العراق ينتخب برلماناً جديداً وسط انقسامات وازمات

وكالات

2021-10-04 06:50

يستعدّ العراق لانتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر تعهدت الحكومة بإجرائها إثر موجة من الاحتجاجات الشعبية العارمة، وسط سلسلة من التحديات أبرزها الأزمة الاقتصادية الصعبة، والنفوذ المتزايد لفصائل مسلحة، وفساد مزمن متحكم بمفاصل الدولة.

وفي بلد عانى لعقود من الحروب والعنف، وتبلغ نسبة العاطلين عن العمل فيه بين الشباب 40%، وتفاقم فيه الفقر بفعل تفشي وباء كوفيد-19 رغم ثرواته النفطية، لا تثير الانتخابات المبكرة كثيراً من الاهتمام والحماسة بين الناخبين البالغ عددهم 25 مليوناً، فيما يتوقع المراقبون نسبة مشاركة منخفضة.

كان يفترض أن تجري الانتخابات في موعدها الطبيعي في العام 2022، غير أن إجراءها كان واحداً من أبرز وعود حكومة مصطفى الكاظمي التي وصلت الى السلطة على وقع تظاهرات خريف العام 2019 حين نزل عشرات الآلاف من العراقيين إلى الشارع مطالبين بإسقاط النظام.

على الرغم من الوعود العديدة التي قدّمت للمحتجين، لم يتغير شيء. بحسب فرانس برس.

ويرى الباحث في مركز "تشاتام هاوس" ريناد منصور أن "النظام السياسي شبه مفلس اقتصادياً وإيديولوجياً".

ويقول "هذا النظام غير قادر على توفير الوظائف والخدمات العامة، وغير قادر على إقناع العراقيين (...) بأنه مؤيد للإصلاح ومحاربة الفساد".

ويعتمد العراق، ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 90% على النفط في إيراداته. على الرغم من ثروته النفطية، إلا أن ثلث سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً، فقراء، بحسب الأمم المتحدة، لا سيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل هبوط أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد-19.

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أنه "في الوقت الذي يتوجه فيه العراقيون الى انتخابات، لا يزال البلد غارقاً بالفساد في جميع مؤسساته ما يساهم بشكل كبير بإضعاف الثقة بالدولة".

فوق القانون

ويبقى التحدي الأكبر بعد الانتخابات هو تسمية رئيس للوزراء في عملية ستكون خاضعة لمفاوضات معقدة، ويصعب تحديد من هم المرشحون المحتملون لهذا المنصب. وفي ظلّ غياب أغلبية واضحة في البرلمان، على الكتل السياسية المختلفة التوافق في ما بينها.

وعلى سبيل المثال فإن اختيار الكاظمي تمّ بعد خمسة أشهر من الفراغ ومحاولتين غير مثمرتين لتسمية رئيس حكومة.

وسط هذا السياق من الإحباط العام، أعلنت أحزاب عدة وناشطون شاركوا في احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، مقاطعة الانتخابات، لا سيما بسبب الاغتيالات التي طالت ناشطين والسلاح المتفلت.

واتهمت هذه التيارات الفصائل المسلحة الموالية لإيران بقمع الانتفاضة، ما خلّف ما يقرب من 600 قتيل و30 ألف جريح، فيما تعرضت شخصيات بارزة في التيار الاحتجاجي للاغتيال ومحاولة الاغتيال أو الخطف. ونددت الأمم المتحدة ونشطاء بدور "مجموعات مسلحة" في هذه العمليات.

ويوضح الشمري بأن "السلاح يمثل تحدياً كبيراً"، فيما بات الممسكون به يعدون أنفسهم "فوق القانون"، مضيفاً أن هؤلاء "يشاركون في الانتخابات" عبر تيارات "هي واجهات سياسية" لأطراف أخرى.

وتملك غالبية الكتل السياسية المشارِكة بالانتخابات ارتباطاً وثيقاً بفصائل مسلحة، سواء كان التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي كان زعيم فصيل مسلح، أو الفصائل العسكرية التابعة للحشد الشعبي التي شارك مرشحوها في الانتخابات البرلمانية في العام 2018 للمرة الاولى.

ويحذّر المحلل السياسي فاضل أبو رغيف من "مخاطر انزلاق أمني داخلي بعد إعلان النتائج"، لا سيما أن بعض "الكيانات السياسية بالغت بإظهار حجمها في الآونة الأخيرة"، في إشارة إلى خطابات بعض الأحزاب التي ترى نفسها أنها ستكون في الطليعة.

وأضاف "النتائج قد تكون صادمة، وهذا لا يتلاءم مع تطلعات" تلك التيارات "وقد يدفعها إلى معارضة النتائج إلى حدّ" التنازع.

تصعيد العنف

بعيداً عن العوامل المحلية، هناك توترات اقليمية تهدد بدفع العراق من جديد نحو العنف، في حال نشوب أي توتر بين حليفتيه إيران والولايات المتحدة على غرار ما حصل بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس قاسم سليماني في بغداد مطلع العام 2020 في ضربة جوية أميركية.

وأعلنت واشنطن بأن "المهمة القتالية" لجنودها المتمركزين في العراق في إطار التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين، ستنتهي بحلول نهاية العام، لكن لم يتم الإعلان حتى الآن عن انسحاب كامل للجنود الأميركيين البالغ عددهم 2500 جندي والذين يفترض أن يتحول دورهم إلى تدريب القوات العراقية وتبادل المعلومات.

ويشكل الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من العراق المطلب الأساسي للفصائل الموالية لإيران، وسط مواصلة استهداف المصالح الأميركية في العراق بهجمات صاروخية أو بطائرات بدون طيار.

ولا يستبعد الشمري "أن يكون هناك تصعيد من جانب الفصائل المسلحة إذا لم تحصل على المساحة الكافية في السلطة التنفيذية".

ويضيف "قد تمضي إيران في المقابل بخارطة سياسية تحقق التوازن في النفوذ والتوافق في الأضداد في الداخل العراقي بين واشنطن وطهران مقابل الاتفاق النووي"، في إشارة الى محاولات دولية لإحياء هذا الاتفاق المبرم بين غيران وعدد من الدول.

علاوة على ذلك، تبرز عودة التهديد الجهادي إلى الساحة مجددا رغم مرور أربع سنوات على إعلان بغداد انتصارها على تنظيم الدولة الإسلامية. فقد عاودت خلايا التنظيم الظهور من جديد وتبنت تفجيراً انتحارياً في مدينة الصدر في تموز/يوليو أودى بحياة 30 شخصاً.

وتحدّث تقرير للأمم المتحدة نُشر في مطلع العام عن احتمال حصول "تصعيد في العنف"، مشيرا الى أن "الهجمات الصغيرة على أفراد الأمن" أفسحت المجال أمام "هجمات أكثر تعقيدًا".

انقسامات اجتماعية وسياسية

تُجرى الانتخابات المقررة الشهر المقبل في العراق قبل موعدها استجابة لاحتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة في 2019، لكن ليس هناك دلائل تذكر على أن التصويت سيحسن الأوضاع في بلد ما زالت فيه الفصائل المسلحة تتمتع بنفوذ كبير.

ويحلم العراقيون بتغيير جذري بعد صراع وفساد استمرا سنوات في أعقاب الإطاحة بحكم صدام حسين في 2003. وبعد عامين من انتهاء حرب ضارية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 اندلعت احتجاجات حاشدة ضد النخبة الحاكمة قُتل خلالها المئات.بحسب رويترز.

وفي حين تسعى الولايات المتحدة للانسحاب من العراق، تحتفظ إيران بنفوذ كبير في واحد من البلدان الرئيسية المنتجة للنفط في المنطقة.

وتعبّر لافتات وُضعت في ميدان رئيسي بجنوب البلاد عن الوضع السياسي الصعب، حيث تنتشر لوحات ضخمة تحمل صور من قُتلوا وهم يدافعون عن قضايا كانوا يأملون أن تخدم بلادهم.

تعرض الصور آلاف المقاتلين الذين قاتلت فصائلهم تنظيم الدولة الإسلامية، إلى جانب صور مئات الشبان الذين قتلوا بعد ذلك بعامين في احتجاجات ضد هذه الفصائل ذاتها.

كانت هزيمة التنظيم المتشدد قد وحدت العراقيين فصوتوا لصالح قيادات الفصائل المنتصرة في آخر انتخابات عامة في 2018.

لكن الانتخابات التالية المقررة يوم العاشر من أكتوبر تشرين الأول من المتوقع أن تكشف انقسامات متزايدة ظهرت منذ ذلك الحين وبخاصة بين الأغلبية الشيعية التي أوصلها الغزو الأمريكي في 2003 للحكم.

وتواجه فصائل شيعية مدعومة من إيران فصائل شيعية أخرى مناهضة للنفوذ الإيراني في البلاد في الانتخابات المقبلة. والنشطاء الذين خرجوا إلى الشوارع في 2019 منقسمون أيضا، فبعضهم يقاطع الانتخابات والبعض الآخر يشارك فيها.

وترسم مجموعة من المقابلات أجرتها رويترز قبيل الانتخابات مع فصائل شيعية مختلفة في الجنوب وفصائل سنية في الشمال صورة لبلد يعاني فيه الساسة والفصائل المسلحة والمجتمع ذاته من انقسامات لم يسبق لها مثيل.

يقول محمد ياسر الناشط الحقوقي من مدينة الناصرية حيث قتلت قوات الأمن بالرصاص عشرات المتظاهرين في 2019 إن حتى أفراد أسرته منقسمون.

وأضاف أنه شخصيا يرفض الإدلاء بصوته وغيره من أفراد الأسرة يريدون التصويت لأحزاب إصلاحية وأحد أبنائه يؤيد التيار الصدري، مشيرا إلى رجل الدين مقتدى الصدر الذي يحظى بشعبية ويعد بالإصلاح وفي نفس الوقت له نفوذ عميق داخل الدولة وله فصيل مسلح خاص به.

ويقول بعض الساسة إن العراق يتحرك للأمام. وتُجرى الانتخابات قبل موعدها بستة أشهر بموجب قانون جديد يهدف إلى مساعدة المرشحين المستقلين في حين يشارك 167 حزبا في الانتخابات وفقا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.

ولم يعد العنف الطائفي ملمحا رئيسيا وتحسن الوضع الأمني عما كان عليه في الأعوام السابقة.

ويقول مواطنون عاديون ودبلوماسيون أجانب ومحللون إن الواقع يتمثل في التناحر بين فصائل مدججة بالسلاح تسيطر على أجهزة الدولة ومواردها ومستعدة للجوء للقوة للحفاظ على السلطة.

ويقولون إن الاستياء الشعبي من الفساد وضعف الخدمات يمكن أن يخدم مصالح فصائل مثل تنظيم الدولة الإسلامية أو يدفع المزيد من العراقيين للهجرة إلى الغرب.

وما ستسفر عنه الانتخابات هو ما سيحدد الاتجاه في السنوات المقبلة، فإما سترفع الفصائل سلاحها في وجه بعضها بعضا أو أنها ستقسّم الغنائم فيما بينها سلميا.

يقول توبي دودج الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد "الانتخابات مهمة حقيقة للتنافس فيما بين النخبة وكيف ستعالج هذه النخبة اختلال التوازنات دون أن تتكبد خسارة كبيرة".

وأضاف أن انقسام الأحزاب الشيعية يناسب إيران طالما لا يهدد سلطة الشيعة التي جاءت بالنفوذ الإيراني إلى البلاد منذ 2003.

تهديدات ومخاوف

تشكل الناصرية، وهي بؤرة احتجاجات مناهضة للحكومة، صورة مصغرة للمشهد السياسي في العراق.

فالأحزاب هناك تعقد تجمعاتها الانتخابية بعيدا عن الأنظار ولا تعلّق لافتات دعائية لأن المحتجين يمزقونها.

والنشطاء الذين يترشحون يحبذون البعد عن الأنظار خوفا من فصائل مسلحة يقول المسؤولون إنها كانت وراء أعمال قتل وترويع، وتنفي الفصائل ذلك.

وقال المرشح داود الحفاظي إن الانقسامات في الحركة الاحتجاجية جلبت عليه تهديدات من محتجين آخرين يريدون مقاطعة الانتخابات.

وروى أن أحد الشبان من الحركة الاحتجاجية قال له إنه إذا فاز بمقعد في البرلمان ولم ينفذ إصلاحات على الفور فسيحرق إطارات أمام منزله.

والتنافس الأساسي في هذه الانتخابات بين الفصائل الشيعية المدعومة من إيران وبين فصيل مقتدى الصدر الذي يعارض كل أشكال التدخل الأجنبي.

ويهون المرشحون الصدريون والمتحالفون مع إيران في الناصرية من شأن خلافاتهم ويقولون إن كل طرف ينأى بنفسه عن الآخر أغلب الوقت قبيل الانتخابات.

لكن أحد المسؤولين الصدريين في بغداد قال طالبا عدم الكشف عن هويته إنه يخشى من اندلاع عنف إذا حقق حزبه فوزا كاسحا في الانتخابات. وأضاف "الجانب المدعوم من إيران لن يسمح بذلك. سيندلع قتال".

وسادت الانقسامات كذلك محافظات شمال العراق السنية وإقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي. وسُحقت احتجاجات في كردستان العام الماضي بعنف مما أبعد الكثيرين عن الساحة.

وما زالت الأسر السنية التي يشتبه في تعاطفها مع تنظيم الدولة الإسلامية تخشى الانتقام.

قال إبراهيم الحشماوي، وهو سني يقيم في كردستان، إنه إذا أراد أن يدلي بصوته فعليه أن يعود إلى مدينته "بلد" الواقعة شمالي بغداد.

وأضاف "هربت مع عائلتي خوفا من انتقام عشيرة شيعية تسكن منطقتنا... أشعر بالخوف الشديد من الرجوع. ما فائدة المخاطرة بحياتي للتصويت في انتخابات لن تؤدي إلى أي تغيير".

الاتحاد الاوربي يأمل إجراء انتخابات في العراق بدون تخويف

من جهتها أعربت رئيسة بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي فيولا فون كرامون عن أملها في إجراء انتخابات العراق "بدون عنف أو تخويف"، مؤكدة نشر 80 مراقبا للإشراف على الانتخابات التشريعية المبكرة في 10 تشرين الاول/أكتوبر.

وقالت فيولا فون كرامون في مؤتمر صحفي في بغداد "هذه هي المرة الأولى التي ينشر فيها الاتحاد الأوروبي بعثة لمراقبة الانتخابات في العراق"، وقالت إن الفريق سيضم نحو 80 شخصًا.

وأضافت النائبة الألمانية في البرلمان الأوروبي: "أشجع جميع الأطراف على ضمان عملية سلمية. لا مكان للعنف والتخويف في الانتخابات؛ أي عنف... سيمنع الناخبين في نهاية المطاف من إبداء أصواتهم".بحسب فرانس برس.

في الأشهر الأخيرة، تضاعفت الدعوات إلى المقاطعة وصدرت بشكل خاص من الشباب المحبطين الذين يتهمون الأحزاب بشراء الأصوات والمحسوبية، ولكن أيضًا باللجوء إلى الترهيب والتخويف.

وتابعت فون كرامون أن المناخ "السلمي والآمن" ضروري "لضمان أن جميع المرشحين، وخاصة النساء والناشطين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وجميع الناخبين، يمكنهم ممارسة حقوقهم وحرياتهم الديمقراطية بشكل كامل".

في 10 تشرين الأول/أكتوبر سيدعى نحو 25 مليون ناخب للاختيار من بين حوالي 3249 مرشحًا يتنافسون على 329 مقعدًا في البرلمان.

وشجبت منظمة هيومان رايتس ووتش غير الحكومية "العقبات الكبيرة" التي يواجهها "مئات الآلاف" من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين "قد لا يتمكنون من التصويت".

وتشير المنظمة بالتحديد الى أن مراكز الاقتراع وضعت في الطابق الثاني في المدارس احيانا دون توفر مصاعد.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بغداد "نسعى لإضفاء شرعية على الانتخابات" المقرر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر.

واضاف "هذا هدف بعثة (مراقبين) التي ستكون هنا قبل شهر من الانتخابات وستبقى بعد شهر" من اجرائها.

بدورها، ستقوم بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) بنشر مراقبين للهدف نفسه، حسبما أعلنت ممثلة البعثة جينين بلاسخارت خلال مؤتمر صحافي منفصل ببغداد.

وقالت ان عدد المراقبين "سيكون اكبر بخمسة اضعاف مما كان عليه العام 2018" عندما أجريت الانتخابات التشريعية الأخيرة في العراق.

ودعت بلاسخارت العراقيين إلى "عدم مقاطعة" الانتخابات التي تسعى الأمم المتحدة لجعلها "ذات مصداقية".

كما دعت "القوى السياسية والمرشحين للامتناع" عن ترهيب الناخبين او انتهاك العملية الانتخابية عبر شراء الأصوات في البلد الذي اتسمت فيه الانتخابات غالبا بعمليات تزوير واحيانا بأعمال عنف.

وذكرت إحصاءات رسمية عراقية أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت عام 2018، كانت 44,52 بالمئة واعتبرت مبالغا فيها من قبل جهات كثيرة.

وصدرت دعوات الى مقاطعة الانتخابات اخيرا، وخصوصا من فئات شبابية فقدت ثقتها بالأحزاب السياسية التي تتهمها بدعم العنف السياسي والتستر عليه.

وقال بوريل في هذا الشأن إن "الكل يدعو لإجراء انتخابات لكن عندما يتم تنظيمها، يقول الناس ان هذه الانتخابات غير مناسبة".

وتوقع المحلل السياسي صالح العلوي لفرانس برس "الا تتعدى نسبة المشاركة 20 في المئة"، عازيا ذلك إلى "ردة الفعل التي تركتها الاحتجاجات الشعبية" التي اندلعت في تشرين الاول/أكتوبر 2019 ضد الفساد والتدخل الأجنبي في العراق الذي يعاني من سيطرة الأحزاب ونقص حاد في الخدمات العامة.

ويتنافس 5323 مرشحاً في الانتخابات المقبلة التي وعدت بها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعدما تولت السلطة في أيار/مايو 2020 خلفاً لحكومة عادل عبد المهدي التي استقالت تحت ضغط احتجاجات شعبية.

وستجري الانتخابات بحسب قانون انتخابي جديد يعتمد دوائر انتخابية مغلقة، إذ فيما كانت كل محافظة عراقية دائرة انتخابية واحدة يجري احتساب الأصوات فيها على قاعدة التمثيل النسبي، أصبح الترشيح في دوائر مصغرة لا يتطلب الانضواء في قوائم ويمكن ان يقتصر على عدد محدود من المرشحين بحسب عدد السكان في كل دائرة. ويفسح ذلك المجال للمرشحين المنفردين والمستقلين.

الحشد الشعبي يندد بعدم مساواته مع القوات الأمنية في التصويت الخاص

ندد الحشد الشعبي العراقي وهو تحالف فصائل شيعية باتت منضوية في القوات الرسمية، بقرار السلطات عدم شمله في ترتيبات التصويت الخاص في الانتخابات النيابية المبكرة على غرار القوات الأمنية.

ويفترض أن يدلي عشرات الآلاف من مقاتلي الحشد الشعبي بأصواتهم في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر على غرار أي مواطن آخر في دوائرهم الانتخابية، لكن تحقيق ذلك صعب لأنهم منتشرون في كافة أرجاء البلاد.

في المقابل، تشارك القوات الامنية في الانتخابات عبر "تصويت خاص" ينظم في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، ويدلون بصوتهم في مراكز اقتراع خصصت لهم.

وقال أحمد الأسدي أحد نواب الكتلة التابعة للحشد في البرلمان، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي " بالتأكيد سمعتم بأن أخوانكم في الحشد الشعبي قد حُرموا من التصويت الخاص وبالتالي لا يستطيعون التصويت إلا اذا تركوا السواتر وعادوا إلى مناطقهم".

ودعا مناصريه إلى التوجه إلى التصويت بالمئات "لنعوض عن أصوات أبطالنا الذين سيكونون مدافعين عنا في السواتر، حتى نحقق نصرنا".

وتأسس الحشد الشعبي في 2014 لدعم القوات العراقية في القتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي الذي كان يسيطر حينها على أجزاء واسعة من البلاد.

ويبلغ عدد المنضوين في الحشد 160 ألف عنصر وهو يضمّ عشرات الفصائل الشيعية وغالبيتها موالية لطهران. ويتهمهم ناشطون مناهضون للنظام بأنهم أداة إيرانية في البلاد وبأنهم خلف قمع الأصوات المنتقدة. بحسب فرانس برس.

في الأثناء، أوضحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات السبت بأنها تواصلت أكثر من مرة مع مسؤولي الحشد الشعبي بغرض "تزويدها بأسماء منتسبيهم، ووضعهم في سجل الناخبين الخاص وإصدار بطاقات بايومترية للتصويت الخاص"، وفق ما قالت المتحدثة باسمها جمانة الغلاي في بيان.

وأضافت أن "هيئة الحشد لم تزود المفوضية بأسماء منتسبيهم، لذلك فإن مفوضية الانتخابات شملتهم بالتصويت العام".

ويشمل التصويت الخاص في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر نحو مليوني عنصر من القوات الأمنية، بالإضافة إلى النازحين والمساجين. ودعي أكثر من 25 مليون ناخباً للمشاركة في الاقتراع في الانتخابات المبكرة في 10 تشرين الاول/أكتوبر التي كان يفترض عقدها في 2022.

من جهته اعتبر أبو علي العسكري المتحدث باسم كتائب حزب الله إحدى أكثر فصائل الحشد نفوذاً، في بيان أن "حرمان مجاهدي الحشد الشعبي من التصويت الخاص في الانتخابات المقبلة يعد استهدافا لهذه الشريحة المضحية وسلبا لحقهم في اختيار من يمثلهم ويحميهم ممن يسعون إلى تضعيف قوتهم ومصادرة انتصاراتهم".

وتملك غالبية فصائل الحشد تكتلاً سياسياً مشاركاً في الانتخابات التشريعية، فيما تضمّ الكتلة السياسية المرتبطة به في البرلمان الحالي 48 نائباً من أصل 329،وهم دخلوا البرلمان للمرة الأولى في العام 2018 مدفوعين بالانتصارات التي تحققت ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

من يتنافس في انتخابات العراق؟

بحسب رويترز فيما يلي الجماعات الرئيسية التي ستنافس على مقاعد البرلمان وعددها 329 مقعدا:

- التيار الصدري

من المتوقع على نطاق واسع أن يكون التيار الصدري، وهو الجماعة السياسية التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر، أكبر جناح في البرلمان.

وشغل تحالف (سائرون) بقيادة الصدر 54 مقعدا في انتخابات عام 2018 مما منح الصدر نفوذا حاسما في تشكيل الحكومة. واستخدم تياره قوته البرلمانية في بسط سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد.

ويخوض التيار الصدري الانتخابات ببرنامج وطني سعيا لفصل نفسه عن الجماعات الشيعية التي تساندها إيران.

كان الصدر قد قاد الشيعة في مواجهة القوات الأمريكية بعد الغزو ونال مكانة عليا بين فقرائهم الذين يوقّرون والده محمد صادق الصدر الذي قتله نظام صدام.

- جماعات متحالفة مع إيران

أكبر تجمع للأحزاب المتحالفة مع إيران والذي يقوده زعماء فصائل مسلحة هو تجمع ينضوي تحت لواء (تحالف الفتح) بقيادة الزعيم السياسي هادي العامري الذي جاءت كتلته في المرتبة الثانية في انتخابات عام 2018 وشغلت 48 مقعدا.

ويشمل (تحالف الفتح) الجناح السياسي لجماعة (عصائب أهل الحق) التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية ويمثل أيضا (منظمة بدر) التي تربطها علاقات طويلة مع إيران والتي قاتلت إلى جانبها في الحرب العراقية الإيرانية من عام 1980 إلى عام 1988.

ولعب جميع البرلمانيين الشيعة دورا كبيرا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية الذي استولى على ثلث العراق بين عامي 2014 و2017.

وتخوض بعض الأحزاب المتحالفة مع إيران الانتخابات خارج مظلة تحالف الفتح ومن بينها حركة (حقوق) التي تشكلت حديثا عن أقوى فصيل موال لإيران وهو (كتائب حزب الله).

- تحالفات شيعية أخرى

ضم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وتيار الحكمة الوطني بقيادة رجل الدين الشيعي عمار الحكيم الصفوف وأسسا تحالف قوى الدولة الوطنية.

وحل تحالف العبادي في المرتبة الثالثة في انتخابات عام 2018 وشغل 42 مقعدا في البرلمان بعد أن قاد العراق إلى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

وشغل تيار الحكمة الوطني 19 مقعدا.

ويرأس نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، القيادي البارز في واحد من أقدم أحزاب العراق وهو حزب الدعوة الإسلامية، ائتلاف دولة القانون الذي شغل 25 مقعدا في البرلمان في انتخابات عام 2018. والمالكي متهم على نطاق واسع بتمكين الفساد والطائفية المناوئة للسنة التي ساعدت تنظيم الدولة الإسلامية في كسب أتباع.

- أحزاب سنية

يقود رئيس مجلس النواب السني محمد الحلبوسي تحالف (تقدم) الذي يضم عددا من الزعماء السنة من الشمال والغرب حيث الأغلبية السنية ومن المتوقع أن يحظى بكثير من أصوات السنة.

والمنافس الرئيسي للحلبوسي هو رجل الأعمال خميس الخنجر الذي انضم إلى تحالف الفتح الذي تسانده إيران بعد انتخابات عام 2018. ويسمى التحالف الذي يقوده الخنجر تحالف (عزم).

وفي العادة تسعى الأحزاب السنية لكسب الولاءات العشائرية. ولم تظهر الجماعات السنية قدرا كبيرا من الوحدة منذ عام 2003 وهو ما يشكو منه الناخبون السنة قائلين إنه يضعفهم لدى محاولة منافسة سلطة الشيعة.

وهوجم السنة وتم تثبيط عزمهم على المشاركة في أول انتخابات عراقية بعد عام 2003 وذلك من جانب سنة آخرين أيدوا صدام ومن قِبل إسلاميين متشددين عارضوا الديمقراطية.

- الأكراد

ظل إقليم كردستان في شمال العراق يتمتع بحكم ذاتي بحكم الأمر الواقع منذ عام 1991، وصار رسميا تحت حكم ذاتي بموجب دستور عام 2005. ودائما ما تشارك أحزابه في الانتخابات، وهي قوة مهمة في تشكيل الحكومات.

والحزبان الكرديان الرئيسيان هما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على الحكومة الكردية في العاصمة أربيل والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يهيمن على مناطق بمحاذاة الحدود الإيرانية ومقره في مدينة السليمانية.

شغل الحزب الديمقراطي الكردستاني 25 مقعدا في انتخابات عام 2018 وشغل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعدا. وسيحتفظ الحزبان بنصيب الأسد من أصوات الأكراد تليهما أحزاب أصغر. وشغلت الأحزاب الكردية مجتمعة 58 مقعدا في انتخابات عام 2018.

- نشطاء

رغم أن احتجاجات عام 2019 أدت إلى استقالة الحكومة السابقة، لم يتغير الكثير منذ ذلك الحين. وبرز في الاحتجاجات استخدام القوة المميتة مع المتظاهرين.

ويدعو بعض النشطاء الذين شاركوا في الاحتجاجات إلى مقاطعة الانتخابات لكن آخرين شكلوا أحزابا أو انضموا إلى ائتلافات معتدلة مثل تحالف العبادي والحكيم.

وحركة (امتداد) أحد الأحزاب القليلة التي شكلها نشطاء وتقدمت بمرشحين، ويرأسها الصيدلاني علاء الركابي وهو من أبناء مدينة الناصرية في الجنوب والتي شهدت بعض أشرس الهجمات ضد المتظاهرين في عام 2019.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا