المحادثات العابرة للأطلسي المتعلّقة بإيران بعد إقالة ترامب لتيلرسون
حالة من الفوضى
المونيتور
2018-03-19 05:50
بقلم لورا روزن
بتغريدة واحدة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13 آذار/مارس معلنًا قراره المفاجئ بإقالة وزير الخارجيّة ريكس تيلرسون، غرقت المشاورات العابرة للأطلسي بشأن إيران في حالة من الفوضى.
أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزير الخارجيّة ريكس تيلرسون بقرار مفاجئ أعلن عنه في تغريدة على تويتر، وذلك بعد ساعات قليلة فقط من عودة هذا الأخير من رحلة إلى أفريقيا، ما شكّل عقبة أخرى أمام المشاورات العابرة للأطلسي حول إيران والتي كانت تكتسب زخمًا في الفترة الأخيرة.
كان من المقرَّر أن يجتمع وفد أمريكي برئاسة بريان هوك، رئيس تخطيط السياسات في وزارة الخارجيّة، في برلين يوم الخميس في إطار جولة أخرى من المشاورات بين الولايات المتّحدة والدّول الأوروبيّة الثلاث التي ساعدت على التفاوض حول الصّفقة النوويّة الإيرانيّة عام 2015 وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وذلك للبحث في مطالب ترامب من إيران. ومن المفترض أن تعقد أيضًا اللّجنة المشتركة المكوّنة من ثمانية أعضاء والتي تشرف على تنفيذ الاتّفاق النووي الإيراني اجتماعها الفصلي في فيينا يوم الجمعة.
قال تيلرسون، الذي بدا مضطربًا أثناء الإدلاء بتصريحه في غرفة الصّحافة في وزارة الخارجيّة بعد ظهر اليوم، إنّه يحث فريق التخطيط للسياسات ورؤساء الأقسام في الوزارة على البقاء. وهو سيقوم بتسليم معظم مهامه إلى نائب وزير الخارجيّة جون سوليفان الليلة، وسيعمل حتى انتهاء ولايته في نهاية الشهر على ضمان انتقال المهام بطريقة سلسة إلى الوزير المعيّن مايك بومبيو.
وقال تيلرسون، "أشجّع فريق التّخطيط للسّياسات، ووكلاء وزارة الخارجيّة، ومساعدي وزير الخارجيّة – سواء أكانوا في مناصب مؤقتة أم ثابتة - على البقاء في مواقعهم ومواصلة مهمّتنا في وزارة الخارجيّة في العمل وفقًا للآليّات المشتركة بين الوكالات ... وسألتقي بأعضاء فريق مكتبي الأمامي وفريق تخطيط السياسات في وقت لاحق اليوم لأشكرهم على خدمتهم".
أفاد مسؤول في وزارة الخارجيّة وكذلك دبلوماسي أوروبي آخر بأنّ مشاورات برلين وفيينا ستستمر هذا الأسبوع على حدّ علمهما. إلا أنّ دبلوماسيًا آخر في وزارة الخارجية قال شرط عدم الإفصاح عن هويته إنّه يتوقّع مغادرة هوك بعد تيلرسون، في حين لم يجب هوك عن استعلام في هذا الصدد.
قال ترامب إنّ الخلافات حول السّياسة المنتهجة إزاء إيران هي من بين الأسباب التي جعلته يختلف مع تيلرسون في بعض الأحيان، إلا أنّه تمنّى كلّ الخير لتيلرسون وقال إنّه يعتبره رجلاً طيبًا. وقال أيضًا للمراسلين قبل أن يستقلّ مروحيّة للسّفر إلى كاليفورنيا اليوم، "كنت أناقش الموضوع مع ريكس منذ فترة طويلة. كنّا متّفقين في الإجمال، إلا أنّنا اختلفنا على بعض الأمور. فالصّفقة الإيرانيّة على سبيل المثال مريعة من وجهة نظري، إلا أنها جيّدة بالنسبة إليه. أردت إما أن أخرقها أو أن أفعل شيئًا إزاءها، وهو لم يوافقني الرأي".
وأضاف ترامب: "لم نكن نفكّر بالطّريقة عينها... مع ... مايك بومبيو، لدينا فكر متقارب للغاية. أعتقد أنّ الأمور سوف تسير بشكل جيّد. ريكس رجل جيّد جدًا. أحب ريكس كثيرًا. وأقدّر التزامه بالخدمة وسأبقى على اتّصال بريكس لفترة طويلة جدًا".
أما الدبلوماسيّون المؤيّدون له فلم يكن بمقدورهم سوى أن يعربوا عن عدم رضاهم عن الفوضى الأخيرة في واشنطن الناتجة من قرار ترامب، علما أنّهم كانوا يرزحون بالفعل تحت ضغوط زمنيّة لمحاولة معرفة ما إذا كان بإمكانهم التوصّل إلى تفاهم والالتزام بالمهلة التي حدّدها ترامب في 12 كانون الثاني/يناير من أجل تشديد السياسة تجاه إيران قبل أن يعزف عن تعليق العقوبات في الموعد النهائي التالي في 12 أيار/مايو.
وعن التقدّم الذي أُحرِز حتّى الآن في المشاورات بين الإدارة الأمريكيّة والدول الأوروبيّة الثلاث إزاء إيران، قال دبلوماسي أوروبي اشترط عدم الكشف عن هويّته في 9 آذار/مارس، "لقد أحرزنا تقدّمًا مع الإدارة الأمريكيّة حول عدد من القضايا وحول القدرة على أن نكون معًا".
وأضاف: "نحن نريد الحفاظ على خطّة العمل المشتركة الشاملة. ولا نريد أن نعيد التفاوض، ولا نعتقد أنّ ذلك ممكن ... لكن ما عدا ذلك، فإننا نشارك جميع المخاوف بشأن الصواريخ، وزعزعة الاستقرار الإقليمي والإرهاب ... ونحن مستعدّون لاتّخاذ خطوات لمعالجة هذه المخاوف".
ولكن في حين تضع إقالة تيلرسون المشاورات العابرة للأطلسي إزاء إيران في حالة من الفوضى على المدى القصير، قد يتبيّن أنّ بومبيو، الذي عيّنه ترامب كمبعوثه الأعلى، هو مفاوض يمكن للحلفاء الأوروبيّين الوثوق به لأنّه يمكن التعويل على كلامه باسم الرئيس.
وقال دبلوماسيّون حاليّون وسابقون إنّ إيران لم تكن القضيّة الوحيدة التي وجد ترامب وتيلرسون نفسيهما على خلاف إزاءها، علمًا أنّ تيلرسون، وكذلك وزير الدّفاع جيم ماتيس، كانا بمثابة وسيلة لكبح ميل ترامب الأوّلي الشديد إلى صفّ الإمارات العربيّة المتّحدة والمملكة العربيّة السعودية في نزاعهما مع قطر.
وقال السّفير الأمريكي السّابق في اليمن جيرالد فايرستاين للمونيتور، مشيرًا إلى زيارة ولي العهد السعودي المرتقبة إلى البيت الأبيض في 20 آذار/مارس، "لست متأكدًا من أنّ الشرق الأوسط كان له حصّة كبيرة من تفكير ترامب، لكنّني أعتقد أنّ التوقيت غريب، إذ أتى القرار قبل أسبوع واحد من وصول وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى المدينة".
وقال فايرستاين الذي يعمل الآن في معهد الشّرق الأوسط، "نعرف أنّ السّعوديّين والإماراتيّين غير راضين عن ميل تيلرسون نحو قطر... لكن بشكل عام، أعتقد أنّ تيلرسون وترامب غير مناسبين أحدهما للآخر … فتيلرسون يتبنّى الفكر الجمهوري التقليدي في السياسة الخارجيّة، على عكس ترامب. وهو ما يفسّر قرار استخدام [السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة] نيكي هالي التي لم تفصح عن أيّ وجهات نظر في السياسة الخارجيّة، للتحدّث باسم الإدارة، علمًا أنّ ذلك تسبّب بإزعاج تيلرسون".
لقد تصادم ترامب وتيلرسون حول السياسة المنتهجة إزاء إيران، وكوريا الشماليّة والصين في الأشهر القليلة الماضية، وذلك بحسب دبلوماسي أمريكي سابق. وقال الدبلوماسي للمونيتور، "كان ترامب يريد الخروج من الصّفقة مع إيران، وهو ما لم يكن يريده تيلرسون... أمّا في ما يخص الصين، فيعتقد الوزير [تيلرسون] أنّ الرّئيس يقودنا إلى صراع اقتصادي مع بلد هو الأهمّ لاقتصادنا".
أعلن أيضًا هذا الشهر غاري كوهن، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، أنّه سيغادر الإدارة، علمًا أنّ جزءًا من هذا القرار يعود إلى معارضته قرار ترامب فرض التعريفات على واردات الألومنيوم والصلب.
أمّا تيلرسون، وهو الرّئيس التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل، فقال إنّه سيعود إلى الحياة الخاصّة والقطاع الخاص، وهو كان في تكساس الأسبوع الماضي لحضور جنازة والده.
استمرّت ولاية تيلرسون المترنّحة في البيت الأبيض، وإن قال إنّه سيسلّم مهامه إلى نائبه اليوم. بالإضافة إلى ذلك، تمّ استبعاد ستيفن غولدشتاين اليوم، وهو وكيل وزارة الخارجيّة لشؤون الدبلوماسيّة العامة، بعد أن أصدر بيانًا قال فيه إنّ تيلرسون لم يكن على علم بسبب إقالته، في حين أصرّ البيت الأبيض على أنّ كبير موظّفي البيت الأبيض جون كيلي كان قد اتّصل بتيلرسون يوم الجمعة أثناء تواجده في إفريقيا لإبلاغه بتوقّع تغريدة بخصوص وضعه. وأعلن البيت الأبيض أنّه عيّن المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة هيثر نوايرت كقائمة بأعمال وكيل وزارة الخارجيّة لشؤون الدبلوماسيّة العامة.