الحكومة المغربية الجديدة: هل تكسر الجليد السياسي؟

عبد الامير رويح

2017-03-30 07:50

قرار الملك محمد السادس بتكليف سعد الدين العثماني المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، لتشكيل الحكومة بعد إعفاء رئيس الوزراء المكلف السابق عبدالإله بن كيران، الذي لم ينجح بعد الانتخابات التي أجريت في أكتوبر تشرين الأول، ما يزال محط اهتما واسع حيث أكد بعض الخبراء، ان هذا القرار يمكن ان يسهم في إنهاء حالة الجمود السياسي في البلاد، خصوصا وان شخصية العثماني تختلف كثيرا عن سلفه بن كيران الذي لم ينجح وعلى الرغم من مرور اكثر من خمسة أشهر على إجراء المغرب، ثاني انتخابات له بعد الإصلاح الدستوري الذي عرفته البلاد عام 2011، وبعد مشاورات ماراثونية مع مختلف القوى والأحزاب السياسية في تشكيل حكومته. نتيجة مواقفه المتصلبة حيال بعض الأحزاب وفشله في التعامل مع شروط الأطراف المقابلة.

وقال رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة ابن زهر في أغادير وكما نقلت بعض المصادر،إن تعيين الملك محمد السادس لسعد الدين العثماني كرئيس للحكومة ينسجم كليا مع الدور الذي يخوله الدستور من أجل ضمان حسن سير المؤسسات واحترام الخيار الديمقراطي وشرعية صناديق الاقتراع، مضيفا أن هذه الخطوة وضعت حدّا لكل القراءات والتنبؤات غير السليمة دستوريا نصا وروحا. واعتبر إسماعيل أزواغ الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الرباط في تصريحات أن حسم الملك في اختياره لسعدالدين العثماني يتماشى مع معطيات تأخذ في الاعتبار وزنه السياسي وحجم مسؤوليته الحزبية ضمن تسلسل منطقي يتناغم مع البدائل المفترض أن تلقى تأييدا داخل هياكل الحزب، فالشخصية التي وقع عليها التكليف الملكي ليست بالهامشية بل لها تأثير خاص وحضور داخل تنظيمه السياسي. ويترأس العثماني المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بالإضافة إلى العضوية بالأمانة العامة وشغل في الفترة بين 2004 و2008 منصب الأمين العام للحزب.

من جانب اخر اكد بعض المراقبين ان قرار الملك قد لا يسهم بتغير الواقع السياسي في المغرب، بسبب غياب الثقة و استمرار الصراع بين الاحزاب، وشغل العثماني منصب وزير الخارجية من 2012 حتى 2013 ويقود منذ ذلك الحين الكتلة البرلمانية للحزب. والعثماني طبيب نفسي ومتفاعل نشط على وسائل التواصل الاجتماعي وسبق وقاد حزب العدالة والتنمية في الفترة من 2004 إلى 2008. ويعتبر العثماني حليفا مقربا لبن كيران. وواجه بن كيران صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة الجديدة. ووصلت المفاوضات بين الأحزاب المشاركة فيها إلى طريق مسدود بسبب تشبث كل طرف بموقفه.

الحكومة المغربية

وفي هذا الشأن جاء قرار العاهل المغربي تكليف سعد الدين العثماني بتشكيل الحكومة خلفا لعبد الإله بن كيران ليضع نهاية لأزمة مشاورات تشكيلها التي تجاوزت للمرة الأولى خمسة أشهر. وأعلن العثماني أنه وافق على تشكيل حكومة ائتلافية مع خمسة أحزاب أخرى ليكسر حالة الجمود السياسي. وكان الملك محمد السادس بادر في 17 مارس آذار، فور عودته من جولة في عدد من الدول الافريقية تجاوزت الشهر ببضعة أيام، بتعيين العثماني الطبيب النفساني القيادي في حزب العدالة والتنمية رئيسا للحكومة بدلا من بن كيران الأمين العام للحزب الفائز بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي وحثه على الإسراع بإعلان تشكيلة الحكومة.

وبينما رأى محللون أن المشكلة تكمن في شخصية بن كيران يرى آخرون أنها تتمثل في استمرار حزب العدالة والتنمية، الذي يمثل التيار الإسلامي، في الحكم وقبول التيارات السياسية الأخرى له. وقال قيادي في حزب العدالة والتنمية فضل عدم نشر اسمه إن "الحزب يتعرض لمؤامرات وإنهم ملتفون حول سعد الدين العثماني للخروج من هذه الأزمة." وكتب الصحفي توفيق بوعشرين في يومية "أخبار اليوم" المستقلة الصادرة قبيل إعلان العثماني لائتلافه الحكومي أن "الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ستساند العثماني من باب الانحناء للعاصفة وحماية المكتسبات واستئناف جزء من العمل الذي بدأه بن كيران سواء من جهة إدماج الحزب مع جسد نظام لا يقبله أو على جبهة إدارة الشأن المحلي في جل مدن المملكة" التي يسيطر عليها العدالة والتنمية حيث يواجه ضغوطا في تدبير الشأن المحلي أيضا.

ويعتقد أحمد البوز أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس في الرباط والمحلل السياسي المغربي أن "تعيين شخص آخر من العدالة والتنمية يظهر أن المشكل ليس مع الحزب ولكن مع ما أسميه ‘ظاهرة بن كيران‘." وقال إن "رأسه أصبح مطلوبا بسبب نوعية الخطاب الذي اشتغل به والهيمنة التي أصبح فارضا نفسه بها في الحياة السياسية المغربية."

لأن قانون الانتخابات يضمن عدم استئثار حزب واحد بأغلبية الأصوات اضطر بن كيران لإجراء مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية بعد أن تصدر حزبه بقية الأحزاب بفوزه بعدد 125 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 395 مقعدا. وعلى مدى أشهر ظل بن كيران يحاول تشكيل الحكومة غير أن مساعيه وصلت إلى طريق مسدود. فقد استبعد بن كيران من مشاوراته حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الحاصل على المركز السادس بعدد 20 مقعدا واعتبره حجر العثرة في المشاورات بينه وبين عزيز اخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي حل رابعا بعدد 37 مقعدا.

غير أن اخنوش أصر على مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحكومة ورفض بن كيران ذلك في بيان شهير أصبح يعرف محليا ببلاغ "انتهى الكلام". ثم وجد بن كيران نفسه مضطرا للتفاوض مع اخنوش بعد انسحاب حزب الاستقلال الفائز بالمركز الثالث بعدد 46 مقعدا من المشاورات في أعقاب الضجة التي أثارتها تصريحات لأمينه العام اعتبرتها الدولة مسيئة لموريتانيا وغير مسؤولة.

وجاء في بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في الثامن من يناير كانون الثاني الماضي أن بن كيران كان ينتظر جوابا من اخنوش على سؤال "حول رغبته من عدمها في المشاركة في الحكومة". وقال بن كيران في البيان إن اخنوش وعده "بالإجابة عنه بعد يومين وهو الأمر الذي لم يفعل وفضل أن يجيبني عبر بلاغ خطه مع أحزاب أخرى منها حزبان لم أطرح عليهما السؤال" في إشارة إلى حزبي الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري. استخلص بن كيران "أن السيد اخنوش في وضع لا يملك معه أن يجيبني وهو ما لا يمكن للمفاوضات أن تستمر معه حول تشكيل الحكومة..بهذا يكون قد انتهى الكلام."

وأدى قرار العاهل المغربي إعفاء بن كيران إلى فك الجمود فأعلن العثماني عن انفراج الأزمة وكشف عن الأحزاب التي ستشكل الحكومة المرتقبة ومن ضمنها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية. وقال العثماني في تصريح صحفي إنه "بالإرادة الحازمة تم تجاوز العقبات التي حالت دون تشكيل الحكومة في الشهور الماضية." وأضاف "سنعمل سويا على إرساء حكومة قائمة على هيكلة فعالة ناجحة ومناسبة. لقد بدأنا النقاش في هذا الإطار اليوم وسنستمر في الأيام المقبلة."

وعقب إعلان العثماني لنتائج مشاوراته قال بن كيران أمام مناصريه في اجتماع حزبي داخلي إنه كان يعتزم تقديم استقالته للملك "منذ أن جاء عزيز اخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار بشروطه." وأضاف أن قياديين من حزبه طلبوا منه التريث وأن "اللحظة التي يمر بها الحزب دقيقة ... الحزب يعيش فترة صعبة." ورأى محللون مغاربة أن المشكلة كانت في شخص بن كيران ليس مع الدولة فقط بل مع النخبة السياسية عموما.

ويقول المحلل السياسي البوز إن تعيين العثماني "لا يعني أن هناك رضا تاما عن العدالة والتنمية ولكن على الأقل كمرحلة أولى يبدو أن شخص بن كيران كان مزعجا وحاضرا في هذه الترتيبات وبالتالي كمرحلة أولى إبعاد شخص بن كيران ويمكن مرحليا على الأقل القبول بالعدالة والتنمية." وقال خالد الشييات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول إن "بن كيران تشبث بموقف وراهن عليه لكن في الأخير هناك موازين يجب احترامها".

واعتبر البوز أن "العديد من الجهات لها مآخذات على العدالة والتنمية من بينها خبرة الحزب في التسيير وأطره كما أن هناك أحزاب ملت من وجودها في المعارضة ولم تعد تستسيغ هيمنة العدالة والتنمية وتعتبره ربما حزبا سيهيمن على العملية الانتخابية في المغرب ويعيد بطريقة أخرى إنتاج هيمنة حزب العدالة والتنمية التركي على المشهد السياسي التركي." وأضاف أن "هذه كلها عوامل لعبت الدور في إبعاد بن كيران في هذه المرحلة وترك موضوع العدالة والتنمية إلى مرحلة لاحقة." بحسب رويترز.

ويرى الشييات في التطورات السياسية حلقة من "حلقات الصراع الخفي والظاهر بين الاسلاميين والسلطة المركزية والحزب اليوم يحاول أن يساير الضغط الذي وضع فيه لأنه لا يمكن أن يتخلى عن رئاسة الحكومة. لكن ليس في صالحه أيضا أن يترأس حكومة ضعيفة أو برأسين." وقال بوعشرين في يومية أخبار اليوم "سيحاول العثماني أن يبرهن كل صباح أنه ليس بن كيران وأن الرجل هو الأسلوب وأنه ممنون لكل من ساعده في الوصول إلى رئاسة الحكومة ... لتسهيل ولادة حكومة غير طبيعية في ظرفية استثنائية." ويقول الشييات إن "المستقبل رهن بطريقة تدبير السيد العثماني لهذا التقابل بحيث لا يذوب في تصور مركزي صرف وفي الوقت نفسه يغير المعادلات القائمة على المجابهة مع أصحاب القدرة الحقيقيين والقبول به نهائيا."

تشكيل ائتلاف

الى جانب ذلك قال رئيس وزراء المغرب سعد الدين العثماني إنه وافق على تشكيل ائتلاف مع خمسة أحزاب أخرى ليكسر حالة الجمود السياسي التي أعقبت الانتخابات والمستمرة منذ نحو ستة شهور. وعين العاهل المغربي الملك محمد السادس العثماني المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي قبل أيام رئيسا للوزراء خلفا لعبد الإله بن كيران زعيم الحزب الذي أخفق في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التي أجريت في أكتوبر تشرين الأول.

وقال العثماني للصحفيين إن الخطوات المقبلة ستكون تحديد هيكل الحكومة والمقاعد الوزارية مضيفا أن من الضروري تجاوز العقبات السابقة. وقال العثماني "تقرر تكوين الأغلبية الحكومية من ستة أحزاب هي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية." وأضاف العثماني "بالإرادة الحازمة تم تجاوز العقبات التي حالت دون تشكيل الحكومة في الشهور الماضية... سنعمل سويا على إرساء حكومة قائمة على هيكلة فعالة ناجحة ومناسبة. لقد بدأنا النقاش في هذا الإطار اليوم وسنستمر في الأيام المقبلة."

وقال إن النقاش سيستمر "لإرساء الحكومة التي تفرضها المرحلة وفي مقدمتها إصلاح الإدارة وأيضا رفع تحدي جودة الخدمات من تعليم وصحة وشغل ومقاومة الفساد وغيرها." وكانت المشاورات الحكومية تعثرت لأكثر من خمسة أشهر بين بن كيران الذي فاز حزبه بالعدد الأكبر من المقاعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من أكتوبر تشرين الأول وحزب التجمع الوطني للأحرار.

وفي المغرب يضمن قانون الانتخابات عدم تمكن أي حزب من الفوز بأغلبية مطلقة في البرلمان المؤلف من 395 مقعدا مما يجعل من الحكومات الائتلافية ضرورة في نظام يعتبر فيه الملك السلطة العليا. وقال العثماني الذي كان يرافقه زعماء الأحزاب السياسية المشكلة للائتلاف الجديد "خلال المشاورات التي فتحتها استقبلت فيها الأحزاب الممثلة في البرلمان وهي الأحزاب التي حرصت على أن تعبر عن آرائها وكلها مستعدة لدعم إخراج الحكومة بسرعة... ومن خلال تلك المشاورات اتضح أن الأجواء مناسبة في الساحة السياسية."

وأضاف "أننا جميعا مؤطرون بالمقتضيات الدستورية وبالمنهجية الديمقراطية ... وبالإرادة الشعبية في تدبير المشاورات بغية جمع الأغلبية في مجلس النواب وسنواصل انطلاقا من هذه المبادئ والأسس المؤطرة على العمل بمقتضاها." وقال العثماني إن المرحلة التي تلي هذه المرحلة هي "الاتفاق على الهيكلة الجديدة ثم توزيع الحقائب الوزارية وتحديد الوزراء الذين سيعينهم جلالة الملك." بحسب رويترز.

ومن جهة أخرى قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابقة عبد الإله بن كيران إنه كان يعتزم تقديم استقالته للملك "منذ أن جاء عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار بشروطه." وأضاف في تصريحات أمام أعضاء حزبه مساء السبت أن قياديين في الحزب طلبوا منه "التريث". وقال إن "الحزب يمر بلحظة دقيقة... ويعيش فترة صعبة"

بن كيران تعثر مفاوضات

من جانب اخر قال حزب العدالة والتنمية في المغرب إن أمينه العام عبد الإله بن كيران لا يتحمل مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة التي كلفه بها الملك محمد السادس بعد انتخابات السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي. وأضاف بيان للأمانة العامة للحزب بعد أن أعفى العاهل المغربي بن كيران من هذه المهمة بسبب تعثر المشاورات حول تشكيل الحكومة لأكثر من خمسة أشهر أن "الأمانة العامة للحزب تؤكد أن الأخ الأمين العام رئيس الحكومة لا يتحمل بأي وجه من الأوجه مسؤولية التأخر في تشكيلها وأن المسؤولية عن ذلك ترجع إلى الاشتراطات المتلاحقة من المشاورات من قبل أطراف حزبية أخرى."

وتصدر حزب العدالة والتنمية نتائج انتخابات السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي إذ حصد 125 مقعدا متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس في عام 2008 للحد من هيمنة الإسلاميين وحصل على 102 مقعد. وواجه بن كيران صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة الجديدة ووصلت المفاوضات بين الأحزاب المشاركة فيها إلى طريق مسدود بسبب تشبث كل طرف بموقفه. بحسب رويترز.

وتفاوض بن كيران بعد خروج حزب الاستقلال من المشاورات الحكومية إثر تصريحات لزعيمه اعتبرتها الدولة مسيئة لموريتانيا مع عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 37 مقعدا لكن أخنوش تشبث بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وله 20 مقعدا إلى جانب الاتحاد الدستوري وله 19 مقعدا بينما رفض بن كيران حزب الاتحاد الاشتراكي. ونظرا لحصول الأصالة والمعاصرة على 102 مقعد كان بن كيران يحتاج إلى 198 مقعدا ليضمن أغلبية مريحة.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي