بسبب كورونا: هل أصبح فوز ترامب بولاية ثانية مستحيلاً بالفعل؟

عبد الامير رويح

2020-07-22 07:43

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الامريكية المزمع اجرائها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، يواجه الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية وكما نقلت بعض المصادر، جملة من التحديات والازمات المتفاقمة وسط معاناة أميركية كبيرة من تبعات تفشي فيروس كورونا على الأوضاع الاقتصادية، ووصول عدد العاطلين إلى 32 مليونا، إضافة إلى تصاعد اعداد الاصابات اليومية بهذا الفيروس القاتل الذي اصاب ما يقرب من 4 ملايين امريكي.

ويرى بعض المراقبين ان ترامب الذي دافع عن تعامله مع جائحة كورونا مقللا من خطر الطفرة الأخيرة في الإصابات. يواجه اليوم ومع تصاعد اعداد الاصابات والوفيات تحديات كبيرة، اجبرته على اجراء بعض التغيرات المهمة تخص حملته الانتخابية وكذلك قضية انتشار الوباء الاجراءات الصحية وغيرها من الامور الاخرى، في سبيل اضعاف موقف منافسة الأقوى المرشح الديمقراطي جو بايدن.

فقد أعلن عن تغيير مدير حملته الانتخابية براد بارسكيل وتعيين نائبه بيل ستيبين مديرا جديدا، في محاولة لضخ طاقة جديدة وتغيير إستراتيجية الحملة. كما استأنف ايضا وبحسب بعض المصادر مؤتمراته الصحافية الدورية عن فيروس كورونا المستجد، والتي كان يعقدها في شكل شبه يومي في نيسان/ أبريل حين بلغ عدد وفيات الفيروس أقصاه في الولايات المتحدة، في مؤشر الى أن الوضع الوبائي يزداد سوءا في البلاد. وصرح ترامب للصحافيين في المكتب البيضوي في البيت الأبيض “كنت أعقدها وكان عدد كبير من الناس يشاهدونها، عدد قياسي من المشاهدين في تاريخ التلفزيون، وكان ذلك فريدا”. واضاف أن هذه المؤتمرات شكلت “وسيلة جيدة جدا لإعلام الناس” بآخر التطورات عن وباء كوفيد-19 في الولايات المتحدة.

وبدأ ترامب مؤتمراته الصحافية في آذار/ مارس بهدف منح خلية الأزمة في البيت الأبيض مساحة للإبلاغ عن آخر تطورات تفشي الوباء. لكن تلك المؤتمرات الطويلة الأمد أحياناً والمربكة، عرضت الرئيس لتعليقات ساخرة، كما حصل حين اقترح حقن الجسم بالمعقمات لمنع الإصابة بكورونا. وكان ترامب تساءل سابقاً في هذا الصدد “ما الهدف من المشاركة في المؤتمرات الصحافية في البيت الأبيض في حين لا تقوم وسائل الإعلام المخادعة إلا بطرح الأسئلة الهجومية وترفض نقل الحقيقة والوقائع بشكل دقيق؟”.

واعتُبر أيضاً أن الرئيس يستغل هذه المؤتمرات الصحافية اليومية لصالحه، بتحويلها منصة شخصية قبل الانتخابات الرئاسية. وتعهد ترامب أن تجلب عودة هذه المؤتمرات الصحافية التي كانت نبرتها التفاؤلية في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل تتناقض مع خطورة الوضع في الولايات المتحدة، للأمريكيين أخباراً جيدة عن تطوير لقاح وعلاج ضد كوفيد-19، وهو امر قد يغير الكثير من النتائج كما يعتقد بعض الخبراء اذا اعلن عنه ترامب قبل الانتخابات، وربما سيكون احدى اهم المفاجآت القادمة في هذا السباق الرئاسي، وأوضح ترامب “أعتقد أنني سأتحدث عن العديد من الشركات الكبرى التي تعمل بنجاح كبير جداً”، مشيراً خصوصاً إلى مجموعة “جونسون أند جونسون” الأمريكية لصناعة الأدوية. وتسجل البلاد حالياً أعلى عدد إصابات يومية منذ بدء تفشي الوباء، وهو ما ينسبه الرئيس ترامب مراراً إلى كثافة إجراء الفحوص وسهولته.

ترامب يتخبط

وفي هذا الشأن يجهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الوقوف على قدميه من جديد بمواجهة الانتقادات التي تنهال عليه من كل صوب بسبب أوجه قصور إدارته في مواجهتها للأزمة الصحية، بينما يجد نفسه أيضاً أعزل أمام خصم انتخابي يجيد المراوغة. وكتب ترامب على تويتر "أنباء ممتازة بشأن اللقاحات"، في تغريدة تترجم رغبته بقلب صفحة وباء كوفيد-19 مقابل أي ثمن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.

لكن الواقع قاتم، فعدد إصابات الوباء المعلنة يومياً في ازدياد مطرد في أربعين من ولايات البلاد الخمسين. وأعلنت كاليفورنيا أنها ستعيد إغلاق جزء من أنشطتها الاقتصادية. وتجد الولايات المتحدة نفسها بوضع سيء وبائياً بالمقارنة مع المسارات المختلفة جذرياً التي سلكها الوباء في أوروبا. بيد أن نزيل البيت الأبيض يتفادى قدر الإمكان التطرق إلى هذه المسألة. وبالكاد ذكر خلال مؤتمر صحافي نظم على عجل سياسة حكومته بمواجهة فيروس كورونا المستجد، بل خصص تصريحاته للتنديد بالصين وانتقاد خصمه الانتخابي جو بايدن.

أخفقت أيضاً محاولته الاستفادة من التشكيك بمصداقية خبير المناعة أنطوني فاوتشي، الذي يؤكد مراراً أن استراتيجية الولايات المتحدة بمواجهة الفيروس غير نافعة. وحتى وسط معسكر الرئيس، تتعالى الأصوات الداعية له ولفريقه إلى معالجة المشكلة بشكل جدي بدل البحث عن كبش فداء. وأكد السناتور الجمهوري النافذ ليندزي غراهام "ليس لدينا مشكلة مع فاوتشي"، مضيفاً "أنا أحترم فاوتشي كثيراً، وبصراحة، فإن أي محاولة تهدف إلى الإساءة لسمعته لن تجدي نفعاً".

ويحاول البيت الأبيض في الأثناء تهدئة الأوضاع لكن بشكل متخبط. وهاجم المستشار الرئيسي لترامب في شؤون التجارة بيتر نافارو بضراوة فاوتشي في مقال نشر في "يو إس أي توداي"، حيث كتب :"إذا سألت عما إذا كنت أصغي لنصائح فاوتشي، فإجابتي هي: فقط بحذر وتشكيك". وفي خطوة نادرة، حاولت مديرة التواصل في البيت الأبيض أليسا فارا التملص في تغريدة من أقوال هذا المستشار المقرب من ترامب. وكتبت أن المقال "لم يمر بالإجراءات العادية في البيت الأبيض للموافقة عليه وهو لا يعكس إلا رأي بيتر".

ووسط هذه الضوضاء، أدلى الرئيس السابق باراك أوباما بموقف، فكتب في تغريدة أنّ "المعطيات الأخيرة تذكير مأساوي بأن الفيروس لا يكترث بالتواصل السياسي أو الإيديولوجيا، وأفضل ما يمكننا القيام به من أجل اقتصادنا هو مواجهة الأزمة الصحية". في المقابل، رغم صمته وخوضه لحملة انتخابية هادئة، يستفيد جو بادين حتى الساعة من هذه الانتكاسات التي تواجه إدارة ترامب.

ويبدو بحسب الاستطلاعات أوفر حظاً من خصمه ترامب، حتى في المناطق التي تعدّ مؤيدة للجمهوريين. وهو ندد بـ"إخفاق استجابة" ترامب لأزمة كوفيد-19، بينما يعمل على تطوير استراتيجيته الانتخابية. وبثّ في وقت سابق للمرة الأولى إعلاناً انتخابياً في تكساس، الولاية التي لم تصوت لصالح مرشح ديموقراطي منذ عام 1976، ويتساوى فيها ترامب وبايدن حالياً بمتوسط استطلاعات الرأي.

وقال بايدن في هذا الإعلان "يثير الارتفاع بعدد إصابات فيروس كورونا المستجد خوفاً وقلقاً"، مضيفاً "إذا كنتم مرضى، أو تواجهون صعوبات ... فأنا لن أتخلى عنكم"، بينما ظهرت في الخلفية صور عاملين طبيين يضعون الكمامات، وصور أهل مع أطفالهم، وأشخاص يتحدثون مع بعضهم البعض من خلف الزجاج. في الأثناء، يبدو القلق ملموساً في أوساط المعسكر الجمهوري حيث يسود صمت ثقيل. بحسب فرانس برس.

ويتقدم بايدن على ترامب بتسع نقاط في معدل الاستطلاعات الوطنية التي أجراها موقع "ريل كلير بوليتيكس". ويتقدم المرشح الديموقراطي أيضاً في خمس من الولايات الرئيسية التي قد تكون حاسمة في الانتخابات الرئاسية: أريزونا، فلوريدا، كارولاينا الشمالية، بنسلفانيا وويسكونسن. يتمسك ترامب من جهته بنهج هجومي لم يعد يلقى صدى، ويتمثل بتصوير خصمه كرجل متقدم في السن لا طاقة لديه ويتلاعب به اليسار المتطرف. وفي زلة لسان تعكس الحيرة التي يعاني منها، قال ترامب إن بيرني ساندرز الاشتراكي يجرّ خصمه "نحو اليمين"، رغم أنه نفى الإدلاء بذلك.

مساندة بايدن

على صعيد متصل تعتزم مجموعة من مئات المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن مساندة المرشح الديمقراطي جو بايدن وفقا لما ذكره أفراد من المجموعة لتصبح أحدث تكتل يقوده جمهوريون يعارض إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب. وشكل المسؤولون، ومنهم وزراء وغيرهم من كبار المسؤولين في إدارة بوش، لجنة عمل سياسي تحمل اسم ”دفعة 43 من أجل بايدن“. وكان بوش الرئيس رقم 43 للبلاد.

وهذه المجموعة هي الأحدث من مجموعات الجمهوريين المعارضين لإعادة انتخاب ترامب في إشارة أخرى على أنه تسبب في انصراف بعض من أعضاء حزبه عنه في الفترة الأخيرة بأسلوب تعامله مع جائحة فيروس كورونا والاحتجاجات على مستوى البلاد بسبب العنصرية ووحشية الشرطة ضد الأمريكيين من أصل أفريقي. وقالت جنيفر ميليكين إحدى أفراد المجموعة والتي عملت في حملة إعادة انتخاب بوش عام 2004 وبعد ذلك في إدارة الخدمات العامة ”نعرف ما هو الطبيعي وما هو غير الطبيعي، وما نشهده ليس طبيعيا بدرجة كبيرة. الرئيس يمثل خطرا“.

والعضوان الآخران بالمجموعة معهما هما كارين كيركسي وكريستوفر بارسل. وعمل بارسل مسؤول اتصالات في البيت الأبيض خلال فترة حكم بوش وعملت كيركسي في حملة بوش الانتخابية عام 2000 ثم في وزارتي الزراعة والعمل. وقالت ميليكين إن المجموعة ليست مستعدة بعد لإعلان أسماء جميع أعضائها لكن الرئيس الأسبق ليس مشاركا ولم يظهر ما إذا كان يوافق على هدف المجموعة أم لا. بحسب رويترز.

وقال فريدي فورد المتحدث باسم بوش إنه تقاعد ”ولن يخوض في شيء يخص الانتخابات المقبلة“. ونال بوش إشادة كبيرة لقوله إن وفاة جورج فلويد الأمريكي من أصل أفريقي أثناء احتجاز الشرطة له في منيابوليس يوم 25 مايو أيار تعكس ”فشلا صادما“ وحث على الإنصات للمحتجين. وقال أحد المشاركين في المجموعة بشرط عدم الإفصاح عن اسمه ”يقيم ترامب علاقات صداقة مع دكتاتوريين، إنه خطر حقيقي“.

ومن الممكن أن يجري الإعلان عن المجموعة قبل عقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في أغسطس آب، إلا أن المصادر قالت إنه لم يجر بعد تحديد موعد للإعلان عن المجموعة. وتظهر استطلاعات الرأي تفوقا كبيرا لصالح بايدن أمام ترامب. وخلال الأسابيع الأخيرة أثار ترامب، الذي لم يواجه معارضة تذكر من أعضاء حزبه لترشحه لفترة ثانية، انتقادات حادة من العديد من القادة العسكريين المتقاعدين والأعضاء السابقين في إدارته. وجاء الانتقاد بسبب دعواته إلى رد عسكري على الاحتجاجات التي تشهدها المدن الأمريكية على العنصرية ووحشية الشرطة وأسلوب تعامل إدارته مع أزمة وباء كورونا.

الغش الانتخابي

الى جانب ذلك قال المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن إنه شكل مجموعة من 600 محام وآلاف المتطوعين الآخرين للاستعداد لمواجهة ”الغش“ المحتمل قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر تشرين الثاني. وقال في مؤتمر عبر الفيديو مع مانحين لحملته ”جمعنا 600 محام ومجموعة من الأشخاص في أنحاء البلاد سيذهبون إلى كل ولاية لمحاولة استكشاف إمكانية حدوث غش“.

وأضاف ”لدينا أكثر من عشرة آلاف شخص وقعوا من أجل التطوع. نحن بصدد دخول الولايات المعنية لتدريبهم على الوجود في مركز اقتراع“، وذلك في وقت يتطلب فيه وباء فيروس كورونا احتياطيات إضافية. ويحذر بايدن من مساع للجمهوريين للغش في انتخابات الثالث من نوفمبر تشرين الثاني، وينتقد أيضا منافسه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ويتهمه بتقويض الثقة في الانتخابات. بحسب رويترز.

وقال جاستن كلارك المستشار السياسي البارز والمحامي الكبير لحملة ترامب إن بايدن يكذب ويثير المخاوف في وقت يحاول فيه الديمقراطيون تغيير طريقة إجراء الانتخابات بشكل أساسي، في إشارة على ما يبدو إلى دعمهم للتصويت عن طريق البريد. ويقول الجمهوريون إن التصويت عن طريق البريد وتغييرات أخرى يقترحها الديمقراطيون وسط جائحة كورونا يمكن أن يؤدي إلى حدوث تلاعب. وأضاف كلارك في بيان ”إنهم يبثون الفوضى والارتباك في عملية التصويت لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يفوزوا بها“. وأضاف أن الرئيس ملتزم ”بانتخابات نزيهة وحرة“.

من جانبه قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سيفعل أمورا أخرى إذا خسر انتخابات الرئاسة المقررة في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني وذلك بعدما قال خصمه الديمقراطي جو بايدن إن الرئيس الجمهوري قد يغش ويرفض مغادرة البيت الأبيض. وأضاف ترامب في مقابلة تلفزيونية مع قناة فوكس نيوز”إذا لم أفز فإنني سأمضي قدما وأفعل أمورا أخرى“. ومع احتدام المنافسة بين ترامب وبايدن قبل الانتخابات يتبادل الاثنان على نحو متزايد التلميحات إلى أن الطرف الآخر عازم على الغش لتحقيق الفوز.

وتشير تصريحات ترامب لقناة فوكس نيوز إلى أنه قد يقبل بنتيجة الانتخابات لكن الرئيس لم يقل ذلك على وجه التحديد. وقال المتحدث باسم حملة ترامب الانتخابية إن ترامب سيقبل بالنتيجة. وقال ترامب إن الديمقراطيين يستهدفون استخدام زيادة في التصويت عبر البريد كوسيلة لتزوير الانتخابات فيما تعهد بايدن بنشر محامين في مراكز الاقتراع على مستوى البلاد لرصد جهود الجمهوريين للتلاعب بالتصويت.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا