رياضة المشي: دوائك الافضل

مروة الاسدي

2023-08-12 05:12

تعد رياضة المَشي من أنواع الرّياضة التي يُمكن أن يُمارسها الإنسان بشكل يوميّ، سواءً أكان كبيراً أم صغيراً، فهي سهلة وبسيطة، ويُمكن أن تُمارس في أي مكان، كالشارع أو الحدائق أو على شاطئ البحر، وفي أيّ وقت في اليوم، في الصباح أو المساء. يعود المشي على جسم الإنسان بالكثير من الفوائد، ويقيه من العديد من الأمراض، كأمراض القلب، والشرايين، والسرطان، والسُّكري، وغيرها الكثير من الأمراض، وهو يساعد الإنسان في الحفاظ على صحّته، وشبابه، وهي رياضة اقتصاديّة لا تُكلِّف الإنسان أيّة مصاريف، حيثُ إنّها لا تحتاج إلى أيّة مُعدّات أو أدوات لمُمارستها.

هل تعلم أن المشي 5000 خطوة يوميا يكفي للحفاظ على صحة جيدة؟

دأب كثيرون على ترويج فكرة أن المشي 10 آلاف خطوة يوميا يمثل الرقم السحري اللازم للحفاظ على لياقة بدنية وصحية، بيد أن دراسة حديثة خلصت إلى أن المشي أقل من خمسة آلاف خطوة يكفي لتحقيق الفائدة.

وأظهرت الدراسة، التي شملت ما يزيد على 226 ألف شخص من شتى أرجاء العالم، أن المشي 4000 خطوة يكفي كبداية للحد من خطرالوفاة مبكرا لأي سبب، كما أن المشي أكثر قليلا من 2300 خطوة يكفي لتحقيق فوائد صحية للقلب والأوعية الدموية، وقال الباحثون إنه كلما زاد عدد الخطوات، تحققت فوائد صحية أكثر.

وأضافوا أن كل ألف خطوة إضافية تتجاوز حد أربعة آلاف خطوة تحد من خطر الوفاة مبكرا بنسبة 15 في المئة حتى 20 ألف خطوة.

وتوصل فريق من جامعة "لودز" الطبية البولندية، بالتعاون مع كلية طب جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية، إلى أن فوائد المشي تعود على جميع الأجناس والأعمار، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، وعلى الرغم من ذلك لاحظ الباحثون تحقيق فوائد أكثر بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما، وقال البروفيسور ماسيج باناخ، من جامعة لودز، إنه على الرغم من توافر الأدوية المتقدمة للعلاج، إلا أنها ليست الحل الوحيد.

وأضاف: "أعتقد أننا يجب أن نؤكد دائما على أن تغيير أسلوب الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي وممارسة الرياضة، والتي كانت العنصر الرئيسي في دراستنا، قد يكون فعالاً، على الأقل، في الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وطول العمر".

وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن النشاط البدني غير الكافي يتسبب في حدوث 3.2 مليون حالة وفاة سنويا، ويعد رابع أكثر الأسباب شيوعا في العالم، وتؤكد هاني فاين، مدربة شخصية تابعة لشركة "باريس" للياقة الشاملة، على المشكلات التي تحدث نتيجة الجلوس كثيرا.

وقالت لبي بي سي: "يمكن أن يبطئ ذلك من عملية التمثيل الغذائي، كما يؤثر على نمو العضلات وقوتها، مما قد يسبب الآلام"، وأضافت: "يمكن أن يسبب الجلوس لفترة طويلة أيضا جميع أنواع مشاكل الظهر، ونرصد حدوث ذلك كثيرا مع الأشخاص الذين لديهم وظائف مكتبية، حيث يكون وضع الظهر دوما في حالة انضغاط مما يسبب الكثير من المشاكل لاحقا في الحياة".

وتشرح أهمية التوليد الحراري للنشاط غير التدريبي، المعروف أيضا باسم "نيت Neat "، أنه "ببساطة كل ما نفعله ويستهلك طاقة ويحرق سعرات حرارية".

وقالت: "أنشطة مثل الوقوف، وحمل مشتريات التسوق، وغسل الأرضيات، والقفز، والمشي بسرعة تزامنا مع متابعة الهاتف، كل الأشياء الصغيرة التي تجعلنا أكثر نشاطا هي التي تساعدنا على حرق السعرات الحرارية بشكل أكثر كفاءة.

وأضافت فاين أنه على الرغم من أن إضافة نشاط المشي المنتظم إلى حياتك قد يكون من الأمور الشاقة، إلا أن فوائده رائعة عندما يتعلق الأمر بصحتك، وقالت: "يمكن للمشي أن يخفض ضغط الدم، ويقوي العضلات لحماية العظام، كما يمكن أن يزيد من مستويات الطاقة بالإضافة إلى توفير الإندورفين والمساعدة في الحفاظ على وزن صحي إلى جانب نظام غذائي صحي".

المشي أكثر قليلا من 2300 خطوة يكفي لتحقيق فوائد صحية للقلب والأوعية الدموية، كما تشمل الفوائد الأخرى تعزيز صحتك النفسية وإتاحة وقت مهم للابتعاد عن الشاشات والمشتتات الأخرى، وأضافت أن المشي مناسب "لأي شخص تقريبا" لأنه منخفض التأثير وسهل على المفاصل والعضلات.

نصائح مدرب شخصي للمشي

المشي إلى المحطة بدلا من الذهاب بحافلة أو سيارة مفيد.

إذا كنت تعمل جالسا على مكتب، اضبط جرس التنبيه كل ساعة ليذكرك بالنهوض والحركة.

المشي بالنسبة للحوامل أفضل نوع من التمارين التي يمكن عملها.

المشي لمدة 30 دقيقة يوميا مع الاستماع إلى بودكاست مفيد.

يمكنك المشي بصحبة أصدقاء في حديقة أو مع كلب إذا كان لديك واحد.

ابدأ المشي على نطاق صغير، مسافة مدتها 10 دقائق من المحطة إلى المكتب على أن تصل بسهولة إلى نزهة مدتها 20 دقيقة في حديقة ثم المشي لمدة 30 دقيقة في جميع أنحاء المدينة.

قد تفعل الكثير في سبيل الحفاظ على صحتك وحياتك؛ فتارةً تمارس التمرينات الرياضية بجهد وانتظام وتارة تتبع حمية غذائية قاسية، ولكن السبيل إلى تجنب الكثير من الأمراض وتقليل خطر الوفاة المبكرة قد يكمن، بحسب دراسة أمريكية حديثة، في ممارسة المشي بشكل يومي.

ربما يكون المشي هو الرياضة الوحيدة التي لا تتسبب في آثار جانبية، وفقا للعديد من الدراسات، فهو لا يسبب في الغالب، أضرارا للجهاز الحركي أو ضغطا على المفاصل كما قد يفعل الركض مثلا.

لذلك تظل الفوائد الكبيرة للمشي دافعا، على مدى السنين، لمواصلة البحث والدراسة في سبيل استكشاف المزيد من منافعه.

وقد خلص باحثون أمريكيون من جامعة ماساتشوستس في أميرست، مؤخرا إلى أن المشي 7000 خطوة يوميا، في منتصف العمر، كفيل بتقليل خطر الوفاة المبكرة بنسبة قد تصل إلى 70 في المئة.

وقد تبدو هذه النسبة كبيرة نسبيا، لكن الدكتور ويليام بيرد، الطبيب العام من بريطانيا يرى أن "هذه النسبة ليس مبالغا بها كما يعتقد البعض، فعند معرفة الفوائد الكبيرة للمشي والأمراض الكثيرة التي يسهم في تجنبها لن يبقى هناك مجال للتساؤل".

ويسهب الدكتور بيرد في ذكر الفوائد الجمة للمشي بالقول إن "المشي السريع يؤدي إلى إنتاج المزيد من الخلايا الطبيعية القاتلة التي تشكل جزءا هاما من جهازنا المناعي بوصفها خط دفاع أول ضد الأجسام الغريبة والفيروسات التي تنفذ إلى أجسادنا عبر الفم أو الأنف".

ولا تقتصر فوائد المشي على الجهاز المناعي فقط، فهو يسهم في تعزيز الصحة العقلية والجسدية؛ إذ يقي من الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني، كما ينشط الدورة الدموية ويحسن النوم ويخفف من التوتر والإجهاد النفسي. ولكن هل تتحقق هذه الفوائد عبر جميع أنواع المشي؟

بحسب الدكتور بيرد، فإن المشي بجميع أنواعه مفيد للصحة، إجمالا، ويظل أفضل من عدمه، ولكن سرعة المشي تلعب دورا فارقا في تجنب الموت المبكر والأمراض المزمنة، بحسب الدراسة.

والمؤكد أن المشي مفيد لكافة الفئات العمرية، ولكن الدراسات المختلفة تركز على أهميته في حياة الأشخاص في منتصف العمر، تحديدا؛ لأن الأمراض المرتبطة بضغط الدم والسكري وغيرها، غالبا ما تبدأ في الظهور في هذا العمر.

وبفضل التقدم التكنولوجي، يمكنك أن تمشي وتترك للتطبيقات المختلفة على هاتفك الذكي مهمة التسجيل البيانات الخاصة برحلتك، من عدد السعرات الحرارية التي تحرقها وقياس سرعة ضربات القلب إلى مدى انخفاض معدل التوتر.

دراسة تكشف أن القليل من المشي يضبط مستوى السكر في الدم

كشفت دراسة حديثة أن المشي لمدة ثلاث دقائق كل نصف ساعة يساعد على خفض نسبة السكر في الدم، وذلك حسب نتائج تجربة صغيرة أجريت لصالح رابطة مرضى السكري البريطانية الخيرية، الدراسة، التي أجريت على 32 شخصا من المصابين بداء السكري من النوع الأول، تضمنت قيامهم برياضة المشي لدقائق قليلة كل نصف ساعة، ما ساعدهم على ضبط نسبة السكري في الدم، وتقول جمعية مرضى السكري البريطانية إن "الأنشطة الخفيفة، قصيرة المدة" يمكنها أن تقدم تغييرات سهلة وغير مكلفة لمساعدة مرضى السكري.

ويوجد أكثر من 40 ألف مصاب بالسكري من النوع الأول في بريطانيا، عندما يصاب أي جسم بداء السكري، يتوقف جسده عن إنتاج الأنسولين ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم وحاجته إلى الحصول على بعض الأنسولين عبر الحقن.

تقول مديرة الأبحاث في جمعية مرضى السكري البريطانية، التي مولت الدراسة، إليزابيث روبرتسون إنه بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري النوع الأول، فإن الخروج والمشي يوما بعد يوم، يحسن صحتهم، وأضافت روبرتسون: "الأمر مشجع بشكل لا يصدق، فما وجدته الدراسة يجعل الأمر بسيطا، وعمليا، مثل أن تجري محادثاتك الهاتفية وأنت تتمشى، أو أن تضبط إنذار الهاتف ليذكرك بالسير قليلا كل نصف ساعة، وتجنب الجلوس لفترات طويلة، وهو ما يساعد على ضبط مستوى السكر في الدم"، وخلال فترة قليلة، يمكن أن يؤدي داء السكري إلى مضاعفات أكبر، منها الفشل الكلوي، ومشاكل في العينين، وأزمات قلبية، وقال كبير الباحثين في جامعة سندرلاند، دكتور ماثيو كامبل إنه كان يشعر بالمفاجأة مما كشفته الدراسة خصوصا مع ممارسة القليل من المشي.

وأضاف أنه بالنسبة لبعض المصابين بالسكري النوع الأول، فترات الرياضة القصيرة يمكنها أن تصبح ضرورية كخطوة أولى نحو المزيد من النشاط الجسدي، وبالنسبة لآخرين يمكن أن تكون مثالا للخطوات التي يجب اتباعها لضبط مستوى السكر في الدم.

وفي المراحل الأولى من الدراسة، التي شارك فيها 32 شخصا بالغا من مرضى النوع الأول من السكري، قضى المشاركون فترتين من 7 ساعات من الجلوس، في إحدى الفترتين، بقوا جالسين وفي الأخرى كانوا يمشون ثلاث دقائق بشكل بسيط كل نصف ساعة، وتمت مراقبة مستوى السكر في الدم لمدة 48 ساعة بشكل متواصل، مع تناولهم نفس النوع من الطعام وبنفس الكميات خلال الساعات السبع مع الحفاظ على نفس نسبة الأنسولين في أجسامهم.

وأدى المشى بهذا الشكل إلى تخفيض مستوى السكر في الدم، إلى 6.9 مليمول، بينما كان المستوى المعتاد هو 8.2 مليمول، ويأمل القائمون على الدراسة في إجراء دراسة أكبر وأشمل على الموضوع نفسه، ويقول دكتور كامبل "الموضوع بسيط، فممارسة المشي فترات قصيرة خلال اليوم تساعد غالبية الناس على ضبط مستوى السكر في الدم".

ما هو السكري؟ داء السكري، مرض مزمن، يجعل مستوى السكر في الدم مرتفعا بشكل كبير، وهناك نوعان منه.

النوع الأول يقوم نظام المناعة بمهاجمة الخلايا المنتجة للأنسولين وتدميرها.

النوع الثاني يقوم الجسم بالتوقف عن إنتاج الكمية الكافية من الأنسولين، أو تتوقف الحلايا المسؤولة عن استقبال الأنسولين في الجسم، عن الاستجابة له.

ويعد النوع الثاني من السكري هو الأكثر شيوعا.

ما هو عدد الخطوات التي يجب أن تمشيها يوميا من أجل صحة أفضل؟

ما هو عدد الخطوات التي يجب أن تمشيها يوميا؟ يُحصي الكثيرون منّا خطواتهم باستخدام الساعات الذكية أو التطبيقات الموجودة على الهواتف المحمولة أو بجهاز "عداد الخطى". وبطبيعة الحال، نشعر بالسعادة عندما نصل إلى ذلك الهدف اليومي ذي الأهمية القصوى، المتمثل في المشي 10 آلاف خطوة.

بالنسبة لي مثلا، يُطلق التطبيق الذي استعمله لهذا الغرض صورا لقصاصات ورقية خضراء اللون تتناثر هنا وهناك بشكل مبهج على شاشة هاتفي، لتهنئتي بتحقيقي هذا الهدف. كما يُخزِّن التطبيق المرات التي اتجاوز فيها هذا المعدل، في ما يبدو تحديا لي ربما، لكي أعلم عدد المرات التي أتمكن فيها أسبوعيا من تجاوز معدل الـ 10 آلاف خطوة يوميا، وهو الأمر الذي لا يتكرر سوى نادرا!

لا يمنع ذلك من أن هناك نقاشات تدور حول مدى دقة الأجهزة التي تتولى عد الخطوات، فمن الواضح أنها مجرد أدوات لا تتسم بالذكاء على الإطلاق، فيما يتعلق بقياسها لما يبذله المرء من جهد بدني في هذا الصدد. فهي لا تُميّز بين ما إذا كان مستخدمها يعدو أو يمشي متلكئا، بالرغم من أن ثمة فارقا فعليا بين الاثنين على صعيد النتائج التي سيُخلّفها كل منهما على لياقة المرء. لكن برغم أوجه القصور هذه، فتلك الأجهزة توفر لك مؤشرات تقريبية عن مدى ما تتسم به من نشاط.

ولذا فإذا كنت بصدد إحصاء خطواتك خلال المشي، فمن المهم أن تحدد عدد الخطوات التي تطمح في قطعها. في الوقت الراهن، يتمثل الهدف الافتراضي المحدد في غالبية الأدوات المستخدمة لهذا الغرض، في 10 آلاف خطوة، وهو ذاك الرقم الشهير الذي نعلم جميعا أنه يتعين علينا الوصول إليه. وبينما قد تفترض أنه تم الوصول إلى ذلك الرقم بعد سنوات من البحث والدراسة لتحديد عدد الخطوات الأمثل الذي يفيد صحتك على المدى البعيد، فإن الأمر في الواقع يختلف عن ذلك تماما.

فذلك "الرقم السحري" يرتبط بحملة تسويقية أُجريت قبل وقت قصير من إقامة دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في طوكيو عام 1964. ففي ذلك الوقت، بدأت إحدى الشركات في بيع جهاز لعد الخطى، يحمل اسم "مان بو - كي" (التي تعني 10 آلاف متر من الخطوات). وقد كانت هذه الحملة ناجحة للغاية، ومن ثم التصق ذلك الرقم بالأذهان.

لا عجب في أن الدراسات التي تقارن بين المشي خمسة آلاف خطوة في اليوم والمشي لـ 10 آلاف خطوة تشير إلى أفضلية الخيار الثاني من حيث فوائده الصحية

ومنذ ذلك الحين، أُجريت دراسات قارنت بين فوائد المشي خمسة آلاف خطوة والمشي لعشرة آلاف، ولم يكن مفاجئا بطبيعة الحال، أن تفضي هذه الدراسات إلى أفضلية الخيار الثاني، فيما يتعلق بمنافعه الصحية. لكن حتى وقت قريب، لم تُجر دراسات للتعرف على الفوارق التي يُحدثها السير لأعداد مختلفة من الخطوات تقع بين مستوييْ خمسة آلاف وعشرة آلاف خطوة. بل إن مثل هذه الدراسات لم تُجر حتى الآن بشكل شامل على البالغين بشكل عام في المجتمع.

وفي الآونة الأخيرة، أجرت آي-مين لي، أستاذة في كلية طب هارفارد، دراسة ركزت فيها مع فريقها على مجموعة تضم أكثر من 16 ألف امرأة في السبعينيات من أعمارهن. وقارنت الدراسة بين عدد الخطوات التي تسيرها كل منهن يوميا مع فرص وفاتها جراء الإصابة بأي عارض صحي. وفي إطار الدراسة، قضت كل من هؤلاء النسوة أسبوعا وهي ترتدي جهازا لإحصاء عدد خطواتها خلال ساعات اليقظة.

وبعد نحو أربع سنوات وثلاثة أشهر، عاد الباحثون لاستقصاء أحوال عينة البحث، ليجدوا أن 504 من بين السيدات المشمولات فيه قد فارقن الحياة. فكم عدد الخطوات التي تعتقد أن الباقيات على قيد الحياة كن يمشينها خلال فترة الدراسة؟ هل كانت تتمثل في الرقم السحري: 10 آلاف خطوة يوميا؟

في الواقع كان العدد المتوسط لخطوات هؤلاء يبلغ 5500 لا أكثر. وكانت الفوارق الناجمة عن الاختلاف في عدد الخطوات بين أفراد عينة البحث، مؤثرة في فرص بقائهن على قيد الحياة، عند مستوى معين. فقد زادت هذه الفرص بشكل كبير وملموس بين النسوة اللواتي كن يسرن أكثر من أربعة آلاف خطوة، مقارنة بأولئك اللواتي كن يمشين 2700 خطوة فحسب. وكان من المفاجئ أن يكون لهذا الفارق البسيط في عدد الخطوات بين هاتين الفئتين، تَبِعات على أمر حيوي بالنسبة للبشر، مثل الطول المتوقع للعمر.

وقد يحسب المرء بداهة أن الدراسة كشفت عن أنه كلما سارت النسوة أكثر تحسنت فرص بقائهن على قيد الحياة. لكن الحقيقة أن هذا الافتراض يصح حتى مستوى معين من عدد الخطوات، تحديدا حتى الوصول إلى عتبة الـ 7500 خطوة يوميا. فبعد ذلك لم تزد الفوائد بشكل مؤثر مهما زاد عدد الخطوات. كما أن أي زيادة عن هذا المعدل، لم تؤثر على طول العمر.

كشفت دراسة أُجريت على نسوة في السبعينيات من العمر أن فوائد المشي التي عادت عليهن لم تزد كثيرا بعد تجاوزهن عتبة السير 7500 خطوة يوميا، لا 10 آلاف خطوة

بطبيعة الحال، من بين عيوب هذه الدراسة، أنه لم يكن بوسعنا التأكد من أن المشي كان له تأثير إيجابي عليهن، بشكل يكفي لتعويض ما تلحقه بهن الأمراض التي أودت بحياتهن. فلم يضم الباحثون إلى أفراد العينة سوى النسوة القادرات على السير خارج المنزل، وطلبوا منهن أن يُقيمّن حالتهن الصحية. لكن ربما كان من بينهن من هن قادرات على السير وعاجزات في الوقت نفسه - من الناحية الصحية - عن المشي لمسافات طويلة. بعبارة أخرى، من الممكن أن هؤلاء النسوة قد سرن خطوات أقل لأنهن كن من الأصل لا يتمتعن بصحة جيدة، ولذلك لم يُحدِث المشي لهن أي تأثير.

على أي حال، أشارت الدراسة إلى أن السير 7500 خطوة يوميا، يمكن أن يكون كافيا لهذه الشريحة العمرية تحديدا، بالرغم من أن المشي لمزيد من الخطوات قد يوفر حماية إضافية ضد الإصابة بأمراض بعينها. بجانب ذلك، ربما يشكل السير لخطوات أكثر مؤشرا يوضح أياً من هؤلاء النسوة كانت أكثر نشاطا بوجه عام خلال مراحل حياتها المختلفة، وأن ذلك هو ما ساعدها على أن تبقى على قيد الحياة لفترة أطول. لهذا السبب، من الصعب تحديد الفوائد الصحية التي تعود على المرء جراء سيره لمثل هذه الخطوات الإضافية وحدها.

من جهة أخرى، هناك مسألة ترتبط بتحديد عدد الخطوات الأمثل - من الوجهة النفسية - للمرء. فقد يبدو المشي 10 آلاف خطوة يوميا هدفا عسير التحقيق، ما قد يغري المرء بألا يزعج نفسه بمحاولة السير من الأصل على الإطلاق. فالفشل أو العجز عن تحقيق مثل هذا الهدف يوميا، أمر مثبط للهمة.

ويبدو ذلك جليا من خلال دراسة أُجريت على مراهقين بريطانيين، كشفت عن أن من كانوا يبلغون من العمر 13 أو 14 عاما منهم، شعروا في البداية بالإثارة والحماسة والمتعة لتحديد هدف مثل هذا لهم لتحقيقه، لكنهم سرعان ما أدركوا مدى صعوبة إنجاز ذلك بشكل مستمر وثابت، وجأروا بالشكوى مُعتبرين أن ما يُطلب منهم ينطوي على إجحاف.

وقد حرصتُ على أن أجري هذه التجربة النفسية عليّ، عبر تغيير الهدف الافتراضي المثبت على التطبيق الموجود على هاتفي، إلى 9000 خطوة بدلا من 10 آلاف، وأوهمت نفسي بأنني أسير الألف خطوة الباقية في مختلف أنحاء منزلي، عندما لا يكون هاتفي المحمول بحوزتي.

لكنني في الحقيقة كنت أحاول تشجيع نفسي، عبر زيادة عدد المرات التي أنجح فيها في الوصول إلى الهدف اليومي المحدد لي في المشي. وهكذا فمن أجل زيادة عدد الخطوات التي يمشيها من هم كثيرو الجلوس، قد يكون من الأفضل من الناحية النفسية تحديد عدد أقل منها لمشيها.

لكن حتى مع ذلك، يمكن القول إن إحصاء عدد الخطوات التي يمشيها المرء، تسلبه السعادة الحقيقية التي تنتابه بفضل المشي في حد ذاته. وقد وجد جوردان إتكين، عالم نفس في إحدى الجامعات الأمريكية، أنه بالرغم من أن من يحصون عدد خطواتهم يسيرون لمسافات أطول، فإنهم يستمتعون بذلك بقدر أقل، قائلين إنهم يشعرون أن المشي في هذه الحالة أشبه بعمل مفروض عليهم.

وعندما تم تقييم حالة هؤلاء في نهاية اليوم، تبين أن مستويات السعادة التي يشعرون بها أقل من أولئك الذين انخرطوا في المشي دون عد للخطوات.

ويمكن أن تعود مسألة العد بآثار عكسية على من هم يتمتعون باللياقة البدنية من الأصل. فوضع هدف افتراضي في هذا الشأن، يوحي لهؤلاء الأشخاص بأنه يتعين عليهم التوقف بمجرد الوصول إلى هدف الـ 10 آلاف خطوة، بدلا من اكتساب لياقة أكبر بمواصلة السير لمسافات أطول مثلا.

الخلاصة أنه يمكن لك أن تحصي خطواتك إذا وجدت أن ذلك يحفزك على السير، لكن عليك أن تتذكر أنه لا قيمة خاصة أو أهمية متفردة للمشي 10 آلاف خطوة كما يُقال. إذن فلتحدد الهدف الملائم بالنسبة لك على صعيد المشي. فربما يكون أكثر من 10 آلاف خطوة أو أقل، بل إنه قد يصبح من الأفضل أن تتخلى عن جهازك لعد الخطوات بشكل كامل وإلى الأبد.

لهذه الأسباب.. المشي والسير أفضل من الركض والجري

يلجأ كثيرون للجري والركض لفقدان الوزن واكتساب لياقة بدنية جيدة لكن هناك من يفضل المشي والتنزه سيرا على الأقدام مرتديا ملابسه وأحذيته العادية. هنا نوضح لماذا المشي أفضل من الجري لمن يبحث عن اللياقة والرشاقة بل الابتسامة.

المشي هنا في طريق الكورنيش في دوسلدورف مع الاحتفاظ بقواعد التباعد الاجتماعي (21/2/2021)

حسب الدراسة المشي في طريق جميل لا يمنح الجسم رشاقة فقط وإنما يحفز العقل ويمنح السعادة أيضا (هنا مثلا في طريق الكورنيش في دوسلدورف.

المشي (أيضا التمشية) وكذلك السير من الأنشطة الحركية التي تجعلك أقل عرضة للإصابة البدنية منها في حالة الجري أو الركض. وعند المشي لا تحتاج إلى تجهيزات كثيرة من ملابس وأحذية وغيرها، على عكس الجري، ورغم ذلك يجب ارتداء أحذية جيدة ومريحة خلال عملية المشي أو السير، بحسب ما يقول موقع "ام اس ان" باللغة الألمانية.

عندما تقوم بالمشي تتعرض المفاصل لإجهاد أقل وتعادل الضغوط عليها في هذه الحالة وزن الجسم مرة ونصف أما في حالة الجري فإن الضغوط على المفاصل تصبح ثلاثة أضعاف وزن الجسم.

المشي لا يهز النسيج الضام بقدر ما يهزه الركض. ولذلك فمن المرجح أن تحصل على فخذين مشدودين بشكل أقوى من خلال ممارسة المشي بانتظام.

المشي والركض كلاهما ينشط الدماغ ويحسن الذاكرة. وعندما تقوم بالمشي، فأنت تسير بشكل أبطأ ولذلك يكون لديك المزيد من الوقت لأخذ انطباعات لما تراه على طول الطريق، وهذا قد يلهمك أفكارا جديدة.

ويقول موقع "فرويندين" الألماني إن من يقوم بالمشي تقابله في الغالب ابتسامات من يمر بهم في طريقه، بينما من يقومون بالجري ينظرون باستعلاء إلى من يقع في طريقهم من أصحاب الأسلوب البطيء في المشي ولو دققوا النظر لوجدوا أن المشي ببطء هو النسخة الأكثر فعالية وصحية بين أنواع الحركة التي يقوم بها الإنسان.

ويقول موقع "ام اس ان" باللغة الألمانية. إن من يفضل القيام بالمشي على الجري أو الركض لا يتعرق، وبالتالي لا يضطر إلى الاستحمام بعد ذلك. وعند القيام بالمشي أثناء استراحة الغداء مثلا، بإمكانك ارتد حذاء مشي عادي وليس حذاء مخصصا للركض والجري.

المشي يناسب جميع الأعمار. ونظرا لأنه مريح أكثر من الركض، فإن المفاصل ليست هي فقط من يتعرض لإجهاد أقل، بل إن الأوعية الدموية هي أيضا تتعرض لضغط أقل ويجري تدريبها بلطف، ويقدم موقع "فرويندين" الألماني نصيحة بالقول: قم بالمشي في الطبيعة وابحث لك عن منطقة جميلة تصلح مسارا للمشي وقم بالتنزه فيها.

المشي غذاء مثالي وضرورة بيولوجية!

أشارت دراسات وبحوث جديدة إلى أن المشي له فائدة كبيرة في الحفاظ على صحة الإنسان، وطالب خبراء في اللياقة البدنية بالمشي لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيا للحفاظ على اللياقة وصحة الجسم.

قد لا يكون المشي شائعا مثل ممارسة التدريبات الرياضية أو مثيرا مثل الركض في الوحل أو محفزا شخصيا مثل مسابقات تحدي القوة، إلا أن خبراء اللياقة البدنية يؤكدون أنه الخيار الأفضل للحفاظ على صحة الإنسان. وتقول العالمة والكاتبة كاتي بومان، الخبيرة في علم الحركة في كاليفورنيا، إن المشي ضرورة بيولوجية مثل الأكل. وتشير في كتابها "حرك حامضك النووي: استعد صحتك من خلال الحركة الطبيعية" إلى أن هناك حركات مغذية يحتاجها الجسم تماما مثل العناصر الغذائية .وتضيف بومان "المشي غذاء مثالي. إنه الحركة الأساسية للإنسان. الحركة أسهل بكثير جدا من ممارسة التمارين الرياضية."

وفي سياق متصل، أشارت ليزلي سانسون مبتكرة برنامج "المشي في المنزل" إلى دراسة صغيرة أجريت على رجال غير بدناء، كانت قد نشرت في دورية الطب والعلوم في الرياضة والتمرينات وأجراها علماء من جامعة انديانا. وبينت هذه الدراسة إلى أن المشي من ثلاث إلى خمس دقائق يقضي على الآثار الضارة المترتبة عن الجلوس طويلا على شرايين الساقين. وأضافت سانسون أن المشي 3 أميال في الساعة هي بداية جيدة على أن ترتفع تدريجيا لتصل إلى 4 أميال في الساعة.

الدكتورة كارول ايونج جاربر، رئيسة الكلية الأمريكية للطب الرياضي، ترى أن نصائح المشي الرياضي بالسير 10 ألاف خطوة يوميا هي مثالية لكنها ربما تفوق قدرة الكثيرين. وأضافت قائلة "حوالي 7500 خطوة ربما تكون أكثر دقة" وأشارت إلى توصيات الكلية الأمريكية للطب الرياضي الحالية التي تدعو إلى 150 دقيقة على الأقل من النشاط أسبوعيا. لكن جاربر أوضحت أيضا أن المشي لا يحقق كل شيء. فهو أقل فائدة للعظام بالمقارنة مع الركض وأنه لاكتساب القوة فإنه من الأفضل رفع الأثقال.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي