شبح إنفلونزا الطيور يهدد البشر مع اكتشافها بين ثعالب المنك

دورية Nature

2023-03-07 06:56

مع تفشي إنفلونزا الطيور في إحدى مزارع تربية ثعالب المنك في إسبانيا، يبرز دليل قوي على أن سلالة فيروس «H5N1» المُسبب لمرض إنفلونزا الطيور، قد تنتقل العدوى بها من حيوان ثديي إلى آخر.

ففي التاسع عشر من يناير الماضي، أفادت دورية «يوروسيرفيلانس» Eurosurveillance، بهذا الانتشار، الذي اندلع في أكتوبر من عام 2022 بين حيوانات ثعلب المنك الأمريكي Neovison vison في إحدى مزارع مقاطعة كارال الإسبانية (M. Agüero et al. Eurosurveillance 28, 2300001; 2023). وكشفت فحوص تعيين التسلسل الجيني لعينات من هذه الحيوانات عن إصابتها بسلالة جديدة تحورت عن الفيروس، وتنطوي على آثار جينية لسلالة أُخرى منحدرة منه، رُصدت بين طيور النورس، بالإضافة إلى تغيُر جيني معروف عنه تعزيزه للقدرة على التكاثر بين الثدييات لدى عدد من فيروسات الإنفلونزا التي تصيب الحيوانات.

تعليقًا على الخبر، تقول ويندي بوريير، المتخصصة في علم الفيروسات من جامعة تافتس، في مدينة مِدفورد بولاية ماساتشوستس الأمريكية، إن هذه السلالة المتحورة المُكتشفة حديثًا انتقلت بفيروسات إنفلونزا الطيور إلى "مساحات الغموض". ويحذر الفريق البحثي الذي أفاد بهذا الانتشار من أنه ما لم تُتَّخَذ احتياطات مدروسة، فقد ينتهي المطاف بالفيروس إلى الانتشار بين البشر.

تجدر الإشارة إلى فيروس «H5N1»، أظهر خلال العام الماضي قدرة متزايدة على الانتقال سريعًا من الطيور إلى الثدييات. على سبيل المثال، تبين في الولايات المتحدة انتشاره بين حوالي عشرة أنواع من الحيوانات، من بينها حيوانات الراكون والثعالب والفقمات والدب الأشهب.

في ذلك الصدد، توضح هوالان تشِن، المتخصصة في علم الفيروسات من معهد هاربِن للبحوث البيطرية في الصين، أنه قبل تفشي هذه الموجة الأخيرة تحديدًا، أمكن عزو جميع إصابات الثدييات إلى ملامستها لمواد ملوَّثة بالفيروس. على سبيل المثال، على حد تعبير تشِن، قد تُصاب الحيوانات التي تتغذى على فضلات الطيور البرية، أو تلك التي تفترس الحيوانات الحاملة للعدوى بالمرض، لكن انتشاره بين الثدييات "يشير إلى أن تهديده للصحة العامة قد يتزايد".

كان العاملون في مزرعة الثعالب التي أُصيبت بالفيروس قد لاحظوا في الأسبوع الأول من أكتوبر عام 2022 أن المعدل الأساسي الأسبوعي لوفيات الثعالب بالمزرعة قد قفز من 0.25% إلى نحو 0.77%، وهو ما دفع إلى إجراء اختبارات للكشف عن فيروسي «H5N1» و«سارس-كوف-2» في الحيوانات المُصابة، لتثبت إصابة الحيوانات بفيروس «H5N1». وخلال الأسابيع التالية، انتقلت الإصابة بالفيروس إلى عدد أكبر من الحيوانات، وتزايد عدد "بؤر" انتشاره من اثنين إلى أربع حظائر، أصيبت فيها جميع الحيوانات بعدوى الفيروس ونفِقت.

وفي مواجهة هذه الفاشية، لم يجد العمال بُدًا من إعدام كل ثعالب المنك في المزرعة، والتي قُدِّر عددها بـ86,519 حيوانًا. كذلك أجريت فحوص للكشف عن الفيروس لدى أحد عشر عاملًا، كانوا قد خالطوا الحيوانات الحاملة له، إلا أنه ثبُت عدم إصابتهم جميعًا به.

وقد كتب واضعو الدراسة التي أفادت بالانتشار أن حيوان المنك الأمريكي قد يمثل "نقطة تداخل" الحد الفاصل بين الطيور والثدييات والبشر في القدرة على نقل العدوى من نوع إلى آخر. وأضافوا: "من الضرورة بمكان تعزيز ثقافة السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي في منظومة زراعية كتلك. كما يجب تشجيع تنفيذ البرامج المخصصة لرصد فيروسات الإنفلونزا من النوع «إيه» A، وغيرها من مسببات الأمراض حيوانية المنشأ".

يبدو أن الإجراءات المُتخذة لمنع انتشار السلالة الجديدة خارج حدود المزرعة كانت "صارمة وشاملة وفعالة"، بحسب ما أدلى به ويليام شافنر، اختصاصي الأمراض المعدية من جامعة فاندربيلت، الواقعة في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي الأمريكية.

أما بوريير، فتذهب إلى أن التغيرات الجينية التي طرأت على الفيروس، أو بعضها على الأقل، نشأت في طيور النورس، قبل تطفلها على مزرعة المنك؛ نظرًا إلى وجود آثار جينية تعود إلى سلالة الإنفلونزا التي أصابت تلك الطيور في السلالة المتحورة المُكتشفة حديثًا منه.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد