ثقافة نفسية: الشفاء بالضحك
أ. د. قاسم حسين صالح
2019-08-15 06:56
اثبتت الابحاث ان الانسان الضاحك هو افضل صحة وشبابا وحيوية من ذلك الذي يعيش حياته متجهما عابسا لا تعرف الابتسامة سبيلا الى شفتيه. وفي كتابه (الشفاء بالضحك) يقول الدكتور ريمون مودي: لقد شاهدت عددا كبير من المرضى وقد شفوا لأنهم عرفوا ان يجابهوا مرضهم بنفسية ساخرة مازحة. وانطلاقا من معاينة هولاء المرضى اخذت اسأل نفسي عن مفعول هذا الضحك الشافي.. واقصد به ليس الضحك العادي والابتسام، بل مجابهة الحياة بروح ساخرة من تقلبات الايام وشدائدها التي يجب ان نقابلها بالسخرية والابتسام.
ويرى الدكتور ريمون ان هنالك فرقا بين الضحك والسخرية، ففي اثناء الضحك يتمدد الفم والشفاه، ويتواصل اخراج النفس من الصدر، ويتعالى ذلك الصوت الذي نسميه ضحكا، ويهتز الصدر والاضلاع، وتتساقط الدموع اذا استمر الضحك وبلغ حدا معينا. اما السخرية الظريفة فهي شأن اخر تنبع من نفسية توصلت الى التعالي فوق احداث الحياة وعلاقات البشر الى النظر اليها بتجرد وهدوء، وان الانسان الذي يبلغ هذه المرحلة النفسية هو الذي يرى الحياة من زاوية السخرية دون ان يفقد احترام ذاته ومحبتها واحترام الناس له.
وعن العلاج بالضحك يضيف الدكتور ريمون بأن الضحك يقترن بانخفاض حيوية العضلات، وانه اذا اشتد شعر الانسان وكأنه سوف يغيب عن الوعي، وان تراخي العضلات هذا هو الذي حمل بعض العلماء على القول ان الضحك يسبب انخفاض الضغط الدموي وتحرر الطاقة الزائدة.
ولقد اثبتت التجارب العلمية الحديثة ان هناك علاقة بين الروح الساخرة الظريفة وبين تركيبة الانسان الجسدية حيث لا يجتمع صاحب الضحك والمرح والفرح مع الغضب وحب الانتقام والمعاقبة،ولك ان تلحظ ذلك لدى الظرفاء حيث كثيرا ما نجدهم بعيدين عن المشاكل والعنف بظرفهم الساخر.
ونضيف من جانبنا، ان السخرية اللطيفة الظريفة الباسمة هي في حقيقتها وظيفة اجتماعية، فربما تكون نكته او دعابة طريفة قد تسهل العلاقة من غريب او تعيد علاقة مقطوعة او تزيل توتر الجو بين الاحبة والاصدقاء،وكم من وجوه عابسة في موقف متشنج حولته نكتة او سخرية منك او صديقك الى وجوه بشوشة وود متبادل.
وفي ثقافتنا العراقية ما يؤيد ذلك، فنحن نحسد الشخص البدين لأنه دائم الضحك،ونتمنى لو كنا مثله.والدعوة الى الضحك شائعة في الاغاني اللبنانية بعكس اغانينا العراقية التي تدعو الى اشاعة الحزن في الوجوه ونصب المآتم في القلوب.
واليكم واحدة من اسراري: كنت حين اتوجه في الصباح من شارع حيفا الى مكتبي بكلية الآداب، اغلق نوافذ سيارتي واضحك بصوت عالي دونما سبب.
وفي احد الأيام جاءتني احدى طالباتي فقالت: دكتور ..اليوم واني بسيارتي شفتك تضحك حيل وماكو احد وياك..خير خو ماكو شي؟!
ولما اوضحت لها السبب، اوصيتها ان تعمل بالنصيحة، فاجابت: تحجي صدك دكتور..غير يكولون عني..مخبله!.