سيكولوجية الخوف: كيف تتشكل وكيف نواجهها؟

عزيز ملا هذال

2022-05-26 06:09

في هذا العالم الكبير لا يوجد انسان يدعي انه بعيداً عن الخوف، لكن تختلف صنوف الخوف بأختلاف اسبابها وبواعثها، وعلى ما يبدو ان الخوف يولد مع الانسان وينتهي مع انتهاءه والدليل خوف الطفل الرضيع من استخدام اطرافه مثلاً وخوفه من الظلام وغير ذلك، اضافة الى الكثير من السلوكيات التي تدلل بوضوح على ان الخوف سمة لصيقة بالإنسان على اختلاف جنسه وعمره وبيئته.

الخوف هو "الشعور الناجم عن الخطر أو التهديد المتصور ويحدث في أنواع معينة من الكائنات الحية، ويقوم بدوره بالتسبب في تغير في وظائف الأيضية والعضوية ويفضي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك، مثل الهروب، الاختباء، أو التجمد تجاه الأحداث المؤلمة التي يتصورها الفرد".

كثير من التغييرات الفسيولوجية التي تحدث في جسم الانسان تدلل على خوفه ومنها: سرعة معدل التنفس، ازدياد ضربات القلب، وزيادة توتر العضلات بما فيها عضلات المتعلقة بالبصيلات الشعرية وتسبب (القشعريرة)، التعرق الشديد حتى في فصل الشتاء، اضطراب النوم، عسر الهضم، مع هذه السلسلة من التغيرات الفسيولوجية يدرك العقل الواعي عاطفة الخوف ويتعامل معه.

يعد الخوف استجابة طبيعية للظروف المحيطة بالإنسان وهذه الاستجابة بدورها تقود الانسان الى الكثير من السلوكيات في العقل اللاواعي تساعده على مواجهة الخوف او التعامل معه بحذر على اقل تقدير لكون فقدان التركيز جراء الخوف سيدفع الانسان الى القيام بسلوكيات ناشزة او البقاء على درجة عالية من التأهب وان كان الموقف لا يستدعي كل هذا الخوف.

كما ان الخوف بحسب الآراء النفسية هو استجابة حيوية ضرورية للحماية الجسدية والنفسية، تخيل فقط لو انك ليس لديك اي احساس بالخوف ماذا سيحدث؟، حتماً انه سيزج بنفسه في المخاطر دونما وعي بالنتائج وبالتالي لا ينتبه الى وقد اصبح تحت التهديدات المحيطة به وبالتالي ربما لم يتمكن من الافلات من تأثيرها السلبي عليه.

هل هناك خوف صحي وآخر غير صحي؟

انواع الخوف بحسب صحته من عدمها ينقسم الى قسمين هما الخوف غير الصحي الذي يجنح فيه الانسان الى المبالغ والحذر الشديد وفقدان البوصلة من خلال التعامل معه وهو ما ينعكس سلباً على صحة الانسان النفسية، اما الخوف الصحي فهو الذي يدعو الانسان الى الحذر من امور قد تحصل ويطلب من عبر الدماغ الى الاعداد لما سيؤدي الى نتائج سلبية مثلاً الخوف من الحصول على معدل واطئ في الامتحان الى تشديد القراءة والتركيز فيها وبالتالي تخطي هاجس الفشل وهنا الامر صحي جداً بل ضروري لكون الخوف اصبح اداة للحماية ووقوداً للنجاح والتميز وصولاً الى الاهداف التي يرسمها الانسان لنفسه.

أسباب الخوف

كثير هي الامور التي تسبب الخوف للانسان سنذكر اهمها وهي: تعرض احد من الناس لحادث مؤلم معين يجعل الاخرين في محيطه يخافون تكرار الامر معهم، على سبيل المثال تعرض احد افراد العائلة للكي في المدفئة سيجعل جميع افراد العائلة خائفين من ذلك، وقد ينجر الانسان الى الخوف لتعرضه الى صدمات نفسية أو مجرد أنه قد لاحظ الخوف في نفوس الآخرين وهذا يوحي بأن الخوف يمكن أن يتطور ليس فقط من المعاناة الذاتية.

والعقل الجمعي هو الآخر يتسبب في نشوء حالات خوف لدى الناس نتيجة لانتقال الخوف بين ابناء المنطقة الواحدة بالعدوى كانتقال لخوف نفاذ مادة البنزين في منطقة معينة وبالتالي يسري الامر على الكثير من الناس بأختصار هذه ابرز محفزات تشكل الخوف لدى الانسان.

بماذا نبدد الخوف؟

اما المعالجات فيمكن ان تحدث عن طريق استراتيجيات عديدة منها: تعريض الانسان لما يخاف منه على مبدأ (اذا خفت من شيء فقع فيه) وهذا الامر سيرفع الخوف عن الانسان تدريجياً، والعلاج المعرفي السلوكي ناجح الى بعيد في تضيق مساحة الخوف عند الانسان فعبره يصار الى توعية الانسان الخائف بأن الخوف طبيعي في حياة الانسان شريطة ان لا يتحول الى خوف مرضي التعامل مع الخوف على إنه مؤثر غير حقيقي يزول بزوال الأمر المثير له، الايمان بالله وبما يقدمه للانسان وان ما يصيبه هو مكتوب عليه فلا الحذر يدفع والافراط يعالج وبذا يتمكن الانسان من مواجهة الخوف وكسر شوكته في النفس.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي