الإدمان على الشاشات.. يلتهم العيون ويدمّر الطفولة

عصام حاكم

2025-07-01 04:50

ثلاثة اعوام الا ثلاثة أشهر بالتمام والكمال هي مجمل سنوات الطفل (منتظر).

ذلك الطفل المدلل صاحب الانجازات العظيمة في الاجهزة الرقمية والشاشات وعالم الايباد والتابلت والهواتف الذكية والعاب الفيديو...

 وهي ذات تقنيات عالية من ناحية الألعاب الإلكترونية ومراحل تطورها المفعم بالاستمرارية في ربط الالعاب بعضها بالبعض الاخر.

هذا مما فتح الباب على مصراعيه امام الطفل منتظر كي يواصل الليل بالنهار لممارسة تلك الالعاب الالكترونية وبأريحية عالية، وامام انظار كل افراد تلك الاسرة ابتداء من الاب الى الام.

ومع استمر الوضع على ما هو عليه أصبح الطفل منتظر وفي غضون فترة بسيطة في عداد المدمنين على ممارسة تلك الالعاب، المرسومة بعناية فائقة كي تحاكي ذائقة الطفل البصرية والحركية.

الا ان ضريبة ذلك السلوك الالكتروني كانت له اثمان باهظة جدا، لا سيما على مستوى تلف شبكية العين اليسرى وضعف في العين اليمنى حسب وصف الاطباء المختصين بطب العيون.

الذين اوصوا اهل الطفل منتظر بوصايا عديدة منها.. لبس النظارة الطبية كحل مؤقت، وان لا يعود لممارسة تلك الالعاب على المدى المنظور.

 وفي خلاف ذلك على العائلة الكريمة ان تتحمل مسؤولية ما يحصل مستقبلا، من قبيل ان يفقد الطفل منتظر ما تبقى له من بصر.

المسؤولية يتحملها الوالدان

في السياق ذاته حمل التدريسي صادق غريب: المسؤولية كاملة على الأمهات اللواتي يشترين التابلت للطفل في بداية قدرته على التحكم، على اعتقاد أن ذلك النوع من الألعاب والتسلية يحقق لها شكل من اشكال التفاخر أمام المحيطين، بأن طفلها لديه أحدث أنواع أجهزة الاتصالات، وتفرح الأم كثيراً عندما ترى طفلها بدأ يتعلم استخدام الموبايل والتابلت، وتمرس على الكثير من الألعاب الإلكترونية، واصبح ماهراً فيها.

وهذا بحد ذاته يشكل معلم من معالم الانحراف الاجتماعي والبيئي للأسرة العراقية، التي اصبحت ومع الاسف الشديد اسيرة للثقافات الغربية القائمة على الاستهلاك وعلى التجهيل المتعمد والمدروس، في تنمية السلوكيات الخاطئة والمضرة ببناء الانسان السليم جسديا وفكريا.

الدكتورة تماضر عقيل الميالي اخصائية طب الاطفال: قالت وبصريح العبارة لا يخلو بيت الآن من وجود التابلت المخصص للأطفال، أو أحد أجهزة الموبايل الحديثة، ومن الملاحظ أن الأم تترك طفلها يلهو كثيراً بهذه الأجهزة.

 وحتى البيوت التي لا تحتوي على أجهزة مخصصة للأطفال، يترك الآباء والأمهات أجهزة الموبايل للأطفال طول اليوم يلهون بها، متجاهلين عن عمد حجم الاخطار الصحية والسلوكية التي تصيب هؤلاء الاطفال من جراء استعمال تلك الأجهزة ولساعات طويلة.

 وهذا ما يتسبب بأضرار خطيرة في البصر، بسبب الاشعة التي تصدرها اجهزة الموبايل والتابلت على العين، مما يؤدي إلى إجهاد العين بصورة كبيرة وقصر في النظر في بداية الامر، ومن ثم تتوالى اعراض كسل العين الوظيفي، بحيث لا تقوم العين بوظيفتها الطبيعية، وبعد فترة لابد ان يصاب الطفل بقصر النظر المزمن، والخطورة ان عين الطفل مازالت في مراحل النمو.

انقراض الألعاب التقليدية

الاستاذة ختام حسين: تحمل العائلة العراقية المسؤولية كاملة لأنها هي المعنية في المقام الاول في رصد تصرفات اوليك الاطفال، خاصة وان استخدام الاطفال لهذه الاجهزة يتم بصورة مبالغ فيها من دون اي توجيهات من الأم والأب، بل في الكثير من الاحيان الأم هي التي تقدم الموبايل أو التابلت لطفلها.

 وذلك من اجل اسكاته والهائه عنها كي تتفرغ لبعض اعمال المنزل، او تتفرغ للحديث إلى صديقاتها في الهاتف، او من اجل اتاحة الفرصة لها للجلوس امام وسائل التواصل الاجتماعي من الفيس بوك وغيره، وهي لا تدري انها تصيب طفلها في اهم عضو لديه وهو عينه الغالية.

ما يؤسف له كثيرا ان التقدم التكنولوجي الهائل، عطل لدينا فكرة الميل للألعاب التقليدية، هذا مما تسبب في اندثار تلك الالعاب الواحدة تلو الأخرى، وحلّت مكانها الألعاب الإلكترونية التي يمارسها الأطفال على التابلت والكمبيوتر لأوقات طويلة.

الى جانب ذلك هناك ثم اضرار عالية من جراء استخدام التابلت عند الأطفال منها على سبيل المثال مشاكل الرؤية، وآلام الرقبة والظهر، وزيادة الوزن، وعلى الصحة النفسية، مثل العزلة، والقلق، والاكتئاب، بالإضافة إلى المشاكل التعليمية وتأخر النطق والعدوانية.

سلوك العبثي

الدكتور عباس الطائي اخصائي طب الاطفال في حي الغدير: يصف هذا السلوك العبثي بانه نتاج للتطور العلمي والالكتروني، الذي أصبح يحتل مساحات كبيرة في واقعنا الحياتي المأزوم بالكثير من الثقافات الخاطئة والضارة.

لاسيما على مستوى استخدام الهاتف المحمول والتابلت ولأوقات طويلة، وهذا بطبيعة الحال له تبعات مرضية تصل الى حدود جفاف العين الذي يصيب الاطفال، وهو أحد اكثر امراض العيون المنتشرة بين الصغار، وهذا المرض هو من الامراض المزمنة التي تتطلب منا وضع قطرة جفاف العين باستمرار مدى الحياة.

حيث تحتوي العين على السائل الدمعي الذي يمنع اصابة العين بالجفاف، وذلك عن طريق الرمش المستمر كل 5 ثوان، ويحمل هذا الرمش طبقة جديدة من السائل الدمعي الذي يغطي طبقة العين بأكملها.

 اما في حالات التركيز الشديد والمستمر فيقل معدل الرمش بصورة ملحوظة عن المعدل الطبيعي، ما يؤدي إلى ضعف افراز الكمية الطبيعية من السائل الدمعي، ومع الفترات الطويلة لهذه الحالة تفقد العين قدرتها على افراز هذا السائل تماما.

الإدمان وفرط الاستخدام

الدكتور محمد الشبلي، قال: من أهم أضرار وتداعيات الإدمان على الهواتف الذكية والحاسب اللوحي ما يلي:

اولا تأثيرها على العين: على اعتبارها هي العضو الاهم في عملية النظر، ويرجع هذا الامر إلى الأشعة الصادرة عن هذه الأجهزة، مما يسبب الإصابة بالالتهابات المختلفة، وضعف عضلات العين، وذلك نتيجة ارتفاع سطوع إضاءة شاشة الهاتف المحمول. 

يمكن ايضا للإنسان أن يصاب بالرؤية المزدوجة أو زغللة العين، وقد يعاني كذلك من مشكلة الغبش في الرؤية وفقدان القدرة على تمييز الأشياء بصورة واضحة.

ويلاحظ في بعض الحالات أن لون العين قد يتغير ويصير مائلاً إلى اللون الأحمر، كما ويزيد الإفراز الدمعي نتيجة استخدام الهاتف المحمول لمدة طويلة. وتزيد فرص الإصابة بالإعتام في عدسة العين.

بل يمكن أن يصل الأمر في بعض الحالات إلى الإصابة بالضمور البقعي في شبكية العين، وتزيد كذلك احتمالية إصابة شبكية العين بالتلف، وهو ما ينذر بفقد الإبصار بشكل نهائي.

يضيف الشبلي: أما ما يخص أضرار استخدام الهاتف والأجهزة الإلكترونية في الظلام وفي أي وقت من اليوم، تقوم بإطلاق ضوء أزرق، يؤدي إلى إلحاق الضرر بشبكية العين وقد يؤدي إلى فقدان البصر، وتزداد شدة هذه الأشعة الزرقاء المنبعثة من الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية في الظلام، مما يزيد الضرر على العين.

كما ويسبب استخدام الهاتف النقال في الظلام قبل النوم الأرق والتعب ويسبب الشعور بالإرهاق في اليوم التالي، وذلك نتيجة انخفاض انتاج هرمون الميلاتونين، الهرمون المسؤول عن تنظيم عملية النوم والاستيقاظ، وبالتالي يسبب عدم القدرة على النوم. كما ويسبب استخدام الهاتف في الظلام قبل النوم تنشيط الدماغ، ومنع الجسم من الراحة والنوم بشكل متواصل.

العدوانية وغياب التواصل الاجتماعي

محطتنا الاخيرة كانت مع الاستاذ محد حاجي، قال: ان زيادة استخدام التابلت والكمبيوتر تؤدي إلى فقد العلاقة الاجتماعية والترابط الأسري بين الطفل ووالديه والمحيطين به، ويصبح الطفل منطويا وغير قادر على الاتصال بالآخرين.

يضيف ايضا ان ألعاب القتال والعنف من الألعاب الرائجة بين الأطفال، ومع كثرة ممارسة هذه الألعاب يبدأ سلوك الطفل في الميل إلى العدوانية، بالتالي الآباء والأمهات للتقليل من استخدامهم للهواتف الذكية أمام أبنائهم.

كذلك على أولياء الأمور مسؤولية مشاركة الأطفال في بعض الألعاب، ما يساعد على الاتصال الاجتماعي بهم، على ان نحقق فرضية حظر استخدام الهواتف الذكية والتابلت والكمبيوتر للأطفال في فترة ما قبل النوم مباشرة.

خلاصة القول: 

- يجب توجيه الأطفال إلى التعرّف على بعض الأنشطة الجديدة التي تساعدهم على الابتعاد عن استخدام التابلت لفترات طويلة.

- ممارسة الرياضة من الأشياء المهمة للطفل والتي بدورها تقلل من استخدام وسائل التكنولوجيا.

- يجب تحديد وقت معين لاستخدام الطفل للتابلت أو الكمبيوتر وموعد انتهاء استخدامه.

- على الآباء والأمهات التقليل من استخدامهم للهواتف الذكية أمام أبنائهم.

- على أولياء الأمور مشاركة الأطفال في بعض الألعاب، ما يساعد على الاتصال الاجتماعي بهم.

- حظر استخدام الهواتف الذكية والتابلت والكمبيوتر للأطفال في فترة ما قبل النوم مباشرة.

ذات صلة

هوية كربلاء العلميةالنهضة الحسينية.. سلطة القيم في مواجهة أوهام السلطةالمقاربات الاسرائيلية اتجاه قطاع غزة بعد المواجهة العسكرية مع ايرانلماذا يجب أن نشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟حرب الـ 12 يوماً.. صمتت المدافع وتعالى ضجيج الأسئلة والتساؤلات