كركوك مدينة القوميات المتآخية

المدينة التي تختزل التراث والفلكلور العراقي بمختلف قومياته وأعراقه

د. رؤوف محمد علي الانصاري

2019-01-05 05:00

مدينة كركوك هي مركز محافظة كركوك، وتقع على نهر «خاصة» في منطقة سهلية خصبة وجميلة، وتبعد عن مدينة بغداد بحوالي 255 كلم إلى الشمال منها، وتُعد صورة حيّة لإحدى المدن العراقية التي تجسد فيها الوئام بين قوميات ذات حضارات وثقافات متعددة تعايشت جنباً إلى جنب ولقرونٍ عدة، إذ ترسّخت فيها روح الإخوة والتسامح فيما بينها. ويفخر العراقيون أن يطلقوا على كركوك اسم «مدينة القوميات المتآخية»، فهي تمثل مختلف الأعراق والقوميات العراقية، الكردية والتركمانية والعربية والآشورية والكلدانية والصابئة المندائيين، كما أنها تختزل التراث والفلكلور العراقي بمختلف قومياته وأعراقه.

وكركوك من المناطق الغنية بحقولها النفطية وسهولها الواسعة الخصبة. وللمدينة تاريخ عريق وموقع جغرافي وتجاري ممتاز أكسبها أهمية كبيرة وذلك لوقوعها بين جبال زاغروس ونهري دجلة والزاب الصغير وسلسلة جبال حمرين ونهر ديالى، وتقع أيضاً على الطريق الاستراتيجي والتجاري الذي يربط الأناضول بإيران والعراق.

ويعود تاريخ كركوك إلى العصور الغابرة وتمتد جذورها بعيداً في التاريخ القديم، وكانت تحيط بها قرى موغلة في القدم يعود تاريخ البعض منها إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد، منها قرية «مطارة» الأثرية المشيدة في عصر حسونة والتي تبعد حوالي 35كلم إلى الجنوب من مدينة كركوك. وعثر كذلك على مدينة واسعة تعود إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد تعرف اليوم بـ «تل نوزي» وتبعد حوالي 22كلم إلى الجنوب الشرقي من كركوك. أما « تل الفخار » الذي يقع جنوب غربي كركوك بحوالي 45كلم، فيعتبر من أهم المستوطنات الحضارية القديمة في منطقة كركوك ويعود تاريخها إلى العصر الآشوري الوسيط.

أما منشأ وتسمية المدينة بكركوك، فهناك روايات عدة تذكرها المصادر التاريخية، منها ما جاء في «العراق قديماً وحديثاً» لعبد الرزاق الحسني، حيث قال إن الذي أنشأ هذه المدينة هو «سردنابال» ملك الآشوريين، مستنداً في ذلك إلى بعض المصادر السريانية. في حين يذهب الدكتور شاكر خصباك في كتابه «الكورد والمسألة الكردية» إلى أن الكوتيين هم الذي شيّدوا هذه المدينة.

وجاء أيضاً في كتاب « كركوك: لمحات تاريخية » لليلى نامق جاف: أن الكوتيين عاشوا في هذه المنطقة واتخذوا من مدينة «أرابخا» مركزاً لهم، ويعتقد بأنها مدينة كركوك الحاليـة. وورد في «المرشد إلى موطن الآثار والحضارة » للعالمين الأثريين طه باقر وفؤاد سفر بشأن تسمية كركوك أنها مشتقة من « كركر»، وهي اسم بقعة النار الملتهبة خارج كركوك، سمّيت فيما بعد «بابا كركر» وقد كانت محيطة بمبعد « أناهيتا » قديماً.

أما المصادر الآرامية فقد وردت فيها إشارة إلى أصل تسمية كركوك بصورة «كرخا – د – بيث – سلوخ» أي مدينة السلوقيين. وجاء في كتاب «سفرة من ده ربه ندى بازيان إلى مله ي تاسلوجه» لتوفيق وهبي أنه كانت هناك مملكتان متجاورتان في العهد المسيحي تملكان استقلالاً داخلياً ضمن الإمبراطورية الفرثية مملكة: «أديابيني» وعـاصمتها أربـيل ومملكة « كركيني » وعاصمتها « كرك » أي كركوك. وكانت المملكتان موجودتين في بداية الحكم الساساني للعراق (النصف الأول من القرن الثالث الميلادي).

ولم يُشر المؤرخون العرب القدامى إلى اسم كركوك باستثناء ياقوت الحموي في « معجم البلدان » وكذلك ابن الأثير في « الكامل في التاريخ » إذ ذكراها باسم « كرخيني ». وفي عهد تيمورلنك غزت جيوشه المنطقة وفتكت بأهل كركوك ودمرت معظم المناطق التي مرت بها.

وفي القرن التاسع الهجري أصبحت منطقة كركوك تحت سيطرة دولة التركمان قرة قويونلي (الخروف الأسود) ومن ثم تحت سيطرة دولة التركمان آق قويونلي (الخروف الأبيض). وعند استيلاء الصفويين على العراق أصبحت المنطقة تحت سيطرتهم، وعند مجيء العثمانيين بعد الصفويين أصبحت هذه المنطقة مسرحاً للقتال والحروب بين الدولتين، وذلك لأهمية موقعها الجغرافي والتجاري. وبعد تأسيس الدولة العراقية العام 1921م أصبحت كركوك محافظة تضم أربعة أقضية هي: مركز كركوك وكفري وجمجمال وكل.

ومنذ عام 1968م بدأت الحكومة العراقية آنذاك بتنفيذ خطة إستراتيجية لتعريب هذه المدينة العريقة، حيث أبدلت البنية الإدارية والديمغرافية لمحافظة كركوك التي استبدل اسمها إلى محافظة التأميم سنة 1972م. وخلال هذه المدة رحل عشرات الآلاف من الكرد والتركمان عن هذه المحافظة وهدمت عشرات القرى والقصبات فيها.

وتنتشر في كركوك والمناطق التابعة لها معالم عمرانية بارزة أهمها:

قلعة كركوك

تقع قلعة كركوك في مركز المدينة، وتعتبر من أقدم أجزاء المدينة العمرانية، ويرجح بعض المؤرخين بأن الكوتيين هم الذين شيّدوا القلعة، مستندين بذلك على رقيمات قديمة، ويمكن القول أن هذا المستوطن العالي المسمى الآن بقلعة كركوك كان يشتهر منذ أواسط الألف الثاني قبل الميلاد باسم « قلعة مدينة بني شيلوا » فيما يعتقد مؤرخون آخرون بأن هذه القلعة شيّدت في عهد الملك الآشوري « آشور ناصربال الثاني » بين عامي 850 و884 قبل الميلاد.

شيّدت قلعة كركوك في الأصل على تل مدور، يرتفع عن السهول المحيطة به بحوالي 120 قدماً، ويشرف على وادي نهر صغير يُعرف بنهر الخاصة.

وتعتبر هذه القلعة بحد ذاتها مدينة متكاملة، إذ تضم العديد من المباني التراثية القديمة. وتقسم القلعة إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:

1- محلة الميدان، وتقع في الشمال.

2- محلة القلعة، وتقع في الوسط، وتسمى أيضاً بمحلة « آغاليق » فقد سُمّيت بهذا الاسم نظراً لإقامة قادة الجنود الانكشاريين فيها.

3- محلة الحمّام، وتقع في الجنوب، تمّت تسميتها بهذا الاسم لوجود حمام كبير فيه لا يعرف تاريخ تشييده بالضبط.

وللقلعة أربعة مداخل رئيسة هي: ـ

1- الباب الحجرية أو الباب الرئيسي ذي المدرجات، ويصل هذا الباب بالجسر الحجري عن طريق سلالم مدرجة.

2- باب الطوب (طوب قابو)، يفتح هذا الباب على الممر القديم المسمى (صچان يولي – درب الجرذي).

3- باب السبع بنات، ويطل على (جوت قحوة – المقهى المزدوج).

4- باب الحلوجية، ويطل على سوق بائعي الحلاوة.

أما أبرز المعالم العمرانية الأثرية والتاريخية الشاخصة لقلعة كركوك هي:

سوق القيصرية:

تقع في الجانب الشرقي من القلعة. ويعود تاريخها إلى أكثر من 1150 عاماً، وهي من الأسواق الفريدة لما تتميز به من عقود (أقواس) تزين غرف الطابق الثاني، وتضم حوالي 300 غرفة ودكان (محل تجاري).

الجامع الكبير (ألو جامع): يُعد هذا الجامع من المباني المهمة في القلعة نظراً إلى ما يتميز به من طراز معماري إسلامي فريد من حيث القباب والأقواس والأعمدة، ويعود تاريخ تشييده إلى بداية القرن الثالث عشر الميلادي. ويظهر من آثاره أنه أقيم على أنقاض كنيسة، لذلك لا يزال يُعرف بين العامة بجامع السيدة مريم العذراء (ع)، ولم يعرف تاريخ تشييد هذه الكنيسة.

جامع العريان:

ويقع في وسط القلعة، ويعود تاريخ تشييده إلى العام 1142هـ (1730م)، ويتميز بقبته الكبيرة المرتكزة على أربعة جدران، ويبلغ ارتفاعها حوالي 15 متراً، وهناك قبة صغيرة أخرى إلى جانب القبة الكبيرة. ويتميز الجامع بمحرابه الجميل المزين بزخارف نباتية وهندسية رائعة.

جامع النبي دانيال:

وهو من الكنائس التي حولت إلى جامع، ويضم أضرحة قديسين مسيحيين ويهود، وهو ما يزال موضع احترام سكان مدينة كركوك، ويقع جامع النبي دانيال في أعلى القلعة على بعد حوالي 100 متر من الجامع الكبير، وتعود مئذنته إلى أواخر العهد المغولي أو بداية العهد التيموري، ويحتوي على قبتين وثلاث منارات، وتبلغ مساحته 400 متراً مربعاً.

الكنيسة القديمة (كاتدرائية أم الأحزان): تُعد هذه الكنيسة من المباني المهمة التي تضمها قلعة كركوك، ومنذ عقود مضت أصيبت ببعض التصدعات بسبب تشقق أرضية الكنيسة، وفي حينها تم ترميمها وصيانتها.

القبة الخضراء:

وهي بناء مثمن الشكل من الخارج. تزينه زخارف رائعة وكتابات ذات ألوان متعددة من القاشاني ويعود تاريخها إلى العهد الأتابكي، إذ تم تشييدها العام 762هـ (1361م). والبناء يتألف من طابقين، يعلو الطابق الأرضي قبوان معقودان وقد سقطا نتيجة تصدعهما، ولكن بقيت معالم بسيطة لهما في جوانب الجدار الذي يرتكز عليه هذان القبوان.

بوابة القلعة: وهي البوابة الوحيدة المتبقية ويرجع تاريخ تشييدها إلى أكثر من 150 عاماً وهي إحدى البوابات الغربية للقلعة.

البيوت التراثية: وهي عبارة عن مجموعة من البيوت التراثية في القلعة تتميز بطابع معماري جميل ذي زخارف وأقواس جصية بديعة، وسقوفها تقوم على أعمدة مرمرية. وفي زمن النظام المباد أزيل الكثير من هذه البيوت بحجة تصدعها.

مقترحات لتطوير القلعة

عُني عدد من الباحثين العراقيين والأجانب بقلعة كركوك فوضعوا مقترحات لإنقاذها من الزوال، نظراً لكونها جزءاً مهما من التراث العراقي والتراث الإنساني وحضارة وادي الرافدين.. ومن بين الدراسات الجادة تلك التي أعدها « زين العابدين علي صفر » إثر مسح ميداني للقلعة قام به سنة 1986م مما يمكن أن يلخص بما يأتي:

1- الحفاظ على الدور التي لها قيمة تراثية من القباب والأقواس والزخارف وكذلك المباني ومنها: جامع النبي دانيال، جامع مرجانة، جامع سحن مكي، جامع عريان، القبة الخضراء، كنيسة الكلدان، جامع اليعقوبي، جامع زيدان، سوق القيصرية.

2- إعادة بناء مداخل القلعة الأربعة بنفس مواد البناء المستخدمة في القلعة (الحجر والجص) ووضع تصاميم خاصة لمداخلها تعكس قيمتها الحضارية.

3- صيانة وتطوير السلم الحجري للصعود والنزول وتلوين أحجاره وتسليط الضوء عليها.

4- إنشاء مقهى ومطعم سياحي ودار استراحة وفندق سياحي على أن لا يتجاوز الطابقين ومحلات لعرض وبيع التحفيات والهدايا النحاسية والبرونزية في حدود عشرة محلات. مع إنشاء ناد اجتماعي ودائرة بريد ومصرف وخدمات أخرى (مركز إطفاء ومخفر شرطة) ومواقف لسيارات الزوار وحدائق مشجرة.

5- ربط أجزاء القلعة بشبكة حديثة للمجاري وإعادة بناء الأجزاء المتهدمة من القلعة.

6- الاهتمام بنقطة الجذب الدينية المتمثلة بجامع النبي دانيال بخلق فضاءات مفتوحة مناسبة له أمام مدخل الجامع مع توفير الخدمات (مقهى ومطعم) بالقرب منه.

7- العناية بنقطة الجذب الترفيهية بزراعة أشجار دائمة الخضرة في المنحدر الشمالي للقلعة، مع توفير أرض خضراء داخل القلعة بمساحة لا تقل عن ألفي متر مربع.

8- تطوير نقطة الجذب التجارية المتمثلة بالسوق الكبير المحيط بالقلعة وتحويل شارع السوق إلى طريق للمشاة وإعادة تبليطه بالمواد التي لا تسمح بمرور السيارات أو فرشه بالطابوق أو الحجر الملون واستغلال الخانات المتروكة وتأهيلها وتحويلها إلى فنادق درجة ثانية أو مطاعم، وتنظيم حركة المشاة وحركة السيارات وتنظيم السكن بإعادة بناء القطع المهدمة والمتروكة وصيانة الدور الأخرى واقترح « صفر » التعامل مع القلعة كحي سكني واحد مقسم إلى محلتين سكنيتين بواقع ألفي شخص لكل محلة مع توفير الخدمات لكل منهما.

قلعة جرمو:

هي المنطقة الأثرية الواقعة في أسفل جبال زاكروس شرقي مدينة كركوك، وتعتبر جرمو من أقدم التجمعات الزراعية في العالم، ويرجح تاريخ استيطانها إلى 7000 سنة قبل الميلاد، وهي من أقدم قرى العصر الحجري، وقد مارس سكان هذه القرية الزراعة بطريقة بدائية.

قشلة كركوك:

وهي بناية قديمة كانت المقر العسكري للقوات العثمانية في مدينة كركوك، شيّدت سنة 1863م في عهد والي بغداد محمد نامق باشا، وقد عُرفت قديماً باسم العزيزية، وتتألف من طابقين. وتقع في مركز المدينة وتبلغ مساحتها 15 ألف متراً مربعاً. وقد قامت مؤسسة الآثار في كركوك بإجراء الترميمات والصيانة على البناية وأصبحت القشلة تستخدم مركزاً ثقافياً ومتحفاً.

سوق قاتما بازاري:

وهو أحد الأسواق التراثية الجميلـة، وكان يُعرف بين العامـة بـ« قاتما بازاري » أو « قلينجيلر بازاري – سوق صانعي السيوف »، وظهرت آثاره واضحة للعيان في المنطقة القريبة من محلة الميدان على مقربة من باب (طوب قابو) أحد أبواب قلعة كركوك. وقد أعيد مؤخراً تجديد هذا السوق وتطويره. ويتألف السوق من دكاكين يبلغ عددها 17 دكاناً متجاورة ومتقابلة وتتكون من طابقين ذي سقوف منخفضة وتفتح الدكاكين على ممر مغطى.

أما أهم المعالم الإسلامية في محافظة كركوك هي:

التكية الطالبانية

يُعد هذا المبنى أحد أبرز معالم العمارة الإسلامية في مدينة كركوك، ويقع على تلة بارزة على طريق مدينتي كركوك – السليمانية، ويعتبر من أهم المراكز الدينية لشيوخ الطالبانية المنتشرة في مناطق أخرى من العالم الإسلامي كالعراق وإيران وتركيا وباكستان والهند.

وتُعرف هذه التكية أيضاً باسم « التكية الكبيرة »، وظلت لسنين طويلة مركزاً من مراكز الإشعاع الديني والفكري والاجتماعي في هذه المنطقة.

وتضم مدرسة دينية يقصدها طلاب العلم والمعرفة من بلدان إسلامية مختلفة، وقد تخرج منها العديد من علماء الدين. وكرست لهذه التكية في الوقت نفسه جل إمكاناتها لخدمة الفقراء الذين كانوا يقصدونها من كل جانب.

وكانت هذه التكية في بداية تشييدها العام 1174هـ (1759م) صغيرة الحجم، لكن أعيد بناؤها وتوسعتها العام 1260هـ (1798م) بشكل كبير وبالصورة التي عليها الآن في عهد الشيخ عبد الرحمن الخالصي الطالباني بأمر من السلطان عبد المجيد العثماني – في الفترة التي كانت مدينة كركوك مركز ولاية شهرزور العثمانية – لتشمل العديد من الغرف والقاعات.

مسجد ناقشلي منارة

يُعد هذا المسجد أحد المساجد المهمة في مدينة كركوك، وقد سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى منارته المزخرفة والتي تتميز بنقوشها الرائعة التي تتألف من صفوف الطابوق (الآجر) والبلاط القاشاني الملونة. وقد شهد العديد من الترميمات عام 1984م. أما تاريخ تشييد هذا المسجد فيعود إلى عام 1818م.

وبالقرب من هذا المسجد يقع مسجد حاجي نعمان والذي يعود تاريخ تشييده إلى نفس الفترة التي شيّد فيها مسجد ناقشلي منارة.

الجامع الأزرق (كوك كنبد)

ويُعرف هذا الجامع بهذا الاسم من قبل عامة الناس، وقد كان ملاصقاً لقصر عائلة كمال زادة. ويشبه في طرازه المعماري المساجد التي شيّدت في محطات استراحة القوافل على الطرق الخارجية في العهد السلجوقي.

مرقد الإمام سلطان ساقي

يقع هذا المرقد في منطقة تسعين الواقعة في الجنوب الغربي من مدينة كركوك، والواقعة ضمن مقبرة لأهالي المنطقة. والإمام سلطان ساقي هو أحد أحفاد جعفر الطيار ابن عم النبي محمد (ص) الذي فرّ إلى هذه المنطقة من ظلم العباسيين، ويعتقد البعض أن في مرقد (سلطان ساقي) ضريحي، ساقي وأخته سلطانة وكلاهما من أحفاد جعفر الطيار.

مئذنة داقوق

تقع هذه المئذنة غربي مدينة داقوق على الطريق العام الذي يربط مدينتي الخالص بكركوك. وقد سقط القسم العلوي من جسم المئذنة وتهدم المسجد الذي كانت قائمة فيه كما هي الحال في مئذنة اربيل ومئذنة سنجار.

ولم يُعثر على ما يشير إلى تاريخ بناء هذه المئذنة أو مَن أمر ببناء المسجد الذي تعود إليه، ولكن هناك تشابهاً كبيراً في الشكل والتكوين المعماري وفي التشكيلات الزخرفية الآجرية بينها وبين المئذنتين المذكورتين أعلاه، وعلى ضوء ذلك يحتمل جداً أن بناء هذه المئذنة كان في نهاية القرن السادس أو الربع الأول من القرن السابع الهجري، وفي أغلب الظن أن يكون مظفر الدين كوكبري حاكم اربيل الأتابكي هو الذي أمر ببنائها، حيث كانت مدينة داقوق خاضعة لسلطته.

ومئذنة داقوق مشيدة بالطابوق (الآجر) والجص يجلس جسمها الاسطواني على قاعدة مثمنة مرتفعة نسبياً ومزينة بصفين من حنايا محرابية. والجسم مزين بتشكيلات هندسية ناتجة عن التفنن في زخارف أجرية متميزة. ويؤدي إلى قمة المئذنة سلّم حلزوني يبدأ من أعلى القاعدة ويخترق جسم المئذنة باتجاه معاكس لاتجاه عقرب الساعة. ويبلغ ارتفاع مئذنة داقوق 23 متراً عن مستوى سطح الأرض، خمسة أمتار منها للقاعدة والبقية للجسم.

ضريح الإمام محمد الباقر في داقوق

يقع هذا المبنى في مدينة داقوق التي تبعد حوالي 45 كلم إلى الجنوب من مدينة كركوك و210 كلم إلى الشمال من مدينة بغداد. وينسب الضريح إلى الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

ولكن المصادر التاريخية كلها تذكر أن الإمام الباقر (ع) وُلد في المدينة المنورة ودفن بعد وفاته بالبقيع. ويرجح أن البناء يعود إلى النصف الأول من القرن السابع الهجري. والضريح عبارة غرفة مربعة الشكل طول ضلعها 7.10 متر وارتفاعها 5 أمتار وسمك جدرانها 1.05 متر، ويقع المدخل في الضلع الغربي وعرضه 1.33 متر. ومحراب هذا الضريح جدد وطُلي بطبقة من الجص، ويعلو البناء قبة مخروطية الشكل تتكون من صفوف من المقرنصات الجميلة المتراكبة فهي تشابه في طراز بنائها المعماري قبتي زمرد خاتون في بغداد وإمام مدينة الدور إلى الشمال من مدينة سامراء.

وتنتشر في أرجاء مدينة كركوك والقصبات التابعة لها العديد من المساجد والمراكز الدينية والثقافية الأخرى.

* الدكتور المهندس المعماري رؤوف محمد علي الانصاري ـ خبير في العمارة الإسلامية

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

لماذا يطلب المؤمن الهداية الى الصراط المستقيم؟بعد فوز ترامب.. على العراق الاستعداد لما هو قادمالمشاريع الثقافية الطوعيةدور الشباب في إعادة بناء العراقتداعيات انتخابات إقليم كردستان على المشهد السياسي