لماذا غدت الولايات المتحدة البؤرة الجديدة لكورونا عالمياً؟
دلال العكيلي
2020-04-18 02:55
أضحت الولايات المتحدة هي البؤرة الأولى لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بعدما كان يدعي رئيسها دونالد ترامب أنها بمأمن من الفيروس. فما هي الأسباب التي أوصلت الأمور لهذه النقطة الحرجة؟ وكيف يمكن إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
وبحسب السي ان ان سجلت أمريكا أكثر من 32 ألف إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، و2257 حالة وفاة إضافية، في يوم الخميس، حسب ما أظهرته بيانات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
وبموجب إحصاءات جامعة جونز هوبكنز، هناك ما لا يقل عن 670,353 إصابة بالفيروس التاجي في الولايات المتحدة، فيما توفي ما لا يقل عن 33101 شخصًا في البلاد، بسبب فيروس كورونا، وفي غضون الأيام القادمة، مع بدء الولايات المتحدة في تضمين "الوفيات المحتملة" في حساباتها، وكذلك وحدة جامعة جونز هوبكنز، فإنه من المحتمل أن تظهر تغييرات تنعكس في هيئة ارتفاعات متطردة في عدد الوفيات، ويشمل إجمالي الحالات جميع الولايات الخمسين، ومنطقة كولومبيا والأقاليم الأمريكية الأخرى، إضافة إلى جميع الحالات التي أعيدت إلى البلاد.
فقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يعتقد أن عدد الوفيات في الولايات المتحدة بسبب مرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا سيكون أقل من التوقعات السابقة البالغة 100 ألف، ولمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة تقترب من ذروة معدل تفشي العدوى، وقال إن عدد الإصابات الجديدة بالفيروس في أنحاء البلاد بدأ يستقر مع استقرار الأوضاع في نيو أورليانز ولويزيانا وديترويت وميشيجان، وأظهر إحصاء لرويترز أن عدد الوفيات في الولايات المتحدة بسبب الفيروس تجاوز 18100.
من جهتها ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن بيانات جديدة للحكومة الأمريكية تظهر أن عدوى فيروس كورونا ستزيد بشدة خلال الصيف إذا تم رفع أوامر البقاء في المنزل بعد 30 يوما وفقا للخطط، وقالت الصحيفة نقلا عن التوقعات الجديدة التي حصلت عليها من وزارة الأمن الداخلي ووزارة الصحة والخدمات البشرية إنه إذا رفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب أوامر البقاء في المنزل بعد 30 يوما، فإن التقديرات تشير إلى أن العدد الإجمالي للوفيات سيصل إلى 200 ألف.
ارتفاع قياسي الوفيات
اقترب عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في ولاية نيويورك الأمريكية وحدها من 150 ألف حالة لتتخطى بذلك إسبانيا كأكثر مكان سجل حالات إصابة في العالم رغم أن السلطات حذرت من أن العدد الرسمي للوفيات ربما يكون أقل من العدد الحقيقي، وسجلت ولاية نيويورك، التي تعتبر بؤرة العدوى في الولايات المتحدة، وولاية نيوجيرزي المجاورة مجددا أكبر عدد من الوفيات بفيروس كورونا المستجد في يوم واحد.
وقال حاكم نيويورك أندرو كومو الذي قرر تنكيس الأعلام في أنحاء نيويورك حدادا على الضحايا "هذا الفيروس هاجم الضعفاء ومهمتنا كمجتمع هي حماية الضعفاء" وسجلت نيويورك 149316 حالة مقابل 146690 حالة في إسبانيا بحسب بيانات رويترز وبلغ عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة نحو 420 ألف حالة وأكثر من 14300 حالة وفاة، وقال مسؤولون في نيويورك إن الزيادة الأخيرة في عدد الأشخاص الذين يموتون في المنازل تشير إلى أن أكثر المدن الأمريكية تعدادا للسكان ربما تغفل عدد الوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا.
وقال حاكم نيويورك في إفادته اليومية "أعتقد أن هذا الأمر محتمل جدا" وأضاف أن 779 شخصا توفو في يوم، وقال حاكم نيوجيرزي فيل مورفي إن 275 شخصا توفوا هناك وهذه الأرقام الصادرة من الولايتين تتجاوز الأرقام القياسية التي سجلت في يوم واحد قبل يوم، ورغم هذه الإحصائية القاتمة قال كومو إن الاتجاه بوجه عام يبدو إيجابيا، واستشهد بالانخفاض في عدد الحالات الجديدة التي تنقل إلى المستشفيات والبيانات الأخرى كدليل على أن "المنحنى ينخفض" في نيويورك وأنها بدأت تسيطر إلى حد ما على معدلات الإصابة بالعدوى.
وقال كومو إن عدد الوفيات سيستمر بنفس وتيرته الحالية أو يزيد في الأيام القادمة حيث يتوقع وفاة المرضى أصحاب الحالات الحرجة الذين نقلوا إلى المستشفيات منذ أكثر من أسبوع وما زالوا تحت أجهزة التنفس الصناعي، وشدد حاكم نيوجيرزي إجراءات التباعد الاجتماعي بالولاية حيث أمر تجار التجزئة بما في ذلك متاجر البقالة التي لا يزال مسموحا لها بالتعامل مع عدد محدود من الزبائن أن تتأكد من ارتداء الموظفين والزبائن كمامات طبية واقية وأن تعمل على تعقيم المنشآت بانتظام، وأعلنت لويزيانا تسجيل 70 حالة وفاة في اليوم المنصرم وهو نفس العدد القياسي الذي سجلته في يوم واحد قبل يوم.
يأتي ذلك في الوقت الذي قلص فيه معهد متخصص في الأبحاث الصحية بجامعة واشنطن توقعاته لإجمالي عدد الوفيات في الولايات المتحدة جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد بنحو 26 إلى 60 ألف حالة من 80 ألفا بحلول الرابع من أغسطس آب لكن مسؤولة بالصحة حذرت من موجة ثانية من العدوى إذا تساهل الأمريكيون في إجراءات "التباعد الاجتماعي" كان فريق البيت الأبيض المعني بالتعامل مع أزمة فيروس كورونا قد توقع في السابق وفاة ما بين 100 ألف و 240 ألف أمريكي جراء الفيروس
أضخم حصيلة وفاة بكورونا يومية في العالم
توفّي حوالى ألفي شخص من جرّاء فيروس كورونا المستجدّ في الولايات المتّحدة خلال أربع وعشرين ساعه، في أعلى حصيلة يومية على الإطلاق يسجّلها بلد في العالم منذ ظهور وباء كوفيد-19، بحسب بيانات نشرتها جامعة جونز هوبكنز، وأظهرت بيانات الجامعة التي تُعتبر مرجعاً في تتبّع الإصابات والوفيات الناجمة عن كوفيد-19 أنّ الوباء حصد في الولايات المتّحدة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة أرواح 1939 مصاباً بالفيروس، ليصل بذلك العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن الوباء في هذا البلد إلى 12.722 حالة وفاة من أصل 396.233 ألف حالة إصابة.
وسجّلت الولايات المتّحدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 29.609 إصابات بالفيروس، بحسب المصدر نفسه، والولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات المعلن عنها بالوباء، كما أنّها تسجّل منذ أيام حصيلة وفيات يومية تزيد عن الألف ممّا يعني أنّها قد تتخطّى قريباً إسبانيا (13.798 وفاة) وربّما تلحق بركب إيطاليا التي تتصدّر حالياً عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 في العالم بإجمالي 17.127 وفاة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض حول تطوّرات الوباء في الولايات المتّحدة إنّ "أميركا لا تزال تجري فحوصات أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وأعتقد أنّ هذا هو على الأرجح السبب في أنّ لدينا عدداً أكبر من الحالات"، وشدّد ترامب على أنّ عدد الفحوصات التي أجريت في الولايات المتحدة لغاية اليوم بلغ 1,8 مليون فحص بمعدل 125 ألف فحص يومياً.
ولا تزال نيويورك بؤرة الوباء في الولايات المتّحدة، إذ سجّلت الولاية ما يقرب من 5500 حالة وفاة من أصل 140 ألف إصابة مؤكدة بالفيروس، وبحسب تقديرات البيت الأبيض فإنّ كوفيد-19 سيفتك في الولايات المتّحدة بما بين 100 ألف إلى 240 ألف شخص إذا ما تقيّد الجميع بالقيود المفروضة حالياً لاحتواء الوباء، مقارنة بما بين 1,5 مليون إلى 2,2 مليون شخص كانوا سيلقون حتفهم لو لم يتمّ فرض أيّ قيود.
وتتفاوت القيود المفروضة في الولايات المتّحدة على تنقّلات المواطنين والاختلاط في ما بينهم باختلاف الولايات إذ إنّ هذه القيود مفروضة على المستوى المحلّي وليس الفدرالي، ومنذ ظهوره للمرة الأولى في نهاية العام المنصرم في مدينة ووهان بوسط الصين فتك فيروس كورونا المستجدّ لغاية بما لا يقلّ عن 80 ألف شخص في العالم يتوزّعون على 192 دولة.
نيويورك تتجاوز إيطاليا في عدد حالات الإصابة
تجاوزت ولاية نيويورك إيطاليا في إجمالي حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد لتأتي في المرتبة الثانية بعد إسبانيا وفقا لحسابات رويترز، وسجلت ولاية نيويورك 138836 حالة إصابة بالمقارنة مع 135586 حالة في إيطاليا وسجلت إسبانيا أكبر عدد من الإصابات وبلغ 140510 حالات وبلغ إجمالي عدد الحالات في الولايات المتحدة 380 ألف والوفيات 11800.
واستعدت الولايات المتحدة هذا الأسبوع لما وصفه أحد المسؤولين بأنه "أسبوع ذروة الوفيات" بسبب فيروس كورونا، وسجلت نيويورك أعلى عدد وفيات يومي وبلغ 731 وفاة ليبلغ إجمالي عدد الوفيات 5489 في الولاية.
أمريكا تجهز سبل تسهيل إعادة الحياة لطبيعتها
قال كبير خبراء الأمراض المعدية بالولايات المتحدة إن مسؤولي الصحة الأمريكيين يجهزون سبل إعادة الأنشطة إلى طبيعتها بالبلاد إذا ثبت نجاح التباعد والخطوات الأخرى المتبعة لتخفيف وطأة كوفيد-19 هذا الشهر في كبح التفشي، وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب دعت إلى إجراءات لمدة 30 يوما، شملت الحفاظ على مسافة تباعد بين الأشخاص لا تقل عن ستة أقدام (نحو مترين)، وأثرت على حياة معظم الأمريكيين من خلال الإلزام بالحجر الصحي في المنازل وإغلاق المدارس وإغلاق الأعمال التجارية حتى نهاية ابريل نيسان على الأقل وقررت بعض الولايات استمرار عمليات العزل في مايو أيار ويونيو حزيران، وقال الطبيب أنتوني فاوتشي الذي يرأس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية إن مثل هذه الخطوات يجب أن تستمر لكن هناك إشارات مبشرة على نجاحها.
وقال فاوتشي وهو عضو في فريق مكافحة فيروس كورونا بالبيت الأبيض في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "إذا نجحنا، فمن المنطقي أن نخطط على الأقل لما سنمضي فيه لإعادة الحياة إلى طبيعتها هذا لا يعني أننا سنفعل ذلك الآن لكن يعني أننا نحتاج أن نستعد لتسهيل السبل لذلك" وقال فاوتشي وخبراء آخرون بالصحة العامة إن الاجراءات الصارمة ضرورية للسيطرة على الانتشار السريع وربما القاتل للمرض الذي أدى بالفعل لنحو 400 ألف إصابة مؤكدة وقرابة 13 ألف وفاة حتى رغم تأثير عمليات العزل العام على الاقتصاد الأمريكي.
واحد من بين كل خمسة أطفال مصابين ربما يحتاج للرعاية بالمستشفى
أظهر أول تحليل متعمق تجريه الحكومة الأمريكية لدراسة تأثير فيروس كورونا على المرضى الأصغر سنا أن ما يصل إلى 20 بالمئة من الأطفال الأمريكيين المصابين بالفيروس المستجد يحتاجون إلى رعاية طبية بالمستشفى وأن هذه الفئة تشمل على الأرجح الرضع الذين لم يبلغوا عامهم الأول، كما خلص التحليل الذي أجرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أنه بالمقارنة مع البالغين فإن الأطفال المصابين بفيروس كورونا لا تظهر عليهم الأعراض في الغالب وهم أكثر عرضة للإصابة بوعكة خفيفة.
وتؤكد هذه النتائج دراسات منشورة وواردة من الصين التي نشأ فيها الفيروس وترجح أنه لا يتم الالتفات للمرض الذي يسببه كورونا، ويُعرف باسم كوفيد-19، في الأطفال رغم أنهم ينقلون العدوى للبالغين، وكتب الباحثون في التقرير الأسبوعي للمرضى والوفيات الصادر عن المراكز أنه رغم كون الأطفال الأقل من 18 عاما يشكلون ما يصل إلى 22 بالمئة من تعداد الأمريكيين فإن هذه الفئة لا تمثل سوى 1.7 بالمئة فقط من بين حالات مرضى كورونا الذين تتوافر بيانات عن أعمارهم وعددها 149082 حالة، وخلص التحليل إلى أن ما يصل إلى اثنين بالمئة من الأطفال المصابين يحتاجون إلى دخول وحدة العناية المركزة، وسجلت الولايات المتحدة أكثر من 355 ألف حالة إصابة فيما تجاوزت الوفيات المتصلة بفيروس كورونا 10 آلاف يوم الاثنين.