مركز المستقبل يناقش الدور السياسي للشيعة في إطار المنظومة الدولية

حيدر الاجودي

2015-05-17 02:33

لم تدخل الطائفة الشيعية الى السلك السياسي بشكل رسمي في عصرنا الحديث منذ عام 1920 وبقي العالم يترقب قرار من الطائفة الشيعية ان تحدد مسارها وهل هي ضمن ركب الدولة المدنية والمأسسة ام انها تبقى خارج اللعبة الدولية.

غير ان التغيرات الدراماتيكية في العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص خلقت اسئلة عدة بدأت تطرح بشكل متسابق منها ما هو الدور الذي سيلعبه الشيعة في العالم الجديد؟، وهل سيكون للشيعة جولة في بناء دولة قائمة على العدالة؟،وكيف سيتعامل العالم مع قيادات الشيعة بعد ان كانوا مهمشين؟، وماهو الدور الذي ستلعبه القيادات الشيعية ( الدينية منها بالخصوص) في تغيير المعادلة في العالم الجديد؟.

هذه التساؤلات وغيرها طرحت خلال حلقة نقاشية اقامها مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية والتي دار الحديث خلالها بقراءة تحليلية سريعة للدور السياسي الشيعي على مدار التاريخ في اطار المنظومة الدولية، حيث أدار هذه الحلقة النقاشية مدير المركز عدنان الصالحي الذي افتتح جلسته باستعراض سريع للدور الشيعي في ادارته للجانب السياسي عندما كانت تشكل المعارضة الأقوى ضد انظمة الظلم والاستبداد والتعسف، ليطرح تساؤلاته التي بدأت بها حلقته النقاشية مع مجموعة من الباحثين والاكاديميين والاعلاميين الذين ضمتهم قاعة جمعية المودة والازدهار في كربلاء المقدسة يوم الاربعاء الموافق 13/5/2015.

الدكتور ماجد الفتلاوي قدم ورقته النقاشية والتي اشار فيها الى ان اقصاء الشيعة وابعادهم على مدى التاريخ إثر تأثيرا واضحا في طبيعة التوجهات الفكرية والمنطلقات النظرية، موضحا بالقول الى ان عدم اشعار الشيعة بأنهم جزء اساسي وفاعل في الدولة رتب على ذلك توجههم نحو تغيير السلطة القائمة على قمة الهرم دائما لتحقيق حالة الخلاص من الظلم والشعور بالعزلة، معتبرا في ذلك ان الشيعة لم تهتم لأمر بناء الدولة وطبيعة تنظيم المجتمع بقدر اهتمامها بتغيير الانظمة الظالمة.

وقد استعرض الدكتور الفتلاوي الاداء الشيعي بعد عام 2003 في العراق والذي شابه الكثير من الاختلالات والتشوهات على الرغم من ان الشيعة كانوا يؤدون اداءا فاعلا طيلة الحقبة الماضية استنادا الى موروثهم العقائدي والفكري، مؤكدا على ان الشيعة هم بناة الدولة العراقية الحالية ولكن لم يتم الاستفادة من موروث هذه الدولة العريقة.

واختتم ماجد الفتلاوي وهو تدريسي في كلية التربية- جامعة بابل ورقته النقاشية بوضع آليات للحل والمراجعة تمثلت بمحورين داخلي وخارجي، اما الداخل فأشار فيها الى مراجعة دقيقة وشاملة للدور السياسي الشيعي والانفتاح على الطرف الاخر، اما المحور الخارجي فتمثل بتحديد اولويات العمل على المستوى العربي والاقليمي والدولي والابتعاد عن المواقف الجزافية والعشوائية.

بهذه الورقة النقاشية فتح باب المداخلات امام الحاضرين فكانت مداخلة الكاتب نزار حيدر التأييد لما جاء به الفتلاوي واشار الى ان الدور السياسي للشيعة الان هو دون مستوى الطموح ولا يرقى الى بناء دولة حضارية تسعى الى الانفتاح على الدول المتقدمة وتكون في مصافها، واضاف حيدر الى ان للشيعة نقاط عدها يمكن ان تكون نقاط قوة لدخولهم للعبة السياسية العالمية منها العلاقات الدولية والسوق والاقتصاد والاعلام وغيرها والتي لم تستثمر بشكل جيد الى حد الان، وأضاف حيدر انه اذا اردنا ان يكون للعراق موقع مهم في المنظومة الدولية، فلابد من توظيف الأدوات الاستراتيجية التالية؛ السلطة، العلاقات العامة، الوجود العراقي في مختلف المجتمعات الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة، لصناعة مجموعات الضغط، البترول، السوق، الاستثمار، والاتفاقية الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، كل ذلك سيخلق فرص اكبر لحماية العراق من المخاطر المحدقة به.

وتحدث الشيخ مرتضى معاش في مداخلته عن السعي قدر الامكان بالابتعاد عن الخطابات الايدولوجية والتركيز على القراءة العميقة للواقع الدولي المعاصر، مؤكد على ان الشيعة يجب ان تقوم بحملة واسعة للعلاقات الدولية من اجل النهوض بالدولة الفتية والانفتاح على العالم الخارجي ضمن الاطر المحددة.

بعدها تداخل الحقوقي عباس الكمبر مدير مكتب مجلس النواب العراقي في محافظة كربلاء المقدسة واشار الى نقطة مهمة وهي الاهتمام بقراءة التجارب التي من الممكن الاستفادة منها في رسم سياسة شيعية قادرة على مجارات التغيرات السياسية والتأثير بها.

تلا ذلك الاستاذ حميد الطرفي مدير جمعية الهلال الاحمر العراقي في كربلاء المقدسة والمحلل السياسي واكد ان الاجواء المستقبلية وحسب القراءات تشير الى وجود مقومات جيدة ويجب التفاؤل في ذلك للتحفيز نحو النجاح.

ثم كان لمدير مكتب الحركة الاسلامية في العراق رأي يغاير بعض الشيء ما قدم في الورقة فهو يرى ان الامور في العراق والسياسة الشيعية فيها الكثير من الايجابيات ولايجب التركيز على الجانب السلبي فقط.

هذا وقد خرجت الحلقة النقاشية التي ادارها مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية عدنان الصالحي بعدة توصيات كان ابرزها، تفعيل العلاقات الدولية ضمن الاطار المشروع، واستثمار ما تملكه الشيعة من مقومات ناجحة للنهوض بواقعه، وايضا تقويم اداء الاعلام الشيعي وجعله في مصاف الاعلام العالمي الذي يشهد طفرة نوعية يوميا.

يذكر ان مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية هو احد منظمات المجتمع المدني والذي يقيم الحلقات النقاشية والمطابخ الفكرية الشهرية كجزء من نشاطاته من اجل تقديم المشورة والافكار الى اصحاب القرار والتي يمكنها ان تسهم في البناء الاستراتيجي للدولة والمجتمع.

 

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي