المعارضة التركية تتحد لمحو ارث اردوغان

وكالات

2023-03-09 06:44

أنهى قادة المعارضة في تركيا شهورا من الجدل الحاد باتفاقهم على ترشيح قائد الحزب العلماني الرئيسي لمواجهة الرئيس رجب طيب اردوغان في الانتخابات المقررة في 14 أيار/مايو.

ينص الاتفاق الهادف إلى تجنب تشتيت أصوات المعارضة على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو على أمل إنهاء حكم اردوغان المستمر منذ عقدين.

وقال كيليتشدار أوغلو أمام حشد كبير من المؤيدين بعد انتهاء محادثات متوترة بين الأحزاب المعارضة استمرت ساعات، "كنا سنقضي على أنفسنا لو انقسمنا".

وتابع "سنعمل معا على ترسيخ قوة الأخلاق والعدالة"، مضيفا "نحن، بصفتنا تحالف الأمة، سوف نقود تركيا على أساس التشاور والتسوية".

وشدد الزعيم المعارض البالغ 74 عاما والمتحدر من الأقلية العلوية، أن "القانون والعدالة سيسودان".

ويخوض اردوغان اختبارا حاسما في الانتخابات التي يعتبرها عديدون الأكثر أهمية في تركيا منذ إعلان الجمهورية قبل نحو قرن.

يحتاج الرئيس البالغ 68 عاما إلى تجاوز عقبتي الأزمة الاقتصادية والزلزال المدمر في محاولته للبقاء في الحكم بعد أكثر من عشرين عاما في السلطة.

تشير استطلاعات الرأي إلى أن سباق الرئاسة سيكون محتدما.

وبدا قبل الاتفاق أن مهمة اردوغان تيسّرت قليلا مع انسحاب واحدة من القادة الرئيسيين في تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب من المحادثات.

واعتبرت ميرال أكشينار أن كيليتشدار أوغلو يفتقر إلى تأييد الرأي العام لهزم اردوغان في الانتخابات الرئاسية.

وحضّت السياسية المعارضة على ترشيح واحد من رئيسي بلديتي اسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري.

والتقى كلاهما أكشينار في محاولة لإقناع حزب الخير القومي الذي تتزعمه بالتراجع عن موقفه.

وقال رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش للصحافيين بعد الاجتماع "أمتنا لا يمكنها تحمل الانقسام".

بدوره، قال رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو إن الحفاظ على التحالف "مهم خصوصا في الأيام الصعبة التي تمر بها تركيا بعد الزلزال".

آمال اقتصادية

كانت آخر مرة اتحدت فيها المعارضة للإطاحة بحلفاء اردوغان في الانتخابات البلدية في العام 2019.

وحطمت قدرتها على استعادة رئاسة بلدية أكبر مدينتين في البلاد هالة اردوغان ومهدت الطريق لاحتمال عودة حزب مؤسس الدولة العلمانية مصطفى كمال أتاتورك إلى السلطة.

جادل كيليتشدار أوغلو سابقا بأنه يجب على يافاش وإمام أوغلو البقاء في منصبيهما رئيسين للبلديتين لتجنب إجراء انتخابات جديدة يمكن أن تعيد أيا من المدينتين إلى إدارة حزب اردوغان.

واتفق زعماء المعارضة الستة في نصّ منفصل على إبقاء الباب مفتوحًا أمام تعيين يافاش أو إمام أوغلو نائبا للرئيس بمجرد اكتمال الانتقال إلى نظام جديد للسلطة.

يأتي ذلك في ظل تراجع تأييد الأتراك لاردوغان بعد أن اعتمد سياسة نقدية مخالفة للنهج الاقتصادي التقليدي في أواخر عام 2021 إذ قضى بخفض معدلات الفائدة بشكل كبير لمحاولة كبح التضخم.

وأدت سياسته إلى أزمة نقديّة أتت على مدخرات المواطنين وأوصلت معدل التضخم السنوي إلى 85%.

عقب إعلان المعارضة، ارتفعت أسهم الشركات التركية وسندات يوروبوند على حد سواء وسط تزايد آمال مستثمرين في أن يتمكن المرشح المشترك من التغلب على اردوغان والعودة لتطبيق سياسات نقدية تقليدية بعد سنوات من الاضطرابات.

وتعهد كيليتشدار أوغلو بمنح البنك المركزي استقلاليته الكاملة مجددا وحريته في رفع أسعار الفائدة في حال فوزه.

اردوغان يقدم الاعتذار

لقيت طريقة تعامل الرئيس التركي مع الغزو الروسي لأوكرانيا إشادة وعززت التأييد له.

إلا أن الزلزال الكارثي الذي وقع الشهر الماضي وأودى بحياة أكثر من 45 ألف شخص في تركيا ونحو ستة آلاف في سوريا يهدد بإنهاء مسيرته السياسية.

اعترف اردوغان بأن حكومته كانت بطيئة في الاستجابة في الأيام الحاسمة الأولى للأزمة، وطلب من الناخبين قبول اعتذاره عن بعض التأخير في عمليات الإنقاذ.

ونفى الرئيس التركي الشائعات حول تأجيل الاقتراع إلى موعد أكثر ملاءمة له من الناحية السياسية.

وقال الأسبوع الماضي "نحن لا نختبئ وراء الأعذار".

وأكد في اجتماع لمجلس الوزراء "لن نرتاح حتى تُستأنف الحياة الطبيعية في منطقة الزلزال".

10 اسابيع للاطاحة بإردوغان

كاد اختيار كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري أن يطيح بالتحالف. لكن قادة الأحزاب الستة في التحالف بدوا موحدين لدى إعلانهم أمام الحشود في أنقرة اسم مرشحهم.

قال كيليتشدار أوغلو (74 عاما) "نحن قريبون جدا اليوم من الإطاحة بعرش الطغاة، صدقوني" وتعهد بتغيير كامل عن عهد اردوغان.

تتوقع استطلاعات الرأي انتخابات صعبة هي الأخطر بالنسبة لاردوغان منذ توليه السلطة في عام 2003.

لكن في مواجهة رئيس يعد بإعادة بناء المناطق التي دمرها زلزال 6 شباط/فبراير الذي خلف 46 ألف قتيل وأكثر من ثلاثة ملايين نازح، سيتعين على المعارضة أن تجد المسار الصحيح وتبقى موحدة كما يؤكد الخبراء.

وقالت سيدا ديميرالب المحاضرة في العلوم السياسية في جامعة ايشيك باسطنبول لوكالة فرانس برس "حاليا التأييد لتحالف [المعارضة والرئيس] متقارب جدًا في معظم استطلاعات الرأي".

واضافت ان كيليتشدار أوغلو لديه "فرصة تزيد عن 50% بقليل للفوز" إذا تمكن من توحيد "جميع ناخبي المعارضة".

"بناء جسور"

"أصبح كيليتشدار أوغلو بارعا في بناء الجسور بين أحزاب اليسار واليمين"، كما كتبت على تويتر سيرين سيلفين كوركماز مديرة مركز أبحاث "استنبول" موضحة أن حزب الشعب الجمهوري تمكن في 2019 من الفوز باسطنبول وانقرة بعد أن كانتا من نصيب حزب العدالة والتنمية وذلك بفضل التحالفات التي شكلها زعيمه بصبر. وشكل ذلك انتكاسة مزدوجة لاذعة لرجب طيب اردوغان.

والمح احد رؤساء حزب الشعوب الديموقراطي المناصر لقضايا الأكراد ميثات سنكار أن حزبه الذي كان حتى الآن بعيدا عن تحالف المعارضة بسبب وجود حزب بون بارتي القومي في صفوفه، قد يدعو إلى دعم كيليتشدار أوغلو "للتخلص من هذه الحكومة".

حصل حزب الشعوب الديموقراطي، ثالث احزاب البرلمان التركي على ما يقارب 12% من الأصوات في الانتخابات التشريعية لعام 2018.

قالت جونول تول مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط في واشنطن "إذا سلك حزب الشعوب الديموقراطي هذا المسار يمكن للمعارضة أن تفوز في الانتخابات من الدورة الأولى".

تعتقد سيدا ديميرالب أن "الحصول على دعم حزب الشعوب الديموقراطي دون خسارة ناخبين قوميين يتطلب من كمال كيليتشدار أوغلو إيجاد التوازن الصحيح".

كما سيحقق الفوز أيضا من خلال الحصول على دعم رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاس وهما من حزب الشعب الجمهوري وكان بعض أنصار المعارضة يريدون ان يترشحا للرئاسة، بحسب محللين.

نشرت صورة كمال كيليتشدار أوغلو وهو محاط بالرجلين امام حشود غفيرة تجمعت أمام مقر حزبهما في أنقرة، على الصفحة الأولى من صحيفة "جمهورييت" المعارضة.

وقالت جونول تول "هؤلاء الثلاثة بتقدمهم كفريق واحد سيساعدون في تعبئة فئات كبيرة في البلاد".

سيتمكن الرئيس اردوغان من الاعتماد على الصحافة التي اعلنت ولاءها له منذ وصوله الى سدة الحكم.

في الانتخابات الرئاسية لعام 2018 ندد خصمه الرئيسي محرم إنجه ب"الحظر الإعلامي" بعد امتناع جميع القنوات التلفزيونية التركية الرئيسية عن بث مؤتمره الأول - في حين تبث جميع الكلمات التي يلقيها اردوغان بالكامل.

وقالت سيدا ديميرالب "لكن خلافا لما كان يحصل في الماضي تلعب مواقع التواصل الاجتماعي الآن دورًا مهمًا. خاصة بين الشباب الذين يعتمدون عليها بشكل أساسي للحصول على المعلومات".

وتوقعت أن "ذلك سيقلل من تأثير انحياز وسائل الإعلام على نتائج الانتخابات".

قلق داخل المعارضة

انتاب القلق بعض العناصر القومية في تحالف متنوع للمعارضة التركية بسبب دعوة حزب تركي مناصر للأكراد لإجراء محادثات مع التحالف لدعم المرشح المشترك في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مايو أيار لتحدي الرئيس رجب طيب أردوغان.

فقد قدم مدحت سنجار، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي اليساري، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان، الطلب بعد أن أعلن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب أن كمال قليجدار أوغلو سيكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية.

وقال مسؤولان في التحالف لرويترز إن هناك مخاوف من أن مثل هذه المحادثات مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه احتمالات بإغلاقه في قضية تنظرها محكمة بسبب صلات مزعومة بمسلحين أكراد، قد تقلل من دعم الناخبين القوميين المعادين لسياسات الحزب المناصرة للأكراد.

وينظر إلى حزب الشعوب الديمقراطي إلى حد كبير على أنه يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقع إجراؤها في 14 مايو أيار. ومن المرجح أن يحتاج تحالف المعارضة إلى دعم حزب الشعوب الديمقراطي لإنهاء حكم أردوغان السياسي المستمر منذ عشرين عاما تقريبا.

يضم التحالف ديمقراطيين اشتراكيين وقوميين وعلمانيين وإسلاميين، ونحى التكتل خلافاته جانبا يوم الاثنين ليعلن دعم المرشح قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في الانتخابات المقبلة.

ودعا سنجار التحالف لإجراء محادثات قد تمهد الطريق لحزب الشعوب الديمقراطي لدعم قليجدار أوغلو.

وقال سنجار لمحطة خبر ترك "هدفنا هو الديمقراطية والعدالة والحرية. نريد التحدث عن المبادئ بصورة أساسية".

وقال مسؤول كبير بأحد أحزاب التحالف لرويترز إن دعوة سنجار جاءت "قبل وقتها بعض الشيء"، مضيفا أن كيفية تقديم حزب الشعوب الديمقراطي الدعم ستكون أكبر مشكلة تواجه المعارضة.

وقال "الدعم العلني من حزب الشعوب الديمقراطي سيأتي بردود فعل (سلبية)، لا سيما من الحزب الصالح وقواعده الشعبية"، وذلك في إشارة إلى ثاني أكبر حزب في التحالف.

وقال "دعم الحزب الصالح أمر بالغ الأهمية"، لكنه أضاف أنه قد يقوض الدعم من نواح أخرى.

وقال مسؤول بارز في حزب آخر بالتحالف إن تأييد حزب الشعوب الديمقراطي العلني يمكن أن يؤثر على دعم الحزب الصالح بنحو خمسة بالمئة وحزب الشعب الجمهوري بنحو اثنين إلى ثلاثة بالمئة.

وتظهر بعض استطلاعات الرأي تقدما لتحالف المعارضة على الائتلاف الحاكم لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومية، لكنها تشير بشكل عام إلى سباق محتدم بين الطرفين. وبلغ دعم حزب الشعوب الديمقراطي نحو عشرة بالمئة على مستوى البلاد.

توازن دقيق

لم يشر قليجدار أوغلو في خطاب ألقاه إلى حزب الشعوب الديمقراطي واكتفى بالقول إن الأحزاب الخمسة الأخرى ستساعد في تحقيق الفوز.

وقال المسؤول الثاني "لا بد من التوصل لتوازن دقيق للغاية هنا، وإلا فقد يكون هناك ثمن يتعين دفعه... الأصوات القادمة من حزب الشعوب الديمقراطي ربما تعادل تلك التي سيخسرها التحالف".

وردا على سؤال حول الحوار المحتمل بين قليجدار وحزب الشعوب الديمقراطي، قالت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح لمحطة خبر ترك إن على الجميع احترام العلاقات بين الأحزاب السياسية الأخرى. لكنها قالت إن حزب الشعوب الديمقراطي لا يمكنه أبدا الانضمام إلى تحالفهم أو منحه حقيبة وزارية إذا فازت المعارضة.

وتنظر المحكمة الدستورية حاليا في قضية لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي بسبب صلات مزعومة بمسلحين أكراد، وهو ما ينفيه الحزب. ويقول محللون إن أردوغان سيستغل على الأرجح الصلات المزعومة ودور الحزب في المعارضة.

ولم يتضح بعد موعد إصدار الحكم، لكن المحكمة رفضت طلب حزب الشعوب الديمقراطي لتأجيل الحكم إلى ما بعد الانتخابات. وجمدت المحكمة بالفعل الحسابات المصرفية للحزب.

وقال المسؤول الثاني، الذي لم يكن مخولا بالتحدث بشكل رسمي، إن بعض الناخبين الأكراد لن يدعموا تحالف المعارضة بسبب وجود الحزب الصالح فيه.

وقال سنجار إن حزب الشعوب الديمقراطي لعب دورا رئيسيا في خلق توازنات سياسية في تركيا، وإنه يجب أن يتم ذلك في العلن لا خلف الأبواب المغلقة. وأضاف أنه لم يُحرز أي تقدم منذ أن أعلن الحزب سياساته في سبتمبر أيلول.

وسبق أن أشار حزب الشعوب الديمقراطي إلى أنه سيقدم مرشحا في حالة عدم وجود محادثات، لكن سنجار قال إن الحزب يعيد النظر في ذلك بعد زلزال الشهر الماضي.

الكتلة المعارضة لأردوغان تتعهد بمحو إرثه

تعهد تحالف المعارضة التركي بإلغاء العديد من سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان إذا فاز في الانتخابات المتوقع اجرائها في 14 مايو أيار، واختار رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو مرشحه للرئاسة.

ويعد "تحالف الأمة" المؤلف من ستة أحزاب بالعودة إلى الديمقراطية البرلمانية والتراجع عن السياسات الاقتصادية غير التقليدية وإحداث تحول كبير في السياسة الخارجية.

فيما يلي تفاصيل برنامجهم السياسي:

إصلاحات تشريعية وتنفيذية

التعهد الرئيسي لشركاء تحالف الأمة هو إعادة تركيا إلى النظام البرلماني الذي يقولون إنه سيكون "أقوى" من النظام البرلماني الذي كان مطبقا في البلاد قبل أن تتحول للنظام الرئاسي الحالي في عام 2018.

ويعتزم التحالف إعادة منصب رئيس الوزراء الذي ألغاه أردوغان عبر استفتاء عام 2017.

كما يتعهد بتحويل الرئاسة إلى منصب "محايد" لا يتمتع بمسؤولية سياسية. ومن بين تعهداتهم إلغاء حق الرئيس في الاعتراض على التشريعات وإصدار المراسيم.

وسيقضي الرئيس، الذي سيقطع صلته بأي حزب سياسي، فترة واحدة مدتها سبع سنوات مع حرمانه من ممارسة النشاط السياسي بعد ذلك.

وسينص الدستور على منح البرلمان سلطة تسمح له بالتراجع عن الاتفاقات الدولية، كما سيتمتع بسلطة أكبر في التخطيط لموازنة الحكومة.

وفيما يتعلق بالإدارة العامة، ستلغى الهيئات والمكاتب التابعة للرئاسة ونقل مهامها إلى الوزارات المعنية.

الاقتصاد

تعهد تحالف الأمة بخفض التضخم الذي بلغ 55 بالمئة في فبراير شباط إلى خانة الآحاد في غضون عامين، واستعادة استقرار الليرة التركية التي فقدت 80 بالمئة من قيمتها على مدى السنوات الخمس الماضية.

وسيضمن شركاء التحالف استقلالية البنك المركزي والتراجع عن إجراءات منها السماح لمجلس الوزراء بتعيين المحافظ.

وسيُصيغ التحالف تشريعات تسمح للبرلمان بإقرار قوانين متعلقة بمهمة البنك واستقلال عملياته التشغيلية وتعيين كبار مسؤوليه.

تعهد التحالف كذلك بإنهاء السياسات التي تسمح بالتدخل في سعر الصرف المرن، ومنها خطة حكومية لحماية الودائع بالليرة من انخفاض قيمة العملة.

كما تعهدت أحزاب التحالف بخفض الإنفاق الحكومي عن طريق تقليص عدد الطائرات التي تستخدمها الرئاسة، وعدد المركبات التي يستخدمها موظفو الخدمة المدنية، وبيع بعض الأبنية المملوكة للدولة.

وسيراجع التحالف جميع المشروعات المنفذة في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص.

وسيراجع التحالف مشروع محطة أكويو للطاقة النووية، وسيعيد التفاوض حول عقود الغاز الطبيعي، قائلا إن هذا الإجراء سيقلل من مخاطر الاعتماد على بلدان بعينها فيما يتعلق بواردات الغاز.

السياسة الخارجية

ستتبنى الكتلة المعارضة شعار "السلام في الداخل، السلام في العالم" ليكون حجر الزاوية في سياسة تركيا الخارجية.

وفي حين تعهد التحالف "بالعمل على استكمال عملية الانضمام" للاتحاد الأوروبي والحصول على عضوية كاملة، لكن قال أيضا إنه سيراجع اتفاق اللاجئين الذي أبرمته تركيا مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

كما وعد شركاء التحالف بإقامة علاقات مع الولايات المتحدة وفقا لتفاهم مبني على الثقة المتبادلة، وكذلك بإعادة تركيا إلى برنامج الطائرات المقاتلة إف-35.

ويقولون إن تركيا ستحافظ على العلاقات مع روسيا "على أساس أن كلا الطرفين متساويان، وأن يتم تعزيز العلاقات من خلال الحوار المتوازن والبناء".

إصلاحات قانونية

تعهدت الأحزاب الستة بضمان استقلال القضاء الذي يُنظر إليه حاليا على أنه خاضع لسيطرة أردوغان وحلفائه.

وسيؤخذ في الاعتبار استعداد القضاة للالتزام بأحكام المحكمة الدستورية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عند النظر في الترقيات.

وسيُرغم القضاة ومسؤولو الادعاء، الذين يتسببون في انتهاكات حقوقية تؤدي إلى تغريم تركيا في هاتين المحكمتين، على دفع تلك الغرامات. كما ستتخذ إجراءات لضمان سرعة تنفيذ المحاكم للأحكام الصادرة عن المحكمتين، وهما على رأس سلم التدرج القضائي في تركيا.

وتعهدوا بإصلاح مجلس القضاة وممثلي الادعاء وتقسيمه إلى كيانين منفصلين يتمتعان بقدر أكبر من الشفافية ويخضعان للمساءلة بشكل أكبر.

كما سيصلح التحالف نظام وعمليات انتخاب أعضاء المحاكم الأعلى في سلم التدرج القضائي مثل المحكمة الدستورية ومحكمة النقض ومجلس الدولة.

ووعدت الأحزاب بضمان أن يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة هو الاستثناء، وهو إجراء يقول منتقدون إنه يُساء استخدامه في عهد أردوغان.

وتعهد التحالف كذلك بتعزيز حرية التعبير والحق في تنظيم المظاهرات.

من هو قليجدار أوغلو؟

يعتقد زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو بأن الوقت ربما حان كي يخرج من ظل رجب طيب أردوغان المتواري خلفه طوال مسيرته المهنية، وذلك بعد تعرضه لهزائم انتخابية متكررة واستخفاف من الرجل الذي يهيمن على السياسة التركية منذ عقدين من الزمن.

أعلن تحالف من المعارضة ترشيح قليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، لخوض انتخابات 14 مايو أيار التي يُنظر إليها على أنها ربما تكون الأكثر أهمية في تاريخ تركيا الحديث.

وربما تعززت فرصه من خلال اتفاق في اللحظة الأخيرة لإعادة توحيد صفوف تكتل المعارضة بعد اختلافها يوم الجمعة بشأن اختياره مرشحا لها.

وبعد جدل سياسي محموم استمر 72 ساعة، اتفقت الأحزاب الستة على أن يكون رئيسا بلديتي إسطنبول وأنقرة نائبين له إذا تغلب على أردوغان.

ويستمد قليجدار أوغلو دعما أيضا من انتصار المعارضة في 2019 حين ألحق حزب الشعب الجمهوري الهزيمة بحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي إليه أردوغان في إسطنبول ومدن كبيرة أخرى في الانتخابات المحلية، وذلك بفضل دعم أحزاب المعارضة الأخرى.

وتقلص دعم أردوغان بفعل أزمة تكاليف المعيشة مع تصاعد التضخم والاضطرابات الاقتصادية على مدى سنوات، فيما يمنح قليجدار أوغلو ميزة إضافية.

وقال قليجدار أوغلو أمام بضعة آلاف من مؤيديه وهم يهتفون خارج مقر حزب السعادة، أحد الأحزاب الستة في كتلة المعارضة، "سنحكم تركيا بالمشاورات والتوافق".

ويقول منتقدو قليجدار أوغلو إنه يفتقر إلى قدرة أردوغان على حشد الجماهير وإلى رؤية واضحة أو مقنعة لما سيكون عليه عصر ما بعد أردوغان.

وقال جونول تول، رئيس برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن إن أنصاره يؤكدون سمعته كبيروقراطي يتمتع بالأخلاقيات الواجب توافرها فيمن يخوض غمار العمل العام.

منافسة محتدمة

تشير استطلاعات الرأي إلى أن التنافس سيكون محتدما في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي ستحدد ليس فقط من يقود تركيا وإنما كيف تُحكم وإلى أين يتجه اقتصادها وما هو الدور الذي قد تلعبه لتخفيف الصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط.

ومع ذلك، يتساءل كثيرون عما إذا كان الموظف الحكومي السابق الجاد والمشاكس في بعض الأحيان قادرا على هزيمة أردوغان، الزعيم الأطول خدمة في البلاد، والذي ساعدته شخصيته المؤثرة وحضوره الطاغي في الحملات الانتخابية في تحقيق أكثر من اثني عشر نصرا انتخابيا على مدى عقدين من الزمن.

يأتي ترشيح قليجدار أوغلو بعد شهر من وقوع زلزالين ضخمين دمرا جنوب شرق تركيا وأطلقا العنان لموجة من الانتقادات للحكومة بسبب سوء التعامل مع الكوارث وضعف معايير البناء على مدى سنوات.

أشارت استطلاعات الرأي الأولية منذ الزلزالين إلى أن أردوغان قادر على الاحتفاظ بشعبيته إلى حد بعيد على الرغم من الكارثة. لكن محللين يقولون إن ظهور معارضة موحدة، حتى بعد التأخير في اختيار مرشحها، قد يمثل تحديا أكبر للرجل القوي.

المدخل إلى السياسة

تسببت سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة في وقت تجاوز فيه التضخم 85 بالمئة العام الماضي، في إرهاق الأسر وأثارت سلسلة من الانهيارات في العملة منذ 2018.

وتمثل هذه الصعوبات ثغرة تاريخية لينفذ منها قليجدار أوغلو، الاقتصادي السابق، ويقضي على عهد أردوغان الذي بدأ مع تولي حزب العدالة والتنمية السلطة لأول مرة عام 2002.

وفي تلك الانتخابات، دخل قليجدار أوغلو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري لتيار يسار الوسط الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك والذي وجد صعوبة في تجاوز قاعدته الشعبية العلمانية واستقطاب الأتراك المحافظين.

وتحدث في السنوات القليلة الماضية عن الرغبة في مداواة الجراح القديمة مع المسلمين المحافظين والأكراد، بما في ذلك مجموعات في ديار بكر التقى بها وأقر بأن حزب الشعب الجمهوري أثار استياءهم في الماضي.

لكن قليجدار أوغلو يجد صعوبة في الاحتفاظ بهذه القوة الدافعة. وأظهرت استطلاعات رأي في الآونة الأخيرة أن شعبية أردوغان ارتفعت منذ الصيف الماضي بفضل إجراءات من بينها زيادة الحد الأدنى للأجور.

وقال الباحث نزيه أونور كورو إنه في أعقاب الزلزال، تبنى قليجدار خطابا هجوميا ساعده على تعزيز قاعدته لكنه لم يبلغ به حد كسب ود الناخبين المترددين.

وأضاف "في أوقات الأزمات، يتطلع ناخبو الوسط واليمين الذين يشكلون أكثر من 60 بالمئة من الناخبين إلى رسائل موحدِة من الساسة. ولم يفعل قليجدار أوغلو ذلك".

وأردف "هذا لن يساعد المعارضة عموما".

غاندي كمال

قبل دخول عالم السياسة، عمل قليجدار أوغلو (74 عاما)، في وزارة المالية ثم ترأس مؤسسة التأمين الاجتماعي التركية لمعظم التسعينيات. وكثيرا ما انتقص أردوغان، في خطاباته، من أدائه في هذا الدور.

ولد في مقاطعة تونجلي الشرقية، وهو نجل موظف حكومي وينتمي للطائفة العلوية التي تشكل 15 إلى 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة. وتتبنى الطائفة نهجا قائما على مزيج من المعتقدات الشيعية والصوفية والمحلية في منطقة الأناضول.

اعترف قليجدار أوغلو بأنه علوي لكنه يتجنب الحديث عن هذه المسألة علنا. وتضع معتقدات هذه الطائفة أتباعها في خلاف مع الأغلبية السنية في تركيا.

أطلق عليه الإعلام التركي لقب "غاندي كمال" بسبب تشابه عابر في المظهر مع الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي، وقد استحوذ على مخيلة الجمهور في عام 2017 عندما أطلق "مسيرة من أجل العدالة" لمسافة 450 كلم من أنقرة إلى اسطنبول بسبب اعتقال نائب برلماني من حزب الشعب الجمهوري.

شكل قليجدار أوغلو تحالفا بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الصالح وحزب السعادة في الانتخابات العامة 2018، مما مهد الطريق لنجاحات في الانتخابات المحلية في العام التالي.

وفي أول ضربة قوية لأردوغان كزعيم لحزب العدالة والتنمية، فاز حزب الشعب الجمهوري برئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة ومدن أخرى بفضل دعم الناخبين من حزب كبير مؤيد للأكراد.

قال إمري بيكر، مدير إدارة أوروبا في مجموعة أوراسيا، إن قليجدار أوغلو قد يواجه صعوبة في تكرار فوز 2019، إذ تلوح الهزائم الانتخابية السابقة لحزب الشعب الجمهوري في الأفق.

وأضاف "أردوغان سيظهر قليجدار أوغلو في مظهر الخاسر".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي