الزواج بين الماضي والحاضر!

زهراء حسن

2015-02-22 12:10

من أهم الاحداث في حياة الكائن البشري الميلاد اولاً، والموت ثانياً، (وهما بيد الله تعالى)، والزواج ثالثاً وهذا نابع من إرادة الإنسان، اليوم كثير من الشباب ضعفت فيهم القدرة والإرادة لتأسيس عائلة صغيرة تبدأ مشوار الحياة الشاق والطويل، واصبح هؤلاء الشباب غير قادرين على تحقيق هذه الضرورة الحياتية لأسباب عديدة، منها ارتفاع أثمان المهور وحالة المباهاة بين فتاة واخرى على (مهرها الغالي)، بل وصل الامر الى العائلات بخصوص التباهي في المهور العالية، والتعجيزية احيانا، على خلاف ما وضعه الاسلام من قواعد واضحة وسهلة لبناء هذه المؤسسة الاجتماعية الصغيرة، بالاضافة الى الخطوات الواضحة والشفافة التي قرأنا عنها في سيرة آل البيت عليهم السلام، وكيف تمت الزيجات بمهور رمزية، لأن الاصل ليس المهر الغالي، بل الأصل هو بناء عائلة ناجحة وسعيدة ومؤمنة.

وربما يكون هناك حد فاصل بين معقولية المهور وارتفاعها بصورة تصاعدية كبيرة، هذا الحد الفاصل هو 2003، فبعد التغييرات الكبيرة التي حدثت في المجتمع، لم تسلم قضية الزواج من هذه التغييرات، لذلك اصبحت حالة ارتفاع مهر الزواج ظاهرة اكتسحت المجتمع، وانعكست بصورة مباشرة على عزوف الشباب عن الزواج، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها لاسيما مشكلة البطالة وصعوبة او استحالة الحصول على عمل او وظيفة تضمن حياة متوسطة التكاليف للزوجين.

ولدينا ايضا تقاليد متوارثة تتعلق بمظاهر البذخ في الافراح وصالات الأعراس غالية الثمن، وبعدها تأتي مشكلة السكن والتدخلات المباشرة لعائلتيّ الزوج والزوجة، لذا باتت مشكلة صعوبة الزواج من المسلمات والبديهيات لدى معظم الشباب وذلك بسبب تراجع الدخل الاقتصادي علما أن الزواج بعد أن يتم لا يخلو من المشاكل والخلافات، فهذه كما يُقال هي التوابل التي تعطي للزواج مذاقه الخاص ولكن التعامل السليم مع هذه المشاكل هو الذي يجعل الزواج يستمر ويدوم ولا يجعل منها عقبة.

هذا وقد استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) آراء بعض السيدات والفتيات وبعض المعنيين بخصوص هذا الموضوع:

السيدة مريم من كربلاء (٢٧سنة) تقول: أصبح الزواج الان صعبا جداً من الناحية المادية، فمعظم العائلات تطالب بالبيت المنعزل عن اهل الزوج الشاب، وغالبا ما تكون حالته المادية ضعيفة جداً، لذلك هذا احد الاسباب التي تجعل الشاب يغض النظر عن الزواج.

ولعل ارتفاع نفقات الزواج أحد الاسباب التي دفعت بالشباب لتأجيل مشروع الزواج على الرغم من اعمارهم المتقدمة! كما في حالة (علي هادي من كربلاء، عمره ٣٠ سنة) إذ قال ان كثرة مطالب الفتيات واشتراط البيت المستقل بالرغم من ازمة السكن وارتفاع اسعار الإيجارات وفرض شراء المجوهرات والمصاريف الكثيرة على الشاب، كلها اسباب تجعل الشاب يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الزواج من الفتاة التي يختارها بنفسه.

أحد الآباء (الحاج أبو جعفر) وجهنا له السؤال التالي، لماذا يلاقي الزواج مشاكل كثيرة، وما الفرق بين الزواج سابقا ولاحقا، فأجاب قائلا:

المشكلة كلها في طلبات الفتاة واهلها، واحيانا الاهل يصرون على المهر العالي اكثر من العروس، سابقا كانت حيلتنا بسيطة وفيها التفاهم والمحبة والاحترام، كان الاب سابقا يفكر بالزوج الصالح لابنته، اما اليوم فكثير من الآباء والامهات يفكرون بالفلوس والغنى قبل الاخلاق، لذلك كثرت حالات الطلاق، لأن الاموال وحدها لا تبني عائلة سعيدة، ادعو العائلات الاباء والامهات والفتيات العودة الى الحكمة، والتحلي بزواج الامام علي وسيدة نساء العالمين فاطمة عليهما السلام، فقد كان الاصل في الزواج التراحم وبناء الاسرة الجيدة وليس الاموال.

الأم لها دور كبير في تخريب او تقريب إتمام الزيجات الناجحة، والتخريب هنا يكمن في سقف المطالب العالية كما تقول أم محمد (51 سنة)، التي قالت ان اختها خرّبت زواج ثلاث بنات لها بسبب مطالبها غير المعقولة، والفتيات موجودات في البيت بلا زوج وقد بدأ الشعور باليأس يسيطر على افكارهن، والمشكلة ان الامهات يعرفن خطأ التمسك بالمهور العالية بعد فوات الاوان، فكلما تكبر البنت يقل الشباب الذين يتقدمون لخطبتها، لان العمر يؤثر على جمال البنت.

الباحث الاجتماعي عبد الرزاق رسول.. كان له رأيه الواضح في هذا المجال، فقد اكد على ان المجتمع يواجه مشكلة حقيقية، الشباب يهربون من الزواج، وبلغت العنوسة درجة الخطر، الآباء والامهات مصرون على المهور الكبيرة، الشباب ليس امامهم سوى تأجيلات متكررة للزواج، الحل قد يكمن في التفكير السليم للآباء والامهات والفتيات انفسهن يقع عليهن دور التفكير المتوازن ورفض المهور العالية الثمن حتى لو ضغط الاباء او الامهات في هذا الاتجاه، لأن الحياة ليست اموال فقط، الحياة تفاهم وانسجام وعيش بسلام، وانجاب ذرية صالحة، وبناء عائلة بسيطة وسعيدة، كذلك لدينا المنظمات المهتمة بالمجتمع عليها ان تبادر بحملات توعية، ونطالب بحملات التزويج الجماعي واطئ التكلفة.

واخيرا هذه بعض الحلول التي لو تم التقيّد بها وتنفيذها، سوف يقبل الشباب على الزواج اكثر، وتقل (ظاهرة العنوسة)، لذلك ينبغي على الزوجين (الشاب وعروسه) أن ينظرا إلى الحياة الزوجية والخلافات الناجمة عنها نظرة واقعية، بعيداً عن الأحلام والأماني الوردية، ويحاولا الاستفادة من بعض الخلافات للانطلاق في حوار هادئ وبنّاء يؤسّس لعلاقة وطيدة بين الزوجين؛ ليكشف ما يجهله كلّ منهما عن الآخر، إذ غالباً ما تكون مشاكل كهذه عاملاً مهمّاً لتطوير حياة العائلة.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا