الساعات الذكية.. العالم في معصمك!
عبد الامير رويح
2015-07-02 03:53
الساعات الذكية كغيرها من التقنيات والاجهزة الحديثة، التي غزت حياتنا بمختلف جوانبها اصبحت اليوم وبفضل التطور الكبير في التكنلوجيا المعلوماتية، محط اهتمام الكثير من البشر في مختلف دول العالم، وهو ما فتح باب التنافس بين الشركات العالمية الكبرى التي تسعى الى فرض سيطرتها المطلقة على الاسواق من خلال التميز وتطوير منتجاتها المختلفة بما فيها الساعات الذكية التي اختلفت بشكل والخصائص والاداء.
ويرى بعض الخبراء ان ساعة ابل الذكية أحدث منتج لعملاق التكنولوجيا الأمريكي، والتي كثر الحديث عنها في الأوساط التقنية في الفترة الأخيرة، لا تزال اهم منتج عالمي لما تحويه من ميزات وخصائص تكنولوجيه مثيرة للاهتمام، ومنها التواصل واستقبال الرسائل والمكالمات مع جهاز الاي فون و إمكانية الاتصال اللاسلكي بالإنترنت، هذا بالإضافة الى كونها أداة متكاملة للعديد من التطبيقات المختلفة رغم حجمها الصغير، ومنها التطبيقات الصحية التي تعطيك كل المعلومات اللازمة عن صحتك.
والساعة الذكية كما تشير بعض المصادر، هي عبارة عن ساعة يد محوسبة تؤدي اعمال أساسية مثل الحسابات والترجمة والألعاب كما تعمل على تشغيل تطبيقات الجوالات كما ان عدد صغير منها يشغل نظام التشغيل للجوالات، وتعمل على تشغيل الراديو FM وملفات تصويرية وسماعية للمستخدم عن طريق البلوتوث ولها خاصية الرد على المكالمات الهاتفية. بعضا من هذه الأجهزة تتضمن إمكانيات مثل الكاميرا، الخرائط، البوصلة، آلة حاسبة، شاشة لمس، جوال، نظام الاستشعار عن بعد، عرض الخرائط الجغرافية وسماعات لاسلكية او مايكروفون او جهاز روتر. وهناك نوع يسمى بالساعات الرياضية وتصنع للتدريب، هذا النوع من الساعات يمكن تجميع معلومات من الاستشعار الخارجي او الداخلي وممكن أن تتحكم في المعلومات وتدعم التكنولوجيا اللاسلكية مثل الواي فاي والبلوتوث.
الصحافة بلمحة بصر
على صعيد ذي صلة مع تسويق ساعة "آبل واتش"، تفكر وسائل الإعلام بطريقة تسمح لها بتقديم محتوياتها على شاشات صغيرة جدا وتجسيد مفهوم "الصحافة بلمحة بصر". فساعة "آبل" الموصولة توفر لوسائل الإعلام سبلا جديدة للوصول إلى جمهورها. وأكدت مجموعة "نيويورك تايمز" أن تطبيقها المخصص لساعة "آبل واتش" سيقدم "طريقة جديدة في الكتابة" وأن "مراسليها في القارات الثلاث" سيقومون بتحديث البلاغات. وسيتسنى للقراء متابعة قراءة المقالات على هواتف "آي فون" وأجهزة "آي باد".
وأعدت كل من قناة "سي ان ان" وإذاعة "ان بي آر" الأميركية العامة تطبيقا مخصصا لهذه الساعات الموصولة. وتتطلب هذه التكنولوجيا الجديدة معلومات سريعة ومركزة. وقال ماريو غارسيا المستشار في مجموعة "غارسيا ميديا" والعضو في معهد "بوينتر" للدراسات الإعلامية "ندخل في عصر الصحافة بلمحة مصر". وشرح المستشار الذي يشارك في أبحاث عن هذا الموضوع تجريها جامعة آرهوس الدنماركية أنه "من الأصعب إخراج هاتف آي فون من الجيب أو الحقيبة في قطار مكتظ بالركاب في نيويورك ومن الأسهل بكثير إلقاء نظرة على الساعة. وأتوقع أن يتم الاطلاع بسرعة على الأخبار المنشورة على الساعة قبل اختيار تلك الجديرة بالقراءة" للتمعن فيها.
ويقدم تطور هذه التكنولوجيا منصة جديدة لوسائل الإعلام تتميز بسرعتها ومرونتها وتوافرها المتواصل، على حد قول روبرت هيرنانديز الأستاذ المحاضر في الصحافة الخاصة بالأجهزة المحمولة في جامعة كارولينا الجنوبية الذي لفت إلى أن "الاطلاع على آخر الأخبار سيصبح أسرع مع الساعة" وهي فرصة جديدة للاقتراب من القراء". وأكد روبرت هيرنانديز أن الصحافة ستعرف كيف تشق طريقها، "فعند إطلاق تويتر، كان الناس يستبعدون فكرة الاكتفاء بمئة وأربعين رمزا للأخبار الصحافية، لكن تويتر باتت اليوم أداة رئيسية".
ويعتبر جيل ريمون مصمم تطبيق "نيوز ريبابليك" أن ساعة "آبل" ستشكل وسيلة مثالية لنشر المعلومات. وقال مدير هذه الشركة التي تتخذ في سان فرانسيسكو مقرا لها وتقدم تطبيقات إعلامية للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية إن "الساعة وسيلة مثالية للاطلاع على آخر الأخبار". وشرح أن المستخدمين يطلعون عل هاتفهم الذكي أكثر من مئة مرة في اليوم الواحد وقد يرتفع هذا المعدل إلى 300 أو 400 مرة مع الساعة الذكية.
وتتمحور المسألة في نظره على "معرفة إذا كان القارئ سيكتفي بالعناوين الأولى ثم يخرج الهاتف أم أنه سيقرأ المقال بالكامل على ساعته. والفرضيتان محتملتان، لكن الناس سيقرأون المقالات على ساعاتهم في رأيي، فهم يتكيفون بسرعة". وينبغي لوسائل الإعلام أن تعد أيضا محتويات يسهل الاطلاع عليها بسرعة على الشاشات الصغيرة وبطريقة ما عليها أن تقيم نوعا جديدا من العلاقات مع القراء. ويجدر بها أن تجد الوصفة اللازمة لإرسال البلاغات بسرعة من دون المبالغة بها. بحسب فرانس برس.
ولا بد لها من أن تتميز بحس ابتكاري، على حد قول آلن موتر رئيس التحرير السابق لصحيفة في شيكاغو الذي بات مستشارا في مجال وسائل الإعلام الرقمية. و كشف أن المستخدمين لا يريدون تلقي البلاغات على مدار الساعة ومن الضروري اعتماد معادلة متوازنة، لافتا إلى أن المجموعات الإعلامية لم تنجح في التأقلم مع شبكة الانترنت، لكن الفرصة سانحة لها لمواكبة الأجهزة المحمولة. وختم موتر قائلا "لا بد من الإدراك أن الأجهزة المحمولة ليست وسيلة سلبية ... وفي حال نجحت وسائل الإعلام في استيعاب هذا المفهوم، فإنها ستتوصل لمبتغاها مع ساعة آبل واتش".
نجاح آبل ووتش
وفي هذا الشأن فقد توقعت دراسة حديثة اجرتها مجموعة "اي اتش اس" ان تسهم ساعات "آبل ووتش" الذكية في رفع نسبة مبيعات هذا النوع من الاكسسوارات المتصلة بالانترنت في السنوات المقبلة، كما أن نجاحها سيكون عاملا حاسما على صعيد مستقبل هذه السوق الصاعدة. وقد شهد العام الماضي بيع ما لا يزيد عن 3,6 ملايين ساعة متصلة بعد اطلاق النماذج الاولى من هذه الاكسسوارات من جانب شركات كبرى بينها سامسونغ وموتورولا.
وطرحت مجموعة آبل الاميركية نموذجها الخاص من الساعات الذكية للبيع في الاسواق نهاية نيسان/ابريل، ومن المتوقع ان يباع منها 19 مليون وحدة هذا العام، اي ما نسبته 56 % من اجمالي مبيعات هذه السوق بحسب تقديرات "آي اتش اس". وبحلول العام 2020، من المتوقع ارتفاع مبيعات الساعات الذكية المصنعة من كل الشركات العاملة في القطاع الى 101 مليون وحدة. كذلك، يتوقع ان تحافظ آبل على صدارتها في هذا المجال مع 38 % من السوق، في حين ان حصص منافسيها ستحقق تقدما بطيئا.
ويساهم السعر المرتفع لساعات "آبل ووتش" (الذي يبدأ عند 349 دولارا في الولايات المتحدة وتتطلب الاستعانة بهاتف "آي فون" حديث من اجل تشغيلها) في ترك هامش للاجهزة الاقل ثمنا. وبالتالي يمكن لمصنعي الساعات العاملة بنظام تشغيل اندرويد التابع لمجموعة غوغل ان تراكم ما نسبته 20 % من اجمالي السوق سنة 2020، وفق "آي اتش اس". كما من شأن "آبل ووتش" اعطاء دفع للسوق عبر تعزيز حضور الساعات الذكية ومن خلال "تثقيف" المستهلكين بشأن طرق استخدامها والمنافع المتأتية منها. بحسب فرانس برس.
واعتبر المحلل لدى مجموعة "آي اتش اس" يان فوغ أن نجاح "آبل ووتش" يمثل حاجة بالنسبة لمنافسي "آبل" في مجال الساعات المتصلة. وقال "إذا ما قامت آبل بخطوة ناقصة في اطار اختراقها سوق الساعات المتصلة، فإن هذه السوق ستعاني. الساعات المتصلة يمكن ان تلاقي المصير نفسه لنظارات غوغل غلاس" الذكية التي علقت مجموعة "غوغل" بيعها مطلع العام الحالي.
تطبيقات جديدة
على صعيد متصل تكهن مطورو برمجيات قاموا بتجربة ساعة أبل الجديدة بتدفق مجموعة كبيرة من التطبيقات الجديدة خلال الأشهر القليلة القادمة خاصة في مجالات من بينها الصحة والتراسل. واكتشف المطورون -الذين لم تسمح لهم أبل سوى باستخدام نموذج للساعة- قدرات جديدة. وقال روس كوهين مدير التشغيل في موقع (بين فريفايد دوت كوت) الذي يصنع تطبيقا لهوية المتصل للساعة الجديدة إنه أدرك ان الساعة تعمل وتنطفئ بشكل تلقائي عند رفع أو خفض المعصم.
ولم يتضمن نموذج الساعة مكبرا للصوت مما دعا بعض المطورين للتساؤل عن جودة الصوت. وقالت دانيل كيتا-تاجوتشي محللة الأسواق في شركة واي ميديا لابس التي صممت تطبيقات لشركات مثل أمريكان اكسبريس و(إي.إم.سي) وإي-باي إن الحصول على الساعة سيسرع من تطويرها. وقالت "كثير من الشركات الخمسمئة الكبرى تريد حقا الاستثمار في هذه التكنولوجيا الجديدة على وجه السرعة." وأضافت "الصحة والنقل والتواصل الاجتماعي ستكون هي المجالات الثلاثة الرئيسية التي تعتمد عليها ساعة أبل." بحسب رويترز.
ورصدت شركة آب آني لتتبع التطبيقات 3061 تطبيقا يدعمون ساعة أبل نحو عشرة بالمئة منهم ألعاب. وشكلت التطبيقات العملية ثمانية بالمئة وتطبيقات الموضة والصحة والرشاقة سبعة بالمئة لكل منها. وحتى الآن يرى المطورون ان الفوائد الرئيسية للساعة هي توفير الوقت أو ترشيد اخراج الهاتف المحمول من الجيب ومطالعته.
في السياق ذاته قد يواجه الأشخاص الذين يحملون وشما قاتم اللون عند مستوى المعصم صعوبات في استخدام ساعة "آبل ووتش"، لأن الحبر يسد نور اللواقط حسب ما أعلنت مجموعة آبل. وكتبت آبل على صفحة المساعدة على موقعها الإلكتروني "الحبر والرسوم الكثيرة في بعض الأوشام يمكن أن تعطل نور اللواقط مما يجعل من الصعب الحصول على قراءة موثوقة". فاللواقط الموضوعة على ظهر الساعة الموصولة بالإنترنت تستخدم أنوار "ال اي دي" لرصد حركة الدم ونبضات القلب لدى الأشخاص الذين يضعونها وذلك لتوفير معلومات حول النشاط الجسدي.
وأوضحت آبل أن "عوامل عدة يمكنها أن تؤثر على أداء لواقط نبضات القلب في آبل ووتش" مثل بعض الحركات غير المنتظمة خلال مباراة لكرة المضرب. وأضافت أن "بعض التغييرات المؤقتة أو الدائمة في الجلد مثل الوشم يمكن أيضا أن تؤثر على أداء" هذه اللواقط. وبعد تسويق "آبل ووتش" كشف بعض المستخدمين عبر الإنترنت أن بعض الوظائف لا تعمل عندما يكون المعصم يحمل وشما.
اليابان وآسيا
من جانب اخر شهدت اليابان ودول شرق آسيا بيع ساعات ابل ووتش الموصولة بالانترنت للمرة الاولى فيها، من دون ان يترافق ذلك مع الازدحام والحشود الكبيرة التي ترافق اطلاق اجهزة جديدة عادة، اذ اقتصر البيع على زبائن اوصوا بهده الساعات مسبقا. وفي اليابان، وعند الظهيرة، كان نحو ثلاثين شخصا ينتظرون امام متجر سوفتبانك في حي غينزا الراقي في طوكيو وجميعهم سجلوا اسماءهم قبل اسبوعين للحصول على هذه الساعات التي تستخدم مع ايفون 5 او 6.
وقالت يوشيمي كيمورا، وهي شابة ثلاثينية منتظمة في الطابور امام المتجر "اريد ان ارى ماذا يمكن فعله مع هذه الساعة الذكية" مضيفة ان السعر البالغ 350 يورو للنموذج الابسط لا يشكل عقبة لها امام ذلك. وابدى شخص آخر حماسته لهذه الساعات لكونها تتيح "الاطلاع على الاخبار دون الحاجة إلى اخراج الآيفون من الجيب". وقال موظف في المتجر ان امكانية شراء ساعات آبل ووتش محصورة حاليا بمن حجزوها مسبقا، وان تاريخ الشحنة المقبلة غير محدد بعد. بحسب فرانس برس.
لكن شائعة سرت عبر موقع تويتر مفادها ان متجرا كبيرا في طوكيو "اكيهابارا" لديه شحنة من هذه الساعات الموصولة بالانترنت، وبالفعل توجه عدد من الاشخاص الى هناك وحصلوا على هذه الساعات من دون الحاجة الى الانتظار. وقالت احدى البائعات هناك "لا شك اننا نلبي بداية طلبات الذين حجزوا مسبقا، لكن لدينا بعض الساعات الاضافية". وفي الصين، حيث تعد السوق حيوية لآبل، بدأ الاقبال على شراء هذه الساعات والحديث عن مزاياها على مواقع التواصل الاجتماعي هناك. وتتوافر ثلاثة نماذج من هذه الساعة، من بينها النموذج الرياضي المنخفض الكلفة "آبل ووتش سبورت" وذاك الفاخر "آبل ووتش إديشين" المصنع من ذهب أصفر أو زهري اللون من 18 قيراطا والمرصع بالياقوت الأزرق. وتراوح أسعار هذه النماذج بين 349 دولارا و 10 آلاف دولار.