ابتكارات طبية.. تمهد لعالم اكثر صحة
مروة الاسدي
2015-10-10 08:27
في الآونة الاخيرة اتسعت الآفاق الطبية نتيجة لثورة الابتكارات العلمية والتجارب الواعدة في التشخيص والعلاج، فقد حققت طفرات علمية غير مسبوقة قد تنعش آمال الكثيرين، وتشكل هذه الافاق الطبية الحديثة ضمان لصحة أفضل على المستوى العالمي.
فقد بدأ الطب الحديث يجد حلولا لكثير من الامراض المستعصية والحالات النادرة، وتتم العمليات اغلبها عبر اجهزة حديثة دقيقة النوع والاستعمال، ومعظمها لا يفرض على المريض احداث الجروح والفتح في جسده، ابرز تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد التي أضحت منتشرة في العديد من المجالات لا سيما المجال الطبي في انتاج العديد من الأجهزة التعويضية وبدقة عالية احترافية.
وبات العلماء وخبراء الطب يتنافسون على ابتكار افضل واحدث الاجهزة والعلاجات الطبية، فقد
ابتكر علماء أمريكيون مؤخرا دماغا صغيرا يحاكي الدماغ البشري إلى حد بعيد، في خطوة يمكن أن تعطي دفعا للأبحاث الطبية المتخصصة في مجال الأمراض العصبية، مثل مرض "الزهايمر".
ويأمل الباحثون أن يساعدهم هذا الدماغ على إجراء اختبارات سهلة لا تتعارض مع الأخلاق والقيم الإنسانية والطبية، في سبيل التوصل إلى علاجات لأمراض ما زالت مستعصية. وستكون هذه الدراسات والاختبارات أكثر دقة وواقعية من تلك التي تجرى على فئران مختبرات أو التي تستنتج من النماذج المعلوماتية.
على صعيد ذي صلة باتت أهمية التركيب الجيني تزداد يوماً بعد يوم، وذلك لأنه يستخدم في علاج الكثير من الأمراض، ولذا من الضرورة تحديد الجينات التي قد تسبب هذه الإمراض الوراثية، حيث أحرزت معرفتها طفرات هائلة في تقدم علم الطب الحديث، وقد أصبح العلاج الجيني للصمم أقرب للواقع ببحث جديد أثبت ان تقنية اصلاح خلل في الحمض النووي (دي.ان.ايه) حسن حالة فئران تجارب تعاني من فقد جيني للسمع، وتجري تجربة اكلينيكية منفصلة تدعمها شركة نوفارتس لمساعدة مجموعة أخرى من المرضى فقدوا السمع بسبب أضرار أو مرض.
وبعد اخطاء في اواخر التسعينات واوائل القرن الحادي والعشرين تسببت مخاوف بشأن السلامة في انتكاسة الابحاث الخاصة بالعلاج الجيني لكنه يشهد الان نهضة وجاءت النتائج الاكلينيكية ايجابية بالنسبة للعديد من الحالات التي تتفاوت من أمراض الدم الى العمى.
أما على مستوى زراعة الاعضاء والاطراف، نجح جراحون صينيون بأحد مستشفيات هونان الواقعة جنوب وسط الصين، في زراعة جمجمة صنعت بآلة طباعة ثلاثية الأبعاد، لطفلة مصابة بمرض استسقاء الرأس، لتواصل نموها بطريقة طبيعية.
من جهتهم صنع مهندسون ألمان يدا صناعية استبدلوا فيها العضلات بأسلاك ذكية فكل ما يحتاجه الامر هو شحنة كهربائية لجعل تلك الاسلاك تنقبض او ترتخي مما يعني ان هذه اليد يمكن ان تعمل بدون الاجهزة الالكترونية الكبيرة التي عادة ما تجعل مثل هذه الاطراف الصناعية غير عملية.
وعلى الرغم من ان هذه التقنية لا تزال في مراحل التجارب المبكرة يأمل الباحثون في استخدام هذه التكنولوجيا في نهاية المطاف لانتاج اطراف صناعية مريحة تعمل كالاطراف الطبيعية، ويرون ان تصميمهم الجديد سيقلص الحاجة الى محركات كهربائية لازمة الان لمعظم الاطراف الصناعية، ويامل الباحثون أن يجيء اليوم الذي تزرع فيه هذه التكنولوجيا بالكامل في الجهاز العصبي للإنسان.
على صعيد مختلف، نجح أطباء في أستراليا في إعادة تثبيت رأس طفل بعد نجاته في حادث سير. وانفصل رأس الطفل عن جسده ولم يعد يربطه به إلا أعصاب الرقبة. ووصفت العملية من قبل وسائل الإعلام الغربية بـ"المعجزة".
وعليه تبين الابتكارات آنفة الذكر في عالم الطب أنها لم تعد من أفلام الخيال العلمي أو مجرد تكهنات، بل هذا اما حدث بالفعل في الوقت الراهن، مما يطرح تساؤلا مهما، هو هل سنرى قريبا المزيد من الابتكارات الطبيبة الواعدة قد تستطيع معالجة اعتى امراض العصر؟.
ابتكار دماغ يحاكي الدماغ البشري
في سياق متصل قال "رينيه أناند" أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة أوهايو والمشرف على المشروع إن الدماغ المصمم "لا يشبه تصميم الدماغ المتطور فحسب، بل أن الأنواع المتعددة من خلاياه تمثل كل الجينات الموجودة في الدماغ الطبيعي".
وأوضح أن هذا الدماغ المزروع في مختبر، وهو بحجم ممحاة قلم صغيرة، يشبه تصميم الدماغ البشري للأجنة في الأسبوع الخامس من بداية تكونها، مع أنواع متعددة من الخلايا وأجزاء تحاكي معظم الأجزاء الأساسية في الدماغ، مع نخاع شوكي، لكن هذا الدماغ ليس فيه نظام وعائي للإمداد بالدم. بحسب فرانس برس.
وعرضت خلاصات هذا المشروع في مؤتمر طبي في فلوريدا. إلا أن كبرى المجلات العلمية أحجمت عن نشر خلاصاته قبل التثبت من دقتها. وعادة ما تنشر خلاصات الاكتشافات أو الدراسات العلمية المتقدمة ذات الأهمية الكبيرة في مجلات علمية مرموقة مثل "نيتشر" أو "ساينس"، وأسس "أناند" مع عدد من زملائه شركة صغيرة لتسويق هذا الدماغ الاصطناعي المزروع في المختبر.
بحث جديد يقرب العالم من علاج جيني للصمم
على الصعيد نفسه قال توبياس موزر من مركز جوتينجن الطبي الجامعي في المانيا الذي لم يشارك في البحث "نحن متأخرون الى حد ما في مجال السمع لكني أعتقد اننا نقترب الان. انها فترة مثيرة بالنسبة للعلاج الجيني للسمع".
ومن الأسباب وراء حالة التفاؤل الحالية تطوير أنظمة آمنة لادخال جينات تصحيحية الى جسم المريض. وفي حالة الصمم ينطوي هذا على ادخال جين يحمل فيروسا معدل بالهندسة الوراثية بمحقن الى الأذن الداخلية.
ولا يوجد حاليا أي علاج حاصل على موافقة الجهات المختصة لعلاج فقد السمع الذي يصيب نحو 360 مليون شخص أي خمسة في المئة من سكان العالم حسب احصاءات منظمة الصحة العالمية، والاجهزة المساعدة للسمع تضخم الاصوات بينما زرع قوقعة الاذن يحول الاصوات إلى اشارات كهربائية يقوم المخ بفك شفرتها لكن هذه العلاجات لا يمكنها ان تحل محل السمع الطبيعي، وتحدث غالبية حالات فقد السمع في كبار السن نتيجة للضجيج أو التقدم في العمر لكن نصف حالات فقد السمع على الاقل التي تحدث قبل ان يتعلم المولود النطق سببها خلل في واحد من أكثر من 70 جين فردي. بحسب رويترز.
ويستهدف باحثون سويسريون وأمريكيون هؤلاء الاطفال تحديدا ويأملون في مساعدتهم بعد ان اثبتوا ان استبدال جين متحور يحسن وظيفة الخلايا الشعرية للأذن الداخلية وأعاد سمع جزئي لفئران التجارب الصم.
وركز الفريق على جين اسمه (تي.ام.سي1) والذي يعد سببا شائعا للصمم الجيني لدى البشر ويمثل ما بين أربعة وثمانية في المئة من الحالات. لكن أشكالا أخرى من الصمم الوراثي يمكن ان تعالج بنفس الاستراتيجية.
وقال جيفري هولت من مركز بوسطن للاطفال ان التقنية لا تزال تحتاج الى "صقل" لكنه يأمل في بدء التجارب الاكلينيكية خلال خمس او عشر سنوات، لكن العمل في نوفارتس وصل الى مراحل اكثر تقدما حيث عولج أول مريض في اكتوبر تشرين الاول في المرحلة المبكرة لتجربة اكلينيكية ستجند 45 شخصا في الولايات المتحدة على ان تظهر النتائج عام 2017.
الاستنساخ العلاجي لاصلاح ألامراض الوراثية
من جانب اخر استعان باحثون أمريكيون بأساليب تقنية خلافية في استنباط خلايا جذعية جديدة صحية مماثلة تماما للأصل مأخوذة من جلد مرضى يعانون من أمراض خاصة بخلل الميتوكوندريا في خطوة أولى نحو علاج هذه الحالات غير القابلة للشفاء التي تهدد حياة المرضى، والميتوكوندريا (المتقدرات) هي أحد المكونات الداخلية الدقيقة للخلايا الحيوانية والنباتية المسؤولة عن توليد الطاقة الحرارية بالخلية من خلال انزيمات لاتمام مختلف عمليات التنفس والتمثيل الغذائي من بناء وهدم.
وتوضح هذه الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية (نيتشر) أحدث الأساليب التقنية في مجال استخدام الخلايا الجسمية ونقل أنويتها لانتاج خلايا جذعية متخصصة داخل جسم المريض من أجل علاج الامراض الوراثية. بحسب رويترز.
وقال روبرت لانزا كبير المسؤولين العلميين في مؤسسة (ادفانسد سيل تكنولوجي) الذي لم يشارك في هذا البحث "يتيح هذا العمل استنباط امدادات غير محدودة -خالية من الطفرات- من الخلايا البديلة لمرضى خلل الميتوكوندريا".
ونقل الأنوية هو بالفعل الخطوة الأولى في مجال الاستنساخ الانجابي من خلال استخدام الخلايا البالغة لانتاج نسخة وراثية من الأصل. ونظرا لاستخدام هذه التقنية لأول مرة عام 1996 لاستيلاد النعجة المستنسخة دوللي حثت الولايات المتحدة الدول على حظر هذه التقنية على أسس اخلاقية ومعنوية.
وفي عام 2013 صار شوخرات ميتاليبوف من جامعة اوريجون للصحة والعلوم أول عالم ينجح في الاستعانة بهذه التقنية لانتاج خلايا جذعية جنينية مأخوذة من خلايا الجلد لمريض. وتعد هذه الخلايا ذات قيمة علمية ثمينة لانها "متعددة القدرات" أي انها قادرة على التحول لأي نوع من الخلايا في الجسم، واستخدم ميتاليبوف ورفاقه هذه التقنية لاستنباط خلايا بديلة للمرضى الذين يعانون من طفرات في جينات الميتوكوندريا التي قال ميتاليبوف إنها أحبطت جهود العلماء في مجال تصحيح مثل هذه الطفرات.
وتضمنت الدراسة قيام الفريق البحثي بنزع النواة من خلايا المرضى ثم اعادة زرعها في بويضات انثوية بشرية غير مخصبة بها الميتوكوندريا الخاصة بها لكن تم استبعاد بقية الحمض النووي (دي ان ايه)، ثم استحث العلماء البويضات على الانقسام وإنتاج خلايا جذعية جنينية يمكن استخدامها في استنباط خلايا جذعية سليمة عصبية أو خاصة بالقلب لتحل محل الخلايا التالفة للمرضى، وأوضح العلماء ايضا ان بامكانهم انتاج خلايا جذعية صحية شبيهة بالخلايا الجنينية وذلك بالاستعانة بتقنية أخرى أعادوا خلالها برمجة خلايا الجلد البالغة من خلال ادخال جينات عديدة وهي طريقة لم تستعن بالبويضات الانثوية.
وقال لانزا إن عدة تجارب اكلينيكية تجري حاليا على مستوى العالم لاختبار علاجات تستخدم فيها خلايا جذعية متعددة القدرات في البشر بما في ذلك علاج داء السكري وأمراض القلب والعين، وتلقت الدراسة تمويلا من المؤسسة الفرنسية الخاصة ليدوك.
أطباء يزرعون لطفلة جمجمة صنعت بآلة طباعة ثلاثية الأبعاد
الى ذلك انتهت عملية جراحية بأحد المستشفيات بالصين، دامت 17 ساعة، بنجاح. وقام أطباء جراحون خلال العملية بزرع جمجمة صنعت بآلة طباعة ثلاثية الأبعاد، في رأس طفلة ذات 3 أعوام تدعى هان هان، مصابة بمرض يتسبب في تضخم الرأس، وفق ما نقلت وسائل إعلام صينية، واستخدم الأطباء الجراحون آلة الطباعة الثلاثية الأبعاد لصنع الجمجمة، ما سمح لهم بتجسيم هيكلها بمعدن التيتانيوم الذي يتميز بخفة وزنه، وصلابته، إضافة إلى أنه مقاوم للصدأ، وخلال العملية الجراحية أزال الأطباء فروة الرأس لتسهيل عملية الزرع، وقد تم تقسيم الجمجمة إلى ثلاثة أجزاء لتركيبها فيما بعد بسهولة.
وصنع الجراحون الجمجمة بحجم رأس إنسان بالغ حتى تتمكن الطفلة من مواصلة نموها بطريقة طبيعية، وبمرور الوقت، ستحيط عظامها بالجمجمة وتقويها.
القناة الرسمية الصينية تنقل أجواء إجراء عملية زراعة جمجمة صنعت بآلة طباعة ثلاثية الأبعاد، وكانت الطفلة مصابة بمرض استسقاء الرأس الذي كان يمكن أن يتسبب في وفاتها، وهو مرض يسبب تضخما في الرأس واختلالات عقلية، بسبب تراكم السائل النخاعي في الجيوب والتجاويف الداخلية للدماغ.
ويتوقع أن تحدث الطباعة الثلاثية الأبعاد تقدما كبيرا في مجال الجراحة، وقد أنجزت أول عملية مماثلة في أبريل/نيسان 2014 حيث نجح أطباء هولنديون بزرع أول جمجمة تمت طباعتها بواسطة هذه التقنية لمريضة تبلغ من العمر 22 عاماً.
يد صناعية خارقة تحاكي الانسجة العضلية
كما صمم اليد البلاستيكية الخفيفة والتي استخدم في تصنيعها طابعة ثلاثية الابعاد فريق أبحاث من جامعة سارلاند. والانسجة الشبيهة بالعضلات مصنوعة من شرائح من النيكل والتيتانيوم لا يتعدى سمكها سمك شعرة الانسان.
تلك الاسلاك المعدنية التي يطلق عليها اسم مزيج معدني حافظ للذاكرة تتمتع بأعلى درجة من الطاقة المكثفة بين كل الاليات الحركية المعروفة مما يمكن اليد من القيام بحركات قوية في حيز ضيق، وتشرح الاستاذة الجامعية شتيفان سيلكه من جامعة سارلاند التقنية قائلة "هذا يمكننا من تصنيع أنظمة خفيفة بشكل خاص ولانها تجيء في شكل اسلاك يمكن استخدامها كعضلات صناعية. ولذلك نصنع أنظمة مستلهمة من الاحياء انظر الى الطبيعة لتستلهم نموذجا ناجحا وهذا ما ادركناه مع أول نموذج ليد صناعية باستخدام اسلاك معدنية حافظة للذاكرة"، وتعبير الحافظة للذاكرة يعني ان الاسلاك قادرة على العودة الى وضعها الاصلي بعد تشويهها عمدا. وفي حالة اليد الصناعية الخارقة تغير الشحنة الكهربائية بنيانها مما يجعلها تتقلص كالعضلات. وحين تتوقف الشحنة الكهربائية تتذكر الاسلاك شكلها الاصلي وتعود اليه، وقدم الباحثون نموذجا أوليا لخفاش لديه سلكان من المزيج المعدني الحافظ للذاكرة لاحداث حركة الجناحين وهو طائر، وقالت المهندسة فيلومينا سايمون التي تحضر الدكتوراة وساهمت في تطوير اليد الخارقة ان فريقها حاكى تركيبة العضلات في جسم الانسان ووضع الاسلاك الدقيقة في مجموعات لمحاكاة الانسجة البشرية. بحسب رويترز.
وهذه الشبكة من الاسلاك توفر مسطحا أكبر يتم من خلاله توزيع الحرارة وهو ما يؤدي الى تعرضها الى تقلص وتمديد سريع تماما مثل عضلات الانسان، وقالت سايمون "الاسلاك هي التي تحدث حركة اليد وحين تحفز تلك الاسلاك تنقبض ونحن نستفيد من هذه الانقباضات لنحرك الاصابع. بل نستطيع تحريك كل مجموعة على حدة"، وأضافت ان شريحة واحدة للتحكم بوسعها السيطرة على الاسلاك الذكية التي تستخدم المقاومة الكهربائية لتعمل. وهذا يعني انه لن يكون هناك حاجة لمجسات خارجية لان المادة نفسها بها خاصية المجس مما يمكن اليد الخارقة من القيام بحركات شديدة الدقة.
زراعة عين آلية تعيد الإبصار لمرضى الفقد الجزئي للبصر
كما أجرى جراحون في مدينة مانشيستر، بانجلترا، أول عملية لزراعة عين آلية لمريض مصاب بأحد أكثر الأمراض المسببة لفقد البصر، والمريض يدعى راي فلين، 80 عاما، ومصاب بتراجع بقعي في البصر نتيجة التقدم في السن، مما أدى إلى فقد البصر في مركز مدى الرؤية.
ويستخدم فلين جهاز زرع في شبكية العين، يحول صور الفيديو من فيديو مصغر تلتقطه كاميرا في نظارته الطبية، وأصبح بإمكانه التعرف على اتجاه الخطوط البيضاء في شاشة الكمبيوتر باستخدام الجهاز المزروع في الشبكية، وأبدى فلين سعادته بالجهاز، ويتمنى أن يتحسن بصره بشكل يتيح له القيام بالمهام اليومية، كرعاية النباتات والتسوق.
والجهاز يدعى "آرغوس 2"، وانتجته في الولايات المتحدة شركة "ساكند سايت". ونجح من قبل في إعادة جزء من البصر لمرضى فقدوا بصرهم بسبب حالة نادرة تدعى التهاب الشبكية الصباغي، والعملية هي الأولى من نوعها لعلاج التراجع البقي الناتج عن التقدم في السن، مما يمس نصف مليون حالة على الأقل في المملكة المتحدة.
وكان فلين قد قال الشهر الماضي، في صباح يوم العملية: "لم أعد قادرا على إدخال أرقام كارت الشراء عند الدفع في المتاجر أو البنك، ورغم اهتمامي برعاية النباتات، إلا أنني لم أعد قادرا على التمييز بين الحشائش والزهور"، كما قال إنه اضطر إلى الجلوس بقرب التليفزيون لرؤية أي شئ، ولم يعد يمكنه الذهاب لمباريات كرة القدم لعدم تمكنه من متابعتها.
واستغرقت العملية أربع ساعات، وقام بها الدكتور باولو ستانغا، الطبيب بمستشفى مانشيستر الملكي لطب العيون. وقال ستانغا: "يتحسن فلين بشكل ملحوظ، وأصبح بإمكانه التعرف على هياكل الأشخاص والأشياء بشكل تام. وأعتقد أنها ستكون بمثابة عصر جديد للمرضى الذين يعانون من فقدان البصر".
تمكن راي فلين، أول مريض يجري الجراحة، من رؤية هياكل الأشياء، والتعرف على الخطوط على شاشة الكمبيوتر، تستقبل العين الآلية المزروعة معلوماتها البصرية من كاميرا صغيرة مثبتة في النظارة الطبية التي يرتديها المريض.
وتتحول الصور التي تلتقطها الكاميرا إلى نبضات كهربية، وتنقل لاسلكيا لأقطاب مثبتة في شبكية العين، وتحفز الأقطاب الخلايا المتبقية في الشبكية، التي تنقل المعلومات البصرية بدورها إلى المخ، وفي اختبار أجري بعد أسبوعين من العملية، تمكن فلين من التعرف على الخطوط الأفقية والرأسية والمائلة على شاشة الكمبيوتر.
وأبقى فلين عيناه مغلقتين طوال فترة الاختبار، للتأكد من فعالية الكاميرا والأقطاب المزروعة في نقل المعلومات البصرية، ولا يمكن للعين المزروعة توفير رؤية تفصيلية، لكن الدراسات البصرية أوضحت أن الجهاز يساعد المرضى في التعرف على هياكل محدد، كالأبواب والأشكال.
وقال ستانغا إن فلين تعلم التعرف على الأشكال بشكل أكثر فعالية.
وستجرى الجراحة لأربعة مرضى آخرين كجزء من التجربة الطبية، وقال ستانغا: "نحن شديدو الحماس لهذه التجربة، ونأمل في أن تساعد التكنولوجيا المزيد من مرضى فقدان البصر، بما في ذلك الأطفال"، وتبلغ تكلفة الجهاز 150 ألف جنيه استرليني، بما في ذلك تكلفة الأدوية، إلا أن كل مرضى التجربة سيعالجون مجانا. وتتكفل المؤسسة الوطنية لأبحاث الصحة، وهيئة ويلكوم.
هيكل صناعي خارجي يساعد رجلا مشلولا على تحريك رجليه
من جهته استطاع مارك بولوك الوقوف مرة أخرى على قدميه بعد ان أصيب بالشلل من خصره وحتى قدميه منذ خمس سنوات. ويرتدي البريطاني هيكلا صناعيا خارجيا يعمل بالبطارية يمكنه من تحريك رجليه وكأنه يسير خطوات، ومكنت البيانات التي التقطها الجهاز علماء جامعة كاليفورنيا من معرفة ما اذا كان المريض هو الذي يحرك عضلاته بشكل ارادي ام ان الجهاز هو الذي يقوم بذلك، وأظهرت البيانات ان بولوك وهو كفيف أيضا هو أول شخص مصاب بشلل كامل يتمكن من استعادة سيطرة ارادية كافية تمكنه من استخدام جهاز الايكوسكيليتون، كما تمكن بولوك الحائز على ميدالية في دورة ألعاب الكومنولث من ثني ركبته بمساعدة محفز كهربائي للعمود الفقري. بحسب رويترز.
وحرص الباحثون على عدم وصف الخطوات التي قطعها بولوك "بالسير" لحاجته لاستخدام الجهاز الالي والمحفز، لكن البريطاني البالغ من العمر 39 عاما يقول إنه خطا الان الاف الخطوات وانه أصبح "مدمنا" على التدرب على الجهاز.
جهاز جديد ينقذ الملايين من ضحايا التسمم الدموي
سرطان البروستاتا وسرطان الثدي والايدز جميعها أمراض تصيب مئات الآلاف كل عام بالولايات المتحدة وقد تودي بحياتهم لكن التسمم الدموي –وهو حالة قاتلة تؤثر على جهاز المناعة وتسببها العدوى البكتيرية- تقتل أعدادا من البشر تفوق ضحايا جميع الامراض السابقة مجتمعة.
تقول المعاهد القومية الأمريكية للصحة إن أكثر من مليون شخص يعانون من الصدمة العصبية الناتجة عن التسمم الدموي سنويا بالولايات المتحدة ويروح من 30 الى 50 في المئة منهم ضحية هذه الحالة.
ويقول مايك سوبر بمعهد ويس التابع لجامعة هارفارد إنه لا يوجد حتى الآن علاج متخصص للصدمة العصبية الناجمة عن التسمم الدموي وهو الأمر الذي دفعه هو ورفاقه من العلماء لمحاولة ابتكار جهاز لعلاج هذه الحالة. بحسب رويترز.
وقال سوبر وهو عالم مرموق بمعهد ويس "العلاج المعياري الحالي يتلخص في إعطاء المضادات الحيوية والمحاليل الملحية لكننا نتحدث هنا عن ضرورة وجود علاج للتسمم الدموي وهو الأمر الذي نفتقر اليه"، وقال إن ما ينقصه هو أسلوب سريع لتخليص الدم من الكائنات الممرضة الخطيرة قبل ان تتسبب في رد فعل قاتل من الالتهاب الذي قد يدمر الأوعية الدموية ويؤدي الى توقف وظائف أعضاء الجسم واجهزته المختلفة.
لجأ الباحثون الى منظومة لترشيح الدم من خلال خاصية الضغط الاسموزي بالاستعانة بأنابيب بها مجموعة من الألياف الدقيقة المغلفة بالسلاح السحري الذي ابتكره سوبر ألا وهو بروتين يقول عنه سوبر "إن العجيب الذي يتعلق بهذا البروتين انه من جهاز المناعة ذاته وبمقدوره الارتباط بالسكريات المكونة لجدار خلايا الكائنات الممرضة، "بامكان هذا النوع من البروتينات الارتباط بجدران خلايا البكتريا والفطر والكثير من الفيروسات والطفيليات وايضا الارتباط بالتوكسينات والمواد السامة التي تفرزها الكائنات الممرضة"، وأضاف "نحن نغلف الجدران الداخلية للأنابيب بهذا البروتين ونمرر الدم الملوث للمريض من خلال مرشح للارتباط بهذه الكائنات الممرضة الموجودة بدم المريض وامتصاصها والامساك بها ثم ارجاع الدم الذي تم تطهيره الى المريض"، وقال إن من تجري عليهم هذه التجارب الآن ليسوا سوى حيوانات معملية مثل الجرذان فيما أثبتت هذه المنظومة العلاجية نجاحها بنسبة 99 في المئة في مجال تخليص الدم من البكتريا القاتلة ويأمل الباحثون بالبدء في تجربة هذا الابتكار على البشر في المستقبل القريب.