شي جينبينغ في السعودية: ما مصلحة الدول العربية في التقارب مع الصين؟
وكالات
2022-12-13 03:59
تجسّد زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية واقعا جديدا ومنعطفا تاريخيا للمنطقة، التي ينظر لها منذ زمن بعيد كبؤرة نفوذ حصري للولايات المتحدة خصوصا عبر تواجدها العسكري، إلا أنه في ظل توتر العلاقات بين الرياض وواشنطن أصبحت ترتسم صورة أخرى عن التقارب الأمريكي السعودي. كما أن هذه الزيارة مؤشر على التغير الحاصل في العلاقات الدولية، لعالم تريده الصين وروسيا ودول أخرى متعدد الأقطاب. فيما يبقى التساؤل الجوهري: ما مصلحة العرب في هذا التحول والتقارب مع العملاق الآسيوي. بحسب فرانس برس.
أثارت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية التي بدأها الأربعاء، انتقادات أمريكية ليست بالمفاجئة، مع تحذير البيت الأبيض للمملكة شريكها الاستراتيجي بالمنطقة، من أن محاولة بكين توسيع نفوذها في العالم "لا تتلاءم" مع النظام الدولي.
في المقابل، ترى الصين في هذه الزيارة "أكبر مبادراتها الدبلوماسية على الإطلاق" مع العالم العربي، وهي تتزامن مع سعي الرياض لتوسيع تحالفاتها الدولية بما يتجاوز شراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع الغرب.
حيث يأتي التقاء القوة الصناعية والاقتصادية الآسيوية مع عملاق الطاقة الخليجي، فيما تشهد العلاقات السعودية مع واشنطن توترا خصوصا على خلفية مسألة حقوق الإنسان، وأيضا دعم الرياض لقيود إنتاج النفط قبل انتخابات التجديد النصفي التي شهدتها الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، كل هذا في وقت يعتبر فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن الوضع منافسة عالمية بين الديمقراطيات والأنظمة المستبدة، ويجعل منه محور عهدته الرئاسية.
عصفوران بحجر واحد
ويبدو أن الرئيس شي جينبينغ يسعى من خلال زيارته لضرب عصفورين بحجر واحد، فمن المقرر أن يعقد قمتين، الأولى خليجية-صينية، والثانية عربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة الذين شرعوا في التوافد على العاصمة السعودية، بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وإلى جانبه، يصل الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الرياض الخميس. كما أكد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني ورئيس وزراء المغرب عزيز أخنوش ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي حضورهم.
وحسب الخارجية الصينية، فإن برنامج شي جينبينغ يمثل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية"، وبالنسبة للسعودية، المحبطة مما تعتبره فك ارتباط واشنطن التدريجي بالشرق الأوسط والتآكل البطيء لضماناتها الأمنية، فإن الصين تقدم فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية دون التوترات التي انعكست على العلاقات مع واشنطن.
لا انخراط في قضايا الأمن
وتحتفظ بكين بعلاقات جيدة مع خصم الرياض الإقليمي إيران. وهي لا تبدي اهتماما يذكر للانخراط في معالجة المخاوف السياسية أو الأمنية السعودية في المنطقة، ورغم أن العلاقات الاقتصادية لا تزال ترتكز على المصالح ذات الصلة بالطاقة، فقد اتسعت العلاقات الثنائية في ظل النهضة الخليجية فيما يتعلق بالبنية التحتية والتكنولوجيا، وهي جزء من خطط التنويع التي تكتسب أهمية مع سعي العالم للابتعاد عن الوقود الأحفوري.
فإذن، ما الذي تجسّده زيارة شي جينبينغ إلى السعودية؟ ما طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية؟ هل تمارس الصين سياسة ملء الفراغ بالمنطقة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي؟ ماذا عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة؟ وما مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين؟ أسئلة يجيبنا عنها كل من وائل عواد باحث في الشؤون الآسيوية، الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا، والصحافي نادر رونغ هوان من بكين.
ما الذي تجسّده زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية؟
بالنسبة إلى الباحث في الشؤون الآسيوية وائل عواد فإنه: "لا شك بأن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية تعد فرصة كبيرة للصين، لزيادة الاستثمارات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة، التي تعد منطقة حيوية لأمن الطاقة وتقع على خط الحرير الجديد الذي تبناه الرئيس الصيني عبر مبادرة حزام واحد، طريق واحد. وبعد أن اعتمدت سياسة القوة الناعمة غيّرت الصين الآن من مذهبها الاستراتيجي، حيث إنها تسعى لحماية مصالحها وكسب الدول العربية والإسلامية لصفها".
بدورها، قالت الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا إن "من المؤكد أن هذه الزيارة مهمة للغاية في تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والدول العربية. فأولا، يعتبر حضور الرئيس شي جينبينغ في القمة الصينية العربية الأولى تحركا دبلوماسيا صينيا تجاه العالم العربي وهو أكبر حجما وأعلى مستوى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية. وقد أكدت الصين بأنه سيصبح علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية-العربية. ومنذ 2012، واصلت الشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية في التقدم، حيث حققت الجهود المشتركة لبناء "الحزام والطريق" نتائج مثمرة. وتم التوقيع على اتفاقيات إطار المبادرة بين الصين وعشرين دولة عربية.
على صعيد آخر، يشهد العالم تغيرات هائلة، وأمام التحديات العالمية، هناك التوافق السياسي المشترك والاكتمال الاقتصادي الكبير بين الصين والدول العربية، بما يسهم كثيرا في مساعدة كل منهما للتغلب على المشاكل".
تضيف نفس المتحدثة: "تتوقع الصين استغلال فرصة القمة الصينية-العربية الأولى للعمل مع الدول العربية على تكريس الصداقة التاريخية، ومواصلة تعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، للتوصل إلى المزيد من التوافقات بين الجانبين في التعامل السياسي والتعاون الاقتصادي والتجاري، وكذلك في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وبما فيها التعاون الثنائي بين الجانبين في بعض المجالات التقليدية مثل الطاقة والزارعة، بالإضافة إلى الاقتصاد الرقمي والفضاء. فضلا عن ذلك، من المحتمل أن يتوقع الجانبان التوصل للمزيد من التوافقات المشتركة في المواضيع المهمة على المحافل الدولية، مثل أزمة أوكرانيا وانتعاش الاقتصاد العالمي".
من جهته، يضيف الصحافي الصيني نادر رونغ هوان بأن "هذه الزيارة تجسد عمق العلاقات الاستراتيجية بين الصين والسعودية، والدول العربية كذلك، ونية الطرفين في تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية في شتى المجالات".
ما طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية؟
يرى وائل عواد بأن العلاقات الصينية-العربية "اتسمت بالودية وحسن الجوار لأن الصين ابتعدت عن التدخل في شؤون هذه الدول وحافظت على علاقات طيبة معها جميعا. كما هنالك رغبة من السعودية لكسب الصين إلى صالحها وتنويع سلة عملاتها وشراء الأسلحة الصينية وزيادة الاستثمارات المشتركة في المملكة، التي وضعت رؤية جديدة هي رؤية 2030. كما توفر الصين التقنيات المتطورة التي تحتاجها المنطقة دون شروط مسبقة".
أما الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا فقالت إن "تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية يرجع إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة. يمكن أن نلاحظ أن حماية السلام وتعميق التعاون وتعزيز التواصل والتعلم وبناء مجتمع ومصير مشترك بين الصين والدول العربية ما زال ولا يزال التيار الرئيسي للعلاقات بين الجانبين. وقد نشرت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا تقريرا عن التعاون الصيني-العربي في العصر الحديث، جاء فيه بأن هذا التعاون نموذج للتعاون بين دول الجنوب. وفي المجال السياسي، دعمت الصين والدول العربية بعضها البعض في المحافل الدولية. كما تلتزم الصين والدول العربية بحماية تعددية الأقطاب ومعارضة قطب واحد. أما في المجال الاقتصادي، فتتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وأصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل".
كما قالت نفس المتحدثة: "يتعمق التعاون العملي المرتكز على النفط الخام والبتروكيماويات بين الجانبين، مما أقام علاقات الشراكة الاستراتيجية المستقرة والموثوق بها بينهما في مجال الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تشهد التبادلات والتعاون بين الجانبين في الصناعة تطورا سريعا. وفي الوقت الحالي، يتوسع مجال التعاون هذا إلى الفضاء والتكنولوجيا، فيمكن أن نقول إن هذا التعاون شامل ومثمر. تجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون يجري على الأساس الاحترام المتبادل والكسب المتبادل. وبالنسبة للصين، فإن الدول العربية توفر كميات كبيرة من الطاقة. بالإضافة إلى تلقي الصين لدعم كبير من الدول العربية في الأمم المتحدة خاصة المواضيع المهمة بما فيها مسألة تايوان. من جانبها، أعتقد أن الدول العربية تستفيد من الأسواق الصينية الواسعة. من جهة أخرى، يتقدم التعاون الصيني-العربي في مجالات الاستثمارات الصناعية والتواصل والترابط والمقاولات الهندسية على نحو معمق، هناك العديد من المشاريع التي بنتها الصين تنتشر في الدول العربية، بما فيها مسجد الجزائر الأعظم وإستاد لوسيل في قطر، كلها حققت منافع اقتصادية واجتماعية جيدة، ما يصب في مصلحة كل جانب من الجانبين".
من جانبه، أوضح الصحافي الصيني نادر رونغ هوان بأن "هناك صداقة تقليدية وهناك دعم متبادل بين الصين والدول العربية منذ زمن طويل. كذلك هناك تجارب تاريخية متشابهة بين الصين والدول العربية، حيث كانت الصين أيضا تحت ما يشبه حالة استعمار. وهناك أيضا طموح مشترك بتحقيق التنمية ونهضة الأمة. أيضا فإن هذه العلاقة تشهد تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، فقد تم إنشاء شراكة استراتيجية شاملة بين الصين والسعودية وغيرها من الدول العربية، وهناك تكامل لاقتصاداتها وكذلك مواقف متشابهة في كثير من القضايا الدولية".
هل تمارس الصين سياسة ملء الفراغ؟
اعتبر وائل عواد بأن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تتعامل مع دول الخليج كدول ذات سيادة وكانت وما زالت تبحث عن مصالحها في المقام الأول، حتى خلال الحرب الروسية على أوكرانيا فقد أرادت عزل روسيا على حساب مصالح دول الخليج المصدرة للنفط. لذلك فقد فشلت إدارة الرئيس جو بايدن في فرض مطالبها على الدول الخليجية للتأثير على قرارات إنتاج النفط، وهذا مؤشر على ضعف النفوذ الأمريكي في العالم ومنه في الدول العربية والخليجية. ثم إن إدارة بايدن تبتعد عن المملكة المتمثلة اليوم بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأنها تريد إدانة المملكة بالوقوف وراء اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2011. لذلك لم تعد واشنطن هي المهيمن الأول عالميا فيما باتت الرياض تتوجه شرقا للبحث عن نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب".
ورأت الصحافية سعاد ياي شين هوا بأن "هناك توافقات ومصالح مشتركة بين الصين ودول الخليج وبالخصوص السعودية في العديد من المجالات. فرغم أن العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية ترجع إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن العلاقات والتبادلات بينهما شهدت تطورا سريعا في مختلف المجالات، وخاصة بفضل تطبيق مبادرة الحزام والطريق ورؤية 2030 السعودية. تجدر الإشارة إلى أن الصين تطور علاقاتها مع دول منطقة الشرق الأوسط ليس من أجل تحقيق الهيمنة السياسية أو المواجهة مع دولة أخرى في هذه المنقطة، بل لتعزيز تعاونها التجاري مع دول المنطقة في المجالات المختلفة. وتقوم هذه العلاقات على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة. وتعتقد الصين أن شعوب الشرق الأوسط هم سادة هذه المنطقة التي تعتبر مهد الحضارات. كما ترى بأن الشرق الأوسط ليس فناء خلفيا لأي دولة، ولا يوجد ما يسمى بـ"الفراغ" بهذه المنطقة. كما أن هناك العديد من الدول التي تشارك في مبادرة الحزام والطريق، وهناك نقاط مشتركة بين هذه المبادرة والسياسات للعديد من الدول بهذه المنطقة. كما يحقق التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط مصالحة مشتركة، وهولا يستهدف أية دولة أو ملء فراغ تركته دولة أخرى".
وقال الصحافي نادر رونغ هوان إن "الصين لا تسعى إلى ملء الفراغ، بل إن التعاون الصيني-العربي لا يتناقض مع أية آليات تعاون أخرى في هذه المنطقة. فما تريده الصين هو تحقيق المصالح المشتركة من خلال هذا التعاون وتعميقه، ولا تستهدف أي طرف ثالث. كما أن التعاون يأتي بنية مشتركة من كلا الطرفين".
ماذا عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة؟
أوضح الباحث في الشؤون الآسيوية د. وائل عواد بأن "الحرب الروسية-الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا زادتا من أزمة أمن الطاقة بعد استقرار في أسعار النفط عام 2017. كما لعبت مجموعة أوبك بلاس دورا كبيرا في ذلك. لكن اليوم، يعاني العالم من أزمة طاقة سوف تزداد حرجا خلال فصل الشتاء، فيما كل دولة متمسكة بسياستها الخاصة لتأمين احتياجات مواطنيها من الطاقة. إضافة إلى ذلك، هناك صعوبة في زيادة الإنتاج وهناك من يشكك بضرورة استمرار تحالف أوبك بلاس على الرغم من أن استمراريته هامة في عالم الطاقة في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة العالمية، مع استمرار محاصرة روسيا ووضع سقف لأسعار نفطها".
وأوضحت شين هوا في هذا المجال بأن الصين "تعتبر أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث يشهد التعاون بينهما تطورا مستمرا في مجال الطاقة، في ظل توفر الدول العربية على كميات كبيرة من الطاقة، وهي تحتل مكانة هامة في إنتاج النفط والغاز الطبيعي وغيرهما من الطاقات المهمة بالعالم. والصين هي مستورد كبير للطاقة. فيمكن أن نتوقع أن يسهم تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في هذا المجال في ضمان استقرار الأسواق الدولية للطاقة. وفي الوقت الحالي، يعمل الجانبان على إقامة شراكة استراتيجية قائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة. وتبذل جهودا مشتركة لإقامة معادلة تعاون في مجال الطاقة تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرّع".
تضيف شين هوا: "أما في مجال الطاقة التقليدية، يتطور نمط العمل في مجال النفط والغاز بين الجانبين ليشمل سلسلة الصناعة بأكملها التي تغطي التنقيب والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل للنفط والغاز. وقد تم إنجاز حزمة من المشاريع النموذجية مثل مصفاة ينبع في السعودية. في 2021، استوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يعادل 51.47 بالمئة من إجمالي الواردات الصينية من النفط الخام في نفس الفترة. وفي مجال الطاقة المتجددة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها، وتم إنشاء مركز التدريب الصيني-العربي للطاقة النظيفة والمعمل الصيني-المصري المشترك للطاقة المتجددة، وتم تنفيذ كثير من مشاريع التعاون مثل مشروع محطة الخرسعة الكهروضوئية في قطر، ومشروع المحطة الكهروضوئية بقدرة 186 ميغاوات بمجمع بنبان للطاقة الشمسية في مصر، ومشروع EPC للمحطة الكهروضوئية (التيار المستمر) بقدرة 165 ميغاوات في مصر".
كما قال رونغ هوان إن "الصين تدعم مجموعة أوبك بلاس في إصدار قراراتها المستقلة خاصة ما يخص قواعد الأسواق، وكذلك أمام أزمة الطاقة العالمية حيث إن الصين تريد تعميق التعاون مع هذه الدول لحل مثل تلك المشاكل ومواجهة هذه الأزمة وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة مثل استغلال الطاقة الشمسية والنووية وغيرهما من الطاقات المتجددة".
ما مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين؟
يرى وائل عواد بأن "من مصلحة الدول العربية تعزيز علاقتها مع الشرق وبخاصة الهند والصين، لأنها من الدول الرئيسية المستهلكة للطاقة. كما أن مستقبل العالم هو الشرق وهذا يخدم مصالحنا الوطنية بما فيه مصلحة شعوب المنطقة. وعلى القادة العرب البحث عن مصلحة شعوبهم وتعزيز انتمائهم إلى الشرق حضاريا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، والابتعاد عن التحالفات الدولية العدائية والصراع بين القوى العظمى قبل أن تتحول إلى أحجار شطرنج في لعبة الكبار".
كما اعتبرت الصحافية الصينية سعاد ياي شين هوا بأن "التعاون بين الصين والدول العربية لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل أنه يتناول كافة المجالات. ففي المجال السياسي، تعارض كل من الصين والدول العربية الهيمنة وسياسة القوة والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لأية دولة من دول العالم، ويدعم كل منهما التعددية واختيار كل شعب طريقه الخاص لتنمية بلاده. وفي المحافل الدولية، يدعم الجانبان الصيني والعربي بعضهما البعض، ما يسهم كثيرا في ضمان حقوق شعوبهما. كما هناك التعاون المثمر بين الصين والدول العربية في مجالات التبادلات الثقافية والصحة ومكافحة الوباء، حيث قد أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في 13 دولة عربية. كما يشهد تعليم اللغة العربية في الصين تطورا كبيرا، وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 50 جامعة ومعهد في أرجاء الصين تدرس العربية. كل هذا التبادل الثقافي يساعد الشعب الصيني والشعوب العربية على معرفة بعضهم البعض، وتعميق التواصل والصداقة التقليدية بينهما. أما في إطار مكافحة الوباء الناجم عن فيروس كورونا المستجد، فقد تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث الجائحة، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، ما شكّل قدوة يحتذى بها للتعاون العالمي في مكافحة الجائحة، وذلك يعد تجسيدا حيا لتشارك الصين والدول العربية في المستقبل المشترك".
هذا، وقال الصحافي نادر رونغ هوان إن "مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين تكمن في جوانب كثيرة، مثلا في مجال الطاقة، حيث إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم ولديها أسواق كبيرة لاستيعاب هذه الطاقة الإنتاجية للدول النفطية. كذلك فإن للصين تفوقا كبيرا في مجال البنية التحتية وكذا التكنولوجيا في مجالات الطيران والفضاء والطاقة المتجددة وكذلك الاتصالات. كما أن للصين خبرة في مجال التنمية يمكن أن تساعد الدول العربية في بناء خطوط الإنتاج المحلية وتحسين معيشة شعوبها، مثلا من خلال نشر المقاولات ومشاريع التعاون في البنى التحتية وتنويع مصادر الطاقة، لذلك فإن التعاون يكون دائما بهدف تحقيق المصلحة المشتركة، ويمكن أن يلبي حاجات الدول العربية خصوصا في التنمية وتحسين حياة المواطنين في تلك المنطقة".