هل يؤدي الاتفاق النووي الى التطبيع مع إسرائيل؟
وكالات
2022-07-06 06:19
قال مسؤولون ومحللون إن شبح صعود تكتل عربي-إسرائيلي، وما قد ينجم عنه من ميل كفة توازن القوى في الشرق الأوسط بعيدا عن إيران، يدفع الجمهورية الإسلامية لمواصلة المحادثات النووية مع القوى العالمية بإصرار أكبر.
وانتهت يوم الأربعاء المحادثات غير المباشرة التي جرت في قطر بين طهران وواشنطن بشأن إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الموقع 2015 دون تحقيق تقدم. وشككت إيران في جدية الولايات المتحدة بينما دعت واشنطن طهران للتخلي عن المطالب الإضافية التي تطرحها.
لكن اثنين من المسؤولين الإيرانيين وسياسي إيراني، قالوا لرويترز إن صعوبة المحادثات لم تحبط بلادهم وأشاروا إلى أن المؤسسة المحافظة في طهران عازمة على مواصلة طريق الدبلوماسية.
ومن شأن التوصل لاتفاق أن يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران والتي كبلت اقتصادها، مما سيحيي صادرات النفط لتصل إلى نحو 2.8 مليون برميل يوميا كانت تشحن قبل إعادة فرض العقوبات مقابل أقل من مليون برميل يوميا حاليا.
وقال المسؤولان الإيرانيان والسياسي الإيراني إن البديل الذي لا تفضله بلادهم قد يكون حربا في منطقة قد تفضي فيها التطورات الجيوسياسية إلى تحالف معاد لطهران تقوده الولايات المتحدة.
ويبدو أن المخاوف المتنامية من التقارب المتزايد بين إسرائيل ودول عربية، بما شمل اتفاقات للتطبيع عرفت باسم اتفاقيات إبراهيم، قد دفعت طهران للإبقاء على مسار الدبلوماسية قائما.
وقال مسؤول إيراني كبير مقرب من دوائر صنع القرار في البلاد “المنطقة تشهد تحولات مستمرة والتحالفات تتغير. إسرائيل تطبع العلاقات مع دول عربية والأمريكيون يدعمون كل تلك التطورات”.
وتابع قائلا “هذه تهديدات جدية لابد من إحباطها. أعداؤنا يدعون الله لتنتهي المحادثات النووية (بالفشل) لكن ذلك لن يحدث”.
وفي محاولة لإحياء المحادثات، قبل أسبوعين تقريبا من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل والسعودية، وافقت إيران على عقد محادثات في الدوحة بهدف التوصل لحل دبلوماسي للأزمة.
وقال مسؤول إيراني آخر “رسالة اجتماع الدوحة للدول في الخليج الفارسي كانت بسيطة: على خلاف ما تزعمه إسرائيل، إيران تؤمن بالدبلوماسية كحل لكل القضايا من الملف النووي إلى الملفات الإقليمية وما وراءها”.
وبعد تعثر محادثات الدوحة، قال دبلوماسيون إنه سيكون هناك المزيد من “المحادثات من أجل المحادثات”.
تحالف دفاع جوي
يقول علي واعظ المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية المتخصص في الشأن الإيراني “هناك ثمن حقيقي لإعلان الإخفاق. هذا الثمن يزيد بكل تأكيد في كل محاولة دبلوماسية (تنتهي بالفشل) مع تضاؤل نافذة التوصل لاتفاق وتنامي إغراء بديل المواجهة الذي ينطوي على مخاطر”.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي هذا الشهر إن بلاده تبني تحالفا إقليميا للدفاع الجوي برعاية أمريكية مضيفا أن هذا الأمر أحبط بالفعل هجمات إيرانية.
وعرضت إسرائيل التعاون الدفاعي مع تقاربها في السنوات القليلة الماضية من الدول العربية المقربة من الولايات المتحدة، والتي تخشى من هيمنة إيرانية إقليمية معادية لمصالحها.
وتأمل واشنطن أن يؤدي المزيد من التعاون إلى دمج إسرائيل أكثر في المنطقة. كما يمكن أن يمهد لمزيد من اتفاقات التطبيع مع إسرائيل بما يشمل السعودية، في أعقاب اتفاقيات إبراهيم مع الإمارات والبحرين في 2020.
ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تملك ترسانة الأسلحة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. وتعتبر إسرائيل أن إيران تشكل تهديدا وجوديا لها وهددت بمهاجمة مواقع نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في احتواء طموحات طهران النووية.
وقالت صنم وكيل المحللة في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية إنه بالنسبة لإيران ستسعى لإضعاف أي تكتل إقليمي مناهض لها، مضيفة أنها ستسعى أيضا إلى “انتهاز الفرص لشق صف الدول في المنطقة واختراق هذا التحالف إذا تشكل”.
وقالت إيران مرارا ومنذ فترة طويلة إن برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو سبيل محتمل لصنع أسلحة نووية، هو لأغراض سلمية فقط وتعهدت “برد ساحق” على أي اعتداء إسرائيلي. وبموجب الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، حدت إيران من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
لا داعي للاستعجال
في نهاية المطاف، ترغب طهران في صفقة “جيدة”. لكن بتشجيع من ارتفاع أسعار النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا، يراهن حكام إيران المتشددون على أن قدرات طهران النووية التي تتطور بسرعة قد تضغط على واشنطن لتقديم تنازلات.
وقال المسؤول الثاني “لسنا في عجلة من أمرنا. ستبقى الجمهورية الإسلامية سواء باتفاق أو بدون اتفاق. برنامجنا النووي يتقدم كل يوم، والوقت في صالحنا.. لكننا نريد اتفاقا يخدم مصالحنا الوطنية بنسبة 100 بالمئة. نريد اتفاقا جيدا”.
كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده من الاتفاق في 2018، وأعاد فرض العقوبات الأمريكية. وردا على ذلك، انتهكت طهران الاتفاق بعدة طرق من بينها إعادة بناء مخزون اليورانيوم المخصب.
تم الاتفاق على الخطوط العريضة لإحياء الاتفاق بشكل أساسي في مارس آذار بعد 11 شهرا من المحادثات غير المباشرة في فيينا.
لكن المحادثات انهارت بعد ذلك، ويرجع السبب إلى حد كبير إلى مطالبة طهران بأن ترفع واشنطن الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية وهو ما رفضته الولايات المتحدة، بذريعة أن هذا المطلب خارج نطاق إحياء الاتفاق.
والحرس الثوري الإيراني هو أقوى قوة عسكرية إيرانية وهو تابع مباشرة للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.
ويقول الجمهوريون في الولايات المتحدة إن شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب سيظهر الإدارة الديمقراطية بمظهر المتسامح مع الإرهاب، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الأمريكيون.
عقوبات الحرس الثوري الإيراني
قال مسؤول إيراني ومسؤول أوروبي لرويترز إن هذا المطلب رُفع الآن عن الطاولة، لكن ما زالت هناك مسألتان، أحداهما تتعلق بالعقوبات، لم يتم حلهما بعد.
وقال مسؤول أمني إيراني متشدد طلب عدم نشر اسمه “أرسلنا رسائل للأمريكيين عبر وسطاء مفادها أن رفع العقوبات عن مقر شركة خاتم الأنبياء للبناء أمر ضروري للتوصل إلى اتفاق”.
وتسيطر شركة خاتم الأنبياء، وهي الذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني، على شبكة واسعة من الشركات، تتراوح من النفط والغاز إلى البناء.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ردا على طلب للتعليق، “نحن لا نتفاوض في العلن ولن نرد على تكهنات بشأن مواقف إيران”.
وقال واعظ إن مثل هذه المطالب هي أوضح علامة على عدم قدرة طهران أو عدم استعدادها لفهم قيود السياسة الأمريكية. وأضاف “مطالبة طهران بتخفيف العقوبات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تواجه نفس العقبة التي واجهها (مطلب) شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية”.
كما تريد إيران ضمانات بعدم تخلي أي رئيس أمريكي عن الاتفاق، مثلما فعل ترامب. لكن بايدن لا يستطيع أن يقدم وعودا بذلك لأن الاتفاق النووي هو تفاهم سياسي غير ملزم وليس معاهدة ملزمة قانونا.
فرص إحياء الاتفاق النووي أسوأ
من جهته قال مسؤول أمريكي كبير لرويترز إن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 باتت أسوأ بعد المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران في الدوحة وانتهت دون إحراز تقدم.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته “احتمالات التوصل إلى اتفاق بعد (مفاوضات) الدوحة أسوأ مما كانت عليه قبلها وستزداد سوءا يوما بعد يوم”.
ومضى يقول “يمكنك أن تصف مفاوضات الدوحة في أحسن الأحوال بأنها متعثرة وفي أسوأ الأحوال بأنها رجوع إلى الخلف. ولكن في هذه المرحلة، فإن التعثر يعني عمليا الرجوع للخلف”.
ولم يخض المسؤول في تفاصيل محادثات الدوحة، التي قام فيها مسؤولو الاتحاد الأوروبي بدور الوسيط بين الجانبين في محاولة لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي حد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وقال “مطالبهم الغامضة ومعاودة فتح قضايا سبق تسويتها وطلبات لا علاقة لها بوضوح بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) كل ذلك يشير لنا… إلى أن النقاش الحقيقي الذي ينبغي إجراؤه (ليس) بين إيران والولايات المتحدة لحل القضايا المتبقية… وإنما بين إيران وإيران لحل القضية الأساسية بشأن ما إذا كانوا مهتمين بعودة متبادلة لخطة العمل الشاملة المشتركة”.
وأضاف “في هذه المرحلة، لست متأكدا مما إذا كانوا (الإيرانيون) يعرفون ما يريدون. لم يأتوا إلى الدوحة بتفاصيل محددة. بعض الأشياء التي أتوا بها إما كانوا يعرفون، أو كان ينبغي لهم أن يعرفوا، أنها لا يمكن أن تكون مقبولة تماما لنا وللأوروبيين”.
وحمل الدبلوماسيون الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون، في مجلس الأمن التابع الدولي، إيران مسؤولية فشل جهود إحياء الاتفاق بعد مفاوضات استمرت أكثر من عام.
غير أن إيران وصفت المفاوضات التي جرت في الدوحة بأنها إيجابية وأنحت باللوم على الولايات المتحدة لعدم تقديم ضمانات بألا تتخلى أي إدارة أمريكية جديدة عن الاتفاق مثلما فعل ترامب.
وقال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي في مجلس الأمن “إيران طلبت من الولايات المتحدة ضمانات موضوعية ويمكن التحقق منها مثل ألا يتم العصف بخطة العمل الشاملة المشتركة مرة أخرى وألا تنتهك الولايات المتحدة التزاماتها مجددا وألا يُعاد فرض عقوبات تحت ذرائع أو مسميات أخرى”.
وقال المسؤول الأمريكي إن واشنطن أوضحت منذ بدء المحادثات في أبريل نيسان 2021 أنها لا تستطيع منح إيران ضمانات قانونية بأن أي إدارة أمريكية تالية ستلتزم بالاتفاق.
وأضاف المسؤول “قلنا أنه لا توجد طريقة قانونية تتيح لنا إلزام إدارة مستقبلية بشيء، لذا بحثنا عن طرق أخرى لتقديم ما يمكن أن يطمئن إيران... واعتقدنا أن هذا الملف قد أغلق”.
وألقى كل فريق من المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين بالمسؤولية على الطرف الآخر في عدم إحراز تقدم.
ورفض المسؤول الأمريكي اتهام طهران لواشنطن بالمسؤولية عن عدم إحراز تقدم، وقال إن الولايات المتحدة ردت بشكل إيجابي على التغييرات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على مسودة الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات الأوسع نطاقا في مارس آذار في حين لم ترد إيران على تلك التغييرات المقترحة”.
وقال المسؤول إنه إذا لم يتم إحياء الاتفاق النووي، فإنه “سيكون على القيادة الإيرانية أن توضح لماذا أدارت ظهرها للفوائد المترتبة على الاتفاق من أجل قضايا لن تحدث فرقا إيجابيا في حياة مواطن إيراني واحد”.
ولم يذكر المسؤول الأمريكي تفاصيل عن تلك القضايا. لكن إحياء الاتفاق النووي سيسمح لإيران بتصدير نفطها، الذي يمثل شريان الحياة لاقتصادها، بشكل قانوني.
الوصول إلى خط النهاية
كما عبرت قوى غربية كبرى عن قلقها إزاء فشل الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين في إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في حين قال الاتحاد الأوروبي إن الأطراف “قد لا تتمكن من الوصول إلى خط النهاية”.
وقال أولوف سكوج سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن “أنا قلق من أننا قد لا نتمكن من الوصول لخط النهاية. رسالتي هي: انتهزوا تلك الفرصة للتوصل لاتفاق بناء على النص المطروح على الطاولة. هذا هو الوقت المناسب لتخطي المسائل الأخيرة المعلقة والتوصل لاتفاق وإحياء (الاتفاق النووي) بالكامل”.
وينسق الاتحاد الأوروبي المحادثات حول إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في 2018 وأعاد فرض عقوبات أمريكية صارمة على إيران مما دفعها إلى بدء خرق القيود النووية المفروضة عليها بعد ذلك بعام تقريبا.
واجتمع مجلس الأمن لمناقشة أحدث تقرير أصدره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن لعام 2015 الخاص بالاتفاق النووي، المعروف رسميا بخطة العمل الشاملة المشتركة.
وحمل الدبلوماسيون الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون إيران مسؤولية فشل الجهود لإحياء الاتفاق بعد مفاوضات استمرت أكثر من عام. وقالت باربرا وودورد، سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة، إن على إيران “قبول هذا الاتفاق سريعا. لن يوجد أفضل منه”.
وقالت روزماري دي كارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، إن المنظمة الدولية دعت إيران والولايات المتحدة إلى اغتنام فرصة القوة الدافعة الموجود حاليا للتوصل إلى اتفاق.
وقال ريتشارد ميلز، نائب السفير الأمريكي لدى لأمم المتحدة، في الاجتماع “لم تظهر إيران بعد أي رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق أو إنهاء الأزمة النووية الراهنة والوصول إلى رفع العقوبات”.
وقال نيكولا دو ريفيير، سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة “لم تقبل إيران العرض المطروح على الطاولة فحسب وإنما أضافت قضايا أخرى تقع خارج نطاق خطة العمل الشاملة المشتركة بمطالب مبالغ فيها وغير واقعية”.
وانتقد الدبلوماسيون الصينيون والروس الولايات المتحدة. ودعا ممثل الصين واشنطن إلى تخفيف العقوبات الأمريكية الأحادية على إيران وروسيا كما حث جميع الأطراف على التحلي بالمرونة.
وقال دميتري بوليانسكي، نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة “إنها حقا سياسة (ترامب) الرامية إلى ممارسة أقصى الضغوط على إيران، وهي نفس السياسة التي لا تزال الإدارة الأمريكية تنتهجها، وهذا هو السبب الرئيسي لكل المشكلات الحالية الخاصة بخطة العمل الشاملة المشتركة”.
هل يؤدي الاتفاق النووي الى التطبيع؟
من جهته، أوضح دبلوماسي مقيم في الرياض طلب عدم ذكر اسمه أنّ "للبلدين عدوا مشتركا وهو إيران. السعودية تريد التعويل بشكل أكبر على تحالف مع إسرائيل ضد إيران خصوصا مع رفض البلدين انخراط واشنطن في محاولة إحياء الاتفاق النووي والذي يعتبرانه يهدد أمنيهما".
وأكّد أن البلدين ينظران للمسألة "من زاوية عدو عدوي صديقي".
يقول السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو الذي يعمل حاليا باحثًا في مركز "أتلانتيك كاونسل" لفرانس برس، إنه يتوقع وضع "خريطة طريق" نحو التطبيع بين السعودية والدولة العبرية.
لكنّ فاروق تشير إلى أن فرص حدوث ذلك "ليست متوفرة الآن. صعب جدا طالما بقي الملك سلمان". وتتابع "يجب استخدام كلمة التطبيع بحذر، قد يكون هناك شكل ما للعلاقة ولكن المضي قدما إلى حد الإمارات والبحرين، لا أزال متشككة بعض الشيء".
ولطالما ردد الملك في سلمان في خطاباته أنّ الملكة يمكن أن تطبع العلاقات مع إسرائيل فقط حين تقوم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
ويرى المحلل كريستيان أولريتشسن من معهد جيمس بيكر بجامعة رايس الأميركية انّ التطبيع بمعنى إقامة علاقات دبلوماسية وسياسية بين السعودية وإسرائيل "مرجح فقط عندما يصبح محمد بن سلمان ملكًا".
ورجّح استمرار "النهج الحالي للتطبيع، أي فكرة أن السعودية وإسرائيل ليستا دولتين متعاديتين ولكن لديهما مصالح إقليمية وجيوسياسية محددة".
ما هي مظاهر التقارب؟
في آذار/مارس الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن المملكة تنظر إلى إسرائيل كـ "حليف محتمل" في العديد من المصالح المشتركة، خلال مقابلة مع مجلة "أتلانتيك" الأميركية.
كذلك لم تبد السعودية معارضة حين قررت حليفتها الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كأول دولة خليجية وثالث دولة عربية تقوم بهذه الخطوة في أيلول/سبتمبر 2020، قبل أن يطبّع المغرب والبحرين علاقاتهما أيضا مع الدولة العبرية ويسير السودان على النهج نفسه.
أكّدت السعودية حينها أنّها وافقت على السماح لكلّ الرحلات الجوية المتّجهة إلى الإمارات والمغادرة منها بعبور أجوائها، بما في ذلك الطائرات الإسرائيلية.
والشهر المقبل، سينتقل بايدن للسعودية في طائرة تقله مباشرة من إسرائيل الى جدة، وسيكون أول رئيس أميركي يصل الى بلد عربي لا يقيم علاقات مع إسرائيل منطلقا من الدولة العبرية. وكان سلفه استقل رحلة جوية انطلقت من السعودية نحو إسرائيل في العام 2017.
على مواقع التواصل الاجتماعي التي تخضع لرقابة صارمة في المملكة، يدعم مغردون سعوديون بقوة السلام مع إسرائيل وكذلك مواقفها بمواجهة الفلسطينيين، في مواقف غير مسبوقة تلقى ردود أفعال متباينة.
ومطلع الشهر الجاري، أجرت صحيفة "عرب نيوز" السعودية مقابلة مع وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي عيساوي فريج الذي أكّد "مركزية" دور السعودي لحل النزاع الفلسطيني.
وقال موقع اكسيوس هذا الاسبوع إن إدارة بايدن تعمل على وضع "خريطة طريق" لتطبيع العلاقات، فيما ذكرت صحيفة "وول ستريت حورنال" ان إسرائيل والسعودية تبحثان عبر واشنطن مسائل اقتصادية وسياسية بينها مسألة عبور الطائرات لاجواء البلدين.
وترى ياسمين فاروق من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنّ العلاقة مع إسرائيل ستوفّر "قبولا" لدى الغرب.
وتقول إنّ الأمر "سيفتح لولي العهد أبوابا في تقبل الشعوب والبرلمانات الغربية للسعودية، وتمنح السعودية دورا أكبر. سيحدث تغييرا وإن كان شكليا في صورة السعودية"، خصوصا أنّه يرى بلاده "كقوة عالمية" وليس فقط إسلامية أو عربية.
في المقابل، ترى المحللة أن "اسرائيل تريد (التطبيع) لأنّه لن يفتح لها باب السعودية فقط لكن كافة الدول (العربية والإسلامية) التي تحتفظ بنقاشات خفية بالفعل مع اسرائيل ولا تجرؤ على اتخاذ هذه الخطوة".