هل تخشى الشعور بالسعادة؟
عزيز ملا هذال
2023-04-30 08:07
صدق او لا تصدق في الوقت الذي يبحث فيه اغلب البشر عن المتعة التي توصل الانسان الى السعادة هناك من يخشى شعور بها، ربما في الامر استغراب واستفهام في الوقت ذاته لكنها حقيقة قائمة اثبتتها الدراسات النفسية الحديثة، وهذه الحالة المرضية تعرف (برهاب السعادة) او (مرض الشير وفوبيا)، فما هو هذا الرهاب؟ وكيف يمكن معالجته والحد منه؟
يمكننا تعريف رهاب السعادة بكونه نفور غير منطقي من المواقف الباعثة على السعادة، ووفق هذا الرهاب فإنه غالبا ما يخشى الشخص المصاب المشاركة في الأنشطة التي قد يصفها الكثيرون بالممتعة أو السعيدة او المريحة للنفس على اقل تقدير.
التعجب كله يمكن في ان الناس يفنون اعمارهم باحثين عن السعادة فيدفعون اموالاً للشعور بالفرح ويعدون خطط للوصول الى مستوى من الرفاهية التي تضمن لهم السعادة، لكن الذي يسعى الى تحقيقه الغالبية بكل طاقاتهم يخشاه آخرون ويقلقون منه ويتهربون منه، الامر الذي حدى بخبراء الصحة العقلية الى البحث هذا الرهاب ومحاولة ايجاد علاج ناجع له.
ما أعراض رهاب السعادة؟
الخبراء النفسيون يصنفون رهاب السعادة كشكل من اشكال اضطرابات القلق لكون يرتبط بالقلق من المشاركة في الأنشطة التي يعتقد أنها تجعلك سعيدا، وفي المجمل تشمل اعراض المتعلقة رهاب السعادة ما يلي:
استشعار القلق من التجمعات الاجتماعية التي تحمل طابع الافراح الاعياد والمناسبات الدينية والمناسبات العائلية الخاصة مثل الاعراس او اعياد الميلاد وغيرها لكونه يعتقد انه سيصاب بأزمة نفسية لاحقاً، ومن الدلائل على الاصابة ايضاً رفض الفرص والعلاقات التي قد تؤثر إيجابيا على الحياة، بسبب الخوف من حدوث شيء سيئ، ويرفض المصاب المشاركة في الانشطة الترفيهية حتى خارج نطاق العائلة.
ثم انه يعتقد ان السعادة ستجعل الانسان بعيداً عن انسانيته ولعله محق في هذا التصور الذي اتبناه لملاحظتي ان الكثير ممن مدت لهم الدنيا ذراعها اصيبوا بالحيونة ان صح تعبيري فغادروا كل ما في الانسان من انسانية، كما يعتقد المصاب ان التهاء الانسان بالسعادة مضيعة للوقت ومفسدة للأخلاق، هذه الاعتقادات ان توافر واحد منها او اكثر فهي بمثابة دليل ابلج على الاصابة برهاب السعادة المزعج.
العلاقة بين الانطوائية ورهاب السعادة
العلاقة بين الانطواء ورهاب السعادة واضح جداً فالانطوائيون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة برهاب السعادة فهم يفضلون القيام بالأنشطة بمفردهم أو مع شخص أو شخصين على الأكثر، وغالبا ما يُنظر إليهم على أنهم متحفظون، وبعيدون عن الأماكن الصاخبة، والأماكن التي يجتمع بها مجموعة كبيرة من البشر.
كما ان المثاليين هم الآخرين عرضة لرهاب السعادة والسبب هو سعيهم الدائم للظهور بمظهر الكمال وبذا هم يقولون ان السعادة هي سمة للأشخاص الكسالى أو غير المنتجين فقط وبناءاً على ذلك هم يتجنبون الأنشطة التي قد تشعرهم بالسعادة، لأن هذه الأنشطة يُنظر إليها على أنها غير منتجة ولا اعرف من اين اتو بكل هذه التفسيرات والمخاوف الغير منطقية والتي ليس هناك تفسيرات لأسبابها ولا دوافعها المحرك لها.
كيف نقوض مساحة الخوف من السعادة؟
رهاب السعادة واحد من انواع الرهاب حديثة العهد والتي يتم اشباعه دراسةً وتفحصاً، وليس هناك طريقة واحدة للتعامل معه والحد من وما سنذكره هي مجرد مقترحات ربما تفيدنا في تحقيق مقصدنا وهذه المقترحات هي:
نعتقد ان العلاج السلوكي المعرفي ينفع في تغير تفكير بوصلة الانسان بالاعتماد على الحديث بين المريض والمعالج او المربي وبذا يمكن اقناعه على ترك هذه السلوكية وممارسة حياته بصورة اكثر فاعليه، والنجاح في هذا الامر يعتمد مدى امكانية المعالج وثقافته وقدرته في التأثير في المريض ليجعله متفاعلاً معه ومستجيب لما يوجهه به.
ويمكن ان نعالج هذا المرض بالتعرض ومفاده تعريض المريض لمواقف حياتية سعيدة لكي يتنسى له التأكد من شعور السعادة لا يعني مؤكدا أن هناك حادث حزين سيحدث، وأن هذه مجرد أفكار، وبالتكرار تتلاشى الأفكار القلقة، وبهاتين المحاولتين يمكننا ان نحد من المرض ونقلل من اثاره الى حد بعيد.