مقاتلو طالبان صحفيون أيضا في الحرب الإعلامية في أفغانستان

وكالات

2019-05-15 07:52

(رويترز) - يبدأ ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم حركة طالبان ورئيس تحرير نشرتها الإخبارية اليومية يومه بجمع التقارير عن أعمال القتال الليلية مع القوات الأمريكية والأفغانية، ويقول مجاهد إنه يدفع بفريق الكتاب العاملين معه لتقصي حقائق ما يرسله بعض مقاتلي الجماعات المتشددة يعملون أيضا كصحفيين في أقاليم البلاد البالغ عددها 34 إقليما، ويتولى هؤلاء الكتاب إعداد البيانات الصحفية بخمس لغات وجمع مقاطع الفيديو والصور التي تم التقاطها بالهواتف المحمولة.

ثم يعتمد رئيس التحرير الصياغات النهائية للتقارير التي تسلط الضوء على ما تحققه الحركة من انتصارات في حربها الرامية لإسقاط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وذلك قبل أن ينشرها متخصصون في تكنولوجيا المعلومات يعملون خارج البلاد، ويقول بعض الصحفيين الأفغان إن دقة هذه التقارير متفاوتة ويتهمها معارضوها بنشر ”أخبار كاذبة“، وبرز النشاط الإعلامي لحركة طالبان كسلاح رئيسي في حرب المعلومات التي تسبق فيها الحركة في بعض الأحيان الحكومة المدعومة من الغرب وشركاءها الأمريكيين.

وفي الشهر الماضي على سبيل المثال سارعت حركة طالبان إلى نفي التورط في هجوم انتحاري على وزارة الإعلام في كابول تم تحميل تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته وفي الوقت نفسه كانت المعلومات التي نشرتها الحكومة أبطأ.

ويقول المتحدث باسم طالبان إن الحركة وسعت نطاق نشاطها الإعلامي مع انتعاش وتيرة المحادثات المباشرة بين مفاوضيها والولايات المتحدة حول إنهاء الحرب في أفغانستان في الأشهر الأخيرة. وفي كثير من الأحيان تكون الحركة أسرع من المسؤولين الأمريكيين في نشر بياناتها. واختتمت الحركة الجولة السادسة من المحادثات في قطر يوم الخميس الماضي.وقال مجاهد ”أيا كانت التطورات التي تحدث خلال محادثات الدوحة فنحن نطلع الصحفيين عليها“ مضيفا أن الرسالة موجهة للداخل والخارج.

الوجود على الإنترنت

يقول مجاهد وزميله قاري يوسف أحمدي، وهما المتحدثان باسم طالبان في أفغانستان إن لديهما تفويضا للتعامل مع الصحفيين وإصدار البيانات والتغريدات. وهما يردان في العادة على الرسائل النصية والصوتية من مراسلي رويترز المقيمين في كابول في غضون الساعة، ورغم أنه لا يمكن التحقق من مكان إقامتهما فهما يستخدمان أرقام هواتف أفغانية لاستعمال تطبيق واتساب، ويستخدم الاثنان أسماء حركية خصصتها لهما قيادة الحركة، وقال مجاهد الذي يبلغ عدد متابعيه 42 ألفا على تويتر لرويترز في مكالمة هاتفية ”لسنا مخولين الكشف عن أسمائنا الحقيقية. ويستخدم الاسمان الحركيان للحفاظ على الاتساق“، وفي 2011 بدأت قيادة طالبان نشر تغريدات بانتظام على تويتر وذلك في خطوة مفاجئة من جانب الحركة المتشددة التي جاء وقت كانت تحرّم فيه معظم أشكال الترفيه الحديثة.

وتتواصل الحركة الآن على تطبيقات التراسل واتساب وفايبر وتلجرام باللغات الإنجليزية والباشتو والدارية والعربية والأُردية، وقال مجاهد ”نحن ندرك أهمية نشر المعلومات عن جهادنا وتصميمنا على إعادة تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان“، ويقول مجاهد إنه يحصل على مرتب شهري قدره 14 ألفا أفغاني (180 دولارا) بالإضافة إلى 128 دولارا لتغطية مصاريف الإنترنت والهاتف المحمول.

وأضاف ”الآن يسعى دبلوماسيون كثيرون من دول مختلفة لعقد لقاء مع قادتنا ومتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي“.

وتابع ”بعد 17 عاما من الكفاح نحقق النصر في الحرب الفعلية والحرب الرقمية على الكفار والنظام الألعوبة الذي أقامه الأمريكيون لحكم أفغانستان‭‭‭‭“.

ويختلف المسؤولون الأفغان والغربيون مع مجاهد في الرأي، ويقولون إن القوات الحكومية وحلفاءها العسكريين يلحقون خسائر فادحة بصفوف طالبان في ساحة المعركة ويواصلون شن ضرباتهم الجوية لتدمير معسكراتها. ويعتبر هؤلاء العملية الإعلامية لدى طالبان تشويها للمعلومات.

وقال الكولونيل نوت بيترز المتحدث باسم قوات الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان والذي يتابع بيانات طالبان عن كثب ”مزاعمهم الزائفة وتقاريرهم المبالغة بلغت أسلوبا منافيا للعقل دون أدنى شك“.

وأضاف ”من الواضح أنهم يحاولون تعزيز ثقتهم بأنفسهم في الوقت الذي يموت فيه مقاتلوهم بأعداد كبيرة“، ومنذ أكتوبر تشرين الأول عقدت الولايات المتحدة وطالبان محادثات تهدف للتمهيد لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان مقابل ضمان من الحركة ألا تستخدم البلاد قاعدة لشن هجمات في الخارج، وفي الأشهر الأخيرة، رفضت حركة طالبان مرارا دعوات لإعلان وقف إطلاق النار بل وكثفت هجماتها على القوات الأفغانية والمقار الحكومية.

غرفة أخبار طالبان

قال صحفيون أفغان يتولون تغطية أخبار طالبان منذ التسعينيات قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إن الحركة كانت ترسل منشورات مكتوبة بخط اليد وتقارير إخبارية إلى الصحفيين الأفغان المقيمين في باكستان وأفغانستان.

وقال جاويد هميم كاكار وهو من كبار محرري وكالة باجووك الأفغانية، أقدم وكالات الأنباء الخاصة في البلاد، إن الحركة أقامت منذ ذلك الحين شبكة معقدة لنشر الأخبار، لكنه أضاف أن نزوعها لتضخيم أرقام الخسائر البشرية يقوض مصداقية أخبارها، ففي أبريل نيسان على سبيل المثال قالت طالبان إن مقاتليها نفذوا هجوما ناجحا على قاعدة باجرام أكبر القواعد الجوية الأمريكية في أفغانستان على بعد 50 كيلومترا تقريبا شمالي كابول قالت فيه إن عشرات سقطوا بين قتيل وجريح، ونفى مسؤولون أمريكيون في كابول وقوع الهجوم.

وقال كاكار ”إذا أرسلت لهم استفسارا يردون بسرعة كبيرة لكن الدقة تظل موضع شك. الدعاية جزء من المعركة وطالبان بارعون جدا فيها“، ويقر مجاهد وأحمدي بوجود أمثلة عديدة نشروا فيها مزاعم لم تتأكد عن وقوع هجمات وإن بعض المقاتلين يقدمون أحيانا روايات مبالغ فيها، وقال أحمدي ”ثمة مزاعم أن إعلامنا مليء بنزعة للإثارة وتلميع الصورة لكننا لا نحيد عن الحق قط. نحن نصحح الخطأ على الفور“، وفي كثير من الأحيان توجه للحكومة اتهامات بالمبالغة في التقارير الواردة من ساحة المعارك وسلم مسؤول كبير في وزارة الدفاع بأن الحكومة كثيرا ما تقلل أعداد الخسائر البشرية في صفوف القوات الأفغانية وتسارع بإعلان أرقام من تقول إنها قتلتهم من رجال طالبان، ولا يوجد تأكيد مستقل لأرقام أي من الجانبين الأمر الذي يجعل التحقق بالكامل من الوضع على الأرض مستحيلا.

وقد بدأ النشاط الإعلامي لحركة طالبان من مكتب صغير في كابول عندما كانت الحركة تحكم البلاد من 1996 إلى 2001 وتوسع نشاطه منذ الإطاحة بها وأصبحت ميزانيته الآن 25 مليون أفغاني (323 ألف دولار)، وتنشر الحركة الآن ست مجلات بلغات الباشتو والدارية والأردو والعربية كما تنشر على الإنترنت تقارير إخبارية على عشرة مواقع إلكترونية بخمس لغات بالإضافة إلى مواقع أصغر تتيح الإرشاد الديني ومقاطع الفيديو وأشعار الحرب التي ألفها المقاتلون، وقال أحمدي الذي درس العلوم الدينية ”رغم التهديدات نحن ندير الآن مكتبا إعلاميا كفؤا“.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا