ما هو البديل العملي لحملة حبس اصحاب المحتوى التافه؟
رياض محمد
2023-03-20 06:07
اول اجراء هو استئناف حملة مكافحة الامية واجبار كل امي على تعلم القراءة والكتابة، وايضا تشجيع الطلبة في المدارس وفي الجامعات والمعاهد على القراءة واعني هنا قراءة الكتب المفيدة التي توسع عقل الانسان وتغني قدراته العقلية. ويمكن ايضا توسيع هذه الحملة الى دوائر الدولة والناس عموما عبر اقامة مسابقات او مهرجانات...الخ.
بدلا من حبس اصحاب المحتوى التافه, شجعوا المحتوى الرصين، الدولة تصرف من المال العام عبر عمليات مراقبة المحتوى التافه واصدار مذكرات الاعتقال ثم القيام بالاعتقال ثم ايداع الموقوف ثم محاكمته ووضعه في الحبس. بدلا من كل ذلك, اصرفوا هذه الاموال والجهود بتشجيع اصحاب المحتوى الرصين. لماذا لا تبادر وزارة الثقافة مثلا باستحداث مسابقات سنوية لافضل محتوى ويدعم الفائزون ماليا ليستمروا؟
شجعوا القنوات الفضائية والصحف على استضافة اصحاب المحتوى الرصين وتسليط الضوء على هذا المحتوى، اطلقوا حملات ترعاها الوزارات المعنية سواء الثقافة او التعليم او غيرها لمكافحة الخرافات والمحتوى المضلل ونظريات المؤامرة وغيرها من سخافات تسيطر على عقول الملايين.
جزء كبير ومهم من المحتوى التافه ذو طبيعة جنسية. لو كان هناك مشروع وطني او رؤية ستراتيجية لحل مشكلة السكن في العراق ولو رفدت بحملة وطنية يشارك فيها رجال الدين لتشجيع الشباب على الزواج وفق اسس صحيحة وتخفيف الاعباء المالية عنهم لتحقيق ذلكولو تحقق كل ذلك لخف اهتمام الشباب بالفاشينستات وفديوهاتهن وصورهن...الخ.
ان كانت قضية المحتوى التافه مهمة الى هذا الحد وهناك اجماع وطني وشعبي ونخبوي عليها, فيجب تشريع قانون واضح يحدد دون اي تعابير مطاطية وغامضة ماهو هذا المحتوى التافه وحينها يمكن مكافحة هذا المحتوى بالقانون.
هناك حاجة لتشريع قانون يتعلق بالنشر في وسائل التواصل الاجتماعي ليفهم الناس ما هو القانوني وما هو غير القانوني، آن الاوان لتشريع قانون عقوبات جديد يستبدل قانون عقوبات نظام البعث ويتناسب مع الدستور العراقي ومع تطورات العصر ومع مفهوم الحرية.
لو كان هناك عمل لجيش العاطلين من الشباب في العراق, لما كان لديهم الوقت الكافي لمتابعة الفاشنستات. ولو كان كثير من موظفي الدولة يعملون بجد, لما توفر لديهم الوقت ايضا لمشاهدة المحتوى التافه. ولو كان طلبة العراق يدرسون بجد, لما توفر لهم هذا الوقت ايضا.
اعيدوا العمل بالمكتبات العامة ومكتبات الجامعات وطوروها وارعوها لتكون منارات للعلم والثقافة بين المجتمع. في الغرب, المكتبة العامة تزخر بالناس وفيها فعاليات واقسام لا تخطر على بال! ففيها كتب واشرطة صوتية وافلام ومحاضرات وعروض فنية وثقافية...الخ. الحديث في مكان مثل مكتبة نيويورك العامة يعد شرف كبير وانجاز.
نظموا المهرجانات الثقافية الحقيقية وارعوا فعاليات مختلفة لتنمية الذوق العام في الادب والموسيقى والسينما واعيدوا البرامج الثقافية في قنوات التلفزة والفضائيات لكي يسود ماهو رصين بين الناس.
وفي النهاية حتى لو طبقنا كل ذلك, فليس هناك ضمان بانهاء المحتوى التافه. هذه قضية تواجه اغلب دول العالم بما فيها دول الغرب ولا يمكن حلها بين ليلة وضحاها وقد لا تنتهي ابدا. في المحصلة هناك بشر تافهون لكنهم ليسوا مجرمون ما داموا لا ينتهكون القانون ولا يمكن سجن الانسان لانه تافه.