استثمار عاشوراء لمضاعفة حصانة المرأة؟
رؤى من أفكار الإمام الشيرازي
شبكة النبأ
2015-10-12 08:52
الحفاظ على مكانة المرأة وصيانة كرامتها، والحفاظ على حقوقها، مؤشرات مهمة تدل على ارتقاء المجتمع، نظرا للمهمات الكبيرة الملقاة على عاتقها، فضلا عن نسبة عدد النساء في المجتمع قياسا للشرائح الأخرى، أما اذا تطرقنا لدورها في العائلة وتربية الاجيال، وأهمية هذا الدور في تطوير البيئة الاجتماعية والاخلاقية والفكرية للمجتمع، فإن هذا الامر كفيل بمنح المرأة مكانة وحصانة توازي أهمية دورها الكبير.
هذه الأهمية والتفرد والقدرات التي تتحلى بها المرأة على الارتقاء بالمجتمع الى مستويات عالية من الثقافة والوعي والتطور، هي التي تحدد أهميتها ومكانتها الكبيرة، وهذا الأمر يستدعي من أولي الأمر والمسؤولين جميعا، الى التنبّه للمرأة ومضاعفة حصانتها، وحمايتها من الانتهاكات كافة، لاسيما تلك التي تحاول أن تحوّل المرأة الى سلعة كما نلاحظ ذلك في الموجات المسعورة التي تقوم بها شبكات وعصابات عالمية تتاجر بجسد المرأة عبر العالم.
كما نلاحظ ذلك على سبيل المثال بخصوص المواقع الاباحية، والمحاولات المحمومة للمتاجرة بجسد المرأة، في الغرب الذي يعلن في مناسبة وغيرها، بأنه يسعى لحماية حقوقها، وأن المرأة في الغرب تتمتع بالحقوق كافة، ولكن لا احد يتطرق الى ملايين النساء اللواتي تتعرض كرامتهن للامتهان من خلال حالات الاستغلال المنتظمة، حيث الماكنة الاعلامية وعصابات الرذيلة تدفع بالمرأة الى التفسخ والانحلال بأبشع صوره.
إن العولمة الغربية تحاول أن تجعل مثل هذه الظواهر التي تتعلق بانتهاكات حقوق المرأة أمورا عادية، ومقبولة، لكننا كمسلمين نرفض مثل هذه الظواهر، لاسيما أن الاسلام دعا الى مضاعفة حصانة المرأة وحماية حقوقها، واكد على دورها الاجتماعي التربوي الاخلاقي، وهذا الأمر يستدعي الحفاظ على المرأة المسلمة، بغض النظر عما يحدث في مناطق ودول اخرى من العالم.
وعلينا أن نستثمر عاشوراء في تحقيق هذا الهدف، فالمطلوب منا، هو استثمار هذه المناسبة لبث الوعي، ومضاعفة الجهود للاهتمام بالمرأة بأقصى ما نستطيع، وعلينا أن نحميها من الانتهاك، وعدم محاكاة الغرب في هذا المجال بخصوص النظر الى المرأة كسلعة للمتاجرة بها، لأنها في نظر الاسلام شيء آخر، وهذا يحتم علينا استثمار عاشوراء لتحقيق هذا الهدف.
يقول الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، في كتابه القيم الموسوم بـ (الاستفادة من عاشوراء)، حول هذا الجانب: (على المؤسسات الدينية والمجالس الحسينية ومواكب العزاء الحسيني الاهتمام المتواصل بالنساء).
العاطفة نقطة ضعف النساء!
في عاشوراء يتجدد الأمل بمعالجة المشكلات المعاصرة التي تعصف بالمجتمع الاسلامي، ومنها بل وأخطرها، ما تتعرض له المرأة من إهمال، بسبب الغفلة التي تعصف بعقول المسؤولين، وتجعلهم في منأى عن حماية مكانة المرأة في المجتمع، إذ يؤكد العلماء المعنيون على أن الغفلة عن الاهتمام بالنساء يقودهن الى مسارات الانحراف، ومن ثم انحراف المجتمع بالكامل، بسبب الدور التربوي المركزي للمرأة في المجتمع.
لذلك يقول الامام الشيرازي حول هذا الموضوع: (إن الغفلة عن الاهتمام بالنساء تؤدي الى انحرافهن عن المنهج السليم والأفكار الصحيحة، وانحرافهن مع التيارات السقيمة).
وهناك نقطة ضعف موجودة في التركيبة النفسية والتكوينية للمرأة، تجعلها عرضة للاستغلال أكثر من الرجل، وهي تتعلق بالعاطفة المفرطة التي تميز المرأة عن الرجل، وبدلا من أن يتم توظيف هذه الميزة لصالح دور المرأة، يقوم اصحاب الغرض السيئ بتوظيفه لاستغلال المرأة، فهناك مفسدون لهم خبرة عملية في مجال استغلال النساء، وهم يعرفون من أين تؤكل الكتف في هذا المجال تحديدا.
فيعمدون الى الضرب على الوتر العاطفي للمرأة، حتى تتحول انوثتها الى مصدر ربحي يجلب لهم الأموال ويضاعف من ثرواتهم، من خلال الاستغلال الجنسي للمرأة كما نلاحظ ذلك في نشر شبكات الدعارة وما شباه، في مجتمعات الغرب وسواه، ونحن كمسلمين لا نريد أن تنتقل هذه المظاهر الفاسدة إلينا، وهذا الامر يدفعنا الى وجوب الاستثمار الصحيح بأقصى ما يمكن لمناسبة عاشوراء، كي تكون منطلقا للتصحيح في مجال حماية المرأة ومضاعفة حصانتها الاخلاقية، حتى لا تكون عرضة للاستغلال من لدن شبكات وعصابات عالمية ومحلية، هدفها تحقيق اقصى ما يمكن من ارباح تزيد من ارصدتهم واموالهم.
في المقابل سيكون هناك انحدار هائل في الجانب الاخلاقي والقيمي للمجتمع، والسبب هو اضعاف مكانة المرأة، وعدم القيام بما يلزم من خطوات لحمايتها، والحفاظ على دورها الاساسي والصحيح في المجتمع، وهو الدور المعروف تربويا وأخلاقيا للمرأة، كونها حجر الزاوية في حماية المجتمع من موجات الانحراف المرسومة مسبقا.
يقول الامام الشيرازي في هذا المجال بكتابه المذكور نفسه: (بسبب كون النساء عاطفيات، فإنهنّ معرّضات للاستغلال من قبل المفسدين في الأمور المحرّمة والمنافية للعفّة الاجتماعية، فتكون أنوثتهنّ سلعة لاستدرار المال للمنحرفين).
العنوسة ظاهرة تخلخل للمجتمع
من الأمور التي تساعد على مضاعفة حصانة المرأة في المجتمع، أهمية التركيز على دورها التربوي المتوازن، وهذا لن يتحقق ما لم يحافظ المجتمع نفسه على دور صحيح ومتوازن للمرأة، من خلال حفظ التوازن النفسي والعملي لها، فالمرأة عنصر مهم من عناصر المجتمع، بل علينا أن ننظر لدورها بأنه الأهم من بين الأدوار، لسبب مغروف، أنها تدير الخلية الاجتماعية (العائلة) وهي المعلم الأول للاطفال في البيت، أي انها الأساس التربوي الأول للمجتمع، وهذا يستدعي الحفاظ على توازنها النفسي.
هذا الهدف لن يتحقق ما لم نهتم بقضايا المرأة، ونعالج مشكلاتها المختلفة التي تتعرض لها في حياتها المنزلية او العملية، وهناك مشكلات اجتماعية تتعرض لها المرأة خارج نطاق قدرتها وارادتها، بل هي نتاج سياسات خاطئة للمجتمع وقادته، ومن هذه المشكلات العنوسة التي تدمر طاقة المرأة وقدراتها، الامر الذي ينعكس على المجتمع عموما، لذلك علينا استثمار عاشوراء لتحقيق هذا الهدف والحد من العنوسة ومخاطرها.
يقول الامام الشيرازي في هذا الخصوص: (من الضروري تزويج النساء لئلا يتركن عوانس، فإن العنوسة توجب الأمراض النفسية والجسدية فضلاً عن الاجتماعية).
كذلك ينبغي أن يحضر الجانب الانسان في العلاقات التي تربط بين المرأة والرجل، باعتبار أنهما ركيزتان يقوم عليها البناء المجتمعي برمته، ان استثمار المجالس الحسينية لاشاعة ثقافة احترام المرأة، والتركيز على الجانب الانساني في علاقتها مع الرجل، يمكن أن يشكل جانبا كبيرا من الحلول المطروحة لمعالجة مشكلات المرأة كالعنوسة وغيرها، ومن ثم الحفاظ على دورها في المجتمع.
لذلك يؤكد الامام الشيرازي على أهمية نشر الوعي في هذا الخصوص، وانتهاز الفرص لزيادة الاهتمام بالمرأة، ومنها تسخير الفرص المتاحة في عاشوراء لتحقيق هذا الهدف، فهناك مجالس حسينية نسوية ورجالية يمكن لمن يتصدى لها فكريا، ان يثري هذا الجانب ويضاعف من وعي المرأة والمجتمع في الحفاظ على مكانة المرأة ودورها، من خلال توجيه المرأة والأب والزوج، للمحافظة على علاقات انسانية متوازنة تحفظ مكانة المرأة وكرامتها، لأن كرامة المرأة تصب في المحافظة على كرامة المجتمع كله.
لهذا يقول الامام الشيرازي حول هذا الجانب: (من الضروري توجيه النساء، وتوجيه آبائهنّ وأزواجهنّ أيضاً، لكي يكون التعامل بين الزوجين إنسانياً وفقاً للضوابط الإســـلامية التي تكفل حقوقهنّ المشروعة، وتوفّر للطرفين الحياة السعيدة).