الرضاعة الطبيعية.. تعرفوا على فوائدها الصحية والاقتصادي والاجتماعية
مروة الاسدي
2016-06-29 06:20
اثبتت الدراسات الطبية والعلمية ان للرضاعة الطبيعية فوائد كثيرة لطفل والام وكذلك فوائد اخرى على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فيما يقول العلماء إنه من غير الواضح أي جانب من الرضاعة الطبيعية كان أكثر فائدة، هل الاتصال الجسدي أم المواد الغذائية الموجودة في حليب الأم، وعلى الرغم من ذلك لا تعي الكثير من الامهات فوائد الارضاع الطبيعي، حيث يوجد ملايين الاطفال في العالم محرومون من الرضاعة الكافية، ويؤمن حليب الام كل الحاجات الغذائية للطفل في الاشهر الستة الاولى من عمره، ولذا توصي منظمة الصحة العالمية بان يقتصر غذاء الطفل في اشهره الستة الاولى على حليب الام، وان يستمر الارضاع عامين، وهو ما لا يحظى به اكثر من 40 % من اطفال العام اليوم بحسب المنظمة الدولية.
اظهرت الدراسات الحديثة ان الرضاعة تساعد على زيادة الذكاء والمردود المادي، فقد كشفت دراسة برازيلية أن الرضاعة الطبيعية لفترات طويلة تزيد مستويات الذكاء لدى الأطفال وتطيل أمد تحصيلهم الدراسي، كما تسمح لهم بتحقيق إيرادات مالية أعلى في مرحلة البلوغ. وعن الأسباب، أشار الباحثون إلى وجود أحماض أمينية مشبعة تلعب دورا هاما في نمو الدماغ.
فميا تشير دراسة أسترالية إلى أن النساء اللواتي يعانين من البدانة ربما يتوقفن عن إرضاع أطفالهن بشكل طبيعي قبل غيرهن لأسباب منها عدم ارتياحهن لفكرة إرضاع أبنائهن وهن محاطات بأشخاص آخرين.
من جانب اخر تسعى الصين لفرض حظر على الإعلانات التي تروج لمسحوق الحليب في مسعى لتشجيع الرضاعة الطبيعية وهي أنباء غير سارة لشركات تستهدف سوقا يقدر بنحو 18 مليار دولار.، ويعتمد أقل من ثلث المواليد في الصين على الرضاعة الطبيعية فقط والعدد آخذ في التناقص رغم دعوة الاجهزة الصحية العالمية إلى الاعتماد على الرضاعة الطبيعية لتغذية المواليد دون ستة أشهر، في حين أظهرت دراسة عالمية أن معدل الرضاعة الطبيعية في بريطانيا هو الأقل في العالم.
لذا يوصي أطباء الأطفال الأمهات بإرضاع أطفالهن بشكل طبيعي حتى ستة أشهر على الأقل لأن هذا قد يقلص خطر تعرض الأطفال لأمراض الأذن والتنفس أو الوفاة المفاجئة والحساسية والبدانة والسكر، كما أن فترات الرضاعة الأطول تعود على الأمهات أيضا بالنفع إذ تقلص خطر الإصابة بالاكتئاب وهشاشة العظام وبعض أنواع السرطان.
وعليه من المهم أن نلاحظ أن الرضاعة الطبيعية واحد من عوامل عديدة، تسهم في تحديد مستوى ذكاء الطفل وأدائه في المستقبل، ورغم ذلك فإن الدراسة تؤكد ضرورة التوعية المستمرة بأهمية الرضاعة الطبيعية لكي تدرك أمهات المستقبل فوائدها.
الارضاع مفيد للطفل والام والاقتصاد
اظهرت مجموعة من الدراسات العلمية ان ارضاع الطفل لوقت طويل من شأنه ان ينقذ حياة اكثر من 800 الف طفل سنويا ويوفر مليارات الدولارات على اقتصادات دول العالم بفضل فوائده في الحماية من عدد من الامراض التي تصيب الصغار والامهات.
وجاء في مقال نشرته مجلته "ذي لانسيت" الطبية البريطانية ان "طفلا واحدا فقط من بين كل خمسة اطفال يتم الرضاعة حتى الشهر الثاني عشر في الدول الغنية، فيما طفل واحد من بين ثلاثة فقط يتم الرضاعة حتى الشهر السادس في الدول المتوسطة والفقيرة"، وعلى ذلك، فان ملايين الاطفال في العالم محرومون من الرضاعة الكافية، بحسب الباحثين.
وقال الباحثون في المقال الذي ارتكز على سلسلة من الابحاث ان الارضاع لوقت طويل "يمكن ان ينقذ حياة اكثر من 800 الف طفل سنويا في العالم، اي ما يعادل 13 % من وفيات الاطفال دون السنتين"، ومن شأنه ايضا ان يجنب عشرين الف سيدة الاصابة بسرطان قاتل في الثدي.
زيادة مستوى الذكاء لدى الأطفال
أظهرت دراسة برازيلية نشرت نتائجها مجلة "ذي لانسيت غلوبل هلث" أن الرضاعة لفترة طويلة من شأنها المساهمة في زيادة مستويات الذكاء لدى الأطفال وإطالة أمد تحصيلهم الدراسي وتحقيقهم إيرادات مالية أعلى في مرحلة البلوغ، إلا أن نتائج هذه الدراسة تحتاج للتثبيت عبر بحوث إضافية، على ما ورد في تعليق مرفق بالدراسة للخبير إريك مورتنسن من جامعة كوبنهاغن.
وتشجع منظمة الصحة العالمية على الرضاعة بوصفها "إحدى الوسائل الأكثر فعالية" لضمان صحة الأطفال وبقائهم، كذلك توصي بالرضاعة حتى سن ستة أشهر، إلا أنها تقر بأن أقل من 40 % من الأطفال في العالم يستفيدون من هذا الموضوع حاليا.
وشملت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة بيلوتاس البرازيلية بيانات تتعلق بـ3500 شخص مولودين سنة 1982 وتلقوا الرضاعة الطبيعية منذ ولادتهم ولفترات متفاوتة، ولاحظ الباحثون أن الرضاعة كانت مفيدة لجميع أفراد هذه العينة بعد ثلاثين عاما على ولادتهم، بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يستفيدوا من الرضاعة الطبيعية، كما أن النتيجة كانت أفضل كلما كانت مدة الرضاعة أطول.
وبحسب هؤلاء الباحثين، فإن الأشخاص الذين تلقوا رضاعة طبيعية على مدى عام لديهم معدل ذكاء أعلى بأربع نقاط بالمقارنة مع أولئك الذين لم تتجاوز فترة الرضاعة لديهم شهرا واحدا. كما أن فترة تحصيلهم الدراسي كانت أطول (بحوالي عام) في حين كانت مداخيلهم أعلى بنسبة الثلث من المعدل الوسطي للرواتب.
وللتوصل إلى هذه الخلاصة، أشار الباحثون إلى أنهم أخذوا في الاعتبار معايير من شأنها التأثير على النتيجة مثل مستوى معيشة الأهل وسن الوالدة عند ولادة الطفل وإمكان تدخين الأم خلال الحمل، وأشار برناردو ليسا هورتا، المشرف على الدراسة إلى أن "الآلية المحتملة التي تسمح بتفسير الآثار الحميدة لحليب الأم على الذكاء هي وجود أحماض أمينية مشبعة بسلسلة طويلة تلعب دورا أساسيا في نمو الدماغ".
الارتقاء في السلّم الاجتماعي
وجدت دراسة جديدة أن الرضاعة الطبيعية قد تساعد الأطفال لأن يكونوا أرقى في الحراك الاجتماعي، وبالتالي يرتفعون ضمن السلّم الاجتماعي، وذكر موقع "هلث داي نيوز" الأميركي، أن الباحثين في جامعة "كولدج لندن" وجدوا أن للرضاعة الطبيعية منافعها على مدى الحياة، فهي "لا تعطي الطفل بداية جيدة فحسب في حياته، بل تزيد فرصه الصحية ونجاحه كراشد". بحسب يو بي أي.
ونظر الباحثون بقيادة أماندا ساكر في بيانات تعود لمجموعتين الأولى شملت أكثر من 17 ألف طفل ولد في العام 1958، والثانية شملت ما يزيد عن 16 ألف مولود في العام 1970، وفي حين أن 68% من الأمهات أرضعن مواليدهن الذين ولدوا عام 1958، فإن 36% فقط أرضعن مواليدهن الذين ولدوا عام 1970، وقد قسّم المواليد إلى 3 فئات شملت من لم يرضع طبيعياً، ومن رضع لأقل من 4 أسابيع، ومن رضع 4 أسابيع على الأقل، وجرت متابعة المواليد حتى شن الرشد، واختبر نمو أدمغتهم وخضعوا لفحوص طبية، وأخذ العالمون بعين الاعتبار كثيراً من العوامل بينها الطبقة الاجتماعية للأهل عند ولادة الطفل، ونظروا بعدها في الأطفال الذين ارتقوا ضمن السلم الاجتماعي مع بلوغهم سن الرشد، ووفقاً للنتائج ظهر أن الرضاعة الطبيعية زادت احتمالات الارتقاء في السلم الاجتماعي بنسبة 24%، وقللت نسبة الانخفاض في السلّم بنسبة 20%.
تخفيف الاضطرابات السلوكية لدى الاطفال
اظهرت دراسة حديثة أن الأطفال حديثي الولادة الذين يتغذون بالرضاعة الطبيعية خلال الاشهر الستة الاولى من حياتهم يعانون بنسب ادنى بكثير اضطرابات سلوكية بين سن 7 و11 سنة، وأجريت هذه الدراسة في جنوب افريقيا على اكثر من 1500 طفل بصحة جيدة بينهم 900 تغذوا بالرضاعة الطبيعية، واشار الباحثون الذين نشرت نتائج اعمالهم في مجلة "بلوس ميديسين" العلمية الاميركية الى ان الاطفال الذين يتغذون بالرضاعة الطبيعية حتى سن ستة اشهر، وهي المدة الموصى بها من جانب اطباء الاطفال، كانوا يواجهون مخاطر ادنى بنسبة 56 % لمواجهة مشاكل سلوكية في سن الدراسة الابتدائية. بحسب فرانس برس.
وقال تامسن روتشات من مجلس البحوث بشأن العلوم الانسانية في دوربان وهو المعد الرئيسي لهذه الدراسة الممولة من الحكومة الكندية إن "مدة التغذية بالرضاعة الطبيعية حصرا للاطفال المولودين حديثا ترتدي اهمية اكبر بكثير مما كنا نظن لجوانب عدة من نمو الطفل"، وأضاف "من هنا، يمكن لاضطرابات سلوكية خلال الطفولة ان تؤدي الى تصرفات عدائية ومنافية لأصول التصرف الاجتماعي. هذا الامر يؤثر على التعلم والعلاقات مع اترابهم كما أنه قد يؤدي الى مشكلات في الثقة بالنفس واضطرابات في الصحة الذهنية. كما قد يؤدي ذلك الى فشل مهني في مراحل لاحقة من الحياة".
كذلك اظهرت هذه الدراسة أن الاطفال الذين يرتادون دورا للحضانة على مدى سنة على الاقل لديهم فرص اكبر بنسبة 74 % في ان يتمتعوا بصحة ذهنية افضل مع قدرة اكبر على التركيز وحفظ التعليمات لتنفيذ مهمات متعددة بنجاح، ولفت هؤلاء الباحثون الى ان الدماغ يحتاج الى هذه القدرات لتفادي التشتت الذهني وترتيب مهمات العمل والتحكم بالأهواء الشخصية، كذلك يتمتع الاطفال الذين لديهم فرصة الحصول على محفزات ذهنية في المنزل من بينها الالعاب، بفرص اكبر بنسبة 36 % في ان يكونوا اصحاب اداء ذهني افضل.
الصين تدرس حظر إعلانات مسحوق الحليب
قالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن الصين تفكر في فرض حظر على الإعلانات التي تروج لمسحوق الحليب في مسعى لتشجيع الرضاعة الطبيعية وهي أنباء غير سارة لشركات تستهدف سوقا يقدر بنحو 18 مليار دولار، وذكرت شينخوا ان الحظر سيمنع نشر الإعلانات الخاصة بمنتجات الألبان والمشروبات والأطعمة الاخرى التي "تزعم انها بديل جزئي او كلي للبن الأم" في وسائل الإعلام الجماهيرية والأماكن العامة. بحسب رويترز.
وتقدر شركة استشارية سوق مسحوق الحليب بأكثر من 30 مليار دولار بحلول عام 2017، وذكرت شينخوا ان الاقتراح الجديد سيفرض غرامة على من ينتهك الحظر قد تصل الى مليون يوان (161220 دولارا).
بريطانيا "الأسوأ عالميا" في الرضاعة الطبيعية
نصف في المئة فقط من الأمهات البريطانيات يستمررن في الرضاعة الطبيعية بعد بلوغ الرضيع 12 شهرا، أظهرت دراسة عالمية أن معدل الرضاعة الطبيعية في بريطانيا هو الأقل في العالم، وأظهرت الدراسة، التي نُشرت في دورية "لانسيت"، أن امرأة واحدة فقط من بين كل مئتين (أي نصف في المئة) في بريطانيا تستمر في الرضاعة الطبيعية بعد عام.
وفي المقابل، ترتفع النسبة إلى 23 في المئة في ألمانيا، و56 في المئة في البرازيل، و99 في المئة في السنغال، وقال الباحثون إن ثمة "اعتقاد خاطئ منتشر" أن الرضاعة الطبيعية مفيدة في البلاد الفقيرة فقط، وفي بريطانيا، جربت 81 في المئة من الأمهات الرضاعة الطبيعية في مرحلة ما، لكن 34 في المئة فقط استمررن في الرضاعة الطبيعية بعد ستة أشهر، و0.5 في المئة بعد عام، وفي الولايات المتحدة، تبين أن 79 في المئة من الأمهات بدأن الرضاعة الطبيعية، واستمرت 49 في المئة بعد ستة أشهر، و27 في المئة تخطين العام.
وتنتشر الرضاعة الطبيعية في الدول النامية بشكل أكبر. لكن النسبة في بريطانيا أقل حتى من الدول الأوروبية المماثلة، وتُنصح الأمهات في بريطانيا بالاعتماد على الرضاعة الطبيعية فقط خلال الشهور الستة الأولى، ثم المزج بين الرضاعة الطبيعية والأطعمة الأخرى. لكن لا توجد نصيحة بإنهائها عند مرحلة ما.
الأمهات البدينات قد يجدن صعوبة في الرضاعة الطبيعية
تشير دراسة أسترالية إلى أن النساء اللواتي يعانين من البدانة ربما يتوقفن عن إرضاع أطفالهن بشكل طبيعي قبل غيرهن لأسباب منها عدم ارتياحهن لفكرة إرضاع أبنائهن وهن محاطات بأشخاص آخرين.
وأجرى باحثون دراسة شملت سيدات خضن تجربة الإنجاب لأول مرة وخلصت إلى أن معظمهن اعتزمن الرضاعة الطبيعية قبل الولادة بغض النظر عن أوزانهن. وعبرت معظم النساء عن اعتزامهن الإرضاع طبيعيا لمدة نحو عام ولم يختلف هذا كثيرا استنادا إلى أوزانهن، ولكن البدينات كن أكثر عرضة لتوقع عدم الارتياح لإرضاع أطفالهن حتى أمام أقرب صديقاتهن. كما أن النساء اللواتي أبدين انزعاجا أو عدم ارتياح لفكرة أن يشاهدهن أحد وهن يرضعن توقفن عن إرضاع أطفالهن أسرع من الأمهات اللاتي لم يكترثن بفكرة الإرضاع أمام آخرين، وقالت روث نيوبي من جامعة كوينزلاند في برزبين وهي إحدى المشاركات في الدراسة "يبدو أن جميعهن لديهن نفس النوايا واتخذن نفس القرارات لكن المسائل المتعلقة بالثقة والراحة تمثل مشكلة".