الهجمات على النفط السعودي تعرقل الامدادات والهدنة والحوار

وكالات

2022-03-22 02:31

قالت السعودية إنها تخلي مسؤوليتها من أي نقص في إمدادات النفط للأسواق العالمية في ظل الهجمات الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على منشآت نفطية سعودية، في مؤشر على تنامي إحباط السعودية من كيفية تعامل واشنطن مع الملفين اليمني والإيراني. فيما بلغت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني مرحلة فاصلة تقلّصت فيها نقاط الخلاف الى حدودها الدنيا.

في وقت يحاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن التوصل إلى هدنة محتملة بين الأطراف اليمنية المتحاربة في شهر رمضان، ومحاولة مجلس التعاون الخليجي ان يدرس الدعوة لإجراء مشاورات بين الأطراف اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، وبعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السعودية والإمارات للتباحث حول زيادة إنتاج النفط.

وأطلقت جماعة الحوثي صواريخ وطائرات مسيرة على عدة منشآت تابعة لشركة النفط الحكومية السعودية أرامكو مطلع هذا الأسبوع، مما تسبب في خفض مؤقت للإنتاج بمصفاة وحريق في محطة لتوزيع المنتجات البترولية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر لم تسمه بوزارة الخارجية يوم الاثنين أن مثل هذه الهجمات ستؤثر على "قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي يهدد بلا شك أمن واستقرار إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية".

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية إن هذا التصعيد في وقت يعاني فيه السوق بالفعل من نقص الامدادات يعد مبعث قلق للعالم مشيرا إلى أنه إذا استمر التصعيد مع الوقت فإنه سيكون له أثر على الإمدادات.

وحث المسؤول الذي لم تكشف الوكالة عن هويته المجتمع الدولي على إدراك "خطورة استمرار إيران في استمرائها" بتسليح الحوثيين الذين يقاتلون التحالف بقيادة السعودية الذي تدخل في اليمن منذ سبع سنوات. وتنفي إيران تزويد الجماعة بالسلاح.

ويأتي البيان في وقت تتصاعد فيه التوترات بين السعودية وحليفتها الأمنية الرئيسية الولايات المتحدة في ظل رفض الدولة العضو في منظمة أوبك الدعوات الغربية لزيادة إنتاج النفط بهدف تهدئة الأسعار في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

كما تحاول المملكة جاهدة الخروج من الصراع المكلف في اليمن والذي يُنظر إليه على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران أودت بحياة عشرات الآلاف وتسببت في أزمة إنسانية حادة.

وأنهت إدارة الرئيس جو بايدن العام الماضي دعمها لعمليات التحالف الهجومية في اليمن وقررت مراجعة مبيعات الأسلحة للسعودية وألغت تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وضغطت على الرياض لإنهاء حصار التحالف على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

كما تم استبعاد دول الخليج من المحادثات بين القوى العالمية وإيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي انتقدته الرياض وحلفاؤها لعدم تطرقه لبرنامج إيران الصاروخي ووكلائها الإقليميين، ومن بينهم الحوثيون في اليمن.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن يوم الأحد إنه يحاول التوصل إلى هدنة محتملة بين الأطراف اليمنية المتحاربة في شهر رمضان الذي يبدأ في أبريل نيسان.

ورحب الحوثيون يوم الاثنين بدعوته ووصفوها بأنها "خطوة إيجابية".

وأدّى الهجوم على مرافق "شركة ينبع ساينوبك للتكرير" (ياسرف) في غرب المملكة إلى "انخفاض مستوى إنتاج المصفاة بشكلٍ مؤقّت"، على ما أعلنت وزارة الطاقة السعودية الأحد.

وأشارت الوزارة إلى أنه سيتم "التعويض عن هذا الانخفاض من المخزون" من دون أنّ تحدّد كمية الانتاج التي تسبب الهجوم في توقفها، علما أنّ طاقة المصفاة التكريرية تبلغ 400 ألف برميل يوميا.

ويشنّ الحوثيون المدعومون من إيران هجمات على المنشآت النفطية ومرافق البنى التحتية في السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها دوليا التي تخوض نزاعا داميا ضد الحوثيين منذ منتصف 2014.

وأدت الحرب إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الامم المتحدة.

والسعودية أحد أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، وتقود مع روسيا تحالف "اوبك بلاس" الذي يضم مجموعة البلدان المصدرة ودولا من خارجها ويتحكم بكميات الإنتاج في السوق. وقد رفضت ضغوطات أميركية لزيادة الانتاج بهدف خفض الأسعار.

والقرار السعودي نابع من رغبة المملكة في المحافظة على التحالف النفطي مع روسيا، لكنه يعود أيضا إلى خلافات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خصوصا مع رفض واشنطن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.

ووقع الهجوم قبل ساعات من إعلان الشركة العملاقة عن أرباحها عام 2021، وفي وقت تمر أسواق النفط العالمية بحالة من التخبط على وقع الغزو الروسي لاوكرانيا واحتمال تأثر إمدادات الطاقة بسبب الحرب الدائرة منذ نحو شهر.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن التحالف قوله إنّ "هجوما عدائيا استهدف محطة تحلية المياه بالشقيق ومنشآة أرامكو بجازان"، ولم تشر الوكالة لحدوث أضرار أو لتأثر الإنتاج بالمنشأة من عدمه.

وأوضح التحالف أنه تم "اعتراض وتدمير 4 طائرات مسّيرة أطلقت باتجاه المنطقة الجنوبية" المحاذية لليمن والتي تتعرض باستمرار لهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ بالستية يطلقها المتمردون الحوثيون.

ثم أعلن لاحقا عن "هجوم عدائي استهدف محطة كهرباء ظهران الجنوب"، قرب جازان.

قبل أن يعلن عن محاولة عدائية استهدفت محطة للغاز في خميس مشيط في عسير في جنوب السعودية أيضا.

ونشرت الوكالة صورا ومقطع فيديو تظهر نيرانا مشتعلة في مبانٍ فيما تحاول قوات الإطفاء إخمادها. كما نشرت صورا لسيارات مدمرة وحفرة بالأرض جراء الهجوم على محطة الغاز.

وأكّد التحالف وقوع "أضرار مادية لمركبات مدنية ومنازل سكنية جراء الهجمات العدائية ولا خسائر بالأرواح".

وأعلن أيضا لاحقا "اعتراض صاروخ باليستي أطلق باتجاه مدينة جازان".

واعتبر التحالف أنّ "تصعيد الحوثيين بهجمات عدائية" بمثابة "رفض لجهود ومبادرات السلام".

إذ يأتي الهجوم بعد يومين من رفض الحوثيين مبادرة قدمها مجلس التعاون الخليجي لتنظيم حوار لأطراف النزاع في اليمن سيعقد في الرياض نهاية الشهر الجاري.

وتتّهم السعودية إيران بتسليح المتمردين اليمنيين، وبإعطائهم الضوء الأخضر لمهاجمتها. وقد وقع الهجوم فيما بلغت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني مرحلة فاصلة تقلّصت فيها نقاط الخلاف الى حدودها الدنيا.

والأربعاء، زار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السعودية والإمارات للتباحث حول زيادة إنتاج النفط. لكن هذه الدول الحليفة للولايات المتحدة، تؤكد التزامها بالتحالف النفطي مع روسيا.

هدنة ام حوار

قال مكتب هانس جروندبرج مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن إنه يناقش هدنة محتملة في اليمن، حيث يقاتل تحالف تقوده السعودية جماعة الحوثي، خلال شهر رمضان الذي يبدأ في مطلع أبريل نيسان.

وذكر المكتب أن جروندبرج التقى مع كبير مفاوضي الحوثيين "ومسؤولين عمانيين في مسقط لمناقشة مشاورات الأمم المتحدة الجارية، وجهود معالجة الوضع الإنساني المتدهور في اليمن بما يتضمن هدنة محتملة في شهر رمضان المبارك. ويواصل المبعوث المباحثات مع أطراف النزاع".

لكن تلفزيون العربية نقل عن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قوله إن تصعيد الحوثيين باستهداف منشآت مدنية واقتصادية هو بمثابة رد على الدعوة الخليجية للحوار.

وذكر مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن في تغريدة أن المنظمة الدولية ترحب بمبادرة مجلس التعاون الخليجي لاستضافة أطراف النزاع في اليمن من أجل عقد مشاورات في الرياض خلال الأسابيع المقبلة دعما لجهودها الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك "نقدر جميع المبادرات التي تدعم إجراءات الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية جامعة للنزاع في اليمن".

رفض الحوار في السعودية

من جهته قال مسؤول في جماعة الحوثي إن السعودية لا يمكن أن تكون وسيطا في حرب اليمن، في إشارة إلى تقرير نشرته رويترز ويفيد بأن مجلس التعاون الخليجي يدرس الدعوة لإجراء مشاورات بين الأطراف اليمنية في العاصمة السعودية الرياض.

وأضاف محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا في الجماعة في تغريدة على تويتر "الرياض طرف في الحرب وليست وسيطا".

وقال مسؤولان خليجيان لرويترز إن المجلس الذي يقع مقره في السعودية يبحث دعوة الحوثيين والأطراف اليمنية الأخرى لإجراء مشاورات في الرياض هذا الشهر في إطار مبادرة تهدف إلى دعم جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال مسؤولان خليجيان لرويترز إن مجلس التعاون الخليجي يدرس إمكانية دعوة جماعة الحوثي وأطراف يمنية أخرى لإجراء مشاورات في الرياض هذا الشهر في إطار مبادرة ترمي إلى تعزيز مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال المسؤولان اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما قبل صدور إعلان رسمي هذا الأسبوع إن دعوات رسمية سترسل في غضون أيام لإجراء محادثات تتناول الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية للحرب بين الحوثيين المتحالفين مع إيران وتحالف تقوده السعودية.

وقال المسؤولان إن المسؤولين الحوثيين سيكونون "ضيوفا" على نايف فلاح مبارك الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون في مقر المجلس بالرياض بضماناته الأمنية إذا ما قبلت الجماعة الدعوة للمشاركة في المحادثات المقرر أن تتم في الفترة من 29 مارس آذار إلى السابع من أبريل نيسان.

ولم يتضح على الفور ما إذا كان المسؤولون الحوثيون سيوافقون على السفر إلى السعودية التي تؤيد الحكومة المعترف بها رسميا وعلى رأسها الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي أطاح به الحوثيون من العاصمة صنعاء في أواخر 2014. ويقول الحوثيون إنهم يحاربون نظاما فاسدا وعدوانا خارجيا.

وقال المسؤولان إن هادي المقيم في الرياض وافق على المحادثات.

وتعد الحرب، التي يرى كثيرون أنها حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، نقطة خلاف بين الرياض وواشنطن.

ومن المقرر أن يعقد مؤتمر للمانحين في 16 مارس آذار. وفي الأسبوع الماضي أجرى مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن محادثات مع الأطراف اليمنية بهدف إعداد إطار عمل لمفاوضات سياسية شاملة.

وفشلت في العام الماضي جهود بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة لتحقيق وقف إطلاق النار وتصاعدت حدة العنف.

ويواصل الحوثيون محاربة قوات التحالف على الأرض في محافظة مأرب المنتجة للطاقة وهي آخر معاقل الحكومة اليمنية في شمال البلاد.

وتسعى السعودية والإمارات للحصول على دعم الولايات المتحدة مجددا في حرب اليمن لأسباب منها الحصول على مزيد من الأسلحة وذلك بعد أن أنهت إدارة الرئيس جو بايدن العام الماضي الدعم لعمليات التحالف الهجومية ورفعت اسم جماعة الحوثي من قوائم التنظيمات الارهابية وسط مخاوف إنسانية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي