نووي ايران.. الطريق غير معبد نحو الاتفاق الحاسم
كمال عبيد
2015-07-01 09:04
المثير في مفاوضات ايران النووية مع دول الست الكبرى، أنها كلما اقترب ساعة الحقيقة لإنجاز الاتفاق النهائي عبر المحادثات الدبلوماسية، كلما ابتعدت الحلول الفعالة لهذا الملف الدولي الذي يتحرك ساكنا بسبب التمديد المستمر للمفاوضات النووية وآخرها التمديد الى السابع من تموز الشهر الحالي بعدما كان الموعد النهائي المقرر في الثلاثين من حزيران بغية الوصول الى اتفاق تاريخي ينهني اعقد قضية دولية منذ اكثر من عقد تقريبا.
إذ يرى كثير من المحللين أن تمديد المحادثات النووية سيؤدي الى خطوة ايجابية تتمثل بحفظ فرص الحوار، لكن المحادثات تمثل ايضا فشلا جزئيا قياسا الى الهدف الاهم للتوصل الى اتفاق، في الوقت نفسه تساءل عدة مراقبين للملف النووي الايراني عن جدوى تمديد المحادثات من جديد قائلين، ليس ثمة ما يدعو إلى التوقع بأن يبدي الإيرانيون مزيدا من المرونة المطلوبة لإنهاء المأزق خلال الايام القادمة، وشككوا أيضا في رغبة القيادة الإيرانية بالتوصل لتسوية.
إذ يرى معظم من المحللين ان تمديد محادثات إيران النووية حتى بعد 30 يونيو الموعد النهائي الذي كنت من المفترض الخروج منه باتفاق نهائي الا انه تم التمديد مرة اخرى حتى السابع من الشهر السابع لهذا العام، نتيجة الخلافات القائمة والغامضة، لذا يبدو ان التوصل الى اتفاق لكبح جماح البرنامج النووي الايراني مازال أمرا صعب المنال بسبب الخلافات بشأن قضايا أساسية ابرزها تخفيف العقوبات ودخول مفتشي الأمم المتحدة للمواقع الإيرانية، فبموجب اتفاق الاطار ستخفض ايران بشكل كبير نشاطاتها النووية ما يجعل امتلاكها سلاحا نوويا امرا مستحيلا، وفي المقابل قالت الدول الكبرى انها سترفع العقوبات التي تخنق الاقتصاد الايراني تدريجيا، وستحتفظ بخيار اعادة فرض تلك العقوبات اذا انتهكت ايران الاتفاق.
الا ان تحويل البيان المشترك المؤلف من 505 كلمات الذي تم الاتفاق عليه في لوزان في نيسان/ابريل، الى اتفاق كامل وشامل مؤلف من عشرات الصفحات امر صعب، ومن بين المسائل الشائكة وتيرة وتوقيت رفع العقوبات عن ايران، والية اعادة فرضها، وتطوير ايران المستقبلي لأجهزة طرد مركزي احدث واكثر سرعة، فضلا عن دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث يتواجد ما بين 4 و10 من مفتشيها في ايران في كل يوم يسجلون اية مواد نووية ويبقون المرافق تحت الرقابة الدائمة.
وبموجب الاتفاق المرتقب فان الوكالة ستتولى عملية التحقق من خفض ايران لقدراتها النووية وضمان عدم قيامها بأية خدعة في المستقبل، ويعد التأكد من عدم صحة هذه المزاعم شرطا اساسيا تفرضه الدول الكبرى للتوصل الى اتفاق، وقد يتطلب زيارة الوكالة الدولية لقواعد عسكرية وهو ما رفضه المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي.
ويرى مراقبون ان تمديد المفاوضات ينطوي على المزيد من المناورات الدبلوماسية والمواقف الازدواجية للوصول الى صفقات سياسية أكثر فعالية وفائدة للطرفين بطريقة براغماتية، لذا فليس من السهل الحصول على تسوية سريعة لنزاع مشوب الغموض، ومع تمديد المفاوضات يبقى مصيرها معلقا بين الخروج من عنق الزجاجة بطريقة شبه مستحيلة أو ستواصل مسيرتها نحو النهايات المفتوحة، فبعد سنوات طويلة من التوتر و20 شهرا من المناقشات الشاقة يحاول الاطراف التوصل الى اتفاق نهائي غالبا ما يوصف بانه تاريخي، وتنتهي المهلة لإبرام اتفاق نهائي 7 تموز ولا يبدو النجاح مضمونا.
تمديد الاتفاق النووي
في سياق متصل قالت الولايات المتحدة إن القوى العالمية الست وإيران قررت تمديد أجل الاتفاق النووي المؤقت حتى السابع من يوليو تموز لإتاحة مزيد من الوقت أمام المفاوضات بشأن اتفاق نهائي، وكان من المقرر أن ينتهي الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق طويل الأجل. بحسب رويترز.
وقالت ماري هارف كبيرة مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية للاتصالات الاستراتيجية "قررت مجموعة الخمس زائد واحد وإيران تمديد الإجراءات التي تتضمنها خطة العمل المشترك حتى السابع من يوليو لإتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات للتوصل إلى حل طويل الأجل... بشأن القضية النووية الإيرانية"، ومجموعة الخمس زائد واحد هي القوى العالمية الست التي تتفاوض مع إيران وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا.
من يرضخ للتنازلات؟
من جهتها رفضت الولايات المتحدة انتقادات بأن القوى العالمية التي تتفاوض مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي تقدم الكثير من التنازلات وقالت إنها تأمل في إبرام اتفاق جيد لكنها غير واثقة من إمكانية تحقيقه.
وقال مسؤول أمريكي كبير اشترط عدم ذكر اسمه إن محادثات فيينا ستتواصل لما بعد وهو الموعد المحدد لإبرام اتفاق شامل يهدف إلى فتح الباب أمام رفع العقوبات مقابل الحد من معظم أنشطة إيران النووية الحساسة لعشر سنوات على الأقل.
ويشتبه الغرب في أن إيران تطور تكنولوجيا قد تتيح لها بناء أسلحة نووية. لكن طهران تقول إن برنامجها للأغراض السلمية فحسب، وطلب من المسؤول الأمريكي الرد على انتقادات علنية للوفد الأمريكي في المفاوضات وتلميحات بأن إدارة الرئيس باراك أوباما تقدم الكثير جدا من التنازلات في سعيها للتوصل إلى اتفاق، وقال المسؤول "لا نعرف حتى الآن إن كنا سنصل (إلى الاتفاق). نريد ذلك ونتمناه.. لكننا لا نعرف".
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين بالتراجع عن اتخاذ مواقف قوية في المحادثات، وقال المسؤول الأمريكي إن واشنطن لم تقض كل هذا الوقت في التفاوض للرضوخ في نهاية الأمر.
وأضاف "هذا في الواقع سخف ...لو كنا سنرضخ لكنت في منزلي بالفعل ولكنت إنسانا سعيدا... ولكنا فعلنا هذا منذ وقت طويل. لماذا نقضي كل هذه الساعات في القيام بهذا الأمر بالطريقة التي نتصرف بها الآن لو كنا سنقدم لهم (للايرانيين) كل ما يريدون؟". بحسب رويترز.
وقال المسؤول الأمريكي إن الولايات المتحدة تتمسك بالأسس التي اتفق عليها في الثاني من ابريل نيسان الماضي في لوزان بسويسرا وتتوقع من إيران الشيء نفسه، وأشار مسؤولون غربيون آخرون بينهم وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إلى تراجع إيران عن التزامات قطعتها على نفسها في لوزان، وأكد المسؤول الأمريكي على أن الاتفاق المبدئي هو الأساس لأي اتفاق نهائي، وقال المسؤول "نرى طريقا للأمام للوصول إلى اتفاق شامل يفي بالخطوط الأساسية وهذا الطريق يجب أن يستند إلى الأسس التي اتفق عليها في لوزان. هذا كلام نهائي"، والتفت المسؤول إلى المترجم وطلب منه تكرار كلماته باللغة الفارسية، وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي عاد إلى طهران يوم الأحد للتشاور مع القيادة سيعود مجددا إلى فيينا، وأضاف أن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي "سينضم إلى المحادثات في فيينا قريبا"، وقال "المحادثات مكثفة ...ومن المرحح ان تمتد إلى يوليو. ولكن لبضعة أيام فقط"، وفي نيويورك قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن المحادثات احرزت "بعض التقدم ولكن هذا ليس نهاية المطاف".
رسالة سرية مثيرة
من جهته بعث الرئيس الاميركي باراك اوباما مؤخرا رسالة خاصة الى القيادة الايرانية بواسطة رئيس الوزراء العراقي حسب ما ذكرت صحيفة ايرانية الاثنين عشية المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق نووي، ونقلت صحيفة همشهري الاكثر انتشارا عن نائب قوله ان "احد المسؤولين في دولة مجاورة" نقل رسالة اوباما الى مسؤولين في طهران.
واضافت ان المسالة التي تم بحثها كانت المفاوضات النووية بين ايران والدول العظمى التي تقودها الولايات المتحدة من دون مزيد من التفاصيل عن فحواها، وقالت الصحيفة ان حامل الرسالة كان رئيس وزراء العراق حيدر العبادي الذي التقى اوباما في الثامن من حزيران/يونيو على هامش قمة مجموعة السبع في المانيا. بحسب فران برس.
ولم يكن هناك تأكيد رسمي فوري لهذه المعلومات التي نشرت عشية انتهاء مهلة التوصل الى اتفاق نووي مع ايران، واضافت الصحيفة ان "المسؤولين في وزارة الخارجية قالوا انهم ليسوا على علم" بهذه الرسالة، واجرت وكالة انباء فارس التي تعتبر مقربة من الحرس الثوري الايراني، مقابلة حول هذه المعلومات مع النائب مهرداد بازرباش، عضو رئاسة مجلس الشورى، ونقلت الوكالة عن النائب قوله "في رسائلهم الخاصة يطلبون باحترام من ايران ان تاتي الى طاولة المفاوضات لكن في الاعلام وامام الراي العام والدول الاخرى يهددون ايران".
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تشرين الثاني/نوفمبر ان اوباما بعث رسالة سرية الى خامنئي للبحث في تعاون محتمل لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية شرط التوصل الى اتفاق نووي، وفي حينها رفض المتحدث باسم البيت الابيض جوش ارنست نفي او تاكيد "المراسلة الخاصة بين الرئيس واي من قادة العالم".
وقطعت ايران والولايات المتحدة علاقاتهما الدبلوماسية منذ 1979 لدى احتجاز رهائن في مقر السفارة الاميركية في طهران 444 يوما، وتسعى ايران ومجموعة 5+1 (بريطانيا والصين وفرنسا والمانيا وروسيا والولايات المتحدة) لوضع التفاصيل الاخيرة على اتفاق يمنع طهران من حيازة السلاح الذري مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على اقتصادها.
مهمة البحث عن الضمانات
الى ذلك قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه من المبكر القول ما اذا كانت المفاوضات الصعبة مع ايران للتوصل الى اتفاق بشان برنامجها النووي ستنجح، فيما ينتظر ان يعود نظيره الايراني محمد جواد ظريف الى فيينا بعد مشاورات في طهران، وصرح كيري للصحافيين ردا على سؤال حول ما اذا كانت المحادثات في فيينا تحرز تقدما "نحن نعمل، ومن المبكر جدا اصدار اية احكام"، وتاتي تصريحاته بعد مشاورات مكثفة خلال اليومين الماضيين مع نظرائه من الدول الخمس الكبرى اضافة الى ايران. بحسب فرانس برس.
وعبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني التي ترعى المفاوضات عن راي الكثيرين عندما قالت انه لن يكون هناك تمديد رسمي لمدة اشهر، وقالت ان "التاجيل ليس خيارا"، واضافت ان "الارادة السياسية متوافرة. لقد لاحظت ذلك لدى جميع الاطراف. كلفنا فرقنا مواصلة العمل اعتبارا من هذا المساء على النصوص (...) والوزراء سيعودون في الايام المقبلة ما ان يتقدم هذا العمل لوضع اللمسات النهائية على اتفاق"، واكدت "لدينا ظروف الان للتوصل الى اتفاق".