خط إمداد من الغرب لكن التنظيم يحافظ على الطرق بين المناطق الشمالية والشرقية لبيجي. ويتيح ذلك للتنظيم إضعاف القوات الأمنية في المصفاة ويمنعها من فتح الطريق الرئيسي عبر بيجي وهي خطوة ضرورية لإرسال قوات وإمدادات في أي محاولة لاستعادة الموصل.

وقال مايكل نايتس خبير شؤون العراق في معهد واشنطن - وهو مؤسسة بحثية- إن الترتيبات العشائرية المعقدة والثروة النفطية من المصفاة زادت من صعوبة محاولات الحكومة لانتزاع السيطرة على بيجي من المتشددين منذ الغزو الأمريكي عام 2003. وقال "لم يحدث قط أن سيطر أحد على بيجي. إنها خارج نطاق سيطرة القوات المتعددة الجنسيات في العراق طوال الوقت. ولم يتم قط تحريرها." وأضاف نايتس أن تفتت العشائر في بيجي يجعل من الصعب بناء إجماع بين القادة المحليين وأن المتشددين استخدموا المال الذي يكسبونه من عمليات التكرير وتهريب النفط لكسب تأييد السكان المحليين. بحسب رويترز.

وقال المصدر العسكري إن قوات مكافحة الإرهاب العراقية تسيطر على الاحياء الجنوبية والغربية للبلدة وإن الشرطة الاتحادية تسيطر على بعض المناطق في الشمال. وأضاف المصدر العسكري أن قوات الحشد الشعبي ينشطون أيضا في بعض الأحياء الشرقية. ووصف مسؤول أمريكي ثان طلب ألا ينشر اسمه الوضع بأنه ثابت إذ تسيطر القوات الأمنية العراقية على نحو 20 في المئة في كل من المصفاة والبلدة والباقي يتنازعه الجانبان أو يخضع لسيطرة داعش.

من جانبه قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن معركة السيطرة على بلدة بيجي الشمالية ومصفاتها النفطية وهي الأكبر في العراق هي معركة حاسمة في القتال ضد داعش. وقال العبادي إن معركة بيجي تمثل تحديا لقلب التنظيم ولوجوده. واضاف "الانتصار في معركة بيجي وتحريرها بشكل كامل مهم جدا لأنها تعتبر فصلا مهما جدا في كسب المعركة النهائية على العصابات الإرهابية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي