فنانون عراقيون يصورون وحشية داعش في معرض العودة الى الموصل
وكالات
2019-02-06 04:53
(رويترز) - غراب يقف على كتف امرأة وقد اشتعلت النار في شعر رأسها.. هكذا عبر الفنان التشكيلي العراقي مروان فتحي بصورة مفعمة بالرموز عن الأحداث المروعة التي شهدتها مدينته، الموصل، وأدت ثلاث سنوات تحت اضطهاد وعنف تنظيم الدولة الإسلامية، والحملة العسكرية التي انتهت بطرد التنظيم من الموصل في عام 2017، إلى دمار معظم المدينة الواقعة بشمال العراق. وأسفر ذلك عن قتل وإصابة وتشريد آلاف المواطنين. أما الناجون فقد أصيبوا بصدمات نفسية عنيفة.
وقال فتحي (36 عاما) ”أنا لحد الآن الصدمة موجودة بي، يعني صار لنا تقريبا سنة، سنتين، من تحررنا، بالليل أفز، أقول رح تقصف الطيارة، رح ننضرب، رح يجون يفوتون يدقون الباب، يأخذون أحد من عندي، أنا يوميا بأعيش هذا الصراع“.
وتُعرض أعمال فتحي في معرض ”العودة إلى الموصل“ وهو أول معرض فني بالمدينة منذ فترة ما قبل وصول الدولة الإسلامية التي انتهجت تفسيرا متشددا للإسلام وحظرت كل أشكال الفنون، ويشارك في المعرض الذي يستمر ستة أيام فنانون من مختلف أنحاء العراق بعضهم من أبناء الموصل وشهدوا فترة حكم التنظيم.
وتصور لوحة بعنوان ”دمار“ للفنان هوكار ريسكين هيكلا عظميا ضخما يقف على ساق واحدة، بينما تقدم سلسلة لوحات محمد الكناني وهي ”الخلافة الأولى“ و“الخلافة الثانية“ و“الخلافة الثالثة“ بداية ونهاية الدولة الإسلامية، ومولد الموصل من جديد.
وقال فتحي، وهو أستاذ فنون جميلة، إن الفنانين الذين أقاموا في المدينة يعيشون في خوف دائم ويأس، وأضاف فتحي ”يعني في ذاك الوقت، يعني مرات أنا وأخوي وأصدقائي نقول، يصير ننتحر؟، خلينا ننتحر“. لكنه أشار إلى أنهم تراجعوا عن هذه الفكرة من أجل مستقبل الأطفال.
يقام المعرض في قاعة البهو الملكي التي افتتحت مؤخرا في متحف الموصل الذي تعرض للنهب والتدمير على أيدي عناصر الدولة الإسلامية وفي الحرب التي خاضتها القوات لاستعادة المدينة، أحمد مزاحم، وهو فنان تشكيلي آخر من مواليد الموصل، واصل عمله في السر عندما كانت المدينة في قضبة المتشددين. وباستخدام لوحة كتابة احتفظ بها أنتج مزاحم 40 رسما بالقلم الرصاص أصبحت حاليا من أهم مقتنياته خاصة وأنها تعبر عما عاناه هو وعائلته، وبالنسبة للوحة ”مدينة الحوت“ التي شارك بها في المعرض، اقتبس مزاحم فكرتها من قصة النبي يونس والحوت، والتي تصور نينوى وهي مدينة آشورية قديمة كانت تقريبا تقوم مقام الموصل حاليا، وبعد سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة في عام 2014، عاثوا فيها فسادا وراحوا يدمرون الكثير من المواقع التاريخية والأعمال الفنية بالموصل ومن بينها ضريح يعتقد كثير من الناس أنه قبر النبي يونس، وقال مزاحم إن المتشددين لم يدمروا المدينة وحسب بل ”قتلوا أيضا شيئا بداخلنا“. وأضاف ”روح المدينة راحت“.
ومن جانبه يقول عالم الآثار ماثيو فينسنت إن التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تساعد في الحفاظ على بعض الآثار التي دمرها المتشددون. وفينسنت هو أحد مؤسسي مشروع الموصل الذي يستخدم مئات الصور الرقمية لإعادة إنتاج القطع الأثرية المفقودة بتقنية ثلاثية الأبعاد.
ويمكن لزوار متحف الموصل حاليا الاطلاع على قطع أثرية آشورية من التي لم يعد لها وجود، بعد أن دمرها المتشددون، وذلك باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، وفي متحف الموصل، يستطيع الزوار الآن إلقاء نظرة على الكنوز الآشورية القديمة التي دمرها التنظيم. ومن بين هذه الكنوز أسد الموصل وهو تمثال ضخم لأسد آشوري للحراسة يعود لعام 860 قبل الميلاد وكان أحد أسدين يقفان عند مدخل معبد عشتار في نمرود بالعراق، وقال فينسنت ”لن تحل محل الأصلية أبدا لكن التكنولوجيا الجديدة تمنحنا وسيلة لم نمتلكها من قبل“.