مصانع المعلومات: كيف تحولت مراكز البيانات إلى اقتصاد المستقبل؟
Fifreedomtoday
2025-11-05 04:40
يُعد اقتصاد مراكز البيانات أحد أسرع القطاعات نموًا في العالم الرقمي، إذ يشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي في إدارة المعلومات والخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي.
اليوم، لا يمكن لأي شركة تقنية أو منصة رقمية أو حتى حكومة إلكترونية أن تعمل من دون «مصانع المعلومات»، أي مراكز البيانات (Data Centers)، التي تعتمد عليها شركات التكنولوجيا العملاقة مثل Google وAmazon وMicrosoft وMeta وNvidia لتشغيل تطبيقاتها ومنصاتها، وتستثمر مليارات الدولارات لبناء مراكز أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وأسرع في معالجة البيانات.
أهمية مراكز البيانات
تمثّل مراكز البيانات البيئة المثالية لتخزين كميات هائلة من المعلومات وتشغيل أجهزة الحوسبة المتقدمة والخوادم ومعدات الشبكات. ويعتمد هذا السوق على بنية تحتية متطورة لأنظمة تكنولوجيا المعلومات، تشمل محركات تخزين البيانات، وأنظمة الطاقة الاحتياطية، ومرافق التبريد التي تضمن عمرًا أطول للمعدات واستقرارًا تشغيليًا أعلى.
كما توفر هذه المراكز حماية قوية للبيانات، وتضمن الامتثال للمعايير الأمنية والتشريعات التنظيمية. ويسهم تطور مراكز البيانات الحديثة في تحسين إدارة تعقيدات تكنولوجيا المعلومات، وتسريع تبنّي الخدمات الرقمية عبر مراكز البيانات المحلية والسحابية ومراكز التشارك، مما يعزّز التحول الرقمي عالميًا.
مراكز البيانات واقتصاد المستقبل
مع الطفرة العالمية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت مراكز البيانات محركًا اقتصاديًا للدول، ويُطلق عليها “اقتصاد الغد”، إذ إن كل تطبيق ذكاء اصطناعي، وكل بثّ مرئي، وكل معاملة رقمية أو شبكة بلوكشين تحتاج إلى: مساحة تخزين ضخمة (Storage)، وطاقة معالجة هائلة (Compute)، وبنية تحتية كهربائية وتبريدية قوية، وبالتالي فإن مراكز البيانات هي القلب النابض للاقتصاد الرقمي، إذ تولّد آلاف الوظائف، وتخلق طلبًا ضخمًا على الطاقة والاتصالات والعقارات الصناعية. ولهذا تتنافس الدول على جذبها من خلال حوافز ضريبية، وبنية رقمية متقدمة، ومصادر طاقة متجددة.
ووفقًا لتقرير Precedence Research، بلغت قيمة سوق مراكز البيانات العالمي 386.7 مليار دولار عام 2025، ومن المتوقع أن تتجاوز تريليون دولار بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي يُقدّر بنحو 11.24%.
أكثر الدول امتلاكًا لمراكز البيانات
بحسب موقع Statista (تحديث مارس 2025)، تتصدر الولايات المتحدة الأميركية قائمة الدول التي تمتلك أكبر عدد من مراكز البيانات حول العالم، تليها دول أوروبا الغربية.
وجاء الترتيب كالتالي:
الولايات المتحدة: 5426 مركزًا
ألمانيا: 529 مركزًا
المملكة المتحدة: 523 مركزًا
فرنسا: 322 مركزًا
أستراليا: 314 مركزًا
اقتصاد مراكز البيانات في العالم العربي
في المنطقة العربية، تُعدّ الإمارات العربية المتحدة من أسرع الأسواق نموًا في مراكز البيانات، إذ شهدت زيادة في طاقة تكنولوجيا المعلومات بنسبة 15.3% خلال عام واحد، بحسب تقرير Knight Frank.
ولا يقتصر التميز الإماراتي على العدد فقط، بل يمتد إلى الاستثمار الضخم في مشاريع عملاقة، أبرزها مشروع Stargate UAE في أبوظبي، الذي يُخطَّط لأن تصل طاقته التشغيلية إلى 5 غيغاواط لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع مجموعة G42 الإماراتية.
أما المملكة العربية السعودية فتنافس بقوة عبر استثمارات ضخمة في البنية التحتية الرقمية. وأعلنت شركة HUMAIN السعودية للذكاء الاصطناعي عن تحالفات كبرى لإنشاء مراكز بيانات متقدمة، بحيث تستحوذ المملكة على نحو 50% من الطاقة الجديدة لمراكز البيانات في المنطقة بحلول عام 2027، باستثمارات تتجاوز 10 مليارات دولار.
وتشهد دول عربية أخرى مثل قطر والكويت ومصر نموًا ملحوظًا في هذا المجال، وإن كان بوتيرة أبطأ. وتعمل مصر تحديدًا على الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد لتكون جسرًا بين إفريقيا وأوروبا في مجال تدفق البيانات.
المخاطر والتحديات
رغم النمو الكبير، تواجه صناعة مراكز البيانات تحديات متعددة، أبرزها:
الارتفاع الهائل في استهلاك الطاقة والتبريد، خاصة مع توسع منشآت الـ“هايبرسكيل” (Hyperscale) التي تتطلب طاقة نظيفة ومستقرة.
الاعتماد الكبير على البنية التحتية (الشبكات، الكابلات البحرية، مصادر الطاقة)، ما يتطلب استثمارات ضخمة وتشريعات واضحة.
التنافس الجغرافي بين المناطق الكبرى (الشرق الأوسط، آسيا، أوروبا) لتكون كل منها “البوابة الرقمية” نحو الأسواق العالمية، وهو ما قد يؤثر على هوامش الربح.