إدمان ممارسة الرياضة وصعوبة إقناع ممارسيها
نعمان عبد الغني
2020-04-26 07:31
يعرف الإدمان بأنه حاجة قوية -غير قابلة للسيطرة أو التحكم- إلى تناول مادة معينة مثل المخدرات أو الخمر، أو إلى القيام بسلوك ما مثل القمار، يصبح أهم شيء في حياة المرء، ويؤثر على دراسته أو عمله أو حياته العائلية.
يرتبط الإدمان في ذهن الناس بالمقامرة والمخدرات والكحول والنيكوتين، لكن قد يدمن الشخص على أي شيء، بما فيها الرياضة.
من المعروف أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام هي أحد الأمور الإيجابية التي تساعد في الحفاظ على صحة الجسم، وقليلون مَن يستطيعون الحفاظ على هذه العادة الصحية يوميا، إذ عادةً ما ننقطع لفترة ثم نعود مرة أخرى وهكذا. ولذلك فمن الغريب تصوُّر أن هناك ما يعرف بإدمان ممارسة الرياضة والحصول على مظهر رشيق على الرغم من ندرة حدوث هذا الإدمان في العموم، إلا أنه يحدث -في الواقع- بنسبة ملحوظة بين الرياضيين والشباب المهتمين بالحصول على جسم رياضي المظهر.
ولكن، ما هو الخط الفاصل بين ممارسة الرياضيين لتمرينات مكثفة للحفاظ على لياقتهم البدنية أو للاستعداد للمشاركة في بطولة رياضية وبين الإدمان غير الصحي للرياضة؟
إدمان الرياضة.. ما المقصود؟
اختلفت التعريفات الخاصة بإدمان ممارسة الرياضة، وعلى الرغم من عدم الاعتراف به بعد بشكل رسمي كاضطراب نفسي، إلا أنه شديد الصلة باضطرابات الطعام، حتى إن بعض الباحثين لا يفصل إدمان الرياضة عن اضطرابات الأكل؛ لذلك يمكن تعريف إدمان ممارسة الرياضة بأنه الهوس غير الصحي باللياقة البدنية، والإسراف في ممارسة التمرينات الرياضية.
ينتج عادةً عن الإصابة باضطرابات الأكل، وعدم الرضا عن صورة الجسم، ومثلما يحدث في حالات الإدمان الأخرى، فهناك خصائص ظاهرية عامة قد يشير اجتماعها إلى الوصول إلى مرحلة الإدمان، ومنها:
- عدم القدرة على التحكم الإرادي في السلوك الإدماني.
- الانخراط في الممارسة على الرغم مما تسببه من أذى بدني ونفسي واضح.
- الانخراط في الممارسة على الرغم من الرغبة في التوقف.
- الانخراط في الممارسة لتجنب الإصابة بأعراض الانسحاب، ولكن هذا الانخراط في الممارسة يحول دون مواصلة الحياة بشكل طبيعي.
- شعور بالتعاسة يصيب المدمن وقد يمتد إلى من حوله.
- الإفراط في الممارسة بشكل سري.
- تزايد الممارسة باستمرار (وذلك بسبب الشعور بقدرة الجسم على تحمل المزيد من الممارسة)
- التوقف عن ممارسة معظم النشاطات الأخرى أو التقليل منها بشكل كبير
لماذا يحدث إدمان الرياضة؟
أثبتت الدراسات أن المداومة على ممارسة الرياضة تعمل على تحسين الحالة المزاجية وتزيد من المشاعر الإيجابية كالثقة في النفس وتحد من المشاعر السلبية والشعور بالحزن أو الاكتئاب، وقد تم الربط بين هذا الشعور وبين إفراز الجهاز العصبي بعض المواد الكيميائية الطبيعية (والتي تعمل بآليات شبيهة بآليات عمل بعض المواد المخدرة)، مثل الدوبامين والإندورفينات، وهما الهرمونان المسؤولان عن تحسين الحالة المزاجية والشعور بالسعادة والراحة، وعن تسكين الألم والحد من الشعور بالإجهاد، ولذلك يلجأ البعض إلى ممارسة المزيد من الرياضة للحفاظ على إفراز هاتين المادتين داخل الجسم باستمرار.
ما هي علامات إصابتك بإدمان الرياضة؟
1. الهوس بممارسة الرياضة بعد تناول الوجبات
وذلك للتخلص من السعرات الحرارية باستمرار بسبب الشعور بالذنب أو لمعاقبة النفس على تناول الطعام.
2. التقليل من الطعام بصورة مبالغة
والتطلع إلى اكتساب جسم غير واقعي.
3. المكوث في صالة التمرينات فترات طويلة
إذ يمكن لمدمن الرياضة مواصلة التمرين لأكثر من خمس ساعات يوميًا، أو الذهاب إلى صالة التمرينات عدة مرات يوميًا.
4. الشعور المستمر بالإرهاق
فالإسراف في ممارسة الرياضة بطريقة غير صحية يؤذي الجسم، ويسبب الشعور بالضغط والتوتر والإجهاد طوال الوقت، وقد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.
5. تعديل الخطط اليومية لتتناسب مع مواعيد التمرينات
إذ تصبح الأولوية دائمًا الذهاب إلى صالة التمرينات حتى وإن أدى ذلك إلى إلغاء مواعيد هامة أو تأجيلها.
6. الشعور المستمر بالذنب والإلحاح المفرط على النفس بممارسة الرياضة
تسبب ممارسة الرياضة في الأحوال الطبيعية شعورًا بالسعادة وتحسن الحالة المزاجية، ولكن مع تحول هذه الممارسة إلى الإدمان تصبح ممارسة الرياضة عبئًا نفسيًا، إذ تسبب الشعور المستمر بالخوف والقلق من تغير شكل الجسم، والشعور بالذنب في حالة إغفال التدريب، والحاجة الملحة للتمرين على الرغم من المرض أو الإجهاد أو سوء الأحوال الجوية.
قد يكون من الصعب الاعتراف بالإصابة بإدمان الرياضة، ولكن ذلك هو أول وأهم خطوات العلاج، ففي معظم الحالات يكون العلاج بالتحكم في النفس، وضبط مواعيد التمرينات والغذاء اليومي بما يتناسب مع الحالة الصحية العامة، ولذلك يُنصح باستشارة خبراء التدريب الرياضي وأطباء التغذية أثناء ممارسة الرياضة لتجنب أية مشكلات بدنية ونفسية محتملة.
إدمان أي شيء مهما كان مفيدا فهو مضر لصحة الإنسان، وبالتالي فإن إدمان الرياضة وإن قلت حدوثها فلها أضرار عكسية كبيرة.
يبين أن إدمان الرياضة يؤدى إلى حدوث إرهاق مزمن للعضلات وتصلب للعضلات، نظرا لأن الشخص يقضى ساعات طويلة في التمرين دون توقف، كما يشعر أيضا الفرد بالقلق المفرد بدون سبب وعدم الشعور بالراحة وتزيد لديه الحاجة لأخذ قسط من الراحة طوال الوقت.
ونجد مدمن الرياضة لا يأخذ راحة أبدا من التمارين الرياضية حتى لو مرض أو حتى عند ضغط العمل نجده يضع ممارسة الرياضة في أولوياته القصوى، وقد يضع نفسه في نظام غذائي قاسٍ في حالة التأخر عن الجيم.
عند ظهور أي من تلك الأعراض يجب فورا التقليل من ممارسة الرياضة، وأخذ قسط من الراحة لإراحة العضلات، وقد يحتاج الفرد لمتابعة طبيب للتأكد من سلامة العضلات.
وعند صاحب إدمان الرياضة مشكلة أخرى هي صعوبة إقناع ممارسها بخطورة الموقف، نظرا لاعتقاده التام أنه يمارس ما هو صحى له ولجسده، وقد يحتاج الإنسان في بعض الأوقات إلى المتابعة مع طبيب نفسى للخروج من حالة الإدمان التي قد تنهك صحته وقوته على المدى البعيد.
الإدمان على الرياضة
يحذر الأطباء من الإفراط في ممارسة الرياضة نظراً لما يعكسه من تأثيراتٍ سلبية تضرّ بصحتك. وفي هذا المضمار، تقدّم إليك "حياتك" بعض الأضرار التي قد تنجم عن الإفراط في ممارسة الرياضة، اطلعي عليها وتجنّبيها قدر المستطاع:
• على الصعيد الاجتماعي، يؤثر الانغماس في ممارسة الرياضة سلباً على حياتك الاجتماعية إذ تصبح العلاقات الإنسانية شبه غائبة.
• لأنك تتعرضين للتعب الشديد، يفقد الجهاز المناعي في جسمك قدرته على محاربة الفيروسات التي قد تصيبه في بعض المواسم.
• يعتبر الإدمان الرياضي سبباً جوهرياً للإصابة بالالتهابات المزمنة في الجهاز التنفسي خصوصاً عندما تصابين بنزلات بردية.
• لا شك أن التمارين الرياضية تخفّف من نسبة الاصابة بالأزمات القلبية في حين يعتبر الافراط في ممارستها سبباً أساسياً لتلك المشكلة الصحية.
الرياضة... واجب
• يؤدي الإفراط في ممارسة الرياضة والإرهاق الشديد الى توتر الأوتار فيرفع من نسبة إصابة جسمك بكسور العظام.
• يعاني الجسم جرّاء الادمان على الرياضة من اضطرابات غذائية عدّة كفقدان الشهية تؤثر سلباً على انتظام الدورة الشهرية وخسارة الوزن بطريقة غير مدروسة وصحية.
• تنعكس مدة التمارين الرياضية الطويلة على عضلاتك فتؤدي الى تشنجها وتشعرك بالإجهاد والدوار.
• تظهر أحياناً تلك العادة سلوكيات غريبة كصعوبة في التركيز، اكتئاب، وقلق دائم حول وزنك.
• أحياناً تنقلب الآية إذ من المعروف على المستوى النفسي أن الرياضة تساعدك على التخلص من الكثير من الأمراض وتعزّز نسيانك للكثير من مشاكلك وهمومك، ولكنها في المقابل قد تصبح مصدراً لمثل هذا الإحباط عندما تتحول الى واجبٍ مؤلم يصعب عليك التخلص منها أو التخلص منها حتى في أحلك الظروف، فينعكس هذا الواقع سلباً عليك وقد يشكل مصدر ضغط إضافي أنت بغنى عنه.
للتغلب على ظاهرة الإدمان الرياضي؟
• لا تتوقف بشكل كليّ عن ممارسة الرياضة واعمد الى القيام بالنشاط البدني ثلاث مرات في الأسبوع بشكل لا يتعدّى الـ40 دقيقة في كلّ مرة، كي لا تتحول العضلات الى دهون.
• أبدا بتطبيق تمارين رياضية خفيفة كالمشي أو الركض ثم ارفع من المستوى بشكل تدريجيّ.
• غير نوع النشاطات التي تمارسها مع أصدقائك وكلما شعرت بالحاجة لممارسة الرياضة،
• اتبع نظاماً غذائياً صحياً بشكل معتدل كي تحافظ على وزنك ولا تشعر بأن التقليل من عدد ساعات الرياضة قد أثر سلباً على تناسق جسمك.
• ضع في رأسك فكرة جوهرية مستندة الى برنامج يومي منظم بحيث تصبح ممارسة الرياضة متعة لا واجباً.
• من غير المفيد أن تظن أن الرياضة القاسية مفيدة منذ بادئ الطريق، إذ إن الإجهاد المفرط قد يؤذيك نفسياً وجسديًا، لذا حاول أن تكون منطقي لا غرائزي ولا تدعي أي سببٍ أو أي رغبة، خصوصًا التخلص من البدانة، تقودك الى التهور رياضياً.
إذاً، تتسم ممارسة الرياضة بانتظام العديد من المنافع الصحية شرط ألا تتخطى المستوى المطلوب تلافياً للعوارض الجانبية لأن الجسم لا يحتمل المجهود المكثف كونه ينهك العضلات والمفاصل والقلب. فممارسة الرياضة بطريقة صحيحة ومدروسة تؤمن لك الحيوية بعيداً عن التعب والخمول. استخدم التمارين لأسباب بناءة فقط واستمع الى الاشارات التي يطلقها جسمك عندما يتلقى كفايته من التمرين.