سبعة أعداء صامتين لقلبك: تعرف عليهم قبل فوات الأوان

أوس ستار الغانمي

2025-07-15 04:48

رغم التقدم الطبي الهائل في فهم أمراض القلب وتشخيصها وعلاجها، لا تزال النوبات القلبية تُعد من الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم. وبينما يظن الكثيرون أن هذه النوبات تحدث فجأة وبدون مقدمات، تكشف الأبحاث أن الجسم غالبًا ما يُطلق إشارات تحذيرية خفية قبل حدوثها بوقت طويل. الإشكالية تكمن في أن هذه الإشارات تُهمَل أو يُساء تفسيرها، ما يجعل فرصة التدخل المبكر تضيع.

تاريخيًا، كان يُنظر إلى أمراض القلب على أنها نتيجة حتمية لعوامل معروفة مثل التدخين، وارتفاع الكوليسترول، والتقدم في السن. إلا أن الدراسات الحديثة تُظهر صورة أكثر تعقيدًا، وتُسلّط الضوء على عوامل خفية ومتعددة قد تُسهم في التدهور الصامت لصحة القلب دون أن ننتبه إليها. ووفقًا لنُشر في صحيفة "تايمز أوف إنديا" (Times of India)، هناك عوامل غير متوقعة – مثل الالتهاب المزمن، قلة النوم، ونقص المغذيات الدقيقة – قد تلعب دورًا كبيرًا في رفع خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

هذا التقرير يُسلّط الضوء على سبعة من هذه العوامل الأقل شهرة، ويُقدّم نصائح عملية مبنية على الأدلة للتعامل معها بفعالية، في خطوة نحو تعزيز الوعي والوقاية، قبل أن يُصبح التدخل متأخرًا.

1ــ الالتهاب المزمن

الالتهاب مجرد عرض لعدوى أو إصابة. يمكن أن يُلحق الالتهاب المزمن ضررًا خفيفًا بجدران الشرايين، مما يُمهد الطريق لتراكم اللويحات، وفي النهاية، للنوبات القلبية.

الالتهاب هو آلية دفاع الجسم، ولكن عندما يستمر لفترة طويلة - بسبب سوء التغذية، أو التلوث، أو التدخين، أو حتى العدوى البسيطة - يُصبح خطيرًا. يُضعف البطانة الداخلية للأوعية الدموية (البطانة الغشائية)، مما يُسهل التصاق الكوليسترول وتكوين الانسدادات.

ما الذي يُمكن أن يُساعد:

الأطعمة المضادة للالتهابات مثل الكركم، والتوت، والأسماك الدهنية، والخضراوات الورقية الخضراء.

الحركة الخفيفة، مثل المشي أو اليوغا، لتقليل الالتهاب الداخلي.

تجنب الأطعمة المُصنعة والسكرية التي تُغذي نيران الالتهاب.

2ــ مقاومة الأنسولين

مقاومة الأنسولين مصدر قلق لمرضى السكري فقط. حتى قبل ارتفاع مستويات السكر في الدم، تُلحق مقاومة الأنسولين ضررًا خفيفًا بالأوعية الدموية وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

عندما تتوقف الخلايا عن الاستجابة الجيدة للأنسولين، يُنتج الجسم كميات أكبر منه. يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الأنسولين إلى ارتفاع ضغط الدم، وتعزيز تخزين الدهون (خاصةً حول البطن)، وإتلاف بطانة الأوعية الدموية - وهي البطانة التي تحافظ على صحة الأوعية الدموية.

ما يمكن أن يُساعد:

اختيار الأطعمة الكاملة بدلًا من المُعلبة.

إضافة المشي لمسافات قصيرة بعد الوجبات لتحسين استهلاك الجلوكوز.

الحفاظ على حركة الجسم خلال اليوم - الوقوف والتمدد، وليس فقط الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية.

3ــ قلة النوم

قلة النوم تؤدي فقط إلى الخمول أو سوء المزاج. قلة النوم تُخلّ بالتوازن الهرموني، وترفع ضغط الدم، وتزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

يؤثر النوم على مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، وتنظيم سكر الدم، وانخفاض ضغط الدم ليلاً. وقد ارتبط النوم المستمر لأقل من 6 ساعات ليلاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 20%، وفقاً لدراسات متعددة.

ما الذي يمكن أن يُساعد:

دورة نوم واستيقاظ ثابتة - حتى في عطلات نهاية الأسبوع.

إبقاء الأضواء خافتة وإبعاد الشاشات عنك لمدة ساعة قبل النوم.

استخدام مُساعدات عشبية مثل البابونج أو شاي الأشواغاندا لتحسين جودة النوم بشكل طبيعي.

4ــ نقص المغذيات الدقيقة

نظام غذائي متوازن يكفي لتغطية جميع احتياجات الجسم من العناصر الغذائية. غالبًا ما يُسبب استنزاف التربة، والأطعمة المصنعة، ومشاكل الجهاز الهضمي نقصًا خفيًا يُضر بالقلب.

يلعب المغنيسيوم وفيتامين د والبوتاسيوم وأحماض أوميغا 3 دورًا أساسيًا في تنظيم ضغط الدم، وإيقاع ضربات القلب، ووظائف العضلات، بما في ذلك عضلة القلب. يمكن أن يزيد النقص، حتى لو كان طفيفًا، من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

ما يمكن أن يُفيد:

فحص النقص، خاصةً لدى الأشخاص الذين يشعرون بالتعب أو القلق بشكل متكرر.

المصادر الطبيعية: السبانخ للمغنيسيوم، وأشعة الشمس لفيتامين د، والموز للبوتاسيوم، والجوز أو بذور الكتان لأحماض أوميغا 3.

تجنب مضادات الحموضة أو الإفراط في تناول الكحول، لأنها تعيق امتصاص العناصر الغذائية.

5ــ ضغوط العمل

التوتر جزء لا يتجزأ من الحياة العصرية، وهو في الغالب نفسي. يُحدث التوتر المستمر - وخاصةً من بيئات العمل الضارة - تغيرات جسدية في الجسم تُرهق القلب.

في ظل التوتر المزمن، يُنتج الجسم الأدرينالين والكورتيزول. تُسبب هذه الهرمونات، عند ارتفاعها لفترة طويلة، ارتفاع ضغط الدم، واضطرابات في نظم القلب، بل وتزيد من خطر تجلط الدم. تُظهر أبحاث جامعة هارفارد أن ضغوط العمل تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تقارب 40%.

ما الذي يُمكن أن يُساعد:

أخذ استراحة لمدة 5 دقائق كل ساعة للتنفس أو التمدد.

وضع حدود لساعات العمل واستخدام الأجهزة الرقمية.

البحث عن العلاج أو مجموعات الدعم - ليس كنقطة ضعف، بل كأداة للمرونة.

6ــ التاريخ العائلي لمشاكل القلب

الجينات هي التي تُحدد المصير - لا شيء يُمكن فعله. صحيح أن الجينات تلعب دورًا، لكن نمط الحياة يُمكن أن يُثبّط هذه الجينات أو يُنشّطها.

إن إصابة أحد الوالدين أو الأشقاء بأمراض القلب قبل سن 55 (للرجال) أو 65 (للنساء) يزيد من خطر الإصابة. لكن عوامل نمط الحياة، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة ومستويات التوتر، لا تزال تلعب دورًا أكبر في صحة القلب. علم الوراثة فوق الجينية - وهو مجال يدرس كيفية تأثير السلوك على التعبير الجيني - يُعيد صياغة قصة المصير.

ما يُمكن أن يُساعد:

الفحوصات الدورية منذ الصغر، خاصةً إذا كان هناك تاريخ عائلي.

إعطاء الأولوية لعادات صحية للقلب ليس كخيار، بل كضرورة.

مشاركة تاريخ العائلة مع الأطباء - يتجاهل الكثيرون هذا الجزء من البيانات الصحية.

7ــ بدانة

السمنة مرتبطة بالمظهر أو الكسل. إنها حالة معقدة تشمل الهرمونات والالتهابات والأنسولين والأيض، وكلها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصحة القلب.

الدهون حول البطن (الدهون الحشوية) خطيرة بشكل خاص، فهي تلتف حول الأعضاء وتفرز مواد كيميائية تُعزز الالتهاب ومقاومة الأنسولين. هذا يؤدي إلى تضيق الشرايين وارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم.

ما يمكن أن يُساعد:

التركيز على محيط الخصر، وليس فقط الوزن.

تمارين القوة لبناء العضلات، مما يُساعد على حرق الدهون.

تناول الطعام ببطء ووعي، مع مراعاة الشعور بالجوع الحقيقي.

ذات صلة

العقيلة زينب: امرأة دافعت عن العالم كلهمركز الامام الشيرازي ناقش.. دور الوعي الاجتماعي بثقافة التعددية في بناء الاستقرارالامام علي السجاد (ع) والثبات على المبادئ في مقارعة الطاغية والفاسدالركود السياسي في العراق: لماذا لا تتغيّر الوجوه منذ 2003؟تعريف الدولة الوطنية والهوية الدينية