هل شارك تيك توك في جريمة هدم القيم الاجتماعية؟
مصطفى ملا هذال
2024-11-20 04:23
تطبيق تيك توك الذي يستخدمه أكثر من مليار ونصف حول العالم، حقق انتشارا واسعا بين شريحة الشباب الذين استخدموه لإنتاج المحتويات التي لا تتماشى مع الذوق العام والقيم الاجتماعية الي نشأت عليها الأجيال السابقة وتحرص على المحافظة عليها دون ان تتأثر بالمظاهر العصرية.
أتاح التطبيق لمستخدميه السيئين انتاج ونشر مقاطع فيديو تحمل مضامين خادشة للحياء وفيها إشارات غير أخلاقية تساعد على تعزيز الثقافات الدخيلة بين الأوساط الشبابية ممن أدمنوا الاستخدام ووجدوا ضالتهم فيه للتعبير عن مكنوناتهم المسيئة.
الخروج عن القواعد الأخلاقية من أكثر المؤشرات السلبية المأخوذة على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة عامة، وجاء تيك توك لتعميق هذا الخرق وتشجيع المستخدمين على تجاوز الخطوط الحمراء التي توصي الطبقات الاجتماعية بعدم المساس بها.
قضايا انتهاك القيم الاجتماعية يعود الى الافتقار الكبير لحماية الشرائح الاجتماعية من الحسابات الوهمية وغيرها ممن تتجه باتجاه هدم القيم السائدة، وكذلك عدم وجود حواجز نظامية احترازية كافية للجيل الشاب، بالإضافة الى خطر إدمان التطبيق من قبل الشباب كونه الطريق الاسهل للوصول الى المقاطع غير الهادفة.
وعلاوة على ما تقدم فان الرغبة في الحصول على الأموال عن طريق المتابعين وما يترب على ذلك من كثرة للإعلانات على الحسابات الشخصية المقدمة لهذا النوع من المضامين، هو من يدفع البعض الى تقديم المحتوى بشكل لا ينسجم مع الذوق العام.
تطبيق تيك توك يسمح بخاصية البث المباشر بدون أي ضوابط، وفقا للنظرية الميكافيلية الشهيرة التي تؤكد (أن الغاية تبرر الوسيلة) أي كي تصبح غنيا مثلًا فلا بأس أن تكذب وتسرق وتغش وتحتال!
فذلك التطبيق يسمح بجمع المال لصاحب المحتوى كما يسمي أيضا من خلال خاصية البث المباشر والسعي لجذب أكبر عدد مشاهدين وتسول المال بطرق بعضها غير أخلاقي بمحتوى متدني يصل في بعض الأحيان إلى المهين لصاحبه.
تطبيق التيك توك يعد واحد من أسرع طرق الحصول على الشهرة وأيضا كسب الأموال دون عناء من خلال قبول هدايا عملات افتراضية موجودة على التطبيق ويتم إهدائها خلال البث لصانع المحتوى تحفيزا وتشجيعا له.
ازدياد اعداد المتابعين لهذه الحسابات يأتي من الطرح البسيط الذي لا يمثل الإرث الحضاري لبلد مثل العراق يمكن ان تكون السمة الغالبة هي المحافظة على القديم وعدم القفز على الموروث الديني والاجتماعي، لذلك يُلاحظ ان اغلب المستخدمين من شريحة الشباب دون سن الثامنة عشر.
هذا التطور التكنولوجي المخيف الذي تواجهه الأسرة العراقية وحدها ما بين صراع الحريات وما بين التقاليد والأخلاق والقيم التي تربينا عليها والحقيقة الراسخة هي أننا فشلنا جميعا الى حد ما في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
حان الوقت لوضع حد لتلك التطبيقات المدمرة لأجيال من الأطفال والشباب وإن كنا نعول كثيرا بطموحات كبيرة على الجهات الرقابية ان تحمل على عاتقها الكثير والكثير خلال السنوات القادمة من اجل إعادة رسم التشريعات والمراقبة بما يتوافق مع طموحات الفعاليات الاجتماعية والقواعد العامة البناءة.