النفاق الاجتماعي: النافذة المطلة على خبث البشر

عزيز ملا هذال

2023-09-28 06:19

يظهرون الحب ويبطنون ما ضده تماماً، يتحدثون في العلن غير المقصود فعلاً في حديثهم، يبدون وكأنهم الافضل والاجمل والانقى لكن حقيقتهم الارذل والادنى، لا يقدمون مساعدة ان لم تكن متربطة بمنفعة شخصية لهم، لديهم مهارة عالية في تنميق الحديث مما يجعلهم يبدون ابطال خارقين، هم مثاليون مادام الامر لا يتعارض مع مصالحهم والعكس هو الذي يحدث حين تمس مصالحهم، طفيليون ينمون حيث يجدون مصدراً للعيش وان كان على حساب كرامتهم، جبناء ليس لديهم شرف الخصومة ولا شجاعة المواجهة، هؤلاء هم المنافقون، فكيف يوضح علم النفس حقيتهم ولماذا هم على هذا الحال؟، وكيف نتعامل معهم؟

يعرف علم النفس النفاق بأنه احد سمات الفرد التي يظهر فيه الإنسان خلافاً لما يبطن بداخله بمعنى التظاهر الكاذب بالفضيلة والتمسك بالدين والقيم الفاضلة شكلاً لا مضموناً، وهو يشير الى خبث الانسان وامكانية ظهوره بسمات بديلة غير السمات الاصيلة التي زود بها منذ خلقه، والمشجع على اكتساب هذه السمة هو البيئة التي يعيش فيها الانسان نعني بها البيئة الاجتماعية المعنوية.

اعلم ان مقالي حول النفاق سوف يزعج الكثير ممن حولي من اقارب وزملاء عمل واصدقاء او أي شخص يتحسس لكون جزء مما ذكرت يتوفر فيه، لكني سأكتب بوصفي واصفاً لحالة مرضية اصبحت ظاهرة تدمر اسس الانسانية وتفكك عراها الوثيقة، فالنفاق بات اليوم معول هدم في جسم المجتمعات مما قد يسقطها في نهاية المطاف لذا انا سأتحمل كيل التهم التي ستوجه ضدي وامضي الى النهاية لوضع استراتيجيات تعامل فعال وذكي مع هؤلاء المنافقين.

الطبيعي في حياة الناس انهم يتكونون من خليط غير متجانس من الصنوف يعيشون بطباع مختلفة وغايات وأهداف مختلفة، ما يؤدي لاختلاف طرائقهم في التعبير عن أنفسهم والدفاع عما يريدون وبالتالي يتكاملون في الهدف الرئيس (هدف وجود الانسان)، لكن هذا الاتفاق حول طبيعة البشر يتم خرقة من قبل الشخصية المنافقة التي تقود من يتعامل معها احياناً إلى العجز والحيرة، بالإضافة للكثير من المشاعر السيئة غير المرغوبة التي يحس بها من يتعامل مع شخص منافق رغماً عنه.

للاسف اقول ان النفاق اصبح مستشرياً في التعاملات اليومية في مجتمعاتنا العربية بصورة ملفتة للنظر وهو ما يشكل عائقا كبيرا يهدد صفاء العلاقات الاجتماعية وحسن المعاملة والصدق مع الناس، كما ينخر بجسد المجتمع أفرادا ومؤسسات ودوائر ومنظمات ليلقي بظلاله السيئ على كل المنظومة القيمية مهددا مجتمعاتنا بمزيد من التدهور الأخلاقي والاجتماعي، حيث يضيق هامش الممارسة الصادقة الذي يبعث على الأمل في المستقبل.

لماذا ينفاقون؟

حين اجريت العديد من الدراسات النفسية لمعرفة البنية النفسية لحاملي هذا السلوك الشاذ وبعد غاصت في عمق هذه الشخصية وجدت الدوافع الخفية لاصابة الانسان بهذا المرض وهي بأختصار:

اول ما يدفع الانسان الى النفاق هو ضعف ثقته بنفسه، اذ ضعف ثقة الانسان بنفسه او انعدامها يجعل الانسان يشعر بالدونية وللتغطية علة هذا الضعف يلجئ الى النفاق على شكل مجاملة أو باعتباره ضرورة اجتماعية لمجاراة الحال، السبب الثاني هو عدم اقتناع المرء بمكانته الاجتماعية او مهنته و مع إيمانه بانعدام إمكانات لتحسين هذا الوضع يذهب صوب النفاق للوصول الى ما يعتقد أنه حقه.

وحين تتحكم في الانسان سمات الحقد والحسد والغيرة منك ومن منجزك او سطوتك المجتمعية مع عدم ظهور افعال غير سليمة منك يمكن ان يؤذوك فأنه حتماً سكون منافقاً لارضاء نفسه مرة ولارضائك مرة اخرى، وهذه الفئة من الناس من انجس ما خلق الله واكثرها خبثاً، وقد تجد اناساً يمارسون النفاق من اجل النفاق وهذا هو المرض النفسي بعينه.

كيف نتعامل مع المنافق؟

في الوقت الذي يحاول المنافق ان يوهمك انه استطاع السيطرة على افكارك وخداعك اوهمه بأنك لا تعلم نفاقه وتصرف معه بذكاء، فلا تبدو وكأنك منزعج منه مرة وحاول التلميح الى درايتك بما يجري مرة هذه احد الطرق الفعالة في ايقاف نفاقه تجاهك على اقل تقدير، كما ان اعتزال المنافقين وعدم الاشتراك معم في احاديث مهم جداً لحماية نفسك من دنس ماهم فيه، هاتين افضل طريقيتن للتعامل مع الانسان المنافق.

ذات صلة

مستقبل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وآثارهاالتعليم العالي: المشهد المحذوفضرورة الشراكة العراقية التركيةالخواطر النفسانية والوساوس الشيطانيةالسياسية الامريكية في المنطقة فقاعة ضارة