خبايا العلاقات الزوجية.. لسان الغضب ودوافع الانتقام نار تلتهم البيوت الأمنة

اخلاص داود

2017-05-03 04:40

لم يعلم ابو محمد الرجل الأربعيني ان من يطرق بابه يصاحبه ملك الموت، وان هذه اللحظة التي يجلس بها وسط عائلته وخرج ليفتح الباب ستكون آخر لحظات حياته، كما انه لم يخطر في باله أن حياة الجيش التي عاشها والحالات المرضية التي لازمته والحوادث التي تعرض لها من صغره الى كبر سنه لم تحسن بخطف انفاسه، وان من يخطفها صهره الذي قرأ معه ذات يوم سورة الفاتحة بكل حب واحترام وفرح!!، ليكون بعدها جد لأولاده الثلاثة، فالطلقة التي صوبها نحوه زوج ابنته ثقبت قلبه واردته قتيلا من فوره.

في الآونة الاخيرة بدأنا نسمع بحالات كثيرة مشابهة لهذه الجريمة، فأما اخ الزوجة او ابيها يقتل صهره او العكس مثلما حدث في هذه القصة التي وقعت أحداثها في احد أحياء محافظة الديوانية.

ومن المفروغ منه أن من يقوم بمثل هكذا جرائم هو انسان يعاني من اضطرابات نفسية وغير سوي بالتفكير والسلوك، وهو بعيد عن الله ورحمته، وقريبٌ من الشيطان ووسوسة النفس الأمارة بالسوء، لكن علينا ان نسلط الضوء لنرى المحرك الخفي الذي دفع او ساهم في هذه الجرائم.

وإذا كانت الزوجة هي السبب، فما هو حجم دورها وتأثيرها في خراب العلاقة وإرباكها بين عائلتها والزوج وأهله، والى أي مدى تستطيع ان تصلح فيما بين الطرفين؟، حول هذا الموضوع الاجتماعي استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأشخاص لمعرفة آرائهم حول دور الزوجين في مد جسور المحبة والتفاهم بين العائلتين.

الزواج والاستقرار النفسي

بدأنا مع الشيخ (جعفر علي) ليحدثنا عن أهمية الزواج والزوجة في اتباع الخلق الحسن فقال: لا يأتي استقرار الشخص النفسي إلاّ بعد ان يتزوج، ويبقى الرجل يشعر بالنقص مهما ارتفع في علومه حتى يتزوج وينشئ اسرة وينطبق الامر نفسه على المرأة، فهذه فطرة من الله جبل الخلق عليها وعلاماتها المودة والرحمة والتسامح والخلق الحسن وهذه الصفات اذا كانت مفقودة بين الزوجين او لا يعملان على الحفاظ عليها ستخلق لهما المشاكل ويدخل كل قريب عليهم في دوامتها وأولهم اهل الزوجين، وبما ان الزوجة لسانها هو سلاحها الاول ستشحذه وتديره صوب كل هفوة او خطأ او كلمة قالها زوجها في ساعة غضب لتنقلها الى اهلها وربما ستزيد عليها فتكبّر واحدة وتصغّر اخرى، والزوج ايضا يتحمل المسؤولية في تردي هذه العلاقة فأغلب الازواج سلاحهم الاول الضرب والعنف، فيتحامل اهل الزوجة على زوجها ويشب الكره والخصام ويتطور ويأخذ أشكالا عديدة ليصل الى القتل أخذا بالثأر من المقابل (والعياذ بالله) وهي حالات موجودة لكنها قليلة في مجتمعنا.

والتوصية المهمة لكليهما،هي باعتماد الحكمة والتعقل ومراعاة الزوجة اكثر باعتبارها عمود الراحة في البيت وحلقة الوصل بين الفريقين. أما العقلية فهي بالتدبر في اختيار وقت النقاش فكلما كان وقته مناسباً لنفسية الطرفين وبدايته صحيحة أي الابتعاد عن الملامة الشديدة والكلام الجارح ويتمتع بالصدق والصراحة تم التفاهم، ويعتبر الاستعاذة بالله والسكوت هو الحل الافضل في كثيرٍ من المواقف الصعبة والحرجة او حالات الغضب التي يمر بها الزوج, وأثبات الرأي ليس دائما يتم في وقته، باستطاعة الزوجة ان تغير رأي زوجها في وقتٍ لاحق.

اما التنفيذ، فالوعود التي يقطعونها على أنفسهم يجب الاقتناع بالإصرار على تنفيذها، وأهمها عدم نقل ما يدور في بيت الزوجية من أسرار ومشاكل الى الأهل، فربما الحالة العصبية التي تكون عليها الزوجة تدفعها الى تهويل الكلام والأفعال التي يقوم بها زوجها ناسيا او غافلا أنها ستسامحه يوما ويذوب الخصام بينهم فهو أب أولادها، لكن الكره والضغينة التي تزرعها في قلب أهلها اتجاهه من الصعب على زوجها ان يحميه او يصلحه خصوصا اذا تعلق الامر بالكرامة والاحترام عندما تخبرهم ابنتهم ان زوجها قد سبهم او شتمهم وانتقص منهم.

الباحثة الاجتماعية (نوال محمد) قالت حول هذا الموضوع: وفقا للدراسات الاجتماعية أن أهل الزوج والزوجة هم من بين أهم اسباب حالات الطلاق المرتفعة في العراق، فقد كانت لهم اليد العليا في فرض الانفصال، والسبب هو سماح الزوجين او احدهما بالتدخل في تفاصيل حياتهم، لعل الزوجة هي اكثر من تسمح بتدخل امها او اخواتها عندما يكون هناك تشجيع من قبلهن او من باب الشكوى او طلب النصح وهذا يفضي الى اثارة المشاكل ويؤثر سلبا على علاقتها الزوجية، فلا بأس بالاستشارة من قريب لكن يعتمد نجاحها باختيار الانسانة الكتومة وصاحبة الخبرة والدراية بالمشاكل الاسرية وذات علم ومعرفة بالحياة الزوجية حتى لا تكون النصائح عكسية، وبدل ان تصلح تخرب، ويعتبر رأس الحربة ومعول هدم الاستقرار الاسري وسرقة سعادته عندما يبغض الزوج اهل زوجته او بالعكس فتشب المناوشات والمشادات على أي اختلاف بالاراء والسبب كثرة شكوى الزوجة من زوجها، وهناك زوجات تشتكي من معاملة ابويها واخوتها السيئة لزوجها وفي الحالتين هناك تأثير سلبي، فعلى الزوجة الانتباه وتجنب إفشاء اسرار بيتها والسعي لتكون جسر محبة تربط العائلتين وليس السبب في التفرقة والعداء.

الطلاق يسبقه الإجهاض

(السيدة ام خلدون 56سنة) قابلة مأذونة، لها رأيها في هذا المجال: خلال مسيرة عملي في توليد النساء وردتني عدة حالات تثير العجب والشفقة بالوقت ذاته، ومنهن الزوجات اللاتي يتوسلن بي لأقوم بعملية إجهاض جنينهن والسبب هو مشروع طلاق مستقبلي تروم القيام به، فقد قُتل الحب والمودة والمشاعر الجميلة ثم تأتي لتقتل الجنين الرابط الاخير بينهم، فأقابلهن دوما بالرفض القاطع، فتحاول ان تشرح اسبابها التي دفعتها لذلك، ففي رأيها اسباب مهمة وكبيرة وأجدها في الغالب اسباب سطحية وممكن حلها، فـ (القيل والقال) واحدة منهن، وهناك زوجات مثل الصندوق تجمع كل حدث وكلمة ومشكلة لتسجلها وتشكوها بالتفصيل لأهلها، وهناك من تعمل (الحبة كبة) لتنال شفقة الاهل وعطفهم واستحسانهم غافلة عن مدى الكره الذي زرعته في قلوبهم، وانها تسهم بتفسخ العلاقة وقطع رابط الاحترام والمحبة بين الزوج واهلها ومدى الكره والبغضاء الذي يولده كلامها خصوصا ان هناك اهل يتأثرون بشكوى ابنتهم ويكون هناك لغط في النقاش والتهديد والوعيد بتأديب الزوج او قتله، بدون التأني وكشف حقيقة المشكلة وفهمها من جميع جوانبها، وللاهل الدور الكبير في إنجاح حياة ابنتهم الزوجية او فشلها، وكذلك اهل الزوج فمنهم من يسعى لصب الزيت على النار بدلا من إطفائها، فتتفاقم المشكلة وتصل ردة الفعل من قبل الزوج الى قتل الزوجة او احد افراد عائلتها.

ختاما، ان المشاكل الزوجية تتفاوت في كثرتها وقلتها وحدتها وضعفها ودوافعها مختلفة، وعادة ما تنعم الاسرة بالتسامح والرحمة والمودة مطبقين قوله تعالى {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، والحب هو الدور الأول والدافع الأهم في ديمومة العلاقة الزوجية وتقليل المشاكل والعنف الأسري، وبقاء الحب واستمراره بعد الزواج، حيث يحتاج لعدة شروط ليكون البناء قوياً ومتماسكا ولا تتصدع العلاقة مهما كانت طبيعة المشاكل مستعصية على الحل.

واول شروطه هو اصرار الزوجين واقتناعهم باهمية احترام الاتفاق الذي تم بينهم فالكثير من الازواج يتفقون على جملة من الامور ولو التزموا بها لقلت المشاكل لكنهم ينكلون بها ويتهربون منها

كذلك استعانة الزوجين بمن يروا فيه الحكمة والرشاد من أقاربهم وعدم عرض مشاكلهم وافشاء اسرارهم للجميع والابتعاد عن نقل الكلام الذي يقال بساعة غضب للاهل وفضح العيوب بدافع الانتقام كما ان جلوس الزوجين جلسة صفاء وود بعيدة عن تدخل الاخرين تزيل الخلافات مهما كانت.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي