كيف تعمل ذاكرتك ومتى تقلق؟

أوس ستار الغانمي

2024-09-26 07:41

تستوعب ذاكرتنا قصيرة المدى الكثير من المعلومات لفترة قصيرة. لتبدأ بعدها عملية الفرز وتنتقل معها المعلومة المهمة إلى الذاكرة طويلة المدى. والتي تضم بدورها أنظمة مختلفة لتخزين العمليات والحقائق والقواعد ومعلومات السيرة الذاتية.

دماغنا مشغول جداً، فهو يتعلم ويرتب ويحفظ. تعلم لغة أجنبية في أثناء النوم غير ممكن، لكن ما نتعلمه يترسخ خلال نومنا. التمارين مفيدة للدماغ، وهي تساعد من يعانون من الخرف.

أسباب تدهور الذاكرة

تشير البروفيسورة إيرينا روشينا من قسم علم النفس المرضي العصبي والتنموي بجامعة موسكو لعلم النفس والتربية، إلى أن الذاكرة ممكن أن تضعف بسبب ارتفاع ضغط الدم ونزلات البرد .

ووفقا لها، يمكن أن تتدهور الذاكرة أيضا بسبب أمراض الأوعية الدموية، وخيارات نمط الحياة السيئة، وحتى نزلات البرد.

وتقول: "الذاكرة وظيفة حساسة جدا، إنها حساسة جدا لأي تغيرات تطرأ على حالة الإنسان. فمثلا، إذا حاول الشخص أن يتذكر شيئا جديدا أثناء إصابته بنزلات البرد أو الحمى وما إلى ذلك، فسوف يلاقي صعوبة كبيرة في ذلك مقارنة بالحالة الوظيفية الطبيعية للجسم".

ويعتبر عدم تدفق كميات كافية من الدم إلى الدماغ بعد الإصابة بالجلطة الدماغية أو احتشاء عضلة القلب وكذلك في حالة ارتفاع مستوى ضغط الدم وتصلب الشرايين من الأسباب الشائعة للتدهور المعرفي. كما أن تعاطي الكحول والمخدرات يؤدي إلى ضعف الذاكرة أيضا.

وتقول البروفيسورة في الختام: "من المهم مراقبة الصحة البدنية، والخضوع لفحص طبي سنوي دوري، ومراقبة مستوى ضغط الدم، ومستوى السكر في الدم، وما إلى ذلك". وفق ما نقله موقع “RT”.

هل فقدان الذاكرة مرتبط بالعمر؟

يعد فقدان الذاكرة شكوى صحية شائعة خاصة لدى كبار السن.

ولكن يقول الدكتور سانجاي غوبتا، وجراح أعصاب وكبير المراسلين الطبيين في CNN إنه على عكس معظم أعضاء الجسم الأخرى، فإن أدمغتنا ليست مصممة مسبقاً لتتلاشى، أو تفقد قوتها، أو الأسوأ من ذلك كله، أن تنسى.

ويرى غوبتا أن الذكريات تجعلنا نشعر بأننا على قيد الحياة كما أنها تساعدنا على الشعور بالراحة مع محيطنا، وربط الماضي بالحاضر، وتوفير إطار عمل للمستقبل

وخلال العام الماضي، في غضون أشهر من التعرف على هذا الفيروس كورونا لأول مرة، تم إنشاء اتحاد عالمي من علماء الأبحاث لدراسة العلاقة بين "كوفيد-19" والدماغ.

ومن بين أمور أخرى، يعيد هؤلاء العلماء أيضاً فحص فكرة استفزازية، وهي احتمال أن تزيد بعض أنواع العدوى من خطر التدهور المعرفي وحتى أكثر أشكال الخرف شيوعاَ، أي مرض الزهايمر.

ويشير غوبتا إلى أنه احتمال مخيف يجب أن يحفزنا أيضاً على مضاعفة جهودنا للسيطرة على عوامل الخطر العامة للخرف وجعل أدمغتنا مرنة قدر الإمكان.

والخبر السار هو أن لدينا الأدوات للقيام بذلك.

ولاحظ غوبتا أن الناس يميلون إلى أن يكون لديهم رؤية محدودة لما تستطيع أدمغتهم القيام به مع تقدمهم في العمر، والقوة التي يتمتعون بها لجعل أنفسهم أفضل وأسرع وأكثر لياقة.

وحتى وقت قريب، اعتدنا على الاعتقاد بأن الدماغ مصمم إلى حد كبير بعدد معين من خلايا الدماغ، ومع مرور السنين، تموت الخلايا العصبية، وتخفت الشبكات، وتتأثر وظائف مثل الذاكرة وسرعة الإدراك.

ويبدو أن معظم ما كنا نعتقده عن الدماغ في بداية هذا القرن قد ثبت أنه خاطئ أو غير مكتمل، وأن فقدان الذاكرة وضمور الدماغ ليسا حتميين، وفقاً لما ذكره غوبتا.

ويدرك معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 34 و 75 عاماً الأهمية الحيوية لصحة الدماغ ولكن ليس لديهم أي فكرة عن كيفية جعل أدمغتهم أكثر صحة أو يدركون أن ذلك ممكن، وفقاً لما قاله غوبتا. 

وأظهرت دراسات لا حصر لها أن الدماغ ببساطة يفضل الجسم المتحرك 

ويقترح غوبتا أن مجرد دقيقتين من النشاط كل ساعة يمكن أن يعزز صحة الدماغ أكثر من أي شيء آخر، موضحاً أنه ليس بالضرورة أن يُنظر إلى التمرين على أنه علاج، بل الخمول هو المرض.

وفي حين أننا نتمتع بمعدلات أقل من أمراض القلب والأوعية الدموية وأنواع معينة من السرطان مقارنة بالجيل السابق، فإن الأرقام تسير في الاتجاه الآخر عندما يتعلق الأمر بالضعف المرتبط بالدماغ.

ويوضح غوبتا أنه قريباً سيم تشخيص حالة خَرَف جديدة كل 4 ثوانٍ، وستكون أكثر اضطرابات التنكس العصبي شيوعاً في الولايات المتحدة.

وفي الوقت الحالي، هناك 47 مليون أمريكي لديهم بعض الأدلة على مرض الزهايمر قبل السريري، مما يعني أن أدمغتهم تظهر علامات الخرف ولكنهم يشعرون ويفكرون جيداً، ويشبه غوبتا ذلك بالعاصفة التي تقترب من بعيد، وتستغرق عقودًا قبل أن تتأثر الذاكرة والتفكير والسلوك.

ومع ذلك، يعتقد غوبتا أن هذا الوقت قبل السريري يعد فرضة ذهبية يمكننا خلالها تحسين أدمغتنا بشكل كبير لتحسين وظائفها، وتعزيز شبكاتها العصبية، وتحفيز نمو الخلايا العصبية الجديدة والمساعدة في درء أمراض الدماغ المرتبطة بالعمر.

ويؤكد غوبتا أن الخرف ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، ولا يُحكم على كبار السن بالنسيان.

وتختلف التغيرات النموذجية المرتبطة بالعمر في الدماغ عن التغيرات التي يسببها المرض، ويمكن إبطاء الأول وتجنب الأخير، حسبما ذكره غوبتا.

ويضيف غوبتا أنه وفقاً لأفضل الأدلة المتاحة، يمكن إجراء ترقيات كبيرة للدماغ في غضون 12 أسبوعاً فقط. وهناك عادات يجب عليك تطويرها وصنعها بنفسك، بينما تتعلم أيضاً ما يجب تجنبه.

ويستهلك ربع الأمريكيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً مكملات "تقوية الدماغ"، ولكن بعد عامين من التحقيق، لم يجد غوبتا دليلًا يذكر على أنها تحسن الذاكرة، أو تزيد الانتباه والتركيز، أو تمنع التدهور المعرفي أو الخرف، بغض النظر عن ادعاء الشركات المصنعة.

وأظهرت دراسة كبيرة أجريت عام 2020 بقيادة جامعة هارفارد أيضاً أن المكملات المتعددة الفيتامينات أو المعادن لا تحسن الصحة العامة وأن أي فوائد متصورة "قد تكون كلها في العقل" ما لم تكن تعاني من نقص في عنصر غذائي معين، فإن الفيتامينات لا تحل محل الطعام الحقيقي، بل يمكن أن يكون بعضها ضاراً.

وينصح غوبتا مرضاه أن يتبعوا بروتوكول "SHARP" الغذائي، والذي يتمثل في خفض استهلاك السكر وإبقاء الجسم رطباً، وإضافة المزيد من أحماض أوميغا 3 الدهنية من الأطعمة مثل أسماك المياه الباردة، والمكسرات، والبذور، تقليل جزء والتخطيط للمستقبل.

كما ينصح غوبتا مرضاه بأن ينفقوا أموالهم على أغراض ثبتت أنها تريح أدمغتهم، مثل شراء زوج من الأحذية المريحة للمشي، أو وسادة جديدة لقضاء ليلة نوم هانئة.

وبالنسبة له، يعطي غوبتا الأولوية للنوم بانتظام، إذ يعد النوم التصالحي والتمارين الرياضية هي مضادات للتدهور العقلي، ويصفها بأنها "أدوية لا مثيل لها ولا يمكننا الحصول عليها في أي مكان آخر.

وينظم النوم الذاكرة بينما يضخ النشاط البدني مواد في الدماغ تعمل كسماد في خلايا الدماغ لنموها وبقائها على قيد الحياة، ويتيح لنا ذلك تعلم مهارات جديدة باستمرار واستكشاف هوايات جديدة تحفز وتزيل التوتر وتكافئ، وجميعها تقي من اختلالات الذاكرة.

وتتمثل الإستراتيجية الأفضل، بالإضافة إلى لعب ألعاب محفزة للدماغ مثل التمارين المنطقية، في الانخراط مع الآخرين والعمل على علاقاتك. وهناك اكتشاف حديث في العلوم يتمثل في أن قوة علاقاتنا أكثر أهمية لصحتنا والمدة التي نعيشها بصحة جيدة، مما كان معروفاً سابقاً، حسبما ذكره غوبتا.

وينصح غوبتا أيضاً بأنه بدلاً من قضاء الوقت بشكل سلبي في استخدام شاشة الكمبيوتر لمشاهدة المسلسلات بلا هدف عبر الإنترنت، استخدم هذا الوقت في الدردشات الافتراضية مع الأصدقاء والعائلة. بحسب موقع “CNN”.

دراسات ميدانية لفهم ذاكرة الإنسان

تحاول مجموعة علمية في «مختبر الإعلام» بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأميركي، تحمل اسم «فلويد إنترفيس» العمل بحماسة للتوصل إلى السبب الذي يدفع الإنسان إلى تذكر اللحظات، أي تسجيل الدماغ للانطباعات والأحداث البارزة التي تظل عالقة في الذاكرة.

يحاول مصطفى محسن فاند، وهو أحد خريجي المعهد وعضو باحث في المجموعة، تسجيل ذلك عبر جمع أكبر قدر من البيانات عن نفسه والعالم المحيط به، وربط إشاراته الحيوية بالأوقات والمناسبات. وهو يسير مع عدسة «عين السمكة» مثبتة فوق كاميرا هاتفه الذكي المعلق على صدره، ويرتدي قبعة سوداء على رأسه مجهزة بأقطاب كهربائية لتخطيط الموجات الدماغية... وقد تدجج بكل هذه التجهيزات من أجل العلم.

- التقاط لحظات الذاكرة

يرتدي محسن فاند الأذربيجاني الأصل، منذ يناير (كانون الثاني) الماضي الكاميرا وسواراً أسود مجهزا لتعقب الإشارات في معصمه الأيسر، لمدة تتراوح بين 3 و16 ساعة يومياً. كما أضاف في يونيو (حزيران) سماعات متحركة لتخطيط الموجات الدماغية بهدف جمع بيانات الموجات الدماغية خلال متابعة حياته اليومية. وجمع حتى الساعة أكثر من 1500 ساعة من تصوير الفيديو. وهو يستخدم كل بضعة أيام برنامجاً لجمع الفيديوهات والإشارات الحيوية، لصناعة أفلام مدتها بضع دقائق تتباطأ وتتسارع وفقاً لمقاييس محددة كارتفاع وتراجع معدل ضربات قلبه ومستوى توصيل جلده، أي الأمور التي لا يمكنه التحكم بها، ويعتقد أنها تنسجم وأهمية الأحداث في حياته.

وشرح محسن فاند في حديث لمجلة «تكنولوجي ريغيو» أنه يستطيع عرض يوم كامل واختصاره بخمس دقائق ومشاهدته. وقد صنع نحو 300 فيلم مصور حتى اليوم، بعضها يختصر يوما واحدا وأخرى تجمع 3 أو 4 أيام. وهي في الحقيقة مقاطع رائعة للمشاهدة، حتى عندما تعرض تفاصيل الحياة اليومية العادية. يتضمن مثلاً أحد المقاطع الذي يختصر 40 دقيقة من الوقت الحقيقي في دقيقتين من العرض، مقتطفات سريعة لمحسن نفسه تظهره يسير مع شريكة حياته هانا كامبل تارة، ومقتطفات أخرى بطيئة يبدو فيها واقفاً وحده في محطة القطارات. وفي مشاهد أخرى، يظهر الشاب معها وهما يركبان الدراجة الهوائية بسرعة، ثم يظهر وهو يعزف الغيتار في المنزل بسرعة متفاوتة.

وفي مقطع آخر مدته دقيقتان، نرى كيف يتغير معدل سرعة نبض قلبه أثناء مشاهدته فيلم «ويب لاش» الذي يروي قصة مراهق يحترف عزف الطبول وأستاذ الموسيقى القاسي الذي يعطيه الدروس، وهو فيلم ذو إيقاع سريع. تسير لقطات الفيلم التي تعرض قرع الطبول بسرعة شديدة لتمييز الملاحظات الفردية، ولكن هذه السرعة تتراجع في لقطات أساسية يظهر فيها الأستاذ، كأحد المشاهد الذي يقول فيه للعازف: «لقد أتقنت المقطع». ويقول محسن فاند: «اتضح أنني حساس حيال علاقات الأب وابنه» لافتاً إلى أن معدل نبض قلبه تسارع خلال التفاعل بين شخصية الفيلم الرئيسية «آندرو» ووالده.

- رصد السلوك والعلاقات

يقول محسن فاند إنه تعلم أشياء أخرى كثيرة من جمع وتلخيص ومشاهدة حياته اليومية. فقد لفت إلى أنه لم يلاحظ يوماً كم يعامله الناس بلطف حتى شاهد ما يعادل يوما كاملا من اللقطات ورأى أن كل الأشخاص الذين يعمل معهم في المختبر تقريباً يسألونه عن حاله.

كما استخدم البيانات التي يجمعها ليصبح أكثر لطفاً مع الآخرين أيضاً. فقد لاحظ من خلال أحد المقاطع أنه لم يكن يبدي اهتماما كبيراً أثناء حديث جرى بينه وبين زميله في السكن حول اختبار في مادة الحساب كان الثاني يحضر له. ولكنه بعد مشاهدة المحادثة لاحقاً، راسل زميله ليعرف ما إذا كان بحاجة إلى مساعدة في الدرس.

يتبع محسن فاند بعض القواعد الأساسية أثناء التسجيل. عندما يدخل إلى الحمام، يغطي عدسة الكاميرا أو يرفعها إلى الأعلى ويسلطها على وجهه. وهو لا يوقف التسجيل كلياً، لأنه يريد قياس التغييرات «الفيزيولوجية» حتى في الحمام، مشيراً إلى أن معدل نبض قلبه ينخفض بشكل ملحوظ خلال هذا الوقت.

ولديه قاعدة أخرى، فهو لا يسجل خلال الأوقات العاطفية. ويقول محسن إنه اتخذ هذا القرار مع شريكته قبل بداية المشروع لأنهما شعرا بالقلق من هذا النوع من اللقطات، والتي قد تتعرض للسرقة إذا ما تم تخزينها في حساب «دروب بوكس» مشفر بكلمة مرور سرية.

وللحد من مخاوف التدخل في خصوصية المارة الذين يظهرون في مقاطع الفيديو، يشرح محسن فاند تسجيلاته والغاية منها عندما يدخل إلى مصعد أو غرفة مزدحمة بالناس مثلاً. كما أن تطبيق التسجيل الذي طوره بنفسه لهاتفه «غوغل بيكسل2» المعلق على صدره، يعلن بصوت عالٍ عندما يشرع التسجيل أو يتوقف عن التسجيل، أو يتوقف عن التسجيل في حال رفض أحدهم أن يظهر في التصوير.

- اختلافات الأفراد

تقول هيذر آبركرومبي، الأستاذة المساعدة في جامعة ويسكونسن – ماديسون، التي ترأس مختبر الجامعة الخاص بالمزاج والذاكرة، إن «العلماء يميلون إلى التقاط البيانات الخاصة بمجموعات من الأشخاص بدل النظر إليهم على أنهم أفراد. ولكن على اعتبار أن ردود الفعل «الفيزيولوجية» تجاه مختلف المواقف ليست نفسها لدى الجميع، يمكن لتسجيل حياة محسن فاند بصفته فردا مستقلا أن تكون مفيدة». وتضيف: «في حال استطعنا مع الوقت أن نصور الاختلافات بين الأفراد، فستكون النتائج ممتازة».

ولكن بينما يركز محسن فاند على إشارات محددة مثل ازدياد معدل سرعة نبض القلب، ترجح دراسة آبركرومبي حول الرجل والذاكرة أنه قد يركز على الإشارة الخاطئة. فحسب دراساتها، فإن معدل سرعة نبض قلب الإنسان يتراجع لنحو نصف الثانية عندما يمر بحدث استثنائي، مثلا عندما يتلقى مكالمة هاتفية غير متوقعة أو عند مصادفة أحد يعرفه في حشد ما. ومن ثم يعود إلى طبيعته.

وترى آبركرومبي أيضاً أن حصول محسن فاند على كثير من البيانات المفيدة من القبعة المجهزة بالأقطاب الكهربائية قد يكون صعباً بعض الشيء، على اعتبار أن رمشة عين بسيطة تحدث إشارة على سجلات تخطيط الموجات الدماغية. ويقول محسن فاند في هذا السياق، إن رمشة العين فقط توثر قليلاً على قنوات السماعة الـ32 المخصصة لتخطيط الموجات الدماغية.

ومع ذلك، لا يزال محسن فاند ملتزماً بتجربته؛ إذ إنه يعتزم الاستمرار بارتداء القبعة لتسع ساعات على الأقل يومياً، وهي الحد الأقصى لخدمة بطارية السماعات، خلال العام المقبل، إلى جانب سائر المعدات التقنية التي يستخدمها.

ولكن بعد انقضاء العام، هل ينوي محسن فاند التوقف عن التصوير؟ مستحيل؛ إذ يقول إنه سيستمر في التصوير إلى آخر يوم من حياته. بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

متى يجب أن نقلق؟

يقول خبير الأعصاب سانشيز "يعد فقدان الذاكرة أمرا طبيعيا خاصة مع تقدمنا في العمر حيث تتدهور الوظائف المعرفية – الذاكرة والوظائف التنفيذية، وهي العمليات التي تسمح لنا بالتحكم في انتباهنا وذكرياتنا. النقطة الأساسية، التي يجب أن نقلق بشأنها هي عندما يبدأ النسيان بالتدخل في الحياة اليومية وننسى المهام اليومية. ولكن بين الطبيعي والمرضيّ هناك "بعض العلامات التحذيرية" التي تنبه أطباء الأعصاب: على سبيل المثال، نسيان أشياء حديثة جدا من يوم لآخر، وتكرار المحادثات وما إلى ذلك. وهذا يدل على أن جهاز التسجيل في الدماغ (القدرة على تخزين المعلومات) لا يعمل بشكل جيد. ويثير ذلك القلق لأننا قد نكون أمام بداية مرض ألزهايمر، حيث تتأثر القدرة على تثبيت المعلومات".

ويشير الخبير إلى أن "فقدان الذاكرة لا يعني مرض ألزهايمر، ذلك أن هناك العديد من الاضطرابات التي يمكن أن تؤثر على هذه الحالة. يعد التوتر أحد العوامل التي لها التأثير الأكبر على القدرة على التذكر لأنه يؤثر على الذاكرة المرتبطة بالوظيفة التنفيذية كما أن التعب أو الخضوع لجراحة لدى شخص مسن يؤثر سلبا على الذاكرة، على الرغم من أنها أمر عابر عادة".

وأضاف أن "أولئك الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما والذين يذهبون إلى الطبيب بسبب فقدان الذاكرة عادةً ما يكونون أشخاصا يعانون من القلق والتوتر وتحت ضغط نفسي. وعلى الرغم من أن الخرف المبكر نادر قبل سن 65 عاما، فإنه لا ينبغي تجاهل أي شيء ويجب علينا دراسة حالة هؤلاء المرضى جيدا".

بالإضافة إلى الاختبارات المعرفية، يساعد اختبار الدم في العثور على التغيرات الهرمونية الغدة الدرقية التي تؤثر على الذاكرة، إن وجدت، وعلاجها. ودون أن ننسى أن شهادات الأشخاص الذين يعيشون مع المتضررين مهمة جدا لأنهم هم الذين يدركون حقا أن هناك مشكلة.

في أي عمر نفقد الذاكرة؟

لا تحمل الباحثة ماريا خيسوس مارافير أخبارا سارة لأولئك الذين يعتقدون أنهم في مأمن من فقدان الذاكرة لأنهم بعيدون عن سن 65 عاما. قبل الكشف عن العمر الرئيسي، تفضل أن تأخذ منعطفا معينا مذكرة أن مرحلة الشباب، في حدود سن 25 إلى 30 عاما، هي التي نصل فيها إلى مرحلة النضج الدماغي وتصل الوظائف المعرفية إلى ذروتها. ومن هنا يبدأ فقدان الخلايا العصبية الوظيفية الطبيعية، بطريقة صحية، وتقل قدرتها، وتتسارع هذه العملية بعد سن 65 عاما".

تبدأ ذاكرة الإنسان في التراجع بعد سن الـ30، ولكن "على الرغم من توقف الخلايا العصبية عن التكاثر، فإن هناك الكثير من الأبحاث الحديثة التي تثبت أن هناك بعض مناطق الدماغ، وتحديدا الحصين، حيث تم الكشف عن مستوى معين من النيروجينيسيس (تكوّن الخلايا العصبية الجديدة)". ويُضاف إلى ذلك مرونة الدماغ (القدرة على إعادة التنظيم)، التي تسمح باستعادة وظائف معينة.

وعلى الرغم من التقدم في السن، "تستمر أدمغتنا في الحفاظ على القدرة على التعلم والعمل ومعالجة المعلومات والحفاظ على الذاكرة في حالة وظيفية لسنوات عديدة أخرى. وللحفاظ على الدماغ في حالة جيدة، ابتداء من سن الـ30 "من المهم أن نبذل جهدا حتى تظل الخلايا العصبية لدينا نشطة وتزداد اللدونة العصبية".

هل يمكن تدريب الذاكرة؟

هذا جانب مثير للجدل لأن هناك أصواتا تؤكد أن الذاكرة لا يمكن تدريبها وكأنها عضلة. وتوضح الخبيرة النفسية أن "التدريب لا يؤدي إلى زيادة قدرة الذاكرة وإنما يقويها. ولا يمكن للتدريب المكثف أن يحسن القدرة على ربط المفاهيم بل ما يمكن تعزيزه هو الإستراتيجيات والعمليات التي نستخدمها لتذكر المعلومات".

وحسب الخبير سانشيز يكون ذلك "من خلال النشاط المعرفي والاجتماعي، والخروج، وممارسة الهوايات، وكل ما يحافظ على لياقة أدمغتنا!".

أفضل المكملات الغذائية للذاكرة

يتفق كل المتخصصين على أنه "بشكل عام، ليست هناك حاجة إلى مكملات الفيتامينات والمعادن بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من أي نقص"، وهما يشككان في الفوائد المزعومة لبعض المركبات في مواجهة النقص الإدراكي الخفيف لأنها "تفتقر إلى الأدلة".

ومن جهتها، توصي الباحثة "بقضاء ساعات أقل في مشاهدة التلفزيون والمزيد من القراءة والقيام بالأنشطة مع الآخرين". كما تِؤكد على فوائد اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين البدنية. وفق ما نقله موقع “الجزيرة نت”.

خمس طرق سهلة تجعلك من أبطال الذاكرة القوية

1: المشي للخلف

قد نظن أن المكان والزمان شيئان مختلفان لا يمتان لبعضهما بصلة، رغم أن الزمان كثيرا ما يتداخل مع المكان في أحاديثنا دون أن ندري. فقد نقول مثلا إننا نلقي هموم الماضي "وراء ظهورنا". وقد يتخيل معظم الناس، ولا سيما في العالم الغربي، الماضي وكأنه مساحة مترامية الأطراف خلفنا، والعكس مع المستقبل.

وقد قرر باحثون من جامعة روهامبتون البريطانية استغلال هذا الرابط الذهني بين الزمان والمكان للبحث عن وسيلة لتحسين قدرتنا على استحضار الأحداث.

إذ عرضوا على متطوعين قائمة بكلمات أو مجموعة من الصور أو مقطع فيديو لامرأة سُرقت حقيبتها، وطلبوا منهم المشي للأمام أو الخلف لمسافة 10 أمتار في الغرفة على دقات بندول الإيقاع.

ولاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يسيرون للخلف تذكروا عددا أكبر من المعلومات مقارنة بنظرائهم الذين يسيرون للأمام، وكأن السير للخلف يحث الذهن على الرجوع بالزمن إلى الوراء للوصول إلى الذكريات بسهولة.

ولاحظ الباحثون نفس النتائج مع الأشخاص الذين تخيلوا أنهم يسيرون للخلف دون أن يبرحوا أماكنهم. وتتطابق هذه النتائج مع نتائج بحث آخر أجري عام 2006. إذ اكتشف الباحثون أن الفئران عندما تستكشف طريقها في المتاهة، تنشط لديها خلايا عصبية تسمى "خلايا المكان" عند كل موقع تمر به.

وخلص الباحثون إلى أن استحضار الأحداث المتسسلسلة زمنيا بشكل عكسي يساعد الفئران في تذكر الطريق الصحيح.

وخلص بحث جديد إلى أن البشر عندما يحاولون استحضار حدث من الماضي فإنهم يعيدون ترتيب المعلومات في أذهانهم عكسيا. فإن أول ما يلفت نظرنا، على سبيل المثال، عندما تقع أعيننا على شيء ما، الرسومات والألوان ثم بعدها نحاول التعرف على طبيعة الشيء. لكن العكس يحدث عندما نحاول استرجاع تفاصيلة لاحقا، إذ نتذكر أولا الشيء نفسه وبعدها تفاصيله، إن حالفنا الحظ.

2: الرسم

ما رأيك في رسم قائمة التسوق بدلا من كتابتها؟ في عام 2018، كلف باحثون مجموعة من الشباب والمسنين بحفظ قائمة من الكلمات، ثم قسموهم إلى فريقين. وطلبوا من فريق ربط كل كلمة برسم معين، ومن الفريق الآخر كتابة كل كلمة أثناء تعلمها.

وكان تأثير الرسم على الذاكرة ملحوظا للغاية إلى درجة أن المسنين في الفريق الأول تمكنوا من استرجاع الكلمات بنفس كفاءة الشباب. وقد ساعد الرسم مرضى الخرف أيضا على التذكر.

ويرجع ذلك إلى أننا عندما نرسم شيئا فإننا نجبر أنفسنا على إمعان النظر في التفاصيل، وهذا التفكير العميق يساعدنا في التذكر. ولهذا فإن مجرد كتابة قائمة التسوق تساعدك على تذكر المزيد من الأغراض التي تود شراءها، حتى لو نسيت القائمة نفسها في المنزل.

فضلا عن أن الرسم أفضل من الكتابة في تحسين القدرة على استرجاع المعلومات. ولم تؤثر جودة الرسم على النتائج.

3: ممارسة التمارين الرياضية في الوقت المناسب

من المعروف أن التمارين الرياضية المفيدة للقلب والأوعية الدموية مثل الجري، تسهم في تقوية الذاكرة. وبينما كان تأثير ممارسة التمارين الرياضية بانتظام محدودا على الذاكرة، فإن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة لفترة قصيرة أثناء اليوم تساعد في تحسين القدرة على الحفظ على المدى القصير على الأقل.

وقد خلص بحث جديد إلى أن ممارسة الرياضة في التوقيت المناسب يسهم في تثبيت المعلومات وتقوية الذاكرة طويلة الأمد.

إذ لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين مارسوا التمارين الرياضية لمدة 35 دقيقة بعد أربع ساعات من حفظ قائمة من الصور المقترنة بمواقع محددة، كانوا أكثر قدرة على استرجاع المعلومات مقارنة بنظرائهم الذي مارسوا التمارين الرياضية بعد الحفظ مباشرة.

ويتطلع الباحثون مستقبلا إلى التعرف على الوقت الأمثل لممارسة التمارين الرياضية للمساعدة في تقوية الذاكرة.

4: الاسترخاء

طلب باحثون من بعض فاقدي الذاكرة حفظ قائمة من 15 كلمة، ثم طلبوا منهم ممارسة مهمة أخرى، وعندما اختبروهم بعد 10 دقائق لم يتذكروا من القائمة سوى 14 في المئة فقط من محتوياتها. لكن عندما جلسوا في غرفة مظلمة ولم يفعلوا أي شيء لمدة 15 دقيقة، تذكروا 49 في المئة من الكلمات.

واستخدمت ميكايلا ديوار، من جامعة هيريوت وات في إدنبره، نفس الطريقة في دراسات عديدة، ولاحظت أن الاستراحة القصيرة بعد الحفظ مباشرة تسهم في تحسين قدرة الأصحاء على استرجاع المعلومات حتى بعد أسبوع كامل من حفظها.

ولكي تتأكد ديوار من أن الأشخاص الخاضعين للدراسة لن يرددوا الكلمات أثناء بقائهم في الغرفة المظلمة لمدة 10 دقائق، طلبت منهم حفظ كلمات صعبة النطق بلغة أجنبية يصعب تكرارها.

وتكشف هذه الدراسة عن مدى سهولة نسيان الذكريات الجديدة، إلى درجة أن استراحة قصيرة لدقائق معدودة قد تؤثر في تثبيت المعلومات أو نسيانها.

5: القيلولة

إن بدا لك المشي للخلف أو الرسم أو التمارين الرياضية أو حتى الاسترخاء شاقا، فما رأيك بالقيلولة؟

يرى العلماء أن النوم، سواء كان أثناء النهار أو الليل، يساعد في تثبيت الذكريات من خلال استحضار المعلومة التي تعلمناها للتو في الذهن وتكرارها. وقد طلب باحثون من ألمانيا من متطوعين حفظ أزواج من الكلمات، ولاحظوا أن عدد الكلمات التي تذكروها بعد أخذ قسط من النوم لمدة 90 دقيقة كان أكثر من الكلمات التي تذكروها بعد مشاهدة فيلم.

لكن بحثا حديثا يدل على أن هذه الطريقة أكثر فعالية مع الأشخاص المعتادين على القيلولة. وهذا ما دفع إليزابيث ماكديفيت وفريقها من جامعة كاليفورنيا ريفيرسايد إلى محاولة تدريب الأشخاص على الاستمتاع بقسط من النوم في منتصف النهار.

ولاحظت أن نوم القيلولة لم يسهم في تقوية ذاكرة الأشخاص غير المعتادين عليه. ولعل هؤلاء يحتاجون لفترة أطول من التدريب أو قد يساعدهم في المقابل المشي للخلف أو الرسم أو الجري أو الاسترخاء في استرجاع المعلومات. بحسب موقع “BBC”.

ذات صلة

دعْ الغضب وابنِ الحياةالاقتصاد العراقي.. آثار الماضي وتحديات المستقبلالحرب تخرج من مربع الإسناد إلى الحساب المفتوحالديمقراطية المستقرةانتخابات دار لقمان