مؤتمرات سوريا: من الدبلوماسية العقيمة الى الواقعية السياسية
عبد الامير رويح
2018-02-03 05:20
قضية الوصول حل سلمي من اجل انهاء الصراع المستمر في سوريا، و الذي أوقع أكثر من 340 الف قتيل منذ العام 2011، ربما يكون امر صعب ومعقد بسبب اختلاف الاراء والمصالح بين الخصوم والداعمين، كان اخرها مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري الذي عقد في روسيا، وقاطعته بعض الفصائل السورية المعارضة المدعومة من جهات ودول اخرى رفضت هي الاخرى مثل هكذا مبادرات قد تصب في مصلحة موسكو والحكومة السورية، واستضافت روسيا مؤتمر الحوار في منتجع سوتشي المطل على البحر الاسود ، واتفق فيه المشاركون على تشكيل لجنة تقوم بإعادة صياغة دستور لسوريا ما بعد الحرب. وهو ما عده البعض اعلان غير ناحج بسبب غياب دول اخرى داعمة لفصائل مسلحة ستعمل الى إفشال مثل هكذا حلول.
وقال وزير خارجية فرنسا إن عملية السلام الخاصة بسوريا يجب أن تتم تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف وليس تحت رعاية روسيا في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود. وقال الوزير جان إيف لو دريان لأعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) ”حل الأزمة سيحدث على وجه السرعة من خلال حل ترعاه الأمم المتحدة في جنيف. فرنسا تعتبر هذا هدفا مباشرا. هذا الأمر يجب ألا يحدث في سوتشي بل يجب أن يحدث في جنيف“.
وأقر أرتيوم كوجين الدبلوماسي الكبير بوزارة الخارجية الروسية بوجود بعض التعقيدات. وكتب كوجين على وسائل التواصل الاجتماعي ”ظهرت بعض المشاكل حين علقت مجموعة من المعارضة المسلحة جاءت من تركيا مشاركتها على مطالب إضافية“. وأضاف أن لافروف تحدث هاتفيا مرتين مع نظيره التركي الذي أبلغه أن المشكلة ستنتهي. وشارك في المؤتمر وفدان للحكومتين التركية والإيرانية وأيضا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا. وفي تصريح قال فيتالي نومكين الخبير الروسي في الشرق الأوسط ومستشار دي ميستورا إن المشكلات التي واجهها المنظمون لم تفسد الحدث. وقال نوميكن ”الأمر ليس خطيرا، لم ينفجر قتال بينهم ولم يُقتل أحد. هذه أمور عمل معتادة“.
لجنة دستورية
وفي هذا الشأن اتفق مئات السوريين الممثلين عن أحزاب سياسية عدة، معارضة وموالية للحكومة، على تشكيل لجنة للاصلاح الدستوري في ختام يوم طويل من الجلسات المغلقة في مؤتمر سوتشي في روسيا، وفق ما جاء في البيان الختامي. ونص البيان الختامي على "تأليف لجنة دستورية تتشكل من وفد حكومة الجمهورية العربية السورية ووفد معارض واسع التمثيل، وذلك بغرض صياغة اصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الامم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي 2254".
وأضاف على ان "الاتفاق النهائي على ولاية (...) وصلاحيات ولائحة اجراءات ومعايير اختيار اعضاء هذه اللجنة الدستورية (ان يتم) عبر العملية التي تقودها الامم المتحدة في جنيف". وبحسب البيان فان اللجنة الدستورية "ستضم، بالحد الادنى، ممثلين للحكومة وممثلي المعارضة المشاركة في المحادثات السورية السورية وخبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وقياديات قبلية ونساء".
وأوضح دي ميستورا ان اللجنة ستتضمن ممثلين من وفد المعارضة المشاركة في مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة، في اشارة الى "هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية" التي قاطعت مؤتمر سوتشي. ورأى دي ميستورا ان المشاركين تبنوا "12 مبدأ" اقرت في عملية جنيف، مشيداً بالجهود التي بذلت خلال المؤتمر. ودعا البيان الامين العام للامم المتحدة تكليف دي ميستورا المساعدة في انجاز اعمال هذه اللجنة في جنيف.
ولا يتطرق البيان الختامي إلى مصير الرئيس السوري بشار الاسد ويؤكد أن الشعب السوري وحده يقرر مستقبله "عن طريق صناديق الاقتراع". ويعكس هذا الموقف بشكل عام موقف الحكومة السورية، التي طالما رفضت بحث مصير الاسد في مفاوضات جنيف، مؤكدة أنه أمر يحدده الشعب عبر الانتخابات. كما تضمن في احد بنوده الـ12 أن "تلتزم الدولة بالوحدة الوطنية (...) مع التمثيل العادل على مستوى الادارة المحلية"، من دون تفاصيل حول المقصود بهذه الادارة المحلية.
كما ينص البيان على "الالتزام الكامل بسيادة دولة سوريا واستقلالها وسلامتها الاقليمية ووحدتها ارضاً وشعباً"، وعلى أن تكون دولة "غير طائفية تقوم على التعددية السياسية"، فضلاً عن "بناء جيش وطني قوي وموحد (...) تتمثل مهامه في حماية الحدود الوطنية والسكان من التهديدات الخارجية والارهاب". وشارك في المؤتمر مئات الاشخاص القسم الأكبر منهم من احزاب موالية ضمنها حزب البعث الحاكم وممثلون عن المجتمع المدني، فضلاً عن احزاب ومجموعات معارضة بينها معارضة الداخل. بحسب فرانس برس.
ورفضت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة وهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، الفريق المعارض الرئيسي، حضور المؤتمر. كما اعلنت الادارة الذاتية الكردية عدم المشاركة في محادثات سوتشي، متهمة روسيا وتركيا بـ"الاتفاق" على الهجوم على عفرين، المنطقة الكردية في شمال سوريا التي تتعرض لعملية عسكرية تركية واسعة.
الكرملين والمعارضة
الى جانب ذلك تجاهل الكرملين قرارا للمعارضة السورية مقاطعة مؤتمر السلام الذي ينظمه في روسيا. واستضافت روسيا (المؤتمر السوري للحوار الوطني) في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود وتأمل أن يؤدي لبدء مفاوضات بشأن صياغة دستور جديد لسوريا بعد حرب أهلية مستمرة منذ سبع سنوات تقريبا. لكن الدول الغربية وبعض الدول العربية ترى أن سوتشي محاولة لإيجاد عملية سلام منفصلة من شأنها أن تقوض جهود الأمم المتحدة للتوصل لاتفاق سلام وتضع الأساس لحل ملائم أكثر للرئيس السوري بشار الأسد وحليفتيه روسيا وإيران.
وقال متحدث باسم المعارضة السورية في وقت سابق إن المعارضة لن تحضر المؤتمر الروسي لهذه الأسباب. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن مقاطعة المعارضة لن تمثل انتكاسة خطيرة للمؤتمر. وأضاف ”من غير المحتمل أن تؤدي حقيقة عدم مشاركة بعض الممثلين عن العمليات الجارية حاليا في سوريا إلى منع هذا المؤتمر من المضي قدما ومن غير المرجح أن تقوض أهمية المؤتمر على نحو خطير“.
وقال بيسكوف ”يدرك الجميع أن تحقيق انفراجة فورية في عملية السلام السورية ليس ممكنا على الأرجح. الأمر الوحيد الممكن هو العمل الصبور والتدريجي والمفصل الذي يمكن أن يجعلنا نمضي للأمام. من هذا المفهوم سيكون المؤتمر خطوة مهمة بناءة جدا على هذا الطريق“. من ناحية أخرى أبلغ مبعوث بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف وكالة تاس للأنباء أن موسكو تأسف لقرار قيادة المعارضة عدم المشاركة، لكنه قال إنه يأمل أن يسود ”الحس السليم“ وأن تغير المعارضة رأيها. بحسب رويترز.
وتشرف روسيا وتركيا وإيران بالفعل على محادثات سلام في قازاخستان منفصلة عن تلك التي تساندها الأمم المتحدة في جنيف، ويستهدف مؤتمر سوتشي دفع عملية السلام إلى الأمام بعد تعثرها جراء الخلافات. وتقول موسكو إن الهدف من جهودها لإحلال السلام أن تكون مكملة لجهود الأمم المتحدة لا أن تنافسها. وذكرت روسيا أن 1600 مندوب سوري وجهت لهم الدعوة للمشاركة في المؤتمر.
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن جزءا من المعارضة السورية غادر مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي لأسباب مختلقة لا علاقة لها بالتسوية. وقال لافروف إن "مجموعة المعارضة السورية التي كانت تتخذ من إسطنبول مقرا لها وصلت إلى سوتشي، لكنها رفضت المشاركة في المؤتمر لأسباب لا علاقة لها بالتسوية، يمكن وصفها بالمختلقة، وعادت إلى اسطنبول".
وأضاف الوزير: "ولكن مع ذلك نقل المعارضون صلاحياتهم إلى نائب وزير الخارجية التركي الذي شارك في عمل المؤتمر من البداية وحتى النهاية، ما ضمن الطابع الشامل للمؤتمر فيما يخص تمثيل المعارضين من إسطنبول". وأكد لافروف أن روسيا تأمل بأن تساعد نتائج المؤتمر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في تنشيط عملية التفاوض في جنيف بهدف إجراء الإصلاح الدستوري.
وذكر وزير الخارجية الروسي أن دي ميستورا في حديث معه أعرب عن ارتياحه للمناقشات التي جرت في سوتشي، واعتبرها دليلا على أن المؤتمر لم يكن تمثيلية، بل ضمن إمكانية التعبير عن الآراء بشكل ديمقراطي لممثلي مختلف فئات المجتمع السوري. وأضاف لافروف: "قال لي دي ميستورا إن المؤتمر يساعده بالفعل في جهوده لإحياء مفاوضات جنيف"
واعتبرت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق امتناع بعض المعارضين السوريين عن المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي "خطأ سياسيا". وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية "نحن نأسف لموقف ألائك المعارضين السوريين الذين قرروا لأسباب مختلفة، وقبل كل شيء بسبب ضغوط القوى الخارجية، الامتناع عن المشاركة في المؤتمر". وتابعت: "نحن على قناعة بأن هذا خطأ سياسي".
وأضافت زاخاروفا: "نأمل في أن تصبح القرارات التي اتخذت في سوتشي مساهمة في عملية التفاوض السورية – السورية برعاية الأمم المتحدة في جنيف وعلى منصات أخرى للمساعدة على التسوية في سوريا، وقبل كل شيء أستانا". وأعربت عن الأمل بأن "يرسي ذلك أساسا للتحرك إلى الأمام، ومن المهم أن يكون هذا التحرك بسرعة أكبر". وتطرقت زاخاروفا إلى الوضع شمالي سوريا، حيث تقوم تركيا بعملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية. وقالت: "نحن نواصل متابعة التطورات في شمال سوريا، وهي تثير قلقا جديا"، مضيفة: "نحن نجدد الدعوة لجميع الأطراف إلى ضبط النفس". وجددت زاخاروفا التأكيد على موقف روسيا المبدئي الداعم لسيادة ووحدة أراضي سوريا.