مكاسب أوباما من الاتفاق النووي الإيراني تقلق الكونغرس الجمهوري
وكالات
2015-04-03 03:58
على الرغم من التوصل لاتفاق مبدئي مفصل مع إيران مازال أمام الرئيس الأمريكي باراك أوباما مهمة جسيمة تتمثل في منع الكونجرس من إفساد الاتفاق النووي مع طهران والحفاظ على المحادثات من الانهيار بسبب التفاصيل الدقيقة.
فرغم أن القوى العالمية وإيران أحرزت تقدما حقيقيا عبر توصلها لاتفاق واسع في سويسرا يوم الخميس فإن الاختبار الحقيقي سيكون في نهاية يونيو حزيران وهو الموعد النهائي الذي حددته الأطراف للتوصل لاتفاق نهائي.
قال إدوين ليمان من مؤسسة (اتحاد العلماء المهتمين) غير الهادفة للربح ومقرها واشنطن والتي تنتقد بشدة استخدام الطاقة النووية "هذا تطور مشجع لكن بالطبع الشيطان يكمن في التفاصيل." بحسب رويترز.
وتأرجحت الاحتمالات بشأن المحادثات المطولة التي عقدت في مدينة لوزان بين النجاح والانهيار وحذر أوباما نفسه يوم الخميس من أن "النجاح غير مضمون" على الرغم من الاتفاق.
ولم يبد خصوم أوباما الجمهوريون أي بوادر على التراجع عن خطط طرح تشريع يقول أوباما إنه سيقوض المحادثات ويشمل بندا يقتضي موافقة الكونجرس الذي يغلب عليه الجمهوريون على أي اتفاق نهائي.
وقال ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ الأمريكي والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة إن البنود المبدئية للاتفاق الإيراني "مقلقة جدا" وتعهد بالسعي لفرض عقوبات إضافية على طهران.
لكن موقف أوباما في الكونجرس يمكن أن يعززه محتوى الاتفاق الإطاري الذي اشتمل على كم من التفاصيل فاجأ كثيرين وذلك على الرغم من أنه ما يزال يتعين تسوية الكثير من النقاط الرئيسية.
وستوقف إيران بموجب الاتفاق أكثر من ثلثي أجهزة الطرد المركزي -وهي الأجهزة القادرة على إنتاج يورانيوم يمكن استخدامه لتصنيع قنبلة- إضافة إلى تفكيك مفاعل يمكن أن ينتج البلوتونيوم وقبول إجراءات شاملة للتحقق من تنفيذ الاتفاق.
وأظهر تقرير أمريكي أن إيران وافقت على خفض أعداد أجهزة الطرد المركزي التي ركبتها من 19 ألفا إلى 6104 أجهزة وستكتفي بتشغيل 5060 جهازا فقط بموجب الاتفاق المستقبلي مع القوى العالمية الست.
وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "السؤال المهم هو هل الاتفاق محدد بما يكفي لتلبية مطالب المنتقدين في الكونجرس وغامض بما يكفي لأن يقول الإيرانيون لجماهيرهم إنهم لم يقدموا تنازلات كبيرة."
قضايا صعبة
من بين أصعب القضايا الفنية التي لم تحسم بعد ما إذا كانت إيران ستحدث مفاعل اراك للماء الثقيل وموقع فوردو النووي المقام تحت الأرض. وبموجب الاتفاق الذي أبرم الخميس وافقت إيران على عدم إجراء أبحاث وأعمال تطوير تمكنها من إنتاج مواد صالحة للاستخدام في تصنيع قنبلة.
وفي ظل إمكانية أن ينتج مفاعل اراك البلوتونيوم -الذي يمكن أيضا استخدامه في تصنيع أسلحة نووية- سعى الغرب إلى إغلاقه أو تحويله إلى محطة تعمل بالماء الخفيف لتقليل احتمالات الانتشار النووي. وقالت إيران إن المفاعل لن ينتج سوى نظائر مشعة لاستخدامها في الطب والزراعة واستبعدت إغلاقه.
لكن مسألة كيف ستعيد إيران بناء وتصميم مفاعل اراك ربما تكون محل خلاف.
ويريد المسؤولون الغربيون تحويل مفاعل فوردو التي أقيمت غرف التخصيب فيه على عمق 91 مترا تحت الأرض إلى منشأة لا علاقة لها بالتخصيب. وبموجب الاتفاق وافقت إيران على وقف التخصيب في فوردو لمدة 15 عاما وقصر استخدامه على "الأغراض السلمية".
لكن تحديد طبيعة "الأغراض السلمية" يمكن أن ينطوي على تحديات. وأصرت طهران على الحق في إجراء أبحاث متطورة في مجال أجهزة الطرد المركزي هناك.
ومن بين القضايا التي يمكن أن تؤدي لتعثر المفاوضات من الآن وحتى يونيو حزيران توقيت رفع عقوبات الأمم المتحدة عن إيران وتشمل حظرا على التجارة في التكنولوجيا النووية والصاروخية وحظرا على السلاح.
وبموجب اتفاق الخميس سيتم رفع العقوبات النووية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران تدريجيا عندما تبدي التزاما بالاتفاق المستقبلي الشامل.
وسترفع بعض عقوبات مجلس الأمن الدولي تدريجيا وإن كان غيرها سيظل ساريا خاصة تلك المرتبطة بالانتشار النووي. وكانت إيران تريد رفع كافة عقوبات الأمم المتحدة فورا.
لكن في حين سيؤدي عدم الالتزام ببنود الاتفاق إلى إعادة العقوبات الأمريكية والأوروبية فورا لم يحدد التقرير الأمريكي الذي نشر بعد الاتفاق كيف سيعاد فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وكان المفاوضون الأمريكيون والأوروبيون يريدون أن ينطوي تخفيف عقوبات الأمم المتحدة على إمكانية إعادة فرضها تلقائيا. لكن روسيا رفضت ذلك لأنه سيقوض حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به في مجلس الأمن الدولي.
والدبلوماسية النووية محورية بالنسبة لسياسة أوباما الخارجية في الشرق الأوسط حيث تلعب طهران دورا لا يستهان به في الصراعات الطائفية بدءا من سوريا والعراق وانتهاء باليمن كما أنها تسببت في توتر العلاقات بين واشنطن وإسرائيل.
ويواجه أوباما تحديا يتمثل في تهدئة إسرائيل التي تعتبر أن برنامج إيران النووي مصدر تهديد لوجودها وقد لمحت فيما سبق إلى أنها قد تهاجم المواقع النووية الإيرانية إذا اعتقدت أن طهران تتخذ خطوات سريعة لتصنيع قنبلة نووية.
وقال آرون ديفيد ميلر المفاوض السابق الذي مثل إدارتي الجمهوريين والديمقراطيين في محادثات بالشرق الأوسط "سلوك إيران في سوريا والعراق واليمن -كل هذه الأماكن- سيظل يصعب على أوباما الوضع في الشرق الأوسط... لكن قد تبرز هنا قوة جذب كافية للانتقال إلى المرحلة التالية من المفاوضات."
اتفاق ايران أفضل خيار بدلا من حرب أخرى
وقد أشاد الرئيس الأمريكي باراك اوباما يوم الخميس باتفاق الاطار بشأن برنامج ايران النووي قائلا إنه "اتفاق جيد" سيمنع ايران من الحصول على سلاح نووي وسيجعل العالم أكثر أمانا وهو خيار أفضل من حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وبعد قليل من الاعلان عن الاتفاق في سويسرا بعد مفاوضات طويلة بين ايران والقوى العالمية خرج اوباما الى حديقة البيت الابيض ليروج للاتفاق لدى الأمريكيين وأعضاء الكونجرس المتشككين.
وقال "لذا فحين تسمعون المنتقدين الحتميين للاتفاق يرفعون اصواتهم اسألوهم سؤالا بسيطا.. هل تعتقدون فعلا ان هذا الاتفاق القابل للتثبت منه... اذا نفذ بالكامل.. بدعم من القوى الكبرى العالمية.. خيار اسوأ من المخاطرة بحرب أخرى في الشرق الأوسط؟" بحسب رويترز.
وخاضت الولايات المتحدة منذ 2001 حروبا طويلة في العراق وافغانستان وتنفذ الآن مع انعدام الاستقرار في انحاء الشرق الاوسط ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية المتشدد.
وتحدث منتقدون جمهوريون ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوة ضد الاتفاق مع ايران.
وطرح اوباما ثلاثة خيارات لكبح الطموحات النووية الايرانية. وقال إن الأول هو "اتفاق قوي ويمكن التثبت منه مثل هذا" سيؤدي الى "منع ايران سلميا من الحصول على سلاح نووي."
واضاف "الخيار الثاني هو: اننا يمكن ان نقصف المنشآت النووية الايرانية وبالتالي نبدأ حربا أخرى في الشرق الأوسط وندفع برنامج ايران للوراء بضع سنين... وبكلمات أخرى نعيده للوراء بنفس القدر الزمني الذي سيعيده به هذا الاتفاق الى الوراء."
واضاف ان الخيار الثالث هو الانسحاب من المفاوضات ومحاولة دفع الدول الأخرى لمواصلة العقوبات الاقتصادية على ايران "وأن نأمل في تحقق افضل النتائج".
وقال اوباما إن الاتفاق من خلال التفاوض "هو افضل خيار لنا إلى حد بعيد."
وقال الرئيس المنتمي للحزب الديمقراطي إنه اذا قتل الكونجرس الأمريكي الذي يقوده الجمهوريون الاتفاق بدون تقديم اي بديل معقول "حينئذ ستكون الولايات المتحدة هي التي ستلام عن فشل الدبلوماسية."
وقال اوباما انه تحدث مع العاهل السعودي الملك سلمان وسيتحدث قريبا مع نتنياهو وزعماء بالكونجرس.
ووصف اوباما الاتفاق بأنه تاريخي سيقطع على ايران كل طريق يمكن ان تسلكه لتطوير سلاح نووي.
واضاف "اذا أدى اتفاق الاطار هذا الى اتفاق شامل نهائي فسيجعل بلدنا وحلفاءنا والعالم أكثر آمانا."
وتابع "إنه اتفاق جيد".
وأقر اوباما بوجود "تاريخ صعب" بين الولايات المتحدة وايران. وساندت واشنطن انقلابا عام 1953 اطاح برئيس الوزراء الايراني المنتخب ديمقراطيا. وكان الثوريون الايرانيون الذين اطاحوا بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة في 1979 قد احتجزوا دبلوماسيين امريكيين رهائن.
وقال اوباما ان هذا الاتفاق وحده لن ينهي الانقسامات والشكوك العميقة بين الولايات المتحدة وايران.
واضاف "وستبقى بواعث قلقنا بخصوص السلوك الايراني طالما واصلت ايران رعايتها للارهاب ودعمها لوكلاء يزعزعون استقرار الشرق الأوسط وتهديداتها ضد اصدقاء امريكا وحلفائها مثل اسرائيل."
وقال اوباما إنه توجد دائما إمكانية ان تحاول ايران ممارسة الخداع في الاتفاق.
وأضاف "اذا أقدمت ايران على الغش سيعرف العالم. واذا رأينا شيئا مريبا فاننا سنفتشه. سيتم التعامل مع جهود ايران السابقة لتحويل برنامجها لانتاج أسلحة."
الجمهوريون في الكونغرس قلقون
بدوره قال رئيس مجلس النواب الاميركي الجمهوري جون باينر في بيان ان "معايير اتفاق نهائي تمثل فارقا مقلقا بالمقارنة مع الاهداف الاساسية التي حددها البيت الابيض"، معربا خصوصا عن قلقه ازاء امكان رفع العقوبة عن طهران في المدى القصير.
وأضاف انه "يجب ان يكون للكونغرس الحق في ان ينظر بالكامل في تفاصيل اي اتفاق قبل ان ترفع العقوبات". بحسب فران برس.
ومن المقرر ان تصوت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في 14 الجاري على اقتراح قانون قدمه سناتوران ويفرض على الرئيس باراك اوباما الرجوع الى الكونغرس في اي اتفاق يتم التوصل اليه مع ايران حول برنامجها النووي.
واعلن السناتوران الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، والديموقراطي روبرت ميننديز، ان اقتراح القانون الذي يحمل اسميهما سيعرض على التصويت داخل اللجنة في 14 نيسان/ابريل. وبعد تبنيه في اللجنة، سيصوت عليه مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب.
ويرغم اقتراح قانون كوركر-ميننديز باراك اوباما على الرجوع للكونغرس في اي اتفاق يتم التفاوض بشأنه من قبل مجموعة 5+1 (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) مع طهران، ويعطي 60 يوما للبرلمانيين كي ينظروا فيه ويصوتوا عليه، ما يعطيهم بالتالي حق عرقلة تطبيقه.
ولكن البيت الابيض يرفض رفضا تاما هذا الامر، مؤكدا ان ابرام مثل هذا الاتفاق هو من صلاحية السلطة التنفيذية حصرا وان تدخل الكونغرس في هذه المسألة سيخلق سابقة.
ولكن الجمهوريين المصرين على موقفهم نجحوا في اقناع عدد من البرلمانيين الديموقراطيين بالانضمام اليهم في دعم المقترح التشريعي.
والخميس جدد السناتور كوركر التأكيد على انه لن يرجئ التصويت المقرر في 14 الجاري. وقال "من المهم الانتظار لمعرفة التفاصيل المحددة للاعلان الذي تم اليوم"، لكنه اضاف "انا واثق من ان التصويت سيكون بغالبية كبرى لصالح" اقتراح القانون.
اما شريكه الديموقراطي في اقتراح القانون روبرت ميننديز فجدد بدوره دعمه للاقتراح ولكن بلهجة اقل حدة.
بالمقابل فان برلمانيين جمهوريين مناهضين بشدة لاي اتفاق مع طهران رفضوا الخميس اتفاق لوزان بدعوى انه يبقي لايران قدرة على تخصيب اليورانيوم وعلى البحث والتطوير ويبقي كذلك على منشأة فوردو النووية الواقعة اسفل جبل مما يجعل تدميرها بغارة جوية مهمة شبه مستحيلة.
ومن هؤلاء السناتور ماركو روبيو المرشح المحتمل للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية في 2016 والذي وصف اتفاق لوزان ب"الخطأ الهائل".
اما المنافسان المحتملان لروبيو في السباق لنيل بطاقة الترشيح الجمهورية جيب بوش وسكوت ووكر فنددا بما اعتبراه تنازلات مفرطة قدمتها الولايات المتحدة لايران في اتفاق لوزان.
وقال جيب بوش "ايران ليست مجبرة على الكشف عن انشطتها العسكرية السابقة وغالبية بنود الاتفاق ينتهي مفعولها في مستقبل قريب".
اما السناتور مارك كيرك الذي شارك في اعداد العديد من القوانين التي فرضت عقوبات على ايران فاعتبر ان "نيفيل تشامبرلين وقع اتفاقا افضل مع ادولف هتلر"، في اشارة الى اتفاقات ميونيخ في 1938.
ودعا اوباما الكونغرس الى عدم وأد هذا الاتفاق.
وقال "اذا قتل الكونغرس هذا الاتفاق، من دون الاستناد الى تحليلات خبراء ومن دون اقتراح حل آخر معقول، عندها سيتم اتهام الولايات المتحدة بافشال الحل الدبلوماسي".
ومن المفترض ان تبدأ ادارة اوباما حملة في الكونغرس لاقناع البرلمانيين بصوابية الاتفاق.