من الرابح في الاتفاق النووي وكيف ستكون تأثيراته، في ملتقى النبأ الأسبوعي
انتصار السعداوي
2015-04-07 03:42
قدم مركز المستقبل للدراسات والبحوث في ملتقى النبأ الأسبوعي موضوعا للمناقشة عن (الاتفاق النووي). وقال الدكتور قحطان الحسيني الباحث في مركز المستقبل للدراسات والبحوث، في مقدمة حديثه: قبل يومين استجد حدث على الساحة الدولية وتم الوصول إلى اتفاق شبه نهائي على المفاعل النووي الإيراني، حيث اعتبرت هذه المفاوضات ماراثونية ونتج عنها نقاط اتفاق أساسية تتعلق بالملف النووي الإيراني وطريقة إدارته للوصول إلى منع إيران من صنع قنبلة نووية. وبالمقابل تضمن هذا الاتفاق عدة نقاط كان أهمها:
1 – فرض ضمانات من قبل إيران لعدم صنع قنبلة نووية في المستقبل وإبقاء هذا البرنامج ضمن الحدود المسموح بها ضمن أراضيها والمتضمن نسبة تخصيب للأغراض السلمية لاتتجاوز 20%.
2- تقوم إيران بتخفيض أجهزة الطرد المركزي والتي كانت 20000 جهاز إلى 10000 إلى أن تصل إلى 3000 جهاز.
3 – تخضع منشآتها لتفتيش دولي بدون قيد أو شرط من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وماترتب على الطرف الآخر هو العمل على تخفيض العقوبات أو إلغائها بشكل كامل وهذا يعتر نصر لإيران حيث أصبح الاقتصاد الإيراني يعاني من مشاكل اقتصادية حقيقية.
وفيما يتعلق بتوقيت الاتفاق حددت 3 أشهر وهي فترة طويلة قد تتضمن ردة فعل ممكن ان تنجح المشروع او تعرقله او يحصل تعديل في بنود الاتفاقية.
وقد اسفرت المقدمة عن ثلاثة اسئلة سلطت الضوء على الاتفاقية النووية والظروف المحيطة بها.
السؤال الاول: هذا الاتفاق المبدئي هل يعتبر انتصارا للدول الغربية ام للمفاوضة الإيرانية؟
أجاب الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام بسؤال مهد به بإجابته. لماذا هذا الاتفاق مهم جدا؟ ولماذا العالم متلهف لنتائجه؟ وهل المشكلة نووية فعلا؟ ام هناك اشياء ثانية وراء القضية.
ويرى معاش ان الاتفاقية حققت انتصار لأمريكا لأنها فرضت الشروط التي تريدها وليس حسب شركاء العملية بحكم ان محادثات دول (5 +1) كانت تعمل تحت مظلة مجلس الأمن الدولي. وهذا دليل إن هناك صراع عالمي أكثر من قضية السلاح النووي الإيراني، وبين معاش ان أمريكا من خلال الاتفاق النووي تريد ان ترسخ مفهوم قيادة امريكا للعالم ومنهج أوباما بأن العالم يحتاج إلى أمريكا التي تستطيع ان تحل المشكلات والأزمات.
ويتفق محمد معاش مدير العلاقات في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام مع الشيخ مرتضى معاش ان الانتصار والانجاز تحقق لأمريكا إلا انه يرى ان الانجاز الأكبر كان لإيران اذ يرى الإيرانيون أنهم أصبحوا من الدول العظمى ويستدلون على ذلك بالصور الجماعية التي ظهرت في وسائل الإعلام، والأمر الثاني ان ايران استطاعت أن تصل إلى نتيجة بالمفاوضات والحوار بدل الحروب.
ويرى خليفة حسين مدير الإعلام في دائرة كهرباء كربلاء، إن أمريكا قارئة للتاريخ بشكل جيد جدا بحيث تكون عندها استراتيجية حاضرة بديلة للاستراتيجيات الأولى التي من الممكن أن تتغير وأخذت أمريكا تجربة مصدق بنظر الاعتبار ثم تداعيات الحرب العراقية الإيرانية إلى أن وصلت إلى هذا الاتفاق، ولا توجد خسارة او ربح بين الطرفين وهي مجرد تجربة سوف تتمخض عنها نتائج في بناء استراتيجيات جديدة على هذا الأساس.
فيما يعتقد الدكتور حازم البارز من جامعة كربلاء انه انتصار للطرفين حيث حاولت أمريكا الاستيلاء على الشرق الأوسط بالكامل وبدأت ممارساتها في أفغانستان والعراق والباكستان، ومع إيران وصلت إلى طريق مسدود لعدة أسباب منها مركزية إيران، موقعها، وارثها التاريخي. فحاولت أمريكا مضطرة إلى الحلول السياسية وهو انتصار لأمريكا والموقف الدفاعي لإيران يعتبر انتصار أيضا.
الدكتور علاء الحسيني من جامعة كربلاء يتفق مع زملائه من جانب واختلف معهم في نقطة واحدة في إن النصر الاستراتيجي كان فقط لإيران والدليل ان إيران طول هذه السنوات استفادت من هذه التجربة واعتمدت على نفسها كثيرا وطورت صناعتها وهيئت ساحتها الداخلية وزادت من ثقة الشعب بالقيادة الإيرانية علما ان الثمن كان باهظ في عقوبات اقتصادية وحصار.
أشار حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث إلى النقطة الأولى وهي الاعتراف الدولي بإيران نوويا وخاصة مشروع القنبلة النووية والذي يعود إلى أيام الشاه وهذا يحقق لإيران الهيبة والنفوذ الإقليمي لذلك إسرائيل كانت متخوفة.
أضاف إن هذا الاتفاق لم يرجع إيران في قدراتها النووية إلى نقطة البداية بل جعلها تتوقف الى ما وصلت إليه أي ان الطرفين يستفيدان من هذا الانجاز.
الباحث احمد المسعودي قال: إذا كنا نعتقد إن أمريكا هي الشيطان الأكبر أنا اعتقد ان هناك شيطانان هما أمريكا وإيران بدلالة إن إيران استعملت اليمن ورقة ضغط للنجاح في هذا الاتفاق، وحرب العراق ضد داعش كانت ورقة ضغط ثانية تحت الطاولة والشعب السوري الذي تشرد للسنة الثالثة هو ورقة ضغط أخرى ويرى المسعودي ان هذا الاتفاق يخلو من الأخلاق السياسية مع انه حقق مصلحة وانتصار استراتيجي للطرفين على حساب ضحايا من الأبرياء.
احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات قال: أرى أن نخفض صفة الانتصار ونحوله إلى انجاز وإذا كان هناك ثمة انتصار هو انتصار سياسي على مستويين داخلي وخارجي.
بالنسبة لإيران حققت الانتصار على الداخل بذكائها التفاوضي وقدرتها على التحمل والنفس الطويل الى الدبلوماسية الإيرانية والاصلاحين بشكل خاص.
على المستوى الخارجي أثبتت إيران انها دخلت إلى النادي النووي وحققت نفوذ إقليمي واعتراف بمشروعهم النووي وبالنسبة لأمريكا في الداخل سوف تكون هناك صراعات مباشرة مع أوباما وإذا تم هذا الاتفاق سيعتبر أهم انجاز لأوباما في تاريخ ولايته.
وبين جويد ان إسرائيل خسرت ورقة مهمة كانت تلح عليها وهي إنها أرادت إن تضمن الاتفاقية اعتراف بالدولة الإسرائيلية ولم تحصل على هذا وحصرت المفاوضات بالملف النووي.
جواد العطار العضو السابق في البرلمان العراقي قال: من الناحية الفنية نحن غير متخصصين في هذا الجانب لذلك نقاشنا ينحصر في الجانب السياسي وآثاره على الوضع الإقليمي والدولي وأوضح إن الإيرانيين من أيام السيد الخميني كانوا يعانون من عقدة أمريكا وهي راسخة في العقل الإيراني لمدة عقدين أو ثلاثة " الموت لأمريكا " ومن الصعب التراجع بمعنى ان هناك تحول وان أمريكا لم تعد الشيطان الأكبر وإن الإيرانيين قد تجاوزوا هذه النقطة وأنهم اصبحوا مستعدين للتعايش مع الشيطان الأكبر. والانتصار تحقق لإيران كونها أصبحت لاعبا مهما في المنطقة على المستوى الدولي فأن الحوار هو الذي حقق النجاحات وهذا الحوار سينعكس على الوضع في سوريا واليمن واعتقد إن إيران حققت الذي تريده وأمريكا حفظت ماء وجهها.
السؤال الثاني: ماهي تأثيرات الاتفاق النووي على الوضع الشيعي والعراق وعلى اسرائيل؟
بين الدكتور قحطان الحسيني من جامعة بابل أن أكثر جهة تتأثر بهذا الاتفاق هم الشيعة وهم يتأثرون بشكل واضح لايمكن أن نغفله في الاتفاق الإيراني الأمريكي. وإذا استثمر بشكل جيد ممكن أن يتحسن وضعهم في مجال القضاء على داعش.
من جهته الباحث احمد المسعودي أكد أن أي ورقة قدمت تحت الطاولة في هذا الاتفاق ستدخل طرف مستفيد في الآثار الايجابية. ولكن هل إيران ستمنح مكاسب إلى هذه الشعوب بدون مقابل.
وقال حيدر الجراح، على مستوى شيعة العراق كان هناك امتعاض على تواجد النفوذ الإيراني في العراق قبل داعش وهذا الامتعاض اختفى بعد دخول داعش وحتى بعض الممتعضين صاروا مؤيدين وفي هذه الحالة أصبح هناك ارتفاع لمنسوب الشيعية السياسية التي تمثلها ايران مقابل الشيعة الدينية التي تمثلها المرجعية في النجف الأشرف وسيكون هناك اندماج بين الشيعة السياسية والشيعة الدينية.
ويرى جواد العطار ان الآثار ستكون ايجابية على الوضع الشيعي في العراق وأهم قضية ان صوت المعارضة للقوى العراقية سوف لن يكون له صدى بعد الآن لان مبرراتهم تكون ضعيفة.
أما بالنسبة لإسرائيل فان الاتفاق سيعطي مبرر قوي لإيران لدعم قوى المقاومة وستكون أكثر جرأة بدعم المقاومة.
واتفق الإعلامي خليفة مع زملائه في إن إيران ستكون أكثر جرأة بدعم المقاومة وهو يرى ان عدوى التسلح ستمتد الى الدول العربية التي ستطالب بدورها بإنتاج قنبلة نووية وتشارك في سباق التسلح.
أما بالنسبة لإسرائيل بدأت تتحول من موقف المهدد الى موقف المطالب وتريد موازنة القوى بابتزاز الدول العربية عن طريق المعلومات الاستخباراتية التي ستحصل عليها من الدول العظمى أو من أمريكا وبذلك تحصل إسرائيل على مطالبها.
السؤال الثالث: كيف نستشرف المستقبل لمصير الاتفاق؟
واتفق الحاضرون بالأغلبية على ان الاتفاق مستمر وسينفذ مع مواجهة معوقات ومعرقلات.
فيما يرى احمد جويد ان الاتفاق سيواجه مشاكل كثيرة لان أوباما بدوره كان يجب إن يبذل جهدا أكبر في إقناع الكونغرس وإقناع الجمهوريين، وستلعب إسرائيل مع المال السعودي دورا في شراء الذمم من اجل إعاقة هذا المشروع.
من جهته يرى الشيخ مرتضى معاش ان الاتفاق مربوط بمستقبل اوباما والديمقراطية في أمريكا لذلك فان المفاوضات تستمر بنفس طويل وأتوقع أن اوباما سيقوم بشيء كبير من اجل أن يحمي هذا الاتفاق.
يرى جواد العطار أن الاتفاق سينفذ مع ملاحظة أن الأمريكان سيجدون مبررات كثيرة لاستمرار التفاوض وسوف تبقى عقد ونتوءات الهدف منها استمرار المفاوضات مع إيران.
ويرجح الدكتور حازم البارز من جامعة كربلاء استمرار المفاوضات مع محاولات خليجية وغربية لعرقلة الاتفاق.
احمد المسعودي يعتقد ان القوتين المتنفذتين قد اتفقت وستنفذ اتفاقها وسينعكس هذا ايجابيا على الأوضاع الأمنية في سوريا والعراق واليمن وستنهار هذه الدول سياسيا أمام المد الإيراني.
الخلاصة:
نستطيع أن نضع خلاصة عامة وهو إن الطرف الرابح الأكبر هي إيران فيما يتعلق بالتأثيرات على الوضع الشيعي ستكون ايجابية وستكون إسرائيل خاسرة في هذه اللعبة وسيحد الاتفاق من توجهاتها ومشاريعها في المنطقة وقد يجبرها على الاعتراف بوجود دولة فلسطينية.
وأخيرا فانه برغم الصعوبات والمعرقلات إلا إن الاتفاق سينفذ وسيتم العمل به بشكل أكبر.