رعاية المواهب الجديدة : حين تخرّج المبدعين
فهيمة رضا
2017-02-08 04:40
لنغرس بذرة ..ولنترك كلمة طيبة في قلوب من نلتقي بهم..لأننا نجهل موعد الرحيل.. فلنترك بسمة في وجوهنا ووجوههم.. اطلب لجارك مصباحا فأنت أيضا تستفيد من نوره وسوف يستضيء به محيط دارك!.
لكل شخص تجاربه في الحياة بينما البعض يحافظ على كل أسرار نجاحه وفشله لنفسه، كي يبقى هو الفريد والأفضل بين الناس، هناك مجموعة من الناس فريدة من نوعها، بل في إخلاصهم وحب الخير لغيرهم، يتمنون الخير ليس لأنفسهم فحسب، بل لمن حولهم أيضا.
شيء جميل ان يكون بيتك هو الوحيد المنفرد بنوره وجماله في منطقتك، ولكن الأجمل أن تكون جميع البيوت مضاءة !ما هو الأفضل في رأيك، أن يكون هناك بيت واحد فقط مضاء بمصباح متميز، أم تكون بيوت الشارع بأكمله مضاءة بمصابيح جميلة؟ وهل تفضّل أن يكون هناك شارعا واحدا مضاء بمصابيح جميلة أم المدينة بأكملها مضاءة؟.
حتما سوف يكون الاختيار الثاني أجمل وأرقى أي لصالح بيوت الشارع كلها بدلا من البيت الواحد، والمدينة كلها بدلا من الشارع الواحد، ولكن يبقى الاختيار للشخص ونواياه الطيبة أو عكس ذلك !فالذكي هو من يختار الجمال لبيته وشارعه ومدينته ولأنه يمضي في خطواته بكل ثقة ومن دون خوف في تلك المدينة، بينما الشخص الذي يبحث عن الخير لنفسه فقط، إذا ابتعد قليلا سوف يتعثر ويسقط ليجد نفسه محاصرا بالمشاكل لأنه ابتعد عن مصباح بيته ودخل في ظلام المدينة .
إنك لا تعمّر في الأرض الى الأبد
لو أننا ننظر من جانب آخر الى الموضوع، سوف نجد أننا راحلون بعد لحظات او أيّام او أكثر.. فالشخص العادي يعيش بصورة آلية ولا يبحث عن اي شيء سوى العيش المعتاد، يأكل وينام وهكذا تمضي سنوات عمره، ولكن الذكي يبحث عن شيء يجعله خالدا بين صفحات التاريخ، والأذكى يصبح نجما ويمد يده ويمنح خبراته للآخرين كي يسيروا في الطريق الصحيح.
هناك أشخاص متميزون في مساعدة الآخرين وإضاءة طريق الموهبة والإبداع أمامهم، هؤلاء المتميزون من محبي الخير يعيشون بيننا ويسعون بصبر وتحمّل واعتناء بالآخرين كي تتطور المواهب الجديدة وتتميز في مجال الكتابة، وكما نعتقد أن هؤلاء الأشخاص من أصحاب الخيرة ومحبي الخير، كانوا سببا في نمو بذرة الخير الكامنة في أعماق بعض الأشخاص الموهوبين، فساعدوهم على تنمية بذرة الموهبة الموجودة لديهم، بعد أن كانوا غافلين عنها أو ربما لم يهتموا بها كما يجب.
لذلك استطلعت (شبكة النبأ) عددا من الأشخاص الذين حاولوا الاستفادة من خبرات الآخرين، ودخلوا عالم الكلمة وأتقنوا فنون الكتابة بالتعاون المتبادَل بينهم وبين (مدربيهم ومعلميهم) أو أصحاب الخبرة، فكان سؤالنا كالتالي:
هل سبق أن ساعدك إنسان معين كي تقف على قدميك.. وخاصة في مجال تطوير موهبتك؟.
أجابت الكاتبة مروة حسن الجبوري عن هذا السؤال قائلة: زوجي هو من وقف معي في تطوير الكتابة، أما من العامة فهناك مدرّب دعم موهبتي وشجعني.. بالإضافة الى مديرة العمل التي أكن لها الاحترام، ولابد أن يكون بجانبي من يساعدني كي أستطيع أن اصل الى هدفي.
أما الكاتبة مروة ناهض فأجابت قائلة: في الواقع هو سؤال جميل يعيدني الى الزمن الجميل الذي يذكر الواحد منا اليد التي استند عليها حتى يصل هدفه، لا زمن اليوم الذي تملأه الأنانية ونكران فضل الغير.. وإذا ما أردنا ان نتخلق بأخلاق نبي الرحمة وهو القائل صلوات الله عليه (من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق).. أودُ ان اقول ان مسيرتي وان كانت متواضعة في بداية خطواتها، إلا أنها لولا تلك الأيادي الناصعة البياض لما كانت منذُ البداية حتماً فبعد لُطف وعناية ربي وساداتي وموالي عليَّ، هناك من ساعدني، وثق فيَّ، شدَّ على يدي وقال إنني باستطاعتي ان اصل ومنهم:
أمي ودعواتها وكل جهودها، أبي وثقته وحلمه الذي كان (أنا)، أُستاذي وهو القدوة والمشعل الذي كان كلما أردتُ ان اسقط في الظُلمات يُوقدُ في دربي شُعلة لا تنطفىء أبدا، أستاذتي التي ساعدتني وشجعتنَّي وهمست بأذني بأنني أستطيع، أخواتي وصديقاتي، وكل إنسان كان له الفضلُ في تطويري ولو بالكلمة العابرة.. موضوعكِ جميل حقاً، جعلني انتبه لحجم النعم التي تُحيطني، حقاً شكراً من الأعماق لكل من ساندني وكان نوراً في مسيرتي.
بين الإحباط والإصرار على التفوق
وكانت الإجابة التالية للكاتبة سارة عبد الرضا حيث قالت: إنه سؤال مهم جداً، بالطبع هنالك دائماً شخصٌ في حياة الإنسان وهو الدافع والحافر الرئيسي لمحرك قوة النجاح في الإنسان، إذ هو الذي يملأ الشخص بوقود الأمل عندما يشعر بالتعب والإحباط .
فأنا وقودي الرئيسي كان صاحب الزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء) الذي تمنيت بكتاباتي ان اقترب منه ولو بضع خطوات ليبتسم وهو يرى صحيفة أعمالي، فهذا هو حلمي ..وبعده وقودي الثاني هم عائلتي فبدعمهم لي ومساندتهم وتشجيعهم أصبحت الإرادة عندي نحو الكتابة مضاعفة، ووقودي الثالث هي أستاذتي مسؤولة الجمعية المودة والازدهار ومعلمي، فهما دعماني وشجعاني كثيراً فهما صاحبا فضل علي .
لكن بالطبع يأتي على الإنسان زمان قد يتعب فيه جداً ويصاب بالإحباط واليأس فيريد ترك كل شيء ..لكنه يتشبث بقوة من أجل أناس طيبين في حياته.. لكن وقودي هم الثلاثة حيث يملؤوني بالأمل والدافع القوي.. أسأل المولى (عز وجل) أن لا يسلب مني هذه الخدمة لأكون من المخلصين في خدمة خلقه .
الآن نوجه السؤال لك، أنت ماذا ستختار أن تكون؟ هل تحب أن تكون الشخص الذي يدعون له بالخير، ويتمنون له النجاح، ويعدّونه قدوة لهم، أم تفضّل أن تكون الشخص الذي يدعون عليه ويرفضونه وينظرون إليه بعدم القبول كونه أنانيا وغير متعاون؟!.. لا شك أننا نسعى كي نكون من الصنف الأول، وهو الإنسان الذي لا بخل بتقديم خبراته للآخرين، فهو أفضل من الأناني، لأنه يسعى لنقل خبراته ومعارفه الى الأجيال التي تسعى لتطوير حياتها نحو الأجمل والأصحّ.
إن وجود أي شخص في حياة الإنسان ليس هباءً، بل ربنا يرسل بعض الأشخاص كي يجعلوا منا أبطالا في هذه الحياة، نتعلم منهم دروسا وعبرا ونفهم بعد خروجهم من حياتنا بأن السوء والألم قد ودعنا الى لأبد!.. وهناك ملائكة يرسلهم الله على هيئة بشر وكأن همهم الوحيد كشف الهموم وإخفاء الغمّ وطرده من قلوبنا.. وكأنهم قد وُجدوا لهذا لسبب بالتحديد وهو مساعدة الآخرين.
من هنا يمكن أن ندرك بأن وجود أي شخص في حياتنا حكمة، كي نتعلم منه إما دروسا في الوفاء والاهتمام بالآخرين، وأما أن نرى الغدر والنفاق ونفهمهما جيدا، ولعل أهمية دروس كلاهما، تكمن في أننا سوف نأخذ من الأول كيفية العيش في عالم مليء بالحب والعنفوان، ومن الثاني نتعلم أن لا تثق كثيرا بعالمنا الجميل، فكل شيء فانٍ في هذه الدنيا، ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام!.