يوم الغدير: شعائر خالدة في العقيدة والوجدان
زهراء جبار الكناني
2016-09-18 10:41
لطالما ترك ذلك العشق اثرا في نفوس كل الموالين لم يكن جموح الى عاطفة الخيال المغتنص, انما هي حقيقة ناصعة الوجدان اثمرت روحا شاعرية لحب الامام علي وابنائه الاطهار عليهم السلام حتى تعالت اصوات محبيه بالاهازيج مبتهجة بيوم ايلاء السرائر وهم يقفون على اعتابه ليجددوا البيعة معلنين ولائهم, وقد توسمت وجوههم فرحا بيوم تتويج الامام علي عليه السلام وليا وخليفة للمسلمين من بعد الرسول بامر من الله تعالى و فيه تمت نعمته على المؤمنين إذ قال سبحانه وتعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً) وقد سجل التأريخ هذا اليوم بالعيد الثالث يحتفل به الموالون في الثامن عشر من شهر ذي الحجة من كل عام وامست تحتفل كل عائلة موالية لامير المؤمنين عليه السلام بشعائر خاصة ومراسيم واكبوها منذ الازل تعبيرا لحبهم وتجديدا للعهد والثبات على الولاية.
نور على الدرب
لقد خطّ لنا سيد البشرية الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم طريقا من نور لنسير على خطاه بتتويجه لسيدي ومولاي ابا الحسن عليه السلام وليا من بعده، هذا ما استهلت به كلامها ام ميادة 41 سنة: واضافت كل ما اقوم به هو تعبير عن حبي لامير المؤمنين عليه السلام وتعظيم لهذا اليوم المقدس يوم تجديد العهد لسيدي ومولاي امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام، على الرغم من بعدي عن ارض الوطن واقامتي التي طالت اكثر من خمسة اعوام في بيروت لكني ما زلت اقيم مراسيم هذا اليوم المبجل وكأني في بلدي وبين ناسي وعلى ارض مدينتي النجف الاشرف في احياء الزيارة والالتزام بأعمالها وتبادل التهاني مع كل المغتربين معنا ومع محبيه من شيعته من العرب، فهنيئا لكل الموالين بهذا اليوم اسأل الله ان يعيدنا الى الديار سالمين لنجدد البيعة بالحضرة العلوية الطاهرة.
واضاف الى ما قالته ام ميادة الحاج كريم كاظم (ذكرتيني بايام حلوة) كنا نعيش تحدٍ كبير بين حقنا بممارسة شعائرنا وغطرسة الطغاة اذكر اني دخلت الى الضريح الطاهر وكان الهدوء يدب بالمكان لم يجرؤ احد ان يعلن فرحته بهذا العيد الاغر يومها كانت العيون تتلظى فرحا وتتوق شوقا لتسدل دموع الفرح وتهتف بصوت مسموع معلنين بيعتهم وولاءهم لكن الخوف قد اعتراهم وقد سرت يومها بخطى اخف من الهواء نحو الضريح الطاهر الثم اعتابه بشوق ثم علا صوتي دون شعور و هتفت بصوت مسموع من قلب ينبض بحبي على الفطرة لتلك الوجه النيرة من علي واله (جيتك ياعلي موالي) جملة واحدة لاجلها قضيت ثلاثة شهور في قعر السجون بتهمه اني اثير الفتنة او احرض عليها او اخطط لانقلاب ضد الحكم عجز الاهل والاصدقاء من البحث عني وقد كانوا يخشون ان يلحقهم الاذى فاكتفوا بالصمت، ارى ان اليوم اصبحت لنا حرية التعبير عن هذه الفرحة التي كنت اود ان اطلق عنانها في مقتبل شبابي فمبارك لكل الموالين بهذا العيد الاعظم بتجديد ولائهم وكل عام وهم على هذا الدرب سائرين، ختم كلامه ان تواجدي في رحاب امير المؤمنين عليه السلام وتجديدي لبيعته يشعرني بالراحة والطمأنينة ورقة الثقة بين جدران قدسية هذا المكان وعظمته.
مراسيم ملائكية
فيما تحدث الشيخ عبد الرزاق محمد علي عن حيثيات وسمات عيد الغدير حيث استطرد قائلا انها مراسيم ملائكية مهما تكلمنا عنها لن نصل للثناء الذي يستحق حيث ان من سبل احياء ذكرى يوم الغدير هي اقامة الندوات العلمية من لدن ذوي الاختصاص والفضلاء وعقد المؤتمرات الثقافية، لذلك فإن الناس لو عرفوا حقيقة الغدير لاعتنقوا فكر اهل البيت (ع)، مع الاخذ بعين الاعتبار قوله تعالى (ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) فأن
عيد الغدير هو عيد آل محمّد ( عليهم السلام )، وهو العيد الثالث عند الشيعه وهو أعظم الاعياد ما بعث الله تعالى نبيّاً الّا وهو يعيد هذا اليوم ويحفظ حُرمته، واسم هذا اليوم في السّماء يوم العهد المعهود، واسمه في الارض يوم الميثاق المأخوذ ، والجمع المشهود،
الاحتفال بالغدير عبر لتاريخ
يقول المسعودي المتوفى (346 هـ) ( أبناء علي عليه السلام وشيعته يعظمون هذا اليوم )، ويصنِّف البيروني في كتابه الآثار الباقية عن القرون الخالية هذا اليوم ضُمن أحداث ذي الحجة، ويذكره باسم (غدير خم ) وقبل ذلك روى الفياض بن محمد بن عمر الطوسي عن الإمام الرضا عليه السلام ، أنه كان يحتفل بذلك اليوم، حيث قال: حضرتُ مجلسَ مولانَا عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام في يوم الغدير وبِحضرته جماعةٌ من خواصِّه قد احتبسهُمْ عندهُ للإِفطار معهُ قد قدَّم إِلى منازلهمْ الطَّعام والْبُرَّ وأَلبسهمُ الصِّلاةَ والكسْوَةَ حتَّى الخواتيمَ ،وقد تواصل تعظيم ذلك اليوم حتى أن الخليفة الفاطمي المستعلي بالله بُويع في يوم عيد غدير خم، وهو الثامن عشر من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وفي القرون المتأخرة وصل حال هذا اليوم الى حدّ اصبح الاحتفال بعيد الغدير شعاراً للشيعة، وكان الفاطميون في مصر قد أضفوا على عيد الغدير الصفة الرسمية، وهكذا الامر في ايران حيث يحتفل بذلك اليوم منذ تسنم الشاه اسماعيل الصفوي السلطة عام 907هجرية وحتى يومنا هذا بصورة رسمية، أمّا النجف الاشرف فقد اعتاد أهلها إقامة حفل بهيج في الصحن العلوي يوم الثامن عشر من ذي الحجة يحضروه علماء الشيعة ووجهاؤهم بالاضافة الى سفراء الدول الاسلامية في العراق، وتلقى في ذلك الحفل الكثير من القصائد والخطب، وهكذا الامر بالنسبة الى الشيعة الزيدية في اليمن حيث تحيي هي الاخرى ذلك اليوم بكل اجلال وبهاء.