فرنسا الوسطية: تغيير جذري أم شكلي؟
عبد الامير رويح
2017-06-15 05:42
يرى بعض المراقبين ان المشهد السياسي الفرنسي وبعد تصدر حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحلفاؤه الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، سيشهد تغيير جذري حيث تعتبر هذه النتائج ممتازة لهذا الحزب الجديد الذي لم يكن موجودا قبل نحو عام، في حين سجلت الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية تراجعا تاريخيا، مع أنها تقاسمت السلطة في فرنسا طيلة 60 عاما. وقالت الوزارة بعد إغلاق مراكز الاقتراع إن حزب "الجمهورية إلى الأمام" وحلفاءه في طريقهم للفوز بنسبة تزيد على 30 في المئة من الأصوات. ولم تشمل الأرقام أصوات مدن فرنسا الكبرى.
وأظهرت النتائج أن حزب "الجمهورية إلى الأمام" وحلفاءه الوسطيين في "الحركة الديموقراطية" تصدروا الدورة الأولى. وحل ثانيا اليمين متقدما بفارق كبير على حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف الذي نال 13,20 في المئة من الأصوات.
هذه النتائج ايضا اثارت العديد من الاسئلة والتحليلات، خصوصا وان بعض وسائل الاعلام الفرنسية المحسوبة على اليسار خصّصت مساحة واسعة لهذه النكسة التاريخية التي مُني بها الحزب الاشتراكي الفرنسي في الانتخابات التشريعية، ولمصير الحزب واليسار الفرنسي بصفة عامة في ظل انقلاب المشهد السياسي برمته في فرنسا، حيث نشرت صحيفة "ليبيراسيون" صورة كبيرة تمثل صحراء قاحلة مع عنوان صريح: لم يبق أي شيء من اليسار الفرنسي.
وكتبت الصحيفة أن اليسار الفرنسي المنقسم بين تيارات مختلفة من بينها الحزب الاشتراكي، وحركة فرنسا الابيّة، والحزب الشيوعي وأنصار البيئة، سيحصل بالكاد بكلّ تياراته بعد الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي ستجري على خمسين مقعدا في الجمعية الوطنية المقبلة، ما يعني تراجعا تاريخيا لليسار الفرنسي لأكثر من ربع قرن حيث يصعب على أغلب أحزاب اليسار أن تكوّن منفردة كتلة نيابية.
وتابعت اليومية الفرنسية أن الحزب الاشتراكي الذي سقط إلى الهاوية مهدّد بالغياب عن الساحة السياسية الفرنسية ما لم يفلح في النهوض بعد النكسة التاريخية التي مُني بها مع فوز الرئيس ماكرون بالانتخابات الرئاسية واتجاه حركته "الجمهورية إلى الأمام" للفوز بأغلبية ساحقة من مقاعد الجمعية الوطنية. فعد شهر واحد من انتخابه –تقول صحيفة "لوفيغارو"-فان إيمانويل ماكرون على وشك كسب رهانه الثاني، فرغم نسبة امتناع تاريخية ميزت المشاركة في هذه الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، أو ربما بفضل نسبة الامتناع التاريخية هذه التي تجاوزت عتبة الخمسين بالمئة فان حزب رئيس الجمهورية الذي تأسس قبل أقل من عام هيمن بطريقة واسعة على الجولة الأولى من الانتخابات، وأصبح القوة السياسية الأولى في فرنسا بحصول مرشّحيه على أكثر من 32% من الأصوات يليهم اليمين بحوالي 21%، متقدّما بفارق كبير على حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرّف الذي نال 13,20% من الأصوات. أما حزب "فرنسا المتمرّدة" اليساري الراديكالي بزعامة جان-لوك ميلانشون والحزب الشيوعي فقد حصلا على 13,74% من الأصوات.
والخاسر الأكبر في الانتخابات-كما تشير "لوفيغارو"-هو الحزب الاشتراكي وحلفاؤه الذين نالوا 9,51% من الأصوات، إنها هزيمة مدوية لهذا الحزب بالمقارنة مع الانتخابات السابقة في 2012 والتي منحته حينها الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية. واعتبرت الصحيفة أن هذا النجاح الكبير لماكرون وحزبه هو بمثابة ثورة برتقالية على الطريقة الفرنسية، فرغم نسبة الامتناع عن التصويت التاريخية فإن الفرنسيين أرسلوا رسالة واضحة للرئيس الجديد بدعمهم لخطه التجديدي والإصلاحي.
فقبل أشهر قليلة – تقول صحيفة "ليبيراسيون"-لم يكن أحد في فرنسا يتوقع او يراهن على أن إيمانويل ماكرون الذي يوصف بأنه مبتدأ في السياسية، سيصل إلى قصر الإليزيه، ولا على حركته السياسية الشابة "إلى الأمام" التي لم يتوقع أحد أيضا بتخطي مرشّحيها المبتدئين أبواب قصر بوربون (مبنى الجمعية الوطنية) المحصنة، وبطريقة كاسحة كما يتوقع أن يحصل في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية.
وتوقفت الصحيفة اليسارية مطوّلا عند الهزيمة التاريخية التي لحقت بالحزب الاشتراكي الفرنسي وقالت "ليبيراسيون" إن الاشتراكيين او من بقي منهم الآن يقفون على حقل من الأنقاض، بعد أن دخلوا إلى البرلمان الفرنسي غداة فوز الرئيس السابق فرانسوا هولاند في 2012 ب291 نائبا. وعزت اليومية الفرنسية هذا الاذلال الإضافي للحزب الاشتراكي إلى عجزه عن إصلاح هياكله ومواكبة تطلّعات المجتمع الفرنسي، وكذلك إلى الفترة الرئاسية لفرانسوا هولاند التي وصفتها بالكارثية.
برلمان الحزب الواحد
وفي هذا الشأن تبدو حركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" على وشك السيطرة على ثلاثة أرباع المقاعد في الجمعية الوطنية، وهو إنجاز مدهش سيمكنها من الإطاحة بأي معارضة، وهذا على الرغم من عدم حصولها إلا على نحو 15 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية.
ولا تشترك الدائرة السادسة عشرة في العاصمة الفرنسية، وهي التي تشغل أقصى غرب باريس، بالكثير على المستوى السياسي مع الدائرة الحادية عشرة في شرق المدينة. فالأولى بيضاء وغنية، والثانية متنوعة الأعراق والثقافات والفئات الاجتماعية، والمعتاد أن يذهب 80 بالمئة من أصوات الأولى لليمين، بينما تميل أصوات الثانية نحو اليسار. أما في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت، وضعت الدائرتان مرشحي حركة الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" في المقدمة بأكثر من 43 بالمئة من الأصوات، ما ينبئ بأن أمرا استثنائيا يحدث.
وفي مختلف مناطق فرنسا تمكن مرشحو "الجمهورية إلى الأمام"، وكثيرون منهم حديثو العهد في المعترك السياسي، من تحويل المشهد السياسي في البلاد، وأزاحوا من طريقهم مرشحي اليسار واليمين ببساطة شديدة. وتشير التوقعات لاحتمال حصولهم على نحو 430 مقعدا من أصل 577 في الجمعية الوطنية في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية. وهذا دون احتساب الناجين من الحزبين التقليديين الذين أعلنوا عن تأييدهم للرئيس الفرنسي الشاب (39 عاما)، أملا بإيجاد مكان لأنفسهم على سفينة ماكرون هربا من الطوفان.
ويظهر أن الرئيس الفرنسي الجديد، الذي تعهد خلال الحملة الانتخابية بتغيير واسع في "النظام"، على وشك استغلال هذا النظام كما لم يفعل أي قبله. وإذا ما تأكدت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في الدورة الثانية يوم 18 حزيران/يونيو، فإن حركته التي لا يزيد عمرها عن 15 شهرا ستستفيد من النظام الانتخابي ذي الدورتين للحصول على إحدى أكبر الأغلبيات البرلمانية التي شهدتها فرنسا في تاريخها، ما يعطي مؤسس الحركة إمكانية احتكار السلطة في البلاد.
بالنسبة للمراقبين الذين فاجأهم المشهد البريطاني ما بعد استفتاء بريكسيت وصدمة وصول دونالد ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، تبدو فرنسا كمنارة للاستقرار والإيجابية في العالم. ويعتبر كثيرون إيمانويل ماكرون رئيسا تقدميا واسع الأفق، وباستثناءات قليلة، أبرزها روسيا وإدارة ترامب، كان انتخابه على رأس هرم السلطة الفرنسي موضع ترحيب عالمي، وخاصة بين شركاء باريس الأوروبيين. وكثيرون يتفقون مع هتاف رئيس الوزراء الفرنسي "لقد عادت فرنسا"، كائنا ما كان معناه.
ولكن عددا من إشارات التحذير ترافق انتصار ماكرون، أولها المعدل الهائل للامتناع عن التصويت الذي مهد الطريق لهذا الانتصار. إذ هبطت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية الفرنسية لما دون 50 بالمئة لأول مرة في تاريخها. ما يعني أن نسبة 32,2 بالمئة من الأصوات التي حصل عليها مرشحو حركة "الجمهورية إلى الأمام" لا تمثل سوى 15,2 بالمئة من إجمالي أصوات الناخبين المسجلين في فرنسا. وتشير صحيفة "لوموند" واسعة الانتشار إلى أنه "لم يسبق على مر التاريخ أن حصل حزب سياسي على أغلبية كهذه بعدد أصوات متدن بهذا الشكل". ويطلق هذا الانخفاض التاريخي في معدل التصويت إشارات إنذار بشأن شرعية الرئيس وحركته أثناء استعدادهما لتنفيذ إصلاحات واسعة في البلاد.
ومن أسباب الامتناع عن التصويت في بلد يوصف شعبها غالبا بأنه مسيس جدا، التعب الشديد بعد عام انتخابي حافل تضمن انتخابات تمهيدية لليمين ثم لليسار، تبعتهما دورتا الانتخابات الرئاسية، قبل شهر واحد فقط من الانتخابات التشريعية. وأيضا يرجع هذا إلى النظام الانتخابي الفرنسي الذي يجعل من الانتخابات التشريعية حدثا ثانويا لاحقا للانتخابات الرئاسية شديدة الأهمية. وزاد ماكرون من اختلال التوازن هذا بقيامه بـ"شخصنة" شديدة للسياسة في البلاد.
وربما كان أهم العوامل التي أدت لانصراف الفرنسيين عن التصويت حالة "القرف" والإحباط من الحزبين السياسيين التقليديين اللذين هيمنا على المشهد السياسي في البلاد طيلة عقود. وسيكون إنجازا بالنسبة لحزب "الجمهوريون" المحافظ إذا تمكن من الفوز بمئة مقعد. أما "الحزب الاشتراكي" الذي قاد البلاد في الحكومة السابقة لوصول ماكرون للرئاسة، فقد تم مسحه بشكل كامل تقريبا من المشهد السياسي. وبقدر ما استفاد ماكرون، الذي كان وزيرا للاقتصاد في حكومة مانويل فالس الاشتراكية في ظل رئاسة فرانسوا هولاند، من انهيار "الحزب الاشتراكي"، كان أيضا من العوامل التي ساعدت على هذا الانهيار. بحسب فرانس برس.
ولم تتمكن الأحزاب الأخرى التي رغبت بركوب الموجة المناهضة للمؤسسة من إحداث اختراق في الجمعية الوطنية. حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان التي خسرت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية أمام ماكرون، فشل في ترجمة حضوره القوي في الرئاسيات إلى مقاعد في البرلمان، إذ تشير التوقعات لحصوله على خمسة مقاعد فقط. كذلك كان الحال بالنسبة لحركة "فرنسا الأبية" من أقصى اليسار، التي كانت تسعى لتصبح القوة الأساسية في اليسار الفرنسي، فركزت هجومها على "الحزب الاشتراكي" المتداعي، لتكون نتيجة هذا الهجوم الجمعية الوطنية تكاد تخلو من نواب اليسار.
الامتناع عن التصويت
51,29 بالمائة من الناخبين الفرنسيين امتنعوا عن التصويت خلال الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التي فازت فيها حركة الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام". وهي المرة الأولى منذ نحو ستين عاما تتجاوز نسبة الامتناع عتبة الخمسين في المئة، ما اعتبره البعض "نكسة" في تاريخ الجمهورية الخامسة، فيما تساءل آخرون عن شرعية البرلمان الذي سينبثق عن هذه الانتخابات، إذ إنه رغم فوز حركة ماكرون بها إلا أنه لن يكون هنالك تأييد كامل لمشروع الرئيس الفرنسي. فيما طالب آخرون بضرورة التفكير لإعادة جدولة هذا الاستحقاق الانتخابي الذي يأتي بعد شهر من الانتخابات الرئاسية.
ولكن هذه الظاهرة الانتخابية ليست بالجديدة في فرنسا، إذ يمتنع الناخبون عادة عن التصويت في الانتخابات التشريعية بنسبة أكبر من الانتخابات الرئاسية التي تبقى أهم حدث انتخابي في البلاد. وهذه النسبة لم تتوقف عن الانخفاض منذ 20 عاما. ففي 2012، بلغت نسبة الامتناع عن التصويت نسبة قياسية في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد غداة انتخاب الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند، حيث بلغت 44,59 بالمائة. نسبة التصويت في فرنسا خلال الانتخابات التشريعية من 1967 إلى 2017 - مؤسسة "هاريس إنتر آكتيف"
نسبة الانخفاض هذه من شأنها الحد من عدد النواب المنتخبين منذ الدور الأول، إذ يتوجب على المرشح أن يحصل على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات وعلى دعم ما لا يقل عن 25٪ من الناخبين المسجلين ليفوز في هذا الدور. ففي حال تأكد فوز حركة "الجمهورية إلى الأمام" في الدور الثاني المقرر في 18 حزيران/يونيو الجاري فستدعم رئاسة إيمانويل ماكرون بأغلبية برلمانية قوية ولكن بنسبة تصويت ضعيفة.
ولمواجهة هذا الوضع السياسي الخاص، عادت فكرة إعادة هيكلة الانتخابات التشريعية إلى الواجهة في فرنسا. ومن بين أكثر الاقتراحات تداولا إصلاح نظام التمثيل النسبي في هذه الانتخابات، إذ يدعى الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في اقتراع واحد على الصعيد الوطني، ويتم توزيع مقاعد البرلمان على نواب كل حزب انطلاقا من الأصوات التي حصل عليها.
وأثيرت هذه الفكرة للنقاش خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة من قبل المرشح الاشتراكي بونوا هامون، وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون، وأبدى "المرشح" إيمانويل ماكرون حينها موافقته على المبدأ. ولكن على الرغم من نسبة الامتناع القياسية، تبقى رسالة الفرنسيين واضحة، فللمرة الثالثة على التوالي أكد الملايين منهم على تعلقهم بمشروع التجديد والوحدة الذي يحمله الرئيس الشاب الذي قلب موازين الحكم والسلطة على الحزبين اليميني (الجمهوريون) واليساري (الاشتراكي) التقليديين. بحسب فرانس برس.
وعلى الناخبين الفرنسيين اختيار 577 نائبا في الجمعية الوطنية (الغرفة الأدنى في البرلمان الفرنسي) سيعملون خلال خمس سنوات على مناقشة وتعديل والتصويت على القوانين التي تعرض عليهم من قبل الحكومة ومراقبة عملها وتقويم السياسات العامة. كما سيكون لهم صلاحية إسقاط وتغيير الحكومة، لذلك يأمل كل رئيس أن يتمتع بالأغلبية في الجمعية الوطنية.
صفعة جديدة
صفعة جديدة تلقاها الحزب الاشتراكي خلال الدور الأول من الانتخابات التشريعية إذ تراجع تمثيله إلى أقل من أربعين مقعدا في البرلمان، بينما عجزت أسماء لها ثقلها في الحزب الذي يعد واحدا من أكبر وأقدم الأحزاب السياسية في فرنسا، من المرور إلى الدور الثاني، لتغيب بذلك عن أروقة البرلمان الذي صدح صوتها فيه لعهدات طويلة. ولم يحصل اليسار سوى على 9 إلى 10,2% من الأصوات بحسب التقديرات، بعيدا عن نسبة 29,3% التي حققها في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية العام 2012 والتي سمحت له بشغل 300 مقعد
وزيرة الثقافة أوريلي فيليبيتي، مرشح الحزب للرئاسيات الأخيرة بونوا هامون، والسكرتير العام للحزب جان كريستوف كامباديليس... كلهم خسروا في الدور الأول من هذه الانتخابات. مثلهم مثل العديد من نواب اليمين وحزب "الجمهوريون" الذين تركوا مكانهم لنواب ينتمون لحركة "الجمهورية إلى الأمام" التي تمكنت في وقت قصير من قلب المشهد السياسي الفرنسي رأسا على عقب بإسقاطها الحزبين التقليديين.
وأجمع الاشتراكيون على اعتبار ما حدث "هزيمة أكثر من تاريخية" و"نتيجة قاسية" و"صفحة تنطوي" من تاريخ الحزب العريق بعدما أمسك الحكم خمس سنوات في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، لتتصاعد مجددا الأصوات الداخلية المطالبة بإعادة بناء اليسار وتغيير شكل الحزب واسمه. كريستوف كامباديليس الذي خسر أمام مرشح من الغالبية الرئاسية في الدائرة الباريسية التي كان نائبا عنها منذ 1997، قال إن ما حدث "نهاية حقبة. ليست نهاية الاشتراكية، ولا نهاية تاريخ الاشتراكية في فرنسا، بل هي نهاية هذا البيت الذي شيد عام 1971، نهاية هذا البيت تحديدا لأسباب واضحة".
ويذكر أن مؤتمر الحزب في العام 1971 سمح بتوحيد مختلف تياراته خلف زعيمه فرانسوا ميتران، قبل عشر سنوات من فوزه بالرئاسة في أيار/مايو 1981. رئيس الوزراء الاشتراكي السابق بيرنار كازنوف قال بأنه "ينبغي النظر (إلى هذه النتائج) بوضوح واستخلاص كل العبر بعد الدورة الثانية، ثم إعادة بناء يسار الحكم على قواعد سليمة وجديدة". وكان زعيم الاشتراكيين في الانتخابات التشريعية يؤكد قبل الاقتراع أنه لا يؤمن بإمكانية "زوال الانقسام بين اليمين واليسار"، لكن لا بد من الإقرار بعد الدورة الأولى أن الرئيس نجح في رهانه، فقلب المشهد السياسي رأسا على عقب. بحسب فرانس برس.
جيروم غيدج المتحدث السابق باسم بونوا هامون قال بإنه "سيكون من الجنون بعض الشيء ألا نستمع إلى الرسالة" داعيا إلى "إعادة بناء" اليسار. وكان هامون أكد أنه يعتزم المشاركة في إعادة بناء اليسار مهما حصل وحتى لو هزم في الانتخابات التشريعية. وقرر أن يطلق في مطلع تموز/يوليو حركة هدفها جمع كل الذين "يريدون المساهمة في ولادة اليسار من جديد". وكانت رئيستا بلديتي باريس وليل آن هيدالغو ومارتين أوبري أطلقتا في مطلع أيار/مايو حركة أخرى اسمها "منذ الغد" بمشاركة مثقفين وفنانين.