بريطانيا وداعش بعيدا عن نظريات المؤامرة

اليوم السابع

2017-04-17 08:29

أكرم القصاص

 

لا توجد علاقة أكثر تعقيدا اليوم من علاقات التنظيمات الإرهابية بمسارات السياسة والاستخبارات والصراع في المنطقة، في سوريا والعراق وليبيا، ولا ينفصل كثيرا عن الإرهاب الذي تتعرض له مصر من جوانب مختلفة، وهو إرهاب لو كان محليا، لا يمكن أن يستمر كل هذا الوقت. وبالتالي فإن الاتهامات الروسية لبريطانيا برعاية وإيواء الإرهاب، بالرغم من كونها ضمن معركة دبلوماسية، لكنها تدور حول الحقيقة، وقد كان تفكك الاتحاد السوفيتي نتاجا لمعادلات من هذا النوع.

عندما شاركت المخابرات الأمريكية مع نظيرتيها الباكستانية والسعودية في إقامة القاعدة، وتم تصوير الصراع بين الأمريكان والسوفييت في الحرب الباردة أنه صراع بين الإيمان والإلحاد، كان الدين هو الحاسم في تجنيد آلاف الشباب المسلم الذي حارب في جبهة أمريكا وهو يتصور انه ينصر الإسلام ودولة الخلافة، عقود وقام داعش منافسا للقاعدة، فور الغزو الأمريكي للعراق، وظهر الزرقاوي وكان لبن لادن والقاعدة دورا في التخلص منه.

داعش التطور الطبيعي للقاعدة، انتزع الأضواء، وأصبح الظواهري خارج اللعبة تقريبا، ومن المفارقات في هذا السياق أن قنبلة القنابل الأمريكية ألقيت لتدمير كهوف أفغانستان التي تأوي تنظيم داعش، هذه الكهوف تم نحتها وتقويتها بدعم ومساعدة الأمريكان، لتقوية دفاعات القاعدة والمقاتلين ضد السوفييت، وتقصفها اليوم وتنهي دورها.

داعش مسخ من تزاوج العديد من أجهزة الاستخبارات في العالم، أمريكا وبريطانيا وقطر وتركيا، هناك أطراف فاعلة وأخرى تابعة، ضمن أكبر حرب بالوكالة، بعد الحرب الباردة، هناك اعترافات أمريكية بوجود دور في نشأته، ودور لتركيا وقطر في صناعة داعش، بل ومساعدته في نقل بعض الأسلحة الكيماوية من ليبيا إلى سوريا.

كل هذا يجعل من الإرهاب حربا شديدة التشابك والتعقيد، بعيدا عن نظريات مؤامرة، لأن المعلومات متاحة من أطراف مختلفة ومن تسريبات الأجهزة والدول ضد بعضهم.

هناك كتب وتقارير كثيرة وروايات ألقت الضوء على تعقيدات العلاقات الاستخبارية مع التنظيمات الإرهابية، بل وإنشاء تنظيمات لمنافسة القاعدة، أو التخلص من الزرقاوي، وكل هذا قبل وأثناء وبعد غزو العراق.

أما دور الاستخبارات البريطانية فهو معروف في إنشاء تنظيمات دينية وطائفية منذ بدايات القرن العشرين في الدول التي كانت تستعمرها، وهو دور اتسع مع الأمريكان، واستمر مع البريطانيين، وهو ما أشار إليه المندوب الروسي في مجلس الأمن.

مشهد يبدو فيه الانتحاريون مجرد أدوات، وقمة جبل غاطس، وحلقة في لعبة معقدة، تشير إلى حجم ما تتطلبه المواجهة من جهود وأدوات.

http://www.youm7.com/

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا