معاناة العراقيين من الكهرباء.. بوابة أولى لإطاحة حيتان الفساد

مروة حسن الجبوري

2015-08-16 06:10

مظاهرات واسعة تشهدها معظم المحافظات العراقية بعد سنوات من الوعود الحكومية بتحسين الخدمات، وتوفير فرص العمل وتطوير البلد نحو الأفضل، هذا كان كلام المسؤولين قبل الانتخابات البرلمانية وما وصلوا إلى ما هم عليه اليوم، حتى انتفت كل الوعود والخطابات، وبدأ المسؤول في توسيع رزقه وشراء العقارات في الخارج والسياحة العالمية على حساب الشعب العراقي والمواطن الفقير.

وبعد كل هذه الأمور يأتي داعش وهم في غفلة من أمرهم لا يعلمون ولا يعقلون، فقط يتقاضون الرواتب ويصرفونها في ما حرم الله، لا نقول كل من في الحكومة، نعم هنالك الكثير من الشرفاء والذين يحملون أمانة الوطن على عاتقهم ويدافعون عنه، رجال المرجعية الدينية، فهم نخبه قليلة أمام المفسدين في دوائر الدولة وهذا ما أثار غضب الشارع العراقي على الوزارات والمؤسسات الحكومية التي انتشر فيها الفساد والظلم والطغيان والاستبداد.

ومن هذه الوزارات وزارة الكهرباء وما يعانيه المواطن من انقطاع التيار الكهربائي باستمرار، مع سوء المولدات الأهلية التي لا تسد حاجة المواطن، وذلك بالتزامن مع ارتفاع معدل درجة الحرارة غير المسبوق، فما هي الأسباب التي تجعل المواطن العراقي يعيش في كل هذه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وبلاده تعد من أغنى الدول العربية.

الكهرباء وحَّدت العراقيين لمحاربة الفساد

وهكذا تظاهر كل الشعب العراقي بكل أطيافه ليقف صفا واحدا ضد هذه المهزلة السياسية والإدارية، التي حلت بالعراق وأهله رافعين شعارات يطالبون بحقوقهم في الكهرباء والماء التي يصفونها من( المفقودات) منذ أكثر من (25 سنة) وتركزت بشكل كبير في بداية التسعينات ولحد هذه اللحظة، فما زالت الكهرباء ذلك الضيف الذي ينتظر العراقيون لقاءه ورؤية إطلالته السعيدة المفرحة، وهي الوحيدة التي جمعت العراقيين عند توليدها بينما عجز المسؤولون عن جمعهم، لكن سرعان ما تختفي، فنفذ صبر الشعب العراقي وبعد ما كان ينتظره من الحكومة، يئِس منها فخرج يطالب بحقه في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية، وشاركتها بعض المحافظات الجنوبية منها البصرة وبابل وكربلاء والنجف والديوانية وغيرها، مظاهرات حاشدة وسلمية فقط تطالب بطرد المفسدين في دوائر الدولة، وتحت نصائح و إرشادات المرجعية الدينية بالضرب بيد من حديد لمحاربة الفساد وطرد من كان سبباً في استهلاك الطاقة الكهربائيه في غير محلها وهدر المال العام.

و استمر التظاهر السلمي كما أعلن عنه في الصحف والمواقع لاسبوعين، فما هي مطالب الشعب العراقي؟، التي توضحّت من خلال دعوة المرجعية الدينية الحكومةَ لإجراء اصلاحات جذرية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية. وطالب المتظاهرون الحكومة العراقية بما يلي:

- توفير الخدمات الضرورية للمواطنين وفي مقدمتها الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب الذي تعاني من شحته الكثير من المحافظات على الرغم من المبالغ الطائلة التي صُرفت في هذين المجالين طيلة السنوات الماضية.

- محاسبة المسؤولين المتهمين بالفساد المالي والاداري والأمني وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.

- ترشيق الحكومة وتقليص عدد الوزارات أو دمج بعضها مع البعض الآخر بينها (الكهرباء مع النفط) و(الزراعة مع الموارد المائية) و(الصحة مع البيئة) و(الاسكان مع البلديات).

- تقليص حمايات المسؤولين الذين يكلفون الدولة اموالاً طائلة بسبب أعدادهم الكبيرة والتخصيصات الضخمة التي تصرف في هذا المجال.

- تفعيل مبدأ (من أين لك هذا؟!) من أجل مساءلة ومحاسبة الكثير من المسؤولين الذين أثرَوا على حساب المال العام وإرجاع ما استحوذوا عليه بغير وجه حق الى خزينة الدولة باعتباره مُلكاً عاماً للشعب العراقي، ولابد أن يُصرف في تلبية احتياجاتهم ورفع المستوى المعيشي في جميع المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والبيئية، وتردي الخدمات وانعدام الأمان وتفشي الفساد الإداري.

وقد أعرب احد المتظاهرين (علاء محمد) بكلوريوس قانون، عن غضبه على نهب الأموال من خزانة الدولة، حيث أهدر المسؤولون اكثر من 30 مليار دولار على ملف الطاقة فقط، ولا تزال الشوارع العراقية تعاني الظلام، إلى جانب عدم قدرة الشبكة الوطنية على توفير الكهرباء بصورة كافية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد موجة حرارة عالية، حيث يبقى المواطنون ساعات طويلة في اليوم دون كهرباء، لتشغيل أجهزة التبريد أو المراوح.

وقالت إحدى المتظاهرات (أم محمد 40 سنة): "نحن نتظاهر ضد الحكومة التي خذلت الشعب. ليست لدينا خدمات عامة، أليس هذا معيبا؟ إنهم فاشلون وسارقون وفاسدون".

رواتب قليلة وخدمات غائبة

وتحدث متظاهر آخر (أحمد 45 سنة/ موظف) عن معاناته منذ نحو 20 عاما جراء انقطاع الماء والكهرباء والخدمات العامة "المتردية" والرواتب "المتدنية" قائلا إنه لم يعد باستطاعة الناس تحمل المزيد.

اما (حمد حسين) شيخ كبير في العمر، خرج وبيده قطعة مكتوب فيها ابناء البرلمان على التبريد والمواطن على تبليط!!.

مجموعة شباب كلية الفنون الجميلة يطالبون بتشكيل لجنة لجمع ملفات الفساد وتقديمها مباشرًة إلى القضاء، وتفعيل جهاز "الادعاء العام"، ليكون ممثلًا لحقوق الشعب، كما طالبوا رئيس الوزراء حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، بالاستماع إلى مطالبهم، وكما أكد نشطاء عراقيون عزمهم الاستمرار في الاحتجاج حتى تتحقق مطالبهم المشروعة، فيما قرر بعض الناشطين في الناصرية تحويل المظاهرات إلى اعتصامات مفتوحة، مؤكدين على أن الشعب "فاض به الكيل". ولم يعد يتحمل استهزاء الحكومة وسرقتها اموال الشعب .

وحذر بعض المسؤولين داخل العراق، من تجاهل غضب الجماهير حيث أن أعداد المتظاهرين في تزايد مستمر، على الرغم من الإجراءات المتشددة التي تفرضها الدولة بنشر الحواجز الأمنية وإغلاق الطرق لإعاقة وصول المتظاهرين إلى الساحات المفتوحة.

وكان العبادي قد أعلن في بيان سابق عنه، التزامه بحتمية تنفيذ خطة الإصلاح الشامل، فيما أكد ممثل المرجع الشيعي الكبير سماحة السيد علي السيستاني، بأنه ينبغي على العبادي ان يكون أكثر جرأة وشجاعة في حربه ضد الفساد، وأن يكشف علنًا عن الذين يقفون في طريق معالجة الفساد.

كما أصدر العبادي قراراً، ، بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، في إطار عدد من خطوات الإصلاح، ومحاسبة كل المسؤولين ومنعهم من السفر الى حين استكمال استجوابهم.

إن الشعب العراقي يقف مع رئيس الوزراء حيدر العبادي في الاصلاحيات ويقول له. نحن معك شيوخا وشبابا، رجالا ونساء، مع الاصلاحيات ومع مطالب الشعب الذي يرجو ان تتحقق ويعم الامان على العراق والعراقيين وطرد كل من يسيء لهم أياً كان منصبه، واذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر، فكونوا عونا لهذا الشعب قبل ان يثور عليكم وعلى سلطتكم التي لم تنصفه حتى هذه اللحظة .

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي